fbpx

مصر : “زنزانة 2/2 عنبر4” مقبرة شادي حبش وسجن المنسيين احتياطياً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“رامي عصام غير مسؤول عن موت شادي، بل المسؤول عن السجن والموت هو النظام، لا داعي لإلقاء اللوم على رامي ونترك الداخلية والنظام والسجان…”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حالة من الصدمة أعقبت وفاة المخرج المصري الشاب شادي حبش، صدمة لا تحاكيها إلا القصة التي ترويها فيروز، في مطلع حزين، في أغنية “أنا وشادي”، التي أصبحت مرثية لكل شادي، آخرهم شادي حبش، الذي لاقى مصرعه في السجن الاحتياطي، بعد أكثر من عامين من دون محاكمة، بسبب إخراجه أغنية “بلحة” للمطرب المصري رامي عصام. 

اليوم أصبح شادي ورامي بطلين في المقطع الحزين “أنا وشادي غنينا سوا… وضاع شادي”.

شهدت زنزانة 2/2 عنبر 4 في أقل من عام حالتي وفاة لشابين عشرينيين، هما شادي حبش وعمر عادل، رحلا بسبب الإهمال الطبي، الأول منذ أيام بعد تجاهل إدارة السجن استغاثاته وهو يعاني من قرحة في المعدة، ظل يتلوى على إثرها لساعات حتى فارق الحياة بين يدي رفاقه. والثاني مات في تموز/ يوليو الماضي في زنزانة (عبارة عن مترين في متر)، أثناء عزله في سجن منفرد للتأديب، بعدما ضُبط معه جهاز هاتف. وفي الزنزانة هناك يقبع الآن حسن البنا مبارك ومصطفى الأعصر وإبراهيم أشمر وحسن مصطفى وحسام الصياد ومصطفى جمال وحسين إبراهيم الحسيني وزياد أبو الفضل وبلال عبد الرازق وأحمد كمال وجلال البحيري، وهم في حالات صحية حرجة ووضع نفسي متأزم، نتيجة تأثرهم بموت اثنين من رفاقهم بعد إهمال أودى بحياتهما، ونتيجة بقائهم في الزنزانة إلى أجل غير مسمى من دون محاكمات.

شادي حبش

“بلحة” 

اثنان من الباقين الآن في الزنزانة محبوسان على خلفية قضية أغنية “بلحة” وهما الشاعر جلال البحيري كاتب الأغنية ومصطفى جمال مسؤول السوشيل ميديا لصفحة رامي عصام. هذه الأغنية التي أطاحت بفريق العمل كله، وبعض ممن عملوا مع رامي عصام في التلحين في أغان سابقة، وكأنها رغبة في التنكيل بالمغني رامي عصام من خلال العبث بأعمار كل من يتعاونون معه. ففي آذار/ مارس 2018 اعتقلت السلطات الأمنية مصطفى جمال، مسؤول توثيق صفحة رامي عصام على “فايسبوك”، أحمد شوقي “أدمن” ومسؤول السوشيل ميديا على صفحة رامي عصام، وجلال البحيري كاتب الأغنية ورامي صدقي عازف غيتار لحن لرامي عصام إحدى أغنياته عام 2011.

تواصلنا مع رامي عصام، كان في حالة نفسية سيئة لم يستطع الرد على الأسئلة، فقلت: “إن كانت حالتك النفسية لا تسمح بالحديث أتمنى إخبارنا بذلك”، وكان رده: “نعم شكراً” وأقفل الخط. اكتفى رامي بنعي رفيقه شادي بعبارات مقتضبة عبر صفحته الرسمية على فايسبوك.

الغريب أن أصواتاً كثيرة بدأت توجه الاتهام إلى رامي عصام بدلاً من المسؤولين عن الإهمال الطبي في السجون، باعتبار أنه “ورط الشباب في أغنية معارضة وجريئة على رغم أنه يعيش في أوروبا”، وكأن هذه الأصوات شريكة في خطة هدم رامي عصام تماماً، في حين أن المجرمين الحقيقيين لن يشعروا بأي ذنب على الإطلاق.

