fbpx

“كورونا اسرائيل” : عائلة أطباء عربيّة في الخطوط الأماميّة لمواجهة الوباء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل ستكون هذه الأزمة نقطة تحوّل في مساعي التغيير الجذريّ لتحقيق المساواة المدنيّة والاقتصاديّة الكاملة للمجتمع العربيّ في إسرائيل؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تبدأ أيّام الدكتور رياض مَجادلة، قبل شروق الشمس وتمتدّ إلى 20 ساعة. يستيقظ في الساعة الخامسة صباحاً في منزله في مدينة باقة الغربيّة العربيّة التي تقع وسط إسرائيل، وسرعان ما يقود سيّارته جنوباً إلى مستشفى هاشارون على بعد 50 كيلومتراً (30 ميلاً)، إذ يشغل منصب مدير القسم الخاص بفيروس كورونا في المستشفى الوحيد المُخصص لاستقبال الحالات المصابة بالفايروس، في البلاد.

قبل القيام بجولاته التفقّديّة على المرضى، وكما هو الحال مع الطاقم الطبّيّ الذي يُشرف عليه، يرتدي مَجادلة البالغ من العمر 63 سنة -وهو طبيب باطنيّ متمرِّس، ترأس سابقاً قسم الطوارئ في مستشفى هاشارون قبل ظهور فايروس “كورونا”- معدات الوقاية الشخصيّة التي تُغطّي الجسم بالكامل من الرأس إلى أخمص القدمين بغطاء أبيض، إضافة إلى كمامة، وقناع بلاستيكيّ لحماية الوجه. توضع الحالات الأكثر خطورة على أجهزة التنفس الاصطناعيّ في وحدة العناية المركزة في المستشفى، في حين تخضع الحالات الخطيرة والمتوسطة الخطورة للعلاج في غرف منفصلة، وجميعها تحت إشرافه. تُشكل مخالطة أيّ مريض إيجابيّ بمرض كوفيد-19 خطراً على صحّة مَجادلة وزملائه من العاملين في قطاع الرعاية الصحّيّة.

عندما تنتهي مناوبته في الرابعة مساءً في مستشفى هاشارون -التي تُعدّ جزءاً من مركز رابين الطبّيّ، الواقع في مدينة بتاح تكفا، ويضم أيضاً مستشفى بيلينسون- ويستعد للمغادرة، يصل ابنه الثاني عامر مَجادلة (29 سنة)، ليبدأ مناوبته التي تستمر لمدة 16 ساعة في المستشفى ويرتدي معدات الوقاية الشخصيّة. جاء دور عامر لكي يقوم بمراقبة المرضى وفحص مُخطّطات القلب وتحاليل فحوصات الدم الخاصة بهم.

في هذه الأثناء، في مرافق طبّيّة أخرى وسط وشمال إسرائيل، يعمل عُمر مَجادلة (31 سنة، الابن الأكبر لرياض) وزوجته نادين أشقر مَجادلة (28 سنة) وقدري مواسي (37 سنة، وهو صهر رياض، زوج ابنته أرين)، وجميعهم أطباء، على علاج مرضى كوفيد-19. 

عائلة المجادلة

كلهم جزء من عائلة عربيّة واحدة مكونة من خمسة أطباء يحاربون في المعركة المشتركة التي تخوضها البلاد ضد فايروس “كورونا”.

بالنسبة إلى عمر ونادين، فمن أصعب اللحظات في يومهما هي عندما يعودان إلى منزلهما في مدينة باقة الغربيّة بعد العمل ولا يستطيعان احتضان ابنتهما رسيل البالغة من العمر سنتين ونصف. فالفتاة الصغيرة ذات ضفائر الشعر البنّيّة تُسرع نحو أيّ شخص منهما وصل لتوّه إلى المنزل من المستشفى أو العيادة. في حين يحرص أحد الوالدين الذي وصل بالفعل إلى المنزل من قبل على إمساكها من الخلف من ذراعيها. إذ لا يجرؤ أحد منهما على ملامستها قبل أنْ يستحمَّ ويغيِّر ملابسه، خشيةَ أنْ يكون حاملاً لفايروس “كورونا” على ملابسه الطبّيّة أو شعره وجلده.

