fbpx

تونس: “النهضة” تقود سفينة الحكومة بمستشار خارج عن القانون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يلتزم الفخفاخ الصمت إزاء الانتقادات التي تطاوله من جهات عدة، بسبب هذه التعيينات التي اعتبرت أنها استجابة لضغوط “حركة النهضة” التي تمكنت خلال السنوات الماضية من توظيف كوادر أساسية فيها في مؤسسات الدولة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بينما تحث الحكومة التونسية مواطنيها حيناً وترغمهم حيناً آخر على تقديم تبرعات للدولة لإنقاذ الاقتصاد المتضرر بسبب أزمة “كورونا”، فوجئ الجميع بقرار رئيس الحكومة تعيين قياديين من “حركة النهضة” مستشارين له، فعيّن رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ كل من القياديين في “حركة النهضة” عماد الحمامي وأسامة بن سالم مستشارين له. 

خطوة أثارت جدلاً كبيراً بسبب توقيتها وبسبب تساؤلات عديدة بشأن كفاءة الرجلين، إذ تلاحق أحدهما تهم فساد وتلاعب بالقانون، فضلاً عن السقوط المعلن في فخ المحاصصة الحزبية الذي من شأنه أن يثبت أقدام “حركة النهضة الإسلامية” داخل مؤسسة رئاسة الحكومة بعدما تحولت رئاسة البرلمان إلى ما يشبه المكتب الفرعي للحركة.   

أسامة بن سالم

أسامة بن سالم، هو أحد المساهمين الأساسيين في قناة “الزيتونة” التي تنشط من دون ترخيص قانوني وتحوم حولها شبهات بخصوص مصادر تمويلها. إذ سبق أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري أو “الهايكا”، رفضها إجازة القناة بعد ما تبين من وثائق تفيد بأن أسامة بن سالم وهو أحد المساهمين فيها عضو في مجلس شورى حركة النهضة، وهو أمر مخالف لمقتضيات الفصل 09 من كراس الشروط الخاص بانشاء قناة تلفزيونية.

ينص هذا الفصل على أن “يلتزم الحاصل على الإجازة بأن لا يكون مؤسسو ومسيرو القناة التلفزية ممن يضطلعون بمسؤوليات ضمن هياكل الأحزاب السياسية، كما يلتزم بأن لا يتم تسيير المنشأة الإعلامية من طرف مسؤول أو قيادي أو عضو في هيكل بحزب سياسي”.

“هذه الخطوة، تؤكد أن حركة النهضة التي منحت الفخفاخ الثقة في البرلمان في آخر لحظة، قدمت له صفقة قوامها التعيينات في مناصب حساسة، مقابل منحه فرصة الحكم”.

وعلى رغم قرارات “الهايكا” العقابية ضد القناة في مناسبات متتالية، إلا أنها لم تتمكن من تطبيقها وواصلت القناة البث من دون إجازة، مستفيدة من وجود سند سياسي (حركة النهضة) جعلها فوق طائلة القانون، بل ويسمح لأحد العاملين فيها بتمزيق قرارات “الهايكا” على الهواء مباشرة.  

والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري “الهايكا” هي هيئة دستورية أحدثت من أجل تعديل الإعلام السمعي والبصري وضمان حرية الصحافة وتعددية وسائلها، في كنف احترام قواعد المهنة وأخلاقياتها، ومن بين صلاحياتها إسناد الرخص المتعلقة بمنشآت الاتصال السمعية والبصرية ومراقبة مدى التقيد بالشروط القانونية والسلوكية واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال مخالفة هذه القواعد.

ولهذا بدا هذا التعيين مريباً وأثار شكوكاً كبيرة بشأن جدية رئيس الحكومة في مكافحة الفساد وفرض سلطة القانون على الجميع كما قال سابقاً، حتى أن “الهايكا” وجهت رسالة إلى الفخفاخ ذكرته فيها بأن مستشاره الذي اصطفاه لا يحترم القانون، ولم يلتزم تطبيق جملة من القرارات الصادرة عن مؤسسة دستورية بل وتم هتك أعراض أعضائها على الهواء مباشرة.

عماد الحمامي مع زعيم “النهضة” راشد الغنوشي

أما عماد الحمامي فهو الوزير السابق لوزارة الصحة وتلاحقه انتقادات كثيرة بسبب ضعف أدائه في حكومة يوسف الشاهد، لكنه المتحدث باسم “حركة النهضة” في المفاوضات مع  الفخفاخ، قبل منح الثقة لحكومته. ما يعني أن التعيين هو من الاتفاقيات التي لم تعلن آنذاك وكانت الضمانة التي منحت للحركة من أجل موافقتها على تمرير الحكومة. 

