fbpx

إردوغان وكيف تعرقل السياسة إجراءات مكافحة “كورونا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هناك دلائل على أن أردوغان لم ينهِ بعد استغلاله السياسي لإجراءات تركيا لمكافحة الجائحة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في البداية، بدا أن إجراءات تركيا لمكافحة “كورونا” تسير على الطريق الصحيح، إلى أن اعترضت سياسة الاستقطاب في البلاد الطريق.

سرعان ما أغلقت حكومة رجب طيب أردوغان الحدود والمطاعم والمدارس عندما بدأ الفايروس الانتشار خارج حدود الصين. لكن أخيراً، أصبح نهج البلاد فوضوياً بدرجة كبيرة مع محاولة أردوغان الموازنة بين مكافحة تفشي الوباء وتقويض شعبية المنافسين السياسيين.

بلغت هذه الاستراتيجية ذروتها من الفوضى، عندما أعلنت الحكومة حظر التجول خلال عطلة نهاية الأسبوع في أماكن متفرقة في البلاد يوم 11 نيسان/ أبريل قبل ساعتين فحسب من دخول القرار حيز التنفيذ، وذلك بعد معارضتها دعوات إلى الإغلاق الكامل من قبل رموز معارضة شهيرة.

دفع القرار المفاجئ آلاف الأشخاص إلى الاندفاع محمومين إلى الشوارع لشراء الأطعمة قبل إغلاق المتاجر، وذلك بعدما كانت تلك الشوارع فارغة إلى حدٍ كبير في السابق، بفضل القيود الجزئية التي فرضتها الدولة والدعوات بالتباعد الاجتماعي. وامتلأت منصات التواصل الاجتماعي بصور المشاجرات خارج المخابز وصور المتزاحمين في المحلات المكتظة.

ثم بعد ذلك شهدنا أكثر من حظر في عطل نهاية الأسبوع. 

لكن يخشى كثيرون من أن تكون الفوضى التي حدثت في أول عطلة قد ألغت نتائج التباعد الجسماني الذي استمر أسابيع، وهناك دلائل على أن أردوغان لم ينهِ بعد استغلاله السياسي لإجراءات تركيا لمكافحة الجائحة.

فقد قال في خطاب حديث له، أدان خلاله التقارير الإعلامية التي انتقدت إجراءات الحكومة لمكافحة تفشي الوباء، “نأمل ألا تقضي بلادنا على فايروس كورونا وحسب، بل وأيضاً على تلك الفيروسات السياسية والإعلامية”.

أردوغان ضد رؤساء البلديات

أعلنت تركيا عن أول إصابة بـ”كورونا” في 11 آذار/ مارس، وهو وقت متأخر نسبياً. لكن منذ ذلك الحين وعدد الحالات المؤكدة آخذ في الارتفاع، فقد سجلت البلاد 100 ألف إصابة تقريباً و2140 وفاة حتى يوم الإثنين 20 نيسان.

وسجلت معظم الإصابات في إسطنبول، مركز البلاد الثقافي والتجاري، تليها مدينة إزمير الساحلية ثم العاصمة أنقرة. 

وضع ذلك أردوغان في مأزق، لأن إغلاق هذه المناطق سيكون له أثر اقتصادي بالغ، فيما لا يزال الاقتصاد التركي يتعافى فيه من انهيار العملة عام 2018.

دائماً ما كان الازدهار الاقتصادي هو وعد أردوغان الجوهري للناخبين، وما زال هو إحدى الركائز الأساسية لشعبيته. لكنه يواجه تحدياً ثانياً جديداً: ألا وهو المعارضة القوية المدعومة شعبياً.

 يسيطر حزب الشعب الجمهوري العلماني على إسطنبول وأنقرة منذ صيف 2019، وذلك عندما انتزع رئاسة بلدية المدينتين من “حزب العدالة والتنمية” الحاكم الذي يرأسه أردوغان، وهو ما شكل انتكاسة كبيرة للحكومة. منذ ذلك الحين، أصبح أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، منافساً كبيراً للرئيس.

حاولت الحكومة التركية أيضاً تضييق الخناق على جهود الإغاثة الاقتصادية التي تديرها المعارضة.

مع تأثر مدينته بشدة بسبب تفشي الوباء في تركيا، كان إمام أوغلو في طليعة الداعين إلى إغلاق كامل يستمر لأسابيع في عموم البلاد. لكن عندما طُبق الحظر خلال عطلة نهاية الأسبوع، فوجئت بلديته، وقال إمام أوغلو إن الحكومة لم تُطلعه على الأمر.

