fbpx

أحزاب المعارضة التركية : تحالف الكارهين لإردوغان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لنفترض أن المعارضة فازت على السلطة، فما الذي يمكن أن تفعله بهذا الفوز؟ كيف يمكن الجمع بين تيارات أيديولوجية متنافرة (علمانية – قومية – إسلامية – ليبرالية يمينية)، لا تملك رؤية سياسية مقنعة، لتشكيل حكومة تخلف الحكم المديد لحزب العدالة والتنمية؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ترتفع وتيرة الإثارة في الحياة السياسية التركية، كلما اقترب موعد الانتخابات العامة والرئاسية المحدد في 24 يونيو/ حزيران المقبل.

هناك ائتلافان من الأحزاب السياسية، وحزب خارجهما، وستة مرشحين لمنصب الرئاسة، سيتنافسون على حكم البلاد في السنوات الخمس الآتية.

فقد انضم دوغو بيرنجك، رئيس “حزب الوطن”، إلى قائمة المرشحين للرئاسة، بعدما تمكن من جمع مئة ألف توقيع المطلوبة لتزكية ترشيحه. للرجل، وحزبه، تاريخ سياسي إشكالي جعله على هامش الحياة السياسية، لكنه عالي الصوت، متطرف الأفكار، سواء في مرحلته الشيوعية بنسختها الماوية، حين كان اسم الحزب الذي يقوده “حزب العمال التركي”، أو في مرحلته الوطنية- القومية التي يزايد فيها بتطرفه القومي – الدولتي على “حزب الحركة القومية” بقيادة دولت بهجلي. وفي زمن مضى، كان يدافع عن حق الكرد في تقرير المصير، وكان صديقاً مقرباً من زعيم “حزب العمال الكردستاني” عبد الله أوجلان، حين كان هذا الأخير يدير معسكرات تدريب الكريلا في سهل البقاع اللبناني، قبل إرسالهم إلى تركيا لمحاربة الجيش التركي. في حين أنه اليوم يرفض أي تساهل مع مطالب الكرد، ويطالب بحل “حزب الشعوب الديموقراطي”، كبند أول، وربما الوحيد، في برنامجه الانتخابي.

على ضآلة حزبه الذي يعتبر من بقايا عصر الحرب الباردة، هناك من ينظرون إليه بوصفه ممثل ما يسمى بالدولة العميقة في تركيا، المفترض أنها هي الحاكم الفعلي من وراء ستارة الأحزاب والبرلمان والحكومة. ففي الهيئة القيادية في حزب الوطن عدد من الجنرالات المتقاعدين من الجيش وأجهزة الاستخبارات، ولم تنقطع زيارات وفود من قيادة الحزب إلى دمشق، طوال سنوات الثورة السورية، في مساع لم تتوقف للمصالحة بين نظام بشار الكيماوي والحكومة التركية. كما يحتفظ بيرنجك بعلاقة صداقة متينة مع الكسندر دوغين، القومي الروسي المتطرف المقرب من دوائر الحكم في موسكو.

بيرنجك الذي طالما كان من أشد المعارضين لحكم “حزب العدالة والتنمية” وزعيمه رجب طيب أردوغان، انقلب إلى تأييدهما بقوة، منذ المصالحة التركية- الروسية التي تزامنت مع المحاولة الانقلابية الفاشلة في صيف 2016. ولا مفارقة هنا، إذا أخذنا في الاعتبار أن حكم أردوغان والدولة التركية العميقة أصبحا وجهان للشيء نفسه، بعد التطهيرات الكبيرة التي شهدها الجيش والجهاز البيروقراطي في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة.

قد لا يؤثر دخول بيرنجك السباق الرئاسي على النتائج المحتملة للانتخابات المزدوجة المقبلة، لكنه من المحتمل أن يشوش قليلاً على الصف المعارض، وهذا هو الدور الذي ربما يكون مكلفاً به.

ولكن ما هو الصف المعارض؟ من أي أحزاب يتألف، وما الذي يجمعها معاً؟

يمكن القول، بضمير مرتاح، إن الشيء الوحيد الذي يجمع معارضي الحكم في تركيا هو رغبتهم في التخلص منه. أي أن الأحزاب المعارضة يجمعها فقط برنامج عمل سلبي يتمثل بضرورة التغيير، أو ما يسمى في الحالات المشابهة “تحالف الكارهين”. أما ماذا بعد التغيير؟ فهذا ما لا تملك عليه تلك الأحزاب، منفردةً ومجتمعة، جواباً معقولاً. باستثناء “حزب الشعوب الديموقراطي” الذي همشه “تحالف الكارهين” المعارض، في أي حال. فهذا الحزب الذي يمثل أكثرية أكراد البلاد، ويعتبر الواجهة السياسية السلمية لـ”حزب العمال الكردستاني”، يريد العدالة لجماعة أهلية ثقافية كبيرة لطالما تم تهميشها ومحاربة تعبيراتها السياسية والثقافية، طوال تاريخ الجمهورية التركية، كما قمعت تمرداتها المسلحة بطريقة دموية، وشهدت مدنها وقراها موجات تهجير كبيرة. ويخوض “حزب العمال الكردستاني” حرباً على الجيش التركي، منذ 1984، تخللتها فترات هدوء نسبي أو هدن موقتة، كما انخرط في “عملية سلمية” مع حكومة العدالة والتنمية في مرحلة صعودها، لم تلبث أن انتكست إلى حرب دموية جديدة، صيف عام 2015. ويقبع رئيس “حزب الشعوب الديموقراطي”، صلاح الدين دمرتاش، ونواب آخرون للحزب في البرلمان، في السجن بتهم “دعم الإرهاب” أو “الدعاية للإرهاب”.

 

الأحزاب المعارضة يجمعها فقط برنامج عمل سلبي يتمثل بضرورة التغيير، أو ما يسمى في الحالات المشابهة “تحالف الكارهين”. أما ماذا بعد التغيير؟ فهذا ما لا تملك عليه تلك الأحزاب، منفردةً ومجتمعة، جواباً معقولاً

 

دمرتاش الذي رشحه حزبه للانتخابات الرئاسية المقبلة يملك كاريزما ناعمة تجتذب بعض معارضي الحكم المديد للعدالة والتنمية من خارج الجماعة الكردية، في أوساط يسارية وليبرالية، إضافة إلى شعبيته الكبيرة لدى الأكراد، وقد سبق له أن خاض الانتخابات الرئاسية ضد أردوغان عام 2014، وهو الوحيد بين المرشحين الذي سيكرر هذه المنافسة للمرة الثانية.  

من بين المرشحين الآخرين برز محرم إينجة النائب عن “حزب الشعب الجمهوري” في البرلمان، وقد بدأ حملته الانتخابية بصورة ناجحة إلى حد كبير. وكان لافتاً، بين تصريحاته وتغريداته، تأكيده أنه لا يبحث عن الثأر، ولا يريد أن يخلق “عهداً سابقاً” يحمِّله كل مشكلات البلاد. كذلك أعلن وجوب إطلاق سراح دمرتاش حتى تكون المنافسة عادلة، وقد زار الزعيم الكردي في سجنه وتمنى له التوفيق.

في حين أن زعيمة “لحزب الجيد”، مرال آكشنر، قد أفشلت مشروعاً لترشيح الرئيس السابق عبد الله غل كمرشح مشترك لتحالف المعارضة، كما وقفت بحزم ضد ضم “حزب الشعوب الديموقراطي” إلى التحالف المعارض. وعلى رغم صعود أسهم شعبيتها بصورة ملحوظة، على حساب “حزب الحركة القومية” الذي انشقت عنه، فهي لا تملك رؤية إيجابية قابلة للترويج لمستقبل تركيا، بل يقتصر خطابها على نقد الحكومة وحلفائها.

هناك عدد من السيناريوات المتداولة للنتائج المحتملة للانتخابات، أولها أن يحتاج أقوى المرشحين للرئاسة، أردوغان، إلى خوض جولة ثانية ضد أحد مرشحي المعارضة، ويرجح أن يكون مرشح “الشعب الجمهوري” محرم إينجة. سيحتاج الأخير إلى تضامن كل أحزاب المعارضة معه، بما في ذلك “حزب الشعوب الديموقراطي”، مع مشاركة كثيفة من ناخبي تلك الأحزاب في الجولة الثانية، ليكون له حظ التغلب على أردوغان. في حين أن زعيمة “الحزب الجيد” آكشنر سوف تضمن ألا يصوت الناخب الكردي لمصلحتها. وكذا هي حال زعيم “حزب السعادة الإسلامي” تمل قرامولا أوغلو الذي لن يصوت له التيار العلماني، على رغم خطابه المنفتح وأدائه المقنع والمسؤول.

ويقوم سيناريو الجولتين على تعدد المرشحين من جهة، وارتباك الحكومة أمام تدهور قيمة العملة الوطنية، على رغم كل التدخلات القسرية للمصرف المركزي من جهة ثانية، ما ينذر بأزمة اقتصادية ظهرت ملامحها الأولى، ستؤثر على حياة ملايين الأتراك، إضافة إلى تململ في القاعدة الاجتماعية الصلبة للحزب الحاكم.

وهي عوامل قد يكون أثرها أوضح في الانتخابات النيابية، إذ يتوقع أن ينشأ عنها برلمان تعددي بمشهد مختلف تماماً عن البرلمان الحالي. فأحزاب “ائتلاف الشعب” المعارض ستكون ممثلة كلها في البرلمان، بسبب إسقاط حاجز العشرة في المئة، لأن الائتلاف سيخوض الانتخابات على قائمة موحدة. ليبقى الحاجز المذكور سيفاً مسلطاً على “حزب الشعوب الديموقراطي” وحده، لأنه سيخوض الانتخابات النيابية على قوائمه الخاصة. لكن الحزب يبدو واثقاً من نجاحه في تجاوز الحاجز المذكور، لمراهنته على أصوات الكتلة الكردية التي كانت تصوت عادةً لمصلحة “العدالة والتنمية”، وذلك بعدما دمرت حرب الجيش على المناطق الكردية، صيف عام 2015، حياة مئات الآلاف منهم. أضف إلى ذلك أن “حزب الشعب الجمهوري” يقلقه كابوس فوز الحزب الحاكم بستين أو سبعين مقعداً هي حصة “حزب الشعوب الديموقراطي”، في حال فشل الأخير في تجاوز الحاجز. وهو ما يمكن أن يدفع “الحزب العلماني” إلى توجيه قسم من ناخبيه في بعض الدوائر الانتخابية للتصويت لمرشحي الحزب الكردي، من غير أن يكون هناك تحالف انتخابي معلن بين الحزبين.

في حال تحقق هذا السيناريو، بدخول جميع الأحزاب السياسية إلى مجلس النواب، سيخسر الحزب الحاكم غالبيته المطلقة، وسيكون على أردوغان – إذا فاز في الانتخابات الرئاسية – أن يتعايش مع برلمان غير مطواع، أو يعلن حله ويحدد موعداً لإعادة الانتخابات. وفي هذه الحالة سيكون عليه خوض الانتخابات الرئاسية مرة أخرى، في ظروف ربما تكون أقل ملاءمة من الظروف الحالية.

صحيح أن الحكومة والرئيس يملكان الأفضلية في كل شيء، من تحديد موعد انتخابات قريب جداً، إلى تجيير إمكانات الدولة ومواردها للحملة الانتخابية، والسيطرة على 90 في المئة من الإعلام، والتضييق على الأحزاب المعارضة، وخوض الانتخابات في ظل حال الطوارئ… لكنها، مع ذلك الانتخابات الأصعب في تاريخ الحزب والرئيس. ويلاحظ ارتباكهما أمام حملات المعارضة. من ذلك مثلاً أن أردوغان قال في أحد تصريحاته: إذا قال لنا الشعب يكفي (tamam) فسوف ننسحب جانباً. على الفور تحولت تلك الكلمة إلى شعار (وهاشتاغ على تويتر) لاقى صدى اجتماعياً واسعاً.

ولكن يبقى السؤال، بعد كل هذا: لنفترض أن المعارضة فازت على السلطة، فما الذي يمكن أن تفعله بهذا الفوز؟ كيف يمكن الجمع بين تيارات أيديولوجية متنافرة (علمانية – قومية – إسلامية – ليبرالية يمينية)، لا تملك رؤية سياسية مقنعة، لتشكيل حكومة تخلف الحكم المديد لحزب العدالة والتنمية؟

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.