ويلتزم الفخفاخ الصمت إزاء الانتقادات التي تطاوله من جهات عدة، بسبب هذه التعيينات التي اعتبرت أنها استجابة لضغوط “حركة النهضة” التي تمكنت خلال السنوات الماضية من توظيف كوادر أساسية فيها في مؤسسات الدولة.

الخطوة وصفها المحلل السياسي وسام حمدي بـ”جرائم فساد بحق التونسيين ما دامت تأتي في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة الشعب بالتضحية بسبب أزمة كورونا وتقتطع من أجور الموظفين لتعيين هذا الكم الهائل من المستشارين على حساب الموازنة العامة”.

وبحسب متابعين فإنه من حق الفخفاخ تعين مستشارين لكن وبالنظر إلى الظرف الراهن والحاجة الماسة إلى ضبط المصاريف، فإن عدد هؤلاء والامتيازات الممنوحة إليهم واختيارهم في إطار محاصصة حزبية وجدوى تعيينهم، كلها معطيات باتت تثير التساؤل بشأن صدقية مؤسسة رئاسة الحكومة أمام مواطنيها وعما إذا كانت ستلزم مستقبلاً بالاستجابة لمطالبهم الملحة أو مواصلة السير كما يوسف الشاهد سابقاً، أي وفق رؤية “حركة النهضة”.

ويبدو أن رئيس الحكومة يحاول اللعب في كل الاتجاهات فهو من جهة يمرر خطباً عاطفية يبيع فيها وهم مكافحة الفساد وغيرها من النقاط التي تستدرج التونسيين وتدفعهم للمباركة، ومن جهة أخرى يدرك أنه من دون حزام سياسي قوي في البرلمان وهو الذي ينتمي لحزب لم يستطع الحصول ولو على مقعد واحد. وبالتالي لكي يستمر لا بد أن يجيد قراءة التوازنات السياسية والتي من بينها “حركة النهضة” التي دعمت حكومته سابقاً ولا بد أن يكافئها الآن. وقد يضطر إلى تقديم تنازلات جديدة لأحزاب أخرى دعمته هي أيضاً، هذا فضلاً عن رئيس الدولة قيس سعيد الذي اختاره لتولي المنصب وستكون لديه مطالبه هو الآخر.  

المحلل السياسي وسام حمدي يرى أن ما أقدمت عليه حكومة الفخفاخ هي مواصلة السياسات ذاتها التي انتهجتها حكومات ما بعد الثورة التي قادتها طيلة عشر سنوات “حركة النهضة” والقائمة أساساً على منطق الغنيمة.

ويقول حمدي: “تعيين أسامة بن سالم وعماد الحمامي على رغم ما يحوم حول الأول من شبهات فساد في علاقة بملكيته قناة الزيتونة غير المرخص لها قانونياً أو الفشل الذي ميز الحمامي عندما كان وزيراً للصحة، يدخل في خانة الترضيات التي يقدمها الفخفاخ الآن للنهضة. هذه الخطوة، تؤكد أن حركة النهضة التي منحت الفخفاخ الثقة في البرلمان في آخر لحظة، قدمت له صفقة قوامها التعيينات في مناصب حساسة، مقابل منحه فرصة الحكم”.

ويعتبر أن هذه التعيينات تدخل أيضاً في خانة خوض النهضة حرباً صامتة مع التيار الديموقراطي ومع زعيمه الوزير المكلف بمكافحة الفساد في إطار التنافس على الصلاحيات والخوف من تكشف بعض ملفات الفساد التي تكون النهضة ضالعة فيها.

ويذكر أن الفخفاخ منح جزءاً كبيراً من صلاحياته لوزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد محمد عبو الذي جعل من مكافحة الفساد برنامجاً انتخابياً لعشر سنوات. وستكون له صلاحيات رقابية واسعة، من بينها هيئة الوظيفة العمومية والهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية.

ولا يستغرب المحلل السياسي إقدام الفخفاخ على هذه الخطوة وهو الذي حكم سابقاً تحت عباءة النهضة، وتقلد منصب وزير المالية وكان ضالعاً في تعيين شخصيات عليها شبهات من أنصار الحركة على رأس شركات مصادرة في الفترة بين 2011 و2013 على حد تعبيره.

ويرى أن التعيينات تأتي في إطار الترضيات التي يقدمها زعيم الحركة راشد الغنوشي لقيادات حزبه الذين لم ينجحوا في الانتخابات التشريعية، بهدف احكام السيطرة وتثبيت قبضته داخل حركته التي شهدت تمرد بعض أعضائها عليه.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!