طرح رامي عصام أغنية “بلحة” في كانون الثاني/ يناير 2018 بعدما انتهت الأربع سنوات الأولى من حكم السيسي وبدأ الاستعداد لانتخابات رئاسية جديدة. بدت الأغنية طموحة وثورىة وغارقة في التحدي والأمل المفرط بأن السيسي لن يعود رئيساً مرة أخرى، لكن الواقع عاكس طموحات منتجي الأغنية، فالسيسي عاد وبطش بفريق عمل “بلحة”، بعد أقل من شهر واحد من عرضها على منصة يوتيوب.

زميل شادي في الزنزانة

حاولنا الوصول إلى صورة أو قصة عن شادي من داخل السجن، شادي الآخر بعد أغنية “بلحة”، الذي اختلف تماماً عن شادي قبلها، توصلنا لصديق زنزانته، عاش معه على بساط واحد أكثر من عام ونصف العام، ليخرج هذا الرفيق قبل ستة أشهر من الآن ويبقى شادي محبوساً احتياطياً مع رفاق آخرين.

محمد محروس (اسم مستعار) قال لـ”درج”: “أنا دخلت نفس السجن اللي شادي فيه لكن قبله بثلاثة أيام، لكن في قضية مختلفة، كانت التهم جاهزة وهي الانضمام إلى لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وكان السيناريو الذي حدث معنا كالتالي، تم اعتقالنا من بيوتنا واحتجزونا في الأمن الوطني “مكلبشين ومغميين” لمدة طويلة في تحقيق يلازمه الضرب والتعذيب، ثم تم اقتيادنا إلى سجن احتياطي في زنزانة اسمها زنزانة الإيراد، وفيها قابلت شادي لأول مرة، كان مبسوط أنه خرج من أمن الدولة وتخلص من التحقيق والتعذيب.. كان مبسوط أنه وصل السجن لكن بعد تالت يوم بدأ يشعر بالإحباط والخوف”.

“شادي لم يكن يأكل جيداً، لأن أكل السجن سيئ وكان يدخن كثيراً، حتى أصيب بقرحة في المعدة، ويوم وفاته عانى من مغص شديد وحاول زملاؤه طلب المساعدة من الشويش ليحضر مسكناً للألم، وربما كان شادي محتاجاً إلى غسيل معدة لينجو، لكن ذلك للأسف لم يحصل”.

ويضيف محروس: “اكتشفت أننا عملنا في نفس الكليبات والاعلانات الخاصة بشركة فودافون، أنا كـ”موشن غرافيك آرتيست” وهو كمصور ومخرج، شادي كان أكثر شخص مرح داخل السجن، دمه خفيف وإفيهاته ذكية، أخبرني عن مدى حبه للسفر، وكيف كان يمضي أوقاتاً طويلة بين الجبال والبحر في مدينة دهب، كان شخصاً طموحاً، وناضجاً. شاب في أوائل العشرينات استطاع أن يكون المصور الأساسي لإعلانات مشروب ريد بول ومصوراً أساسياً لحفلات مشروع ليلى ومسار إجباري ومخرج ومصور في بعض أغنيات سعاد ماسي، أكيد كان هيكون له مستقبل مبهر”.

يقول محروس: “شادي فعلاً غير مشغول بالسياسة إنسان عادي مش فاهم اللي بيحصل في البلد، ومش مهتم، لكنه كان يعرف أن الوضع سيئ لا أكثر، وحين كنا في الزنزانة كان شادي يرسم على جدراننا دوائر متداخلة ويرسم بتقنية الظل والنور، لدرجة أنه حجب لون الحيطان الرمادي بدوائر مرسومة تكاد تضيء”.

ويشير محروس إلى أنه على رغم أساليب المقاومة التي كان يتبعها شادي للتخلص من الخوف بالنكات والرسم، لكنه كان يصاب بالإحباط في كل مرة يتم التجديد له 45 يوماً إضافياً، “يفترض أن مدة الحبس الاحتياطي تستمر في أقصى تقدير عامين، أمضاها شادي في انتظار، كل 45 يوماً، يشحن نفسه بالأمل وبعدها يجد أنه مضطر للبقاء مدة أخرى”.

