fbpx

دراما خليجية تقترب من اسرائيل ومصرية تواصل “الصراع”…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في كل موسم رمضاني، تحتل الدراما زاوية الاهتمام والسجال خصوصاً حين تعكس الأعمال الفنية قضايا إشكالية اجتماعياً وسياسياً. ودراما هذا العام لم تكن أقل جدلية خصوصاً لجهة الشق السياسي وتحديداً الموقف من إسرائيل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تقليدياً، غالباً ما طغى على الأعمال الدرامية العربية التي تتناول العلاقة مع إسرائيل الإدانة والرفض، وغالباً ما كانت الأعمال الدرامية تركز على عناوين مثل الجاسوسية أو العمالة، تحت مظلة فكرة الرفض المطلق للعلاقة مع إسرائيل. معروف طبعاً أن تلك الإنتاجات كانت بمعظمها ممولة ومرعية من شركات إنتاج تابعة للأنظمة العربية الحاكمة التي استغلت غالباً قضية الصراع مع إسرائيل لأجنداتها الخاصة وليس نصرة للحق الفلسطيني.

لكن دراما هذا العام وبعد الانفتاح الكبير الذي شهدته العلاقات بين تل أبيب وعدد من الدول العربية وتحديداً الخليجية، شهدت تغيراً في مقاربة عدد من أعمالها، ولكن أيضاً بقيت المقاربة خاضعة في الغالب لزاوية العلاقة السياسية ومصالح الأنظمة ذاتها، من دون أن تنتهي تماماً المقاربة التي ترفض أي نوع من العلاقة مع الدولة العبرية. 

مسلسل أم هارون

خليجياً حيث نشط الحديث عن إحياء علاقة طبيعية مع إسرائيل تبعاً لسياسة الانفتاح التي حصلت بين تلك الدول وتل أبيب، برز مسلسلان خليجيان على علاقة مباشرة بالموضوع، وقد بدأت قناة “إم بي سي” السعودية إذاعة مسلسلي “مخرج 7″ و”أم هارون”.

ويحكي مسلسل “أم هارون” الكويتي قصة حياة امرأة يهودية في الخليج خلال أربعينات القرن الماضي. المسلسل يعرض شخصية يهودية إيجابية وهي مقاربة مغايرة لما اعتادته الدراما العربية حيث كانت معظم الشخصيات اليهودية المعروضة تقدم من زاوية سلبية بصفتها “صهيونية احتلالية”. 

أما مسلسل “مخرج 7” فاحتوى على حوار بين الدوخي بطل العمل الذي يؤدي دوره الممثل السعودي ناصر القصبي، وبين والد زوجته “جبر” والذي يقوم بدوره الممثل السعودي راشد الشمراني، والذي يهاجم الفلسطينيين قائلاً: “العدو ليس إسرائيل، ولكنه الشخص الذي لا يقدّر وقوفك بجواره، ويسبك ليلاً ونهاراً أكثر من الإسرائيليين، وأن السعوديين دخلوا حروباً لأجل فلسطين، وتحملوا أموالاً ونفطاً، كانوا هم أحق بها، لكنهم قدموها كرواتب للسلطة الفلسطينية، وفي النهاية عندما تواتيهم الفرصة، يهاجمون السعودية”.

أحدث العملان جدلاً واسعاً إذ يتهم المدافعون عن القضية الفلسطينية صناع العمل ومن خلفهم بتشويه الفلسطينيين وضرب قضيتهم بشكل مجاني لصالح الترويج للتطبيع مع إسرائيل من دون تحقيق حل عادل للصراع. في المقابل هناك من أطلق وسم “#فلسطين_ليست_قضيتي”، وهو منطق باتت يتردد علناً في أوساط واسعة خليجياً وعربياً وهو يعتبر القضية الفلسطينية “ليست أولوية” وأنها استنزفت موارداً كبرى.

