fbpx

مقتدى الصدر: شاعر فاشل ورجل دين متطرف

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“جرة الأذن” تعبير كان أطلقه الزعيم العراقي مقتدى الصدر مهدداً معارضيه، وفعلاً بدأ مناصروه يمارسون عنفاً مباشراً وعلنياً ضد منتقديه…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
شاب تعرض لتعنيف واهانة من مناصري الصدر

معصوب العينين يلوح بيده لمجموعة من الأشخاص لا يظهرون في صوره التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. 

كان الشاب يحاول ربما يحاول امتصاص غضب الخاطفين غير المجهولين، من أجل النجاة، فهذا الشاب الذي لم يبلغ العشرين سنة بعد انتقد علناً الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. على الفور توجهت إليه مجموعة من أتباع الصدر لمعاقبته والتشهير به، من خلال تصويره وبث الصور على شبكة الانترنت لإشاعة الخوف في المجتمع العراقي الناقم على تصرفات الزعيم وأنصاره.

أربع صور للشاب الضحية، بإمكانها اختصار ما يتعرض له كل من يجرؤ على انتقاد الصدر وتياره العنيف في العراق، صورة له وهو معصوب العينين وهو يتوسل الخاطفين بالنجاة، وصورتان يظهر فيهما نصف عارٍ، وصورة تظهر يداً تمتدُّ لجرِ أذنه تنفيذاً لتوجيهات مقتدى الصدر لأتباعه بمعاقبة كل من يسيء إلى التيار الصدري أو آل الصدر أو ينتقد أياً منهما.

و”جرة الأذن” مصطلح تبناه مقتدى الصدر بنفسه، واعترف به عندما هاجمت ميليشيات “القبعات الزرق” التابعة له ساحات اعتصام المتظاهرين في العراق وبخاصة ساحة التحرير في بغداد وساحة اعتصام مدينة النجف، التي سقط فيها 7 قتلى على الأقل وأكثر من 100 مصاب، وذلك في مطلع شباط/ فبراير 2020، عندما كان مقتدى الصدر في إيران وانقلب على المتظاهرين، وأمر أنصاره بالانسحاب من التظاهرات الشعبية والخروج في تظاهرة مليونية مع الميليشيات الولائية (الموالية لإيران) ضد الوجود الأميركي في العراق.

وليست الحادثة السابقة معزولة، فهناك شاب آخر هو عبد حكمت وقد ظهر في تسجيل مصور آخر، يقف تحت لافتة كبيرة تحمل صورة مقتدى الصدر ووالده وإخوته وكتب عليها بخط كبير: “آل الصدر الهداة الكرام”، وبتوسل وتذلل يتحدث إلى اللافتة طالباً المغفرة من آل الصدر الكرام على ما بدر منه من انتقاد لهم ولمليشيا جيش المهدي وسرايا السلام، ومثلما جرت عادة أنصار الصدر، يقفون خلف كاميراتهم لتصويره.

قبل أن يسلم هذا الشاب نفسه الى جلاديه، ينقل لنا شريط الفيديو مشاهد عدد من أتباع الصدر بأزياء وأقنعة سود، أو كما تعرف عند العراقيين “الكليتات”، يهاجمون منزل الشاب عبد حكمت، حاملين الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ويتوعدونه بالقصاص.

لم يكن عبد حكمت في المنزل حينها، والمهاجمون توعدوه في حال القبض عليه بأن يجعلوا منه “تشريب” أي أن يقتلوه ويقطعوه ويطبخوه، وهذا التهديد موثق في تسجيل مصور بثه هؤلاء للتباهي بولائهم لزعيمهم.

في ما بعد سلم حكمت نفسه الى الجماعة، وقدم اعتذاره أمام الكاميرا وطلب المغفرة من الصدر وأتباعه، ومن ثم اقتادوه إلى السيارة ووضعوه في مؤخرتها، من أجل إذلاله ومعاقبته.

https://www.youtube.com/watch?v=AWMx5nWeX8U

في العاصمة العراقية بغداد لا يقلُّ الأمر سوءاً عن البصرة، فمن ينتقد الصدر وأتباعه سينال نصيبه من العقاب والإذلال، وهذه المرة العائلة هي التي تتكفل بذلك، الأب والإخوة وأبناء العمومة يمسكون بالابن (الذي انتقد الصدر) يحلقون رأسه ويشتمونه ويطلبون المغفرة من مقتدى الصدر على ما بدر من ابنهم من إساءة ونقد لمقتدى الصدر، ويذهب الأب أكثر من ذلك عندما يعلن براءته الخطية من ولده، وتقديمه قرباناً للسيد (مقتدى الصدر) وفداءً لسرايا السلام وجيش المهدي.

