fbpx

الغاء “برجام”: هدية ترامب الى الحرس الثوري الإيراني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

القرار الأميركي، هو هدية للحرس الثوري، هدية خلصته من عبء الالتزامات الدولية، وحررته من إحتمال تقديم تفسيرات أو الإجابة عن تساؤلات حول نشاطاته وأدواره العابرة للحدود، وأطلقت يده من جديد

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع دخول القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني حيز التنفيذ الفعلي، بدأ عدد من الشركات الأميركية والأوروبية، بلملمة عديده ومعداته تمهيدا للخروج من الأراضي الإيرانية، بدءا من شركات الطيران مثل: “بوينغ” و”إير باص” مرورا بشركات السيارات مثل “سيتروين” و”مرسيدس” والنقل البحري مثل “مولر – مرسك” الدنماركية وصولا إلى شركات النفط مثل “شل” و”توتال”.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقّع على قرار خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وإحياء العقوبات الاقتصادية، إضافة إلى إدارج لائحة بأسماء جديدة، طالتها العقوبات الأميركية، ضمت رئيس البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف، رئيس بنك البلاد الإسلامي في العراق وشخصيات من حزب الله اللبناني على رأسها أمينه العام السيد حسن نصرالله ومنسق العمليات المالية بين الحرس الثوري والتنظيمات التابعة له في المنطقة المدعو محمد قصير.  

لا شك أن القرار الأميركي يشكل سقوطاً للدبلوماسية الإيرانية، وضربة قاضية لخط الاعتدال الذي يحاول وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن يرسمه في عالم السياسة الإيرانية في الداخل والخارج، رغم كل العوائق والمعارك والهجمات التي يواجهها إلى جانب رئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني.

لذلك، فالخاسر الأكبر من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي أو “برجام” كما يسميه الإيرانيون، هو ظريف ذاته. جولات التفاوض الشاقة، التي استهلكت وقته وأعصابه وأموال الشعب الإيراني، ذهبت أدراج الريح، والربيع الاقتصادي الموعود بعد بدء تنفيذ الاتفاق ورفع العقوبات، عبر هجوم الشركات ورؤوس الأموال الغربية على الأسواق التجارية المحلية، تحول بشحطة قلم أميركي إلى خريف كئيب.

ورغم أن ظريف لم يجن الكثير في الاقتصاد ولا في السياسة، من الانفتاح الذي أرساه الاتفاق، حيث بقي تنظيم الحرس الثوري هو المستثمر الأول في الداخل والخارج، لكنه كان يعول على أن تراكم هذا الانفتاح لا بد أن يحدث فجوة في جدار النظام المتحجر، وأن يكسب عبره مشروعية شعبية، تساعد في بناء إيران جديدة. جاء القرار الأميركي فعزز موقع الخط المناقض وأطال عمره، مقابل خذلان ظريف ومشروعه. أولى إشارات الخذلان، كانت سفره (ظريف) إلى الصين وروسيا، منذ أيام، لمناقشة مآلات الانسحاب الأميركي، قبل وصوله إلى بروكسل للقاء مسؤولين أوروبيين.

 

القرار الأميركي، هو هدية للحرس الثوري، هدية خلصته من عبء الالتزامات الدولية، وحررته من إحتمال تقديم تفسيرات أو الإجابة عن تساؤلات حول نشاطاته وأدواره العابرة للحدود، وأطلقت يده من جديد

 

يعتزم الحرس الثوري ردا على القرار الأميركي، كما يشيع، تغيير خطط تجاراته، وسوف يحصر تعاملاته ضمن “دول الشرق”، كما صرح أحد قياديه: “العين ستنظر باتجاه دول الشرق: الصين أولا، ثم روسيا والهند، إضافة إلى دول أوروبية صغيرة”.

فالقرار الأميركي، هو هدية للحرس الثوري، هدية خلصته من عبء الالتزامات الدولية، وحررته من إحتمال تقديم تفسيرات أو الإجابة عن تساؤلات حول نشاطاته وأدواره العابرة للحدود، وأطلقت يده من جديد. وبناء على ذلك، سيصبح حرا أكثر من ذي قبل، في تسليح من يشاء وفي تصنيع ما يشاء من أسلحة محرمة دوليا، وسوف يتمثل بما قاله يوما رئيس الوزراء الباكساتي ذو الفقار علي بوتو: “سيأكل شعبي العشب ولكننا سنحصل على قنبلة ذرية”.

النشاطات الإرهابية التي يمارسها الحرس الثوري، لا يمكن لعقوبات تفرض على الدولة أن توقفها، هناك قنوات كثيرة بديلة يستطيع النفاذ من خلالها لتأمين التمويل وإرساله إلى الجهات التي يرعاها. صحيح ما قاله الرئيس الأميركي أن الوضع في المنطقة لم يتغير بعد الاتفاق عما قبل الاتفاق، لكن الانسحاب بالتأكيد سوف يضاعفه عنفا وشراسة، خصوصا أن العراق أصبح مسرحا للعمليات المالية وتهريب الأموال، إضافة إلى الحدود المفتوحة مع سوريا على مصراعيها لنقل السلاح والمقاتلين.

داخليا، لن يتأثر الحرس بتدهور الوضع الاقتصادي، إنما سينعكس الأمر على حكومة روحاني وحدها. الشارع الإيراني منذ مطلع هذا العام يشهد اعتصامات واحتجاجات على الوضع الاقتصادي البائس، حيث أمام الفاقة التي يعيشها لم تعد الحريات أولوية. وقد ارتفعت نسبة البطالة لدى الفئات الشبابية إلى 30%، وتخطى سعر صرف الدولار الأميركي عتبة 7 آلاف تومان، وليل أمس قتلت الشرطة متظاهرا في إحدى مدن محافظة فارس أثناء مظاهرة احتجاج على الوضع المعيشي.

هذا كله لا يقرأه الحرس الثوري ولا يلتفت إليه، هو غير موجود في الشارع أصلا، ولا يجد نفسه معنيا بأزماته، هو منتشر في دول المنطقة. يدرب، يمول ويسيطر على عواصم محيطة بطهران، ولا يهمه كم برميلا من النفط تبيع إيران في اليوم أو لمن تبيعه، المهم أن يجني ما تبيعه، عدا أن اقتصاده الخاص لم يعد مرتكزا على ما تنتجه إيران فقط، هناك صفقات وتجارات أهم يجريها في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي السودان وفي أفريقيا وغيرها، هناك بدائل موجودة دائما، وهناك بنوك مركزية في الخارج تفي بالمطلوب، وهناك بلدان في الخليج وفي أوروبا ومناطق مختلفة في العالم تدعي الالتزام بالعقوبات، لكنها لم تنقطع عن تمرير معاملات مالية تجارية لإيران ولن تنقطع.

وسط هذه الفوضى، يجول ظريف في أوروبا معولا على الحكمة الأوروبية، لإنقاذ اتفاقه وبلاده والمنطقة أيضا ، فهل ستنقذ أوروبا إيران من سقوطها في مستنقع التطرف أم تساعد في غرقها؟