fbpx

فلسطين: “كورونا” كوسيلة لقمع حرية التعبير

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

منذ إعلان حالة الطوارئ في بداية شهر آذار/ مارس الماضي والخشية كانت ولا تزال قائمة من تقويض حرية التعبير والصحافة، وما حصل من ممارسات أكد الهواجس بل وضاعف منها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تنته قضية الصحافيين رامي سمارة وجعفر صدقة اللذين يعملان في وكالة “وفا” الرسمية بعد حسم راتبيهما وإحالتهما للتحقيق من قبل المشرف العام على الإعلام الرسمي، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا” الوزير أحمد عسّاف، بتهمة خرق حالة الطوارئ، حتى تفجرت قضية الصحافي أمير أبو عرام وما حصل معه في “مؤتمر الحكومة الفلسطينية” الذي يقدمه الناطق الرسمي الإعلامي ابراهيم ملحم حول آخر مستجدات “كورونا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة. 

في غزة، استنكرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين اعتقال الشرطة في قطاع غزة طاقم تلفزيون فلسطين خلال إعداد تقرير صحافي حول أجواء رمضان في سوق جباليا شمال قطاع غزة، واحتجاز الطاقم في مقر شرطة مدينة جباليا. ووفقاً لنقابة الصحافيين فإن شرطة غزة اعتقلت الصحفيان محمد أبو حطب مراسل تلفزيون “فلسطين” والمصور محمد نصار، واقتيدا إلى مركز شرطة جباليا بحجة التصوير من دون ترخيص. وأُطلق سراحهما بعد إجبارهما على توقيع تعهد خطي بعدم التغطية الخارجية إلا بتصريح مسبق من وزارة الداخلية.

أمير أبو عرام

وفي الضفة الغربية، قال الصحافي أمير أبو عرام: “أثناء مشاركتي في المؤتمر الصحافي الصباحي (الإيجاز الصحافي)، المعتاد، وبعدما تقدمت بسؤال للناطق باسم الحكومة يخص الحريات وبخاصة حول قضية حجب عدد من المواقع الإلكترونية بقرار من النائب العام الفلسطيني وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية، فرد الناطق أن الحكومة ترفض أي حجب بحق أي وسيلة إعلامية، وأنها كانت فعلاً أصدرت بياناً رفضت فيه ذلك الحجب. وطلب مني التعريف عن الوسيلة الإعلامية التي أعمل فيها، مع العلم أن اسمي مُقترن لدى الحكومة الفلسطينية باسم هذه الوسيلة، ولكنني لم أستطع تسميتها على الهواء مباشرة لأن هذه الوسيلة محظورة بقرار إسرائيلي.

ولكن الأمر تجدد بعد أيام، ليعيد المتحدث سؤاله بشكل مُستهجن مع علمه بأن الإجابة عن السؤال قد تعرضني للملاحقة والمضايقة والاعتقال كما حصل معي سابقاً، مع التنويه بأن من حقي التعريف بنفسي كصحافي (فري لانسر) بخاصة أني أحمل بطاقة نقابة الصحافيين والبطاقة الدولية للصحافيين”.

منذ بدء الحكومة تقديم الإيجاز الصحافي، اعتاد الصحافيون الفلسطينيون في الضفة الغربية عند توجيه أسئلتهم للناطق الإعلامي أو الوزراء الذين يشاركون في الإيجاز، عدم التعريف عن أنفسهم أو مكان عملهم، غير أن ملحم خلال الإيجاز الصحافي السبت 25 نيسان/ أبريل ألحّ بالطلب من صحافي دون غيره ليقدم نفسه والوسيلة التي يعمل فيها، وأظهر نوعاً من المناكفة والحديث عن ديموقراطية الحكومة والقول بعدم التمييز بين الموالاة والمعارضة. 

ما حصل من منع تلفزيون “فلسطين” من العمل في مخيم جباليا هو استمرار لانتهاكات حرية التعبير ومن باب المناكفات والانقسام السياسي، وما حصل أيضاً مع الصحافيين في الضفة الغربية وآخرين، الذين حلت مشكلاتهم بفنجان قهوة، هو تعبير حقيقي للاستغلال السيئ لحالة الطوارئ

الحقيقة هي أن الواقع غير ذلك، فتداعيات قضية الصحافيين سمارة وصدقة لا تزال قائمة على رغم محاولة إنهائها بعد تدخل نقيب الصحافيين وعودتهما إلى عملهما، مع أنه تم توقيفهما في 9 نيسان وأحيلا إلى التحقيق وتم وقف راتبيهما قبل التحقيق معهما مع أنه لم يحقق معهما، وتم حل القضية بتدخلات غير قانونية و”على فنجان قهوة” مع المشرف العام على الإعلام الرسمي أحمد عساف، وبعدما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالقضية واستنكار القرار.