القاضي العراقي ورئيس هيئة النزاهة السابق رحيم العكيلي كتب عن هذه الحادثة بالتحديد باعتبارها مأزقاً تعاني منه العائلة إذا لم يثبتوا حسن نياتهم بمعاقبة ابنهم، فهم خائفون على حياته وخائفون على أنفسهم، لذا أذلوه علناً طلباً للأمان والسلام له ولهم.

يقول العكيلي إن الخطيئة الأكبر هي فقدان الناس أمانهم وسلامتهم، وإن أخطر ما يفقده المجتمع هو الطمأنينة والسلام الذي لا يمكن إيجاده إلا من خلال أدوات قانونية قوية ومخلصة، وهذه لا وجود لها في العراق.

https://www.youtube.com/watch?v=k-hWcgUUgg8

أثارت الحوادث الثلاث الجدل في العراق، وتصدرت قضايا الرأي العام في البلد المزدحم بالقضايا والمصائب والعصائب والسرايا والفساد والمحاصصة الطائفية والقتل والفقر والنزاعات العشائرية والدينية.

لم تكن هذه الحوادث هي الأولى من نوعها، فخلال السنوات الماضية (منذ 2003)، لم تغب عن المشهد العراقي تجاوزات التيار الصدري ولا زعيمه مقتدى الصدر، الذي ظهر في إحدى المرات وهو يقف على رؤوس مجموعة من المواطنين اعتقلهم جيش المهدي بتهمة الإساءة إلى آل الصدر، ومما قاله حينها، إنه يغفر كل الخطايا إلا الإساءة لعائلته، وهذا كلّه حدث ويحدث في العراق الذي تسيطر عليه ميليشيات وعشائر وأحزاب.

تأثير السلطة

يقول عالم اللغويات والفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي إن الناس الأغبياء لديهم سلطة وتأثير، إنهم فاعلون، ويستطيعون تنفيذ الأفعال التي تعيق الجهود الممكنة لمكافحة الجرائم والفساد، ويفعلون ذلك لأنهم موجهون من قبل سلطة أعلى، وتكمن خطورة الأغبياء في أنهم كثيرون وفي كل مكان.

في الحالة العراقية يمكن أن يكون هذا الرأي تعريفاً مناسباً للجماعات والميليشيات العقائدية التي تتبع قائداً أعلى (دينياً) والمثال الأكثر وضوحاً في هذه الحالية العراقية، هو المثال “الصدري” أو ما يعرف بالتيار الصدري، أو أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يحرك أنصاره بتغريدة على “تويتر”، فينزلون إلى الشارع في جموع مليونية أو على هيئة ميليشيات مسلحة (القبعات الزرق وسرايا السلام وجيش المهدي) ناشرين الرعب والقتل والخوف.

التلويح بالحرب الطائفية

بعد عودته من إيران، هرباً من فايروس “كورونا”، ظهر مقتدى الصدر أواخر شباط 2020 في لقاء تلفزيوني على قناة الشرقية العراقية، تحدث فيه عن وجوده في إيران والتظاهرات وأزمة تشكيل الحكومة، لكنه وكعادته في كل مرة، استغل المنبر للحديث عن جيش المهدي، وتوعد “السنّة” بإعادة تفعيل جيش المهدي الذي جمَّده وسلم سلاحه للجيش الأميركي عام 2008.

وجيش المهدي الذي أسسه مقتدى الصدر أواخر عام 2003 متهم بارتكاب جرائم طائفية بحق المواطنين السنة في بغداد، بخاصة في فترة الحرب الطائفية عام 2006، عندما كان القتل على الهوية، وكانت ميليشيات جيش المهدي تشيع الخوف والموت في أحياء بغداد، وقادتها من عرابي الموت، وواحد منهم المعروف بـ “أبو درع”، كان يقود فرق الموت ويقيم حواجز وهمية في الشوارع ويختطف المواطنين على الهوية ويصفّيهم مباشرة.

مقتدى الصدر متهم أيضاً بسلسلة طويلة من الارتكابات والجرائم، إذ يعتقد أنه متورط بقتل عبد المجيد الخوئي نجل المرجع الشيعي الأعلى أبو القاسم الخوئي، وقد حدث ذلك في نيسان/ أبريل 2003 عندما عاد الخوئي إلى العراق بعد سقوط بغداد وذهب إلى النجف، وبحسب الروايات المتواترة وأبرزها رواية المعماري والأكاديمي العراقي كنعان مكية، فإن الصدر أمر بقتل عبد المجيد الخوئي بشكل مباشر، وقال لأنصاره: “خذوا هذا الكلب وتخلصوا منه”، فأخذوه وطعنوه حتى الموت في مرقد علي بن أبي طالب في مدينة النجف، وكان ذلك في العاشر من نيسان 2003، أي بعد يوم واحد من احتلال العراق.