تُعبر رسيل عن سخطها قائلةً، “أكره كورونا. وأريد أنْ أتخلَّص منه”. أحياناً تحمل دميتها الدب إلى أبويها، وتوضح لهما أنها لا تقبّلها “بسبب كورونا”.

“وقت عصيب”

بحلول الخامسة مساءً، يعود رياض مَجادلة إلى مدينة باقة الغربيّة، بالقرب من حيفا، حيث يعالج المرضى في عيادة الصحّة العامة التي يديرها إلى أنْ تُغلق في الساعة 8:30 مساءً. وخوفاً من خطر التعرض لمرض كوفيد-19 المُحدِق هناك أيضاً، ينصح المرضى هذه الأيّام بالتشاور معه عبر الهاتف، بدلاً من الحضور، قدر الإمكان. 

أخيراً وبعد عودته إلى المنزل، لم ينته بعد يوم مَجادلة الذي يُساعد فيه المرضى خلال فترة هذا الوباء التاريخيّ. إذ يمضي الساعات الثلاث التالية، حتى منتصف الليل تقريباً، في الإجابة على أسئلة المواطنين العرب الذين أرسلوا إليه عبر الهاتف أو الرسائل النصّيّة أو على صفحته الخاصة على فيسبوك. يُمكن أنْ يصل عدد الاستفسارات إلى 300 سؤال في الليلة على حدِّ قوله. ولا يشمل ذلك البثّ الحيّ الذي يقدِّمه في المساء على “فايسبوك”، أحياناً للأطبّاء العرب وأوقات أخرى لسكّان مدن عربيّة محدَّدة.

يقول مَجادلة في مقابلة هاتفية من مكتبه في مستشفى هاشارون مع صحيفة “هآرتس” الإسرائيليّة، “أنا لا آكل بشكل جيد، فقط أتناول وجبات خفيفة. إنه وقت عصيب، ولكن يتعيَّن علينا تجاوزه والعمل سويّاً. إذا لم نقم نحن بدورنا ونساعد في قيادة الجهود خلال هذا الصراع، فمن الذي قد يفعل ذلك؟”. 

حين يقول “نحن” ربما يشير إلى زملائه من العاملين في قطاع الرعاية الصحّيّة، ولكن في حالته، من بين هؤلاء الزملاء أيضاً، أولاده الأربعة وأزواجهم. إضافة إلى أنَّ زوجته فدوى، التي تعمل سكرتيرة طبّيّة معه في العيادة، هي أيضاً جزء من هذه المعركة المشتركة، وابنته أرين مَجادلة مواسي، وهي اختصاصيّة اجتماعيّة تعمل حالياً على مساعدة الأشخاص الذين تأثروا بالواقع الاقتصاديّ المروِّع الجديد في الحصول على المساعدات الماليّة والدعم النفسيّ. 

تفتخر عائلة رياض وفدوى مَجادلة بأنها تضم خمسة أطباء (باستثناء ابنهما الأصغر عروة، الذي ما زال يدرس في كلّيّة طبّ الأسنان)، وهم من بين العدد المتزايد من المواطنين العرب الذين يعملون في المؤسّسة الطبّيّة في البلاد. يُشكل العرب ما يقرب من 20 في المئة من تعداد السكّان في إسرائيل، ويمثلون تقريباً خمس عدد الأطباء في البلاد. إذ تصل نسبة عرب 48 في قطاع التمريض الإسرائيليّ قرابة الربع 24 في المئة و48 في المئة من عدد الصيادلة في البلاد، بحسب البيانات الحكوميّة.