حاولت الحكومة التركية أيضاً تضييق الخناق على جهود الإغاثة الاقتصادية التي تديرها المعارضة. وقال إمام أوغلو ومنصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة، إن وزارة الداخلية بدأت تحقيقاً جنائياً ضدهم بسبب إطلاقهم حملات لجمع التبرعات في أعقاب تفشي “كورونا” في آذار.

أعلنت الحكومة التركية أن عملية جمع الأموال في أنقرة وإسطنبول -التي تهدف إلى توفير دعم اقتصادي للمواطنين العاطلين عن العمل والشرائح المحرومة- غير قانونية بعد فترة وجيزة من إطلاق أردوغان حملة تبرعات مضادة. بعد ذلك جمد وزير الداخلية الحسابات المصرفية لحملات المعارضة.

أمرت الحكومة أيضاً بإغلاق الحسابات المصرفية الخاصة بمطعم للفقراء تديره المعارضة، ومنعت مجلس البلدية المعارض في مدينة مرسين الجنوبية من توزيع الخبز مجاناً.

وقال فايق أوزتورك، المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، “يبدو أن نية الحكومة ليست مكافحة الوباء، وإنما عرقلة الخدمات المقدمة من البلديات التي يسيطر عليها حزب الشعب الجمهوري”.

تسييس الجائحة

قالت إيفرين بالتا، أستاذة العلوم السياسية في جامعة أوزيين في إسطنبول، إن انعدام التعاون هذا يرجع إلى الاستقطاب السياسي الشديد في تركيا. وأضافت: “الحكومة تعتبر مجهودات الإغاثة بمثابة فرصة لرؤساء بلديات (المعارضة) لاكتساب الشعبية، ولهذا ترفض أيَ تعاون معهم”.

انتقد عثمان إلبيك، وهو عضو في مجلس خبراء كوفيد-19 التابع للجمعية الطبية التركية، أيضاً محاولة الحكومة احتكار الجهود الإغاثية، قائلاً إن انعدام التواصل مع الفئات والبلديات المتضررة بشدة حال دون اتخاذ إجراءات مكافحة الوباء الكاملة.

بيد أن الحكومة التركية اتخذت بعض الخطوات لمكافحة “كورونا”. فقد علقت أنقرة الرحلات الجوية إلى الصين في آخر شهر كانون الثاني/ يناير وأغلقت حدود البلاد مع إيران والعراق في مطلع شهر شباط/ فبراير 2020. وفي منتصف آذار، أغلقت البلاد المدارس والمقاهي والصالات الرياضية ودور السينما وعلقت الرحلات الجوية إلى عدة دول أوروبية.

يقول إلبيك إن استجابة الحكومة كانت جيدة في البداية، “فقد اتخذت بعض الإجراءات المتسقة قبل أن يقترب الفايروس من (حدودها)، مثل فرض قيود جزئية وتأسيس مجلس علمي”. 

حتى أن حكومة أردوغان المحافظة حظرت صلاة الجماعة في المساجد. وفي النهاية ألزمت جميع الأشخاص الأكبر من 65 سنة والأصغر من 20 سنة، البقاء في منازلهم، وبحلول نيسان/ أبريل، كانت معظم أماكن التجمع العامة مغلقة.

لكن مع تواصل ازدياد أعداد المصابين، رفضت الحكومة إلزام الناس البقاء في منازلهم، واستمر عدد كبير من الأشخاص في الذهاب إلى العمل. وأشارت تقارير إلى حدوث ازدحام في بعض أماكن العمل مثل المناجم ومواقع البناء.

مع اتجاه تركيا إلى ثالث حظر للتجول قصير المدى -والذي يشمل 31 محافظة من محافظات البلاد التي يبلغ عددها 81، أو نحو ثلاثة أرباع السكان- يدعو قادة المعارضة والجمعية الطبية التركية الحكومة إلى تطبيق إغلاق كامل يستمر 15 يوماً، قائلين إن مثل هذه القيود نجحت في إبطاء انتشار الوباء في بلدان أخرى.

غير أن الحكومة تقول إن مثل هذه الخطوة قد تعصف باقتصاد البلاد.

قال إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئاسة إن “الحديث عن الاقتصاد ربما يبدو للبعض غير مهم وغير إنساني، لكن الحقيقة هي أن الحياة لا بد أن تستمر بطريقة ما”.

هذا المقال مترجم عن politico.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.