fbpx

كيف توفّر مليارات الليترات من المياه خلال أزمة “كورونا”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حين يكون السلاح الرئيسي في الحرب ضد وباء عالمي هو