مسلسل فوضى

فوضى … اسرائيلية

على المقلب الآخر، كانت منصة “نتفليكس الأميركية” ساحة مفتوحة للنتاجات الإسرائيلية. فبجانب أعمال كثيرة مثل “القائمة السوداء”، و”المسيح” و”هوم لاند” وغيرها من الأعمال ، فقد قدمت “نتفليكس” مسلسلات عن الصراع نفسه مثل “الجاسوس” الذي يروي قصة جاسوس الموساد الإسرائيلي في سوريا إيلي كوهين والذي كان يتخذ اسم “كامل أمين ثابت”، والذي أُعدم في دمشق عام 1965، بعد 4 سنوات من العمل الاستخباراتي لصالح تل أبيب، والذي صورت عمليته على أنها “إنسانية ونبيلة”، أو كما وصفته الكاتبة الأميركية “بيلي فرنانديز” بأنه حاول تحييد العميل الإسرائيلي، وجعله يبدو كشخصية “وطنية ومتواضعة ومحبة ومتفانية تشارك في خدعة نبيلة نيابة عن الإسرائيليين الأبرياء الذي يتعرضون لعدوانية سورية الخسيسة. وذلك من دون أن يرد ذكر الدور الإسرائيلي البارز كدولة مهاجمة استفزازية، في حين أن تاريخ إسرائيل في الذبح الجماعي (للعرب) في خدمة مخططات إقليمية مفترسة، اختفى، كالعادة، تحت شعار (الدفاع عن النفس)”.

أما مسلسل “فوضى” والذي بدء عرض جزئه الثالث مطلع شهر نيسان /ابريل الجاري فهو حظي بمشاهدة عالية في المنطقة العربية. السلسلة تتناول قصة عمل وحدة إسرائيلية سرية تسمى “مستعرفيم” أو المستعربون، والتي يتمركز محور عملياتها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. السلسلة حصرت العلاقة بين الاسرائيلي والفلسطيني بوصفها علاقة صدام وقتل وقتل مضاد من دون أي عرض لسياق أو خلفية، فلا نعرف لماذا هناك صراع أصلاً وما الذي يدفع الفلسطينين للقيام بعمليات ضد اهداف اسرائيلية. 

يقول محمد العجاتي، مدير مركز البدائل العربية للأبحاث والدراسات، “إنه لطالما كانت الدراما والفن ساحة للصراع العربي الاسرائيلي، لأنه صراع حضاري بالأساس وله بعد إنساني وهو ما يعكسه العمل الفني أو الدرامي كما أنه يتم استخدامه أيضاً. فلو تابعنا الكثير من الأعمال على منصة نتفليكس سنشاهد ترويجاً كبيراً للأفكار المعبرة عن وجهة النظر الإسرائيلية…” ويضيف العجاتي، “هناك ضعف عربي شديد في استخدام هذه الساحة، فحتى الأعمال المصرية تعبر عن الرؤية “الوطنية” المصرية والموقف من إسرائيل، ولكنها لا تتطرق إلى الوضع في فلسطين نفسها، وعدا بعض الأعمال الفلسطينية القليلة التي تنقل هذا الواقع فهناك تقصير عربي شديد”.

إسرائيل تحتج

إسرائيل ترصد بدقة أيضاً المنتجات الدرامية العربية وتتفاعل معها وتكتب عنها، وكان لافتاً انتقاد الخارجية الإسرائيلية أحد مشاهد المسلسل المصري “النهاية” الذي يفترض أن أحداثه تدور في المستقبل عام 2120، والذي توقع تدمير إسرائيل، وقالت إنه أمر مؤسف وغير مقبول.

في الحلقة الأولى من المسلسل والتي تبدأ بمشهد أفقي لمسجد قبة الصخرة في مدينة القدس، يأتي مشهد أحد المدرسين الذي يقف وسط تلاميذه سارداً قصة تاريخ المدينة حتى الوصول إلى زمن أحداث المسلسل، قائلاً “الولايات المتحدة الأميركية كانت الداعم الرئيس للدولة الصهيونية، ولما جاءت الفرصة للدول العربية لتتخلص من عدوها اللدود قامت الحرب التي أُطلق عليها حرب تحرير القدس. انتهت الحرب سريعاً وأدت إلى تدمير دولة إسرائيل الصهيونية قبل أن تمر 100 سنة على تاريخ إنشائها، والغالبية العظمى من يهود إسرائيل هربوا ورجعوا إلى بلادهم الأصلية في أوروبا ومختلف دول العالم”.

يقول مؤلف العمل، الكاتب عمرو سمير عاطف، لـ”درج” إن الصراع العربي- الإسرائيلي من أهم القضايا عندي، وأحاول تضمينها في أعمالي مثلما حدث في فيلم (أولاد العم) سابقاً. وقد أشرنا في المسلسل إلى نقطة زوال إسرائيل وتحرير القدس لأنه عمل في المستقبل. وقد أجازت الرقابة المصرية العمل من دون مشكلات وأنا غير مهتم بالرد الإسرائيلي، فهم ينتجون أعمالاً تُهاجم العرب والفلسطينيين وتصورهم كإرهابيين، فلماذا يُصادرون حقنا في العمل نحن أيضاً. ورأيي أن إسرائيل هي التي تحتل أراضي عربية وعندما يعود الحق لأصحابه ستتوقف الحروب”.

وكان عاطف قدم عملاً عام 2009 حمل اسم “ولاد العم” قام ببطولته الممثل كريم عبد العزيز، تدور أحداثه حول ضابط مخابرات مصري سافر للقيام بعملية داخل إسرائيل، وهو العمل الذي لاقى اعتراضات كثيرة داخل الأوساط الإسرائيلية بخاصة لأنه قام بالتلميح إلى عودة مصر إلى مواجهة إسرائيل.

أما آدم مكيوي، الناقد الفني، فيقول لـ”درج”، إن “اعتراض إسرائيل على أعمال فنية معينة عادة ما كان يأتي عبر هجوم صحافي وإعلامي ونادراً ما يأتي بشكل رسمي، مثلما حدث مع مسلسل “النهاية” الذي كان غريباً أن ينتجه النظام المصري عبر ذراعه الفنية القوية “سينرجي”، على رغم أنه بشكل ما ضد توجه الدولة المصرية أو التوجه العام، وهو ما يدل على أن هناك من هم داخل النظام يريدون تمرير رسائل مفادها أن فلسطين ليست قضية منتهية الصلاحية…”.

ويضيف ميكيوي: “اختيار القدس مسرحاً لأحداث المسلسل والإشارة إلى موضوع تحريرها هو مغازلة لخيال المتلقي ومشاعر تراود العقل الجمعي العربي والإسلامي، فهي قضية وهمٌّ قومي يهتم بها الملايين، وفيما نرى العكس في مسلسلات خليجية تمهد لفكرة التطبيع التي من الواضح أنها جزء من رؤية النخبة الخليجية التي نرى الكثير من أبعادها على الصعيد السياسي. وهنا يأتي دور الفن كجزء من أدوات السياسة، إذ يتم ترويج فكرة أن الخليج ليس من دول عداء إسرائيل أو مواجهتها، ولا مانع من إقامة علاقات معها طالما أنها مربحة لدولهم، وهو تيار نخبوي ليست له أرضية شعبية لا في الخليج ولا في دول الجوار الفلسطيني”.

كان الفن تاريخياً ساحة للصراع العربي- الإسرائيلي تسبب في بعض الأحيان بتوترات سياسية، لكن غالباً ما فشلت الدراما في أن تعكس اشكالية العلاقة أو الصراع العربي الاسرائيلي بأبعاده الأعمق بمعزل عن اسقاطات السياسة وأجندات الأنظمة.