في آب/ أغسطس من العام نفسه صدرت مذكرة إلقاء قبض على مقتدى الصدر بتهمة قتل عبد المجيد الخوئي، لكنّ سلطة الائتلاف الدولي الموقتة في العراق والتي كان يديرها بول بريمر لم تنفذ ما جاء في المذكرة، لأسباب سياسية وخشيةً من غضب أنصار الصدر.

راكب الأمواج

مقتدى الصدر من مواليد مدينة النجف 1973 وهو الابن الرابع للزعيم الشيعي والمرجع الديني الشهير محمد محمد صادق الصدر، الذي قُتل عام 1999 في النجف، بحادث يعتقد أنه من تدبير نظام “حزب البعث”، وقُتل في الحادث أيضاً مؤمل ومصطفى.

بعد مقتل عبد المجيد الخوئي برز اسم مقتدى الصدر وصار يتردد في الأوساط العراقية وأصبح للزعيم الشيعي الشاب حينها رأي في السياسة والأحداث، تسنده بذلك القاعدة الشعبية الكبيرة التي تقلده وتدين له بالولاء اقتداءً بوالده محمد محمد صادق الصدر، الذي أنشأ قاعدة جماهيرية واسعة بخاصة في بغداد، حيث تعد مدينة الصدر واحدة من أكبر المدن العراقية التي تقلد الصدر وتسير على نهجه في الحرب والسلم.

عُرف مقتدى الصدر بمواقفه المتقلبة دائماً، فهو تارةً يؤيد حكومة أو حزباً أو سياسياً عراقياً، وطوراً ينقلب على ما آمن به أو أيده، حتى صار يعرف في العراق بـ”راكب الموجة”، أو راكب الأمواج الذي يستغل كل موجة عالية لركوبها، بدءاً من التحالفات السياسية وتشكيل الحكومات المتعاقبة مروراً بالتظاهرات التي يدعو إليها ثم يقرر إنهاءها فجأة.

عام 2004 كان من أكثر المعارضين لحكومة إياد علاوي باعتبارها حكومة غير شرعية، ثم كان من المؤيدين لحكومة نوري المالكي وسرعان ما انقلب عليه وصارا خصمين لدودين، وفي الوقت الذي يحرِّم فيه الغناء وكرة القدم يذهب للتحالف مع الشيوعيين، هذا إضافة إلى اعتزاله المتكرر للعملية السياسية، ثم العودة من جديد إلى التدخل في اختيار رئيس الوزراء وكابيته الوزارية.

عام 2018 فازت كتلة “سائرون” التابعة للتيار الصدري بالانتخابات العراقية، وحصلت على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان العراقي، وفي الوقت الذي كان فيه خصماً للميليشيات والأحزاب الموالية لإيران، ذهب للتحالف معها من أجل تشكيل الحكومة، وزكى عادل عبد المهدي لتشكيل الوزارة وأعطاه مهلة 100 يوم، لتحسين الواقع الحياتي في البلاد والشروع في محاربة الفساد، لكنَّ مئات الأيام مرت ولم يفعل الصدر شيئاً.

شاعر فاشل

ليست السياسة فقط هي التي لم يتقنها مقتدى الصدر، بل الشعر أيضاً، على رغم محاولاته وجرأته على قراءة ما يكتبه أمام الكاميرات. ففي لقاء قديم معه يقرأ قصيدة يسميها “العراق”، يتحدث فيها عن الوطن ومعاناته والصراعات السياسية والحرب الطائفية بين الإخوة (هو أحد عرابيها)، ما يثير الدهشة ليست تناقضاته في موضوع ما يسميها “القصيدة”، فهذه معروفة للجميع، بل تلك الأخطاء اللغوية والكسور في الوزن والجهل في معرفة البحور الشعرية، والخيال الضحل والرؤية والصور القاصرة والباهتة في تناول قضايا كبرى في نص شعري. مقتدى الصدر لم يقترب حتى من النظم العادي الذي عادةً ما ينظمه رجال الدين، وضعفه في اللغة وجهله بتقنيات الشعر يظهران تأخره في التعليم والدراسة.

فيديو

يقول مقتدى الصدر في قصيدة “العراق”: “سمعت صوت العراق يقول، أفراق عني يا هذا يطول، فإنَّ عدوي وعدوك فيه يجول، بعدما كان أباك وأنت فيه تصول، وما حال بينك وبين الحق ضنك محول، وكنت تنادي إنَّ باب الحق مفتوح للطلب والوغول، فمتى حال بيني وبينك ما يهول، يا وطني حبك غايتي وصونك غاية المأمول، هذا لا شك فيه ولا حتى سؤول، فدتك نفسي وأهلي وكل الشباب وكل الكهول، ولكن غزتك الجيوش غزاك الجهول، مُلئت صداماً مُلئت دماءً سيول، قتال الأخوة ما من حلول، تركنا العدو علينا يبول”، ثم يطلق ضحكة عالية جداً على تصويره العدو وهو يبوّل على العراقيين.