fbpx

فيديو رامي مخلوف : مناشدة أم تهديد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التراكمات وتضارب المصالح بين أسماء الأسد ورامي مخلوف، دفعت بالأخير إلى الخروج وتوجيه إنذار مباشر إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هي المرّة الأولى التي يشاهد فيها السوريون، رجل الأعمال السوري وابن خال رأس النظام بشار الأسد رامي مخلوف وهو يتحدّث أمام الكاميرا في مقطع فيديو.

بدا المشهد غريباً أو نادر الحدوث، لا سيما أن العالم لا يعرف عن هذا الملياردير النافذ، إلّا بضع صور معدودة، نُشرت على محرك البحث “غوغل” من قبل الدائرة المقرّبة من مخلوف لتستخدمها وسائل الإعلام المقرّبة منه أو التي يملكها.

ظهر مخلوف الثري، حاصد جميع أنواع العقوبات الدولية كرجلٍ بسيط، يرتدي اللون الرمادي ويجلس على الأرض، وخلفه أخشاب يبدو أنّه يستخدمها لمدفأة الحطب، تحدّث بنبرة صوت رنّانة عاطفية لا تشبه ما تتحدث به وسائل الإعلام عن هذا “الحوت” الاقتصادي، الموجود على معظم لوائح العقوبات العالمية.

استمرَّ مقطع الفيديو نحو ربع ساعة، قال فيه مخلوف كلاماً سهل الفهم وآخر من المستحيل فهمه، توعّد وهدّد بـ”المعركة الشخصية” وخوض المحاكم وناشد قريبه بشار الأسد لإنصافه.

جاء ظهور مخلوف بعد أيام من نشر وكالة الأنباء الرسمية الحكومية “سانا” خبراً قالت فيه: “إن الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، أنذرت شركتي الاتصالات الخليوية “سيريتل” التي يملكها مخلوف و”MTN” التي يملك مخلوف الحصّة الأكبر فيها، بضرورة دفع المستحقات للخزينة تحت طائلة “اتخاذ الإجراءات القانونية” حيث تبلغ هذه الضرائب بحسب “سانا” 233.8 مليار ليرة (نحو 233 مليون دولار)”.

رغم “العاطفية” التي ظهر بها مخلوف إلّا أنّه هدّد مرات عدة بـ”ملفات ووثائق” لم يسمّها، وهو ما يشير إلى أنّه قد يملك أوراق ضغط لها علاقة بالغرفة المالية التابعة للقصر الجمهوري، وليس من مصلحة بشار الأسد فضحها.

أكثر من مشكلة ضرائب

على مدار الأعوام العشرين الماضية، لم يتردّد مخلوف في دفع الضرائب والالتزامات المترتّبة عليه، فهو يعتبر ذلك “رد جميل” لقريبه رئيس الدولة الذي منحه نفوذاً غير محدود، وأتاح له استثمار ما يشاء على طول البلاد وعرضها من دون رقابة أو تدقيق مالي أو غيره.

ولكن بالمقابل، تبلغ قيمة ضرائب مشغل الخليوي “سيريتل” 14 في المئة من قيمة الأرباح وفق قانون الضرائب السوري، وهي أخف من الضريبة التي يدفعها مالك الشركة الشخصية متناهية الصغر.

هذا السبب يرجعه الباحث والخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، إلى أن قانون الضرائب في سوريا يُحابي كبار المستثمرين وبالتالي لا مشكلة لدى رامي مخلوف، الذي كان خلال مسيرته يدفع المشتريات الضرائب والالتزامات المترتّبة عليه، باستثناء الاستثمارات الضخمة مثل جامعة سوريا الدولية التي أخذها من دون دفع ليرة سورية واحدة.

ولكن حتّى لو كان الأمر محدّداً في موضوع الضرائب، فما كان لمخلوف أن يخرج بهذا الشكل الغريب على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدّم تهديدات، لو لم يكن يملك أوراقاً رابحة ضد النظام السوري.

يرى الكريم، أن خروج مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي هو نيّة لإعلان “الحرب” في حال لم يتم الابتعاد من طريقه الاستثماري والتجاري.

خلال مقطع الفيديو، كرّر مخلوف تهديده بأنّه سوف “يرمي ملفات ووثائق أمام الجهات المعنية” ليربح صاحب الحق بعد الاطلاع على هذه الملفات، من دون أن يوضح عمَّ تتحدث، كما هدّد بشكلٍ متكرر باللجوء إلى القضاء والمحاكم وتحدّث عن أدواره الخيرية وأدوار “جمعية البستان” في دعم البيئة الموالية للنظام السوري على الساحل بملايين الدولارات بما في ذلك “الأعمال الخيرية”، كم قال إنّه يدفع ما لا يقل عن 10 مليارات ليرة سورية كضرائب بشكلٍ سنوي، وأنّه عام 2019 دفع ضرائب عن شركاته بقيمة 12 مليار ليرة سورية.

محطّات تاريخية بين أسماء الأسد ورامي مخلوف

كان رامي مخلوف ورث التجارة عن والده محمد مخلوف، والذي كان رجل أعمال نافذاً تحت جناح الأسد الأب، وبدأ مسيرته في تهريب السجائر والمواد الغذائية والكهربائيات بحسب موقع “مع العدالة” الذي أصدرته “منظمة العفو الدولية”.

وتحوّل مخلوف بعدها إلى مالك سلسلة منشآت سياحية وصناعية وفندقية ووسائل إعلام وغيرها، فإضافة إلى شركتي “سيريتل” و”إم تي إن”، يملك مخلوف صحيفة “الوطن” المحلية وإذاعة “نينار إف إم” ومجموعة شركات “راماك” وفنادق وجامعات خاصة ومصانع والأسواق الحرة في جميع المنافذ البرية والجوية.

في بداية تسلّم بشار الأسد رئاسة سوريا، وزواجه من أسماء الأخرس، حدث تناغم مصالح بين مخلوف والأخرس زوجة الأسد، وكان مخلوف من أهم رجال الأعمال الداعمين لها، إذ ساعدها لتحقيق نقلة نوعية في استثمارات بشار الأسد ودخول السوق الأوروبية بقوة.

ولكن بذور الخلاف بين الطرفين برز في أيلول/ سبتمبر 2015 عندما أعلنت روسيا أنّها ستتدخّل مباشرة في الحرب السورية واستقرّت في قاعدة “حميميم” العسكرية.

يضيف الكريم: “عند دخول الروس، كانت أسماء الأسد تضغط على زوجها لمنحهم استثمارات سيادية، وحينها كان الإيرانيون سبقوا الروس إلى ساحات القتال في سوريا، ولكن جل الاستثمارات التي حصلوا عليها لم تكن سوى مخلفات الاستثمارات الخليجية والتركية، إذ انسحبت هذه الدول بسبب موقفها من بشار الأسد في بداية الثورة”.

ومن حينها لم تُعطَ إيران استثماراً سيادياً واحداً، في حين سيطر الروس على الموانئ وحقول الفوسفات والغاز ومنابع المياه وغيرها من المنشآت السيادية.

ويوضح الكريم، أنّ الروس والإيرانيين في سوريا، صنعوا رجال أعمال موالين لهم، لتثبيت وجودهم حتّى أصبحت البلاد مقسّمة إلى أربع قطاعات.

القطاع الأول يضم موالي أسماء الأسد من تجار تكنوقراط وأمراء الحرب، في حين يضم القطاع الثاني “الحرس الاقتصادي القديم” وهم مجموعة مستثمرين برجوازيين قدماء في سوريا وعلى رأسهم رامي مخلوف، إضافةً إلى تيار موالٍ للروس وآخر موالٍ للإيرانيين.

عام 2018 تم تعيين حازم قرفول حاكماً لمصرف سوريا المركزي، وأول ما قام به هذا الشخص هو اتخاذ مجموعة قرارات رجّح بها كفّة أمراء الحرب (تيار أسماء الأسد) على حساب المستثمرين السوريين القدماء (تيار رامي مخلوف)، في تلك الفترة، كانت مؤسّسات الدولة تتهاوى وتسقط واحدةً تلو الأخرى بيد الروس، عبر عقود طويلة الأجل، الأمر الذي جعل نظام الأسد يتهاوى سواء في عين مخلوف أو غيره من المستثمرين، إذ رأوا أن المؤسسات التي تشرعن هذا النظام تذهب للروس، وهو ما يؤدي إلى سحب القوة والشرعية من الأسد.

في أواخر عام 2019 بدأت مؤسسات تابعة لرامي مخلوف تتعرّض لضغوط، ومنها جمعية “البستان” الخيرية سامر درويش، وهو أحد أذرع مخلوف وأسلحته القوية وتم التحقيق معه من قبل أمن القصر الجمهوري في سوريا.

رسالة تحذيرية

يبدو أن هذه التراكمات وتضارب المصالح بين أسماء الأسد ورامي مخلوف، دفعت بالأخير إلى الخروج وتوجيه إنذار مباشر إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وعلى رغم “العاطفية” التي ظهر بها مخلوف إلّا أنّه هدّد مرات عدة بـ”ملفات ووثائق” لم يسمّها، وهو ما يشير إلى أنّه قد يملك أوراق ضغط لها علاقة بالغرفة المالية التابعة للقصر الجمهوري، وليس من مصلحة بشار الأسد فضحها.

كما أن شركة “سيريتل” التي يملكها مخلوف، لديها 11 مليون مستخدم، وبالتالي كميات ضخمة من السيول النقدية، أي لديها قطع نقدي أكثر من المصارف الحكومية.

ويرى الكريم أن شركة “سيريتل” تستطيع حجب الأموال عن مؤسسات الدولة وزعزعة تداول العملة، ولا سيما القطع النقدية التي لا يستطيع النظام السوري طباعتها مثل فئات 500 – 1000 – 2000 ليرة، ما يخوّل “سيريتل” عرقلة عملية التجارة في سوريا كاملةً.