الانتقادات التي وجهت للحكومة والاستعراض الذي يقدمه الناطق باسم الحكومة من خلال مداخلاته الشعرية والقدرات اللغوية التي يمتلكها ولا علاقة لها بالإيجاز الصحافي، في وقت هناك توجه عالمي إلى الاختصار والإيجاز. والفلسطينيون الذين أعجبوا بداية بابراهيم ملحم، بدأوا يتراجعون  عن هذا الاعجاب، وبدأوا يطرحون اسئلة صعبة حول غياب الشفافية والديموقراطية في الحكم وعدم الإجابة عن أسئلة حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها الفلسطنيون، إضافةً إلى استمرار الضبابية في ما يتعلّق بمواجهة تداعيات أزمة “كورونا”.

وقد تضامن عدد من الصحافيين مع زميلهم أمير أبو عرام ومنهم الصحافي جهاد بركات الذي يقول لـ”درج”: “ما حصل معه خلال الإيجاز الصحافي يخصني شخصياً، فقد كنت أعمل في قناة فلسطين اليوم، حتى أغلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2016، لأن الاستمرار في العمل يعني الاعتقال والمحاكمة في محاكم الاحتلال، وتحولت للعمل مع شركات إنتاج إعلامية، ولاحقاً مواقع إلكترونية، وأخيراً جريدة العربي الجديد. وأغلقت قناة الأقصى بقرار إسرائيلي قبل عامين، وقناة القدس عام 2018، ومكث تلفزيون فلسطين في مدينة القدس عام 2019. كما استدعى الجيش الإسرائيلي راهناً زملاءنا في مكتب تلفزيون فلسطين في القدس للتحقيق”.

قبل أن أرسل مقالي أخبرني بركات أن أميراً أخبره أن الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، تواصل معه هاتفياً وقام بتوضيح موقفه مما حصل، وبيّن أنه سوء تفاهم، وشدد على أنه لن يتم المس بحريته وسيبقى في عمله ودعاه كي يكون حاضراً في الإيجاز الحكومي المقبل.

منذ إعلان حالة الطوارئ في بداية شهر آذار/ مارس الماضي والخشية كانت ولا تزال قائمة حول مدى ضمان الحريات العامة وحرية التعبير، وأكدت السلطة الفلسطينية احترام الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير، وأنها لن تسمح باستغلال الطورئ للاعتداء على حقوق المواطنين، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير مع التزام الصحافيين الفلسطينيين بعدم نشر أخبار كاذبة أو بث شائعات.

قضية الصحافيين رامي سمارة وجعفر صدقة هي تطبيق عملي لاستغلال حالة الطوارئ والاعتداء على حقوقهما المكفولة بالقانون، والذريعة “عدم الالتزام بحالة الطوارئ والتعليمات”. 

اللافت أن اللجنة المعنية بالتحقيق معهما أخبرتهما أنها ستعقد بعد انتهاء حالة الطوارئ، كما أن المشرف العام على الإعلام الرسمي أحمد عساف أصدر قراراً بوقف راتبيهما، مع أن حالة الطوارئ في فلسطين هي لمواجهة “كورونا” والإجراءات والتعليمات التي أعلنت عنها وزراة الصحة مرتبطة بالحالة الصحية والعزل المنزلي والتباعد الجسماني والنظافة الشخصية والحد من الحركة، وتم استثناء الصحافيين من هذه الإجراءات وهم يحضرون يومياً الإيجاز الصحافي الحكومي. كما ثبت أنهما لم يرتكبا أي مخالفة قانونية وأن الأسئلة التي وجهت إليهما كانت على ما يكتبانه على صفحاتهما الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

قرار توقيف الصحافيين قرار غير قانوني وفيه اعتداء على حقوقهما كموظفين، وعلى القانون الأساسي الفلسطيني الذي يؤكد حرية التعبير عن الرأي وحرية العمل الصحافي.

ما حصل من منع تلفزيون “فلسطين” من العمل في مخيم جباليا هو استمرار لانتهاكات حرية التعبير ومن باب المناكفات والانقسام السياسي، وما حصل أيضاً مع الصحافيين في الضفة الغربية وآخرين، الذين حلت مشكلاتهم بفنجان قهوة، هو تعبير حقيقي للاستغلال السيئ لحالة الطوارئ، في ظل غياب أي حماية أو ضمانات قانونية لاحترام حقوقهم والحق في حرية التعبير عن الرأي والعمل الصحافي، مع ممارسة الضعط عليهم وابتزازهم بحقوقهم المالية، وهو انتهاك فاضح وغير قانوني ولا أخلاقي.