يتابع: “لما أتى خبر إخلاء سبيلي لم أكن أعرف ماذا أقول لشادي، لكنه قال لي إنه بدأ ينسى شكل العالم خارجاً، إنه إحساس صعب أن تشعر بأنك  منسي، جالس على فراش تدخّن على مدى سنتين”.

يقول محروس “شادي لم يكن يأكل جيداً، لأن أكل السجن سيئ وكان يدخن كثيراً، حتى أصيب بقرحة في المعدة، ويوم وفاته عانى من مغص شديد وحاول زملاؤه طلب المساعدة من الشويش ليحضر مسكناً للألم، وربما كان شادي محتاجاً إلى غسيل معدة لينجو، لكن ذلك للأسف لم يحصل”.

وعن شكل الحياة داخل السجن الاحتياطي وصف محروس الوضع كالتالي: “في السجن الاحتياطي كنا نموت من الحر في مساحة 9 أمتار في 3 أمتار منها مساحة الحمام، كانوا يرفضون دخول المراوح، غير مسموح بالمناديل وكلها أشياء طبيعية، لكن المنع كان يتم وفق مزاج الشاويش، لا أحد يهتم بالمسجون سواء مات من البرد أو عانى من جرب أو من مرض مزمن. عشان تنزل العيادة بتقعد أسبوع تطلب دكتور”.

عبد الرحمن فارس شقيق حسن البنا المعتقل في السجن الاحتياطي قال لـ”درج”: “رامي عصام غير مسؤول عن موت شادي، بل المسؤول عن السجن والموت هو النظام، لا داعي لإلقاء اللوم على رامي عصام بأي شكل ونترك الداخلية والنظام والسجان، لا أعرف بصراحة شادي بشكل شخصي، لكنه كان مسجوناً مع شقيقي حسن، وأهلي يعرفون شادي جيداً بسبب زياراتهم لحسن”.

يضيف عبد الرحمن فارس: “أعلم أن حسن الآن مضغوط نفسياً بعد موت شادي. إنه إحساس قاسٍ جداً. وخوفي الآن زاد على شقيقي بعد رحيل شادي، لأن حسن لديه أزمة صحية ومع الأزمة النفسية قد يعاني من مضاعفات، أتخيل إحساسه لفقدان شخص أمضى معه عامين في هذا المكان القاسي”.

ويضيف عبد الرحمن: “كيف يمكننا الاطمئنان على صحتهم بعدما تم منع الزيارات بسبب فايروس كورونا؟ كان يفترض أن يخرج حسن البنا شقيقي من السجن في شهر شباط/ فبراير، وكان يفترض أن يخرج شادي في آذار/ مارس الماضي، منذ 6 شهور وحسن يواجه صعوبة في عرضه على الأطباء داخل السجن، وطلبنا إجراء فحوص له على نفقتنا الشخصية لكنهم رفضوا، الآن حسن يعاني من انخفاض شديد في السكر لا نعلم أسبابه”.

في تقرير سابق، رصد مركز القاهرة للدراسات أعداء الوفيات المتزايدة في السجون المصرية نتيجة الإهمال الطبي، وبعد رحيل شادي حنش أصدرت مراكز حقوقية مصرية بياناً مشتركاً، قالت فيه “تعرب المنظمات الموقعة عن قلقها البالغ بشأن السلامة النفسية والجسدية لبقية المحتجزين بعنبر 4 بسجن طرة بعدما شهدوا على وفاة أكثر من نزيل بينهم مندون أن يكترث أحد، مشيرة إلى تجاوز بعضهم المدد القانونية للحبس الاحتياطي، بما يحتم الافراج عنهم فوراً، ومنهم الصحافيان حسن البنا مبارك ومصطفى الأعصر، وأن واقعة وفاة شادي حبش تعيد للأذهان أسماء عشرات المبدعين من فنانين ومخرجين ومؤلفين وشعراء وكتّاب وناشرين ومدونين و”يوتيوبر”، تهدر أعمارهم حالياً في السجون، بسبب ممارسة حقهم المشروع في حرية الإبداع، فضلاً عن آخرين تم إخفاؤهم أو ملاحقتهم قضائياً، وأخلي سبيلهم بإجراءات احترازية أو بعد فترات حبس مطولة كوسيلة للترهيب والردع”.

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".