 يُنظر إلى ممارسة مهنة الطبّ باعتبارها سبيلاً إلى الاستقرار الماليّ والمكانة الاجتماعيّة في بلد يمكن أنْ يكون الإقدام فيه على العمل في مجالات أخرى، لا سيما قطاعات التكنولوجيا المتطورة، أكثر صعوبة على المواطنين العرب

فضلاً عن أنّ الحصول على وظائف رفيعة المستوى في القطاع الخاص لا يحدُث غالباً إلا من خلال العلاقات الشخصيّة بين اليهود الإسرائيليّين، ويبدو ذلك أسهل بسبب الخدمة معاً في الجيش.

في أعقاب إجراء 3 انتخابات وطنيّة في غضون عام واحد على نحو غير مسبوق -والتي أظهرت ما يقول النقاد أنها مستويات غير مسبوقة من التحريض ضد المواطنين العرب في إسرائيل من قبل السياسيّين اليمينيّين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو- يلعب المواطنون العرب، مثل أفراد عائلة رياض مَجادلة، دوراً رئيسيّاً في إنقاذ الأرواح خلال جائحة “كورونا”.

يقول مَجادلة، “نعمل سويّاً في المستشفيات، اليهود والعرب جنباً إلى جنب، لا يميز الفايروس بين الناس”، مُضيفاً أنّ ذلك “يؤثر فينا جميعاً، الرجال والنساء والشباب والشيوخ واليهود والعرب. فنحن جميعاً في هذه المحنة معناً”.

 سؤال يلوح في الأفق

بَينما تتّخذ إسرائيل أولى خطواتها لتخفيف القيود بعد الإغلاق شبه الكامل على مدار الأسابيع الستّة الماضية، يلوح سؤالٌ في الأفق: هل ستكون هذه الأزمة نقطة تحوّل في مساعي التغيير الجذريّ لتحقيق المساواة المدنيّة والاقتصاديّة الكاملة للمجتمع العربيّ في إسرائيل؟ هل سيترك المثال الذي ضُرِب في تلك اللحظة المهولة في مستشفيات البلاد، حيث كانت غالبيّة الطاقم الطبّيّ في بعض الحالات من العرب، أثراً على الحياة خارج نطاق المستشفيات؟

إنّ فوزَ “القائمة المشتركة” -وهي تحالُف أحزاب عربيّة داخل الخطّ الأخضر- بخمسة عشر مقعداً في الكنيست في انتخابات مارس/آذار، بما يجعلها ثالث أكبر أحزاب البرلمان، أحيا آمالاً في أوساط كثيرٍ من الناخبين، وخصوصاً في المجتمع العربيّ، بأنّهم قد يصبحون جزءاً من الحكومة الائتلافيّة المقبلة. غير أنّ “حزب الليكود” بقيادة نتانياهو سخر من ذلك الطرح، وقال إنّ هذا يتساوَى مع إشراك الإرهابيّين في الحكومة.

يقول رياض مَجادلة إنّه سَئِم هذا الحديث، سائلاً “إذا كنتُ يُنظَر إليّ على أنّني مواطن من الدرجة الثانية، فكيف أصبحتُ رئيس قسم مواجهة فايروس كورونا في المستشفى الذي أعمل فيه؟ من المؤلم مشاهدة تلك الافتراءات؛ فنحن نرى أنفسنا جزءاً لا يتجزّأ من هذا البلد، ونطالِب بالمساواة الكاملة”.

يُشير مَجادلة هنا إلى قانون الدولة القوميّة الإسرائيليّ باعتباره شائناً تماماً في عيون مجتمعه العربيّ. فقد أعلَن هذا القانون الصادر عام 2018 أنّ إسرائيل هي أوّلاً وقبل كلّ شيء دولة يهوديّة، وخفّض من مرتبة اللغة العربيّة وجعلها في مرتبة ثانويّة باعتبارِها لغة وطنيّة، لا لغة رسميّة.

 “لن يكون العالم بعد كورونا كما كان قبله. ربّما سيستيقظ الناس، لأنّ التعامل بعنصريّة قد أنهكنا كثيراً في الكثير من المراحل الحاسمة في حياتنا”

حين التقينا كان مَجادلة قد أنهى لتوّه مقابلة مع المحطّة العربيّة في “راديو إسرائيل”، حيث يعطي تقارير حديثة مرّة كلَّ يومين عن أزمة فايروس “كورونا”. وظهرَ أيضاً مّرات عدة على محطّات تبثّ باللغة العربيّة (يقول إنّه إلى اليوم لم يتلقَّ سوى دعوة واحدة للحديث في وسيلة إعلاميّة ناطقة باللغة العبريّة، وانتهى الأمر بأنْ ظلَّ في الانتظار مدّة نصف ساعة، ثمّ نفد وقت المذيع ولم يبقَ هناك وقت للحديث معه). 

يقول أيضاً إنّ وزارة الصحّة الإسرائيليّة كانت بطيئة في ترجمة إرشادات التباعُد الجسماني والمعلومات حول فيروس كورونا إلى اللغة العربيّة. ينتمي جزء صغير فقط من الحالات المُصابة بفيروس كورونا في إسرائيل إلى المجتمع العربيّ، مع أنّ معدّلات العدوى عالية في بعض المناطق، ومن بينها جسر الزرقاء ودير الأسد التي تأتي في المرتبة الرابعة من حيث عدد الإصابات بالفايروس بالنسبة إلى عدد السكّان. إضافةً إلى هذا، تُشير تقارير إلى أنّ فرَص الفحص في المجتمع العربيّ أقلّ من غيره، ولذا يصعب الوصول إلى البيانات الدقيقة.

هناك أيضاً مخاوف في أوساط مسؤولي الصحّة من ازدياد أعداد الحالات، وخصوصاً خلال شهر رمضان لدى عرب 48، وهو في التقاليد الإسلاميّة شهرٌ للتجمّعات العائليّة. وفي مساء الأحد 19 نيسان/ أبريل، عند الإعلان عن تخفيف بعض القيود، بعثَ المدير العام في وزارة الصحّة الإسرائيليّة موشيه بار سيمان توف رسالةً مباشرة إلى المسلمين في إسرائيل طالباً منهم بالعبريّة عدمَ عقد تجمّعات كبيرة خلال شهر رمضان. 

الأجداد والآباء والأحفاد

حين نشأ رياض مَجادلة في مدينة باقة الغربيّة، وهو أكبر إخوته السبعة، لم يكن هناك خيار التسجيل في فرع الرياضيّات والعلوم في المرحلة الثانويّة؛ ولذا سجّله والده -الذي كان ناظر إحدى مدارس قريته- في مدرسة يهوديّة في بلدة الخضيرة المجاورة، فكان الطالب العربيّ الوحيد فيها. انتهى به المطاف وهو يدرس أحدَ تخصّصات الثانويّة العامّة في التلمود وآخرَ في التوراة. وكما يتذكّر، عند سنّ الخامسة عشرة بدأ انبهاره وافتتانه بعلم الأحياء، وقضى وقتَ فراغه في عيادة محلّيّة حيث كان الممرّضون والممرّضات يتفاعلون مع أسئلته بصبر. حينها أدرك أنّه يريد أنْ يكون طبيباً، فأكمل دراسته في كلّيّة الطبّ بجامعة تلّ أبيب، حيث يعمل اليوم أستاذاً مشاركاً. 

أمّا عمر مَجادلة، ابنه الأكبر، فهو طبيب مقيم في قسم الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى عساف هاروفيه في منطقة تسريفين. وكأخيه الأصغر عامر، قرّر أيضاً أنْ يكون طبيباً، بعدما أمضيا الكثير من وقت طفولتهما وهما يرافقان أباهما إلى المستشفى وعيادته.

وفي مستشفى عساف هاروفيه هذه الأيّام، وُجِّه جميع الأطباء لعلاج مرضى “كورونا”. يقسِّم عمر وقتَه بين غرفة الطوارئ، حيث يساعد في فحص المرضى المحتمَل إصابتهم بفايروس كورونا المستجدّ، وبين القسم الذي يعمل فيه حيث أصبح الفحص الروتينيّ للمرضى فجأة مصدراً آخر للتعرض للعدوى بالفايروس.

يقول عمر واصفاً نفسه وزملاءه: “بالتأكيد جميعنا خائفون من الإصابة بالفايروس”. ويضيف في المقابلة التي تمَّت عبر الهاتف: “أصعب ما في الأمر هو العودة إلى المنزل بعد مناوبة دامت 26-27 ساعة، لأرى ابنتي ذات العامين ونصف العام تهرع إليَّ لتعانقني بمجرد دخولي من باب المنزل كما اعتادت، لكنني لا أستطيع معانقتها. أطلب من زوجتي أنْ تأخذها بعيداً وأطلب منها أنْ تعود للوراء لكن كلّ ما تريده هو أنْ تأتي إليَّ”.

 مساعدة الحوامل

كانت نادين، زوجة عمر، على وشك بدء الإقامة الطبّيّة في قسم النساء والتوليد عندما بدأ تفشّي “كورونا”. تقول إنها وزوجها وَجدَا نفسَيهما في وضع يستحيل معه العناية بطفل؛ إذ حُدِّدت لهما مواعيد العمل ذاتها، ولم يعُدْ بوسعهما الاعتماد على الوالدين أو غيرهما من أفراد الأسرة الكبيرة خوفاً على صحّة ذويهما من الاختلاط بهما. 

تبكي ابنتهما رسيل عندما يغادر أحدهما متوجِّهاً إلى العمل. تقول نادين: “عندما نعود إلى المنزل يكون الإجهاد قد أخذ منّا مأخذه، جسديّاً وعاطفيّاً، لذا تعاني رسيل من أثر هذا الوقت الصعب أيضاً”. 

وفي نفس الوقت، تقدِّم نادين استشارات طبّيّة للنساء في عيادة حَمِيها في مدينة باقة الغربيّة، وتعمل أيضاً في بعض المناوبات في مستشفى بمدينة نهاريا. وقد حوَّلت نادين حسابها على “إنستاغرام” إلى مركز لتبادل المعلومات الصحّيّة المتعلقة بفايروس “كورونا” المستجدّ باللغة العربيّة. 

تقول نادين: “تتواصل النساء معي عبر الهاتف وعلى وسائل التواصل الاجتماعيّ. لدى النساء- لا سِيَّما الحوامل- الكثير من الأسئلة، ولا توجد إرشادات كافية باللغة العربيّة؛ لذا أحاول أنْ أقدِّم لهن إجابات”، بخاصّة عن المخاطر المحتملة لفايروس “كورونا” المستجدّ بالنسبة إلى المرأة والجنين.

وتضيف نادين أنّ المعلومات عن أثر الفايروس محدودة، لأنّه ما زال جديداً؛ ولكن وفقاً للدراسات السابقة على الفايروسات الشبيهة (فايروس المتلازمة التنفسيّة الحادّة الوخيمة، سارس، وفايروس المتلازمة التنفسيّة الشرق أوسطيّة، ميرس)، فإنّ النساء الحوامل أكثر عرضةً للإصابة بفايروس “كورونا” من غيرهنّ من النساء، إضافةً إلى أنّ الفايروس لا يمرّ عبر المشيمة، ومن ثَمَّ لا خطر على الجنين أثناء وجوده في الرحم.

تتحدَّث نادين عن عملها في العيادة والمستشفى قائلة: “اللغة ومراعاة الثقافة هما مفتاح العمل مع النساء العرب، ويسرّني أنْ أقدِّم لهنّ المساعدة”.

وعلى غرار نادين، يلعب قدري مواسي -نسيب نادين، والمتزوّج من أرين مَجادلة، الاختصاصيّة الاجتماعيّة- أيضاً دوراً محوريّاً في حملة المعلومات الصحّيّة الموجَّهة للقطاع العربيّ. يعمل قدري طبيبَ أطفالٍ في عيادتين، إضافة إلى عمله التطوّعيّ في لجنة جديدة في باقة الغربيّة، حيث كُلِّف بإطلاع السكّان المحلّيّين على المستجدّات وتقديم المعلومات المتعلقة بفايروس “كورونا” المستجدّ باللغة العربيّة. يُعطي قدري المرضى رقمَ هاتفه المحمول، ويطلب منهم الاتّصال به في أيّ وقت في حالة وجود مشكلة أو في حال كان لديهم استفسار.

وراهناً، أجرى فحصاً لمرض كوفيد-19 لثلاث نساء شابّات في باقة الغربيّة وكانت نتيجتهنّ جميعاً إيجابيّة، وتدهورت حالة إحداهن وتطلّبت الرعاية في المستشفى.

يقول مواسي وهو من باقة الغربيّة أيضاً: “إنه شعور جيّد أنْ تكون جزءاً من هذه المواجهة، وأنْ تستمرّ في ذلك؛ لأنّنا لا نعرف متى سينتهي ذلك. لكنه أمر مُجهِد أيضاً، ويصبح أصعب عندما لا أتمكّن من رؤية والديّ وأصهاري. نخالط أنا وزوجتي الكثير من الناس وربّما -لا قدَّر الله- ننقل العدوى لأقاربنا؛ فأسرتنا أكثر عرضةً للخطر، نظراً لوجود عدد كبير من الأطباء فيها”.

“عالم مختلف”

يشكِّل الفرق بين الحياة اليوميّة لهذه الأسرة، الحافلة بالتعامل مع المرضى والزملاء اليهود من العاملين في القطاع الصحّيّ، وبين الخطاب السياسيّ لبعض اليمينيّين تناقضاً صادماً. 

تقول نادين: “نسمع في الأخبار هذه الأيّام تعليقات تقول إنّ ’العرب لا ينتمون إلى هذه الحكومة‘، لكنّ المستشفى عالَم آخر تنتفي فيه العنصريّة، وهو الأمر الذي يثلج صدري حقاً؛ لأننا كلنا هنا معاً عرباً ويهوداً. أتمنّى أنْ تعاملنا الحكومة كشعب واحد. نحن على خطوط المواجهة نقدِّم الرعاية ذاتها للمرضى من دون تمييز، ونتوقع أنْ نُعامَل كذلك في المجتمع ومن قِبَل الحكومة. نريد المساواة والوحدة، لا في وقت الشدة فقط، بل في وقت الرخاء أيضاً. نرجو ألا نضطرّ إلى المطالبة بحقوقنا ألف مرّة، نريد ألّا يُنظَر إلينا كموضع للشكّ. نريد ألّا ينسى الناس أنّ العرب العاملين في القطاع الصحّيّ كانوا هنا يقاتلون ضدّ هذا العدو الخفيّ (فايروس كورونا)”.

 يتّفق مواسي مع ذلك قائلاً: “لن يكون العالم بعد كورونا كما كان قبله. ربّما سيستيقظ الناس، لأنّ التعامل بعنصريّة قد أنهكنا كثيراً في الكثير من المراحل الحاسمة في حياتنا. وفي ظلّ وجود كورونا، تحوّلنا إلى جنود في معركة. نحن لا نطلب شكراً، لأنّ هذا عملنا”.

أما عامر مَجادلة فلا يعوِّل كثيراً على حدوث تغيير كبير في وقت قريب، بخاصة في الصفوف السياسيّة العليا. “لكن ربما سيحدث تغيير ما. أتمنّى حقّاً أنْ يحدث ذلك”.

هذا المقال مترجم عن haaretz.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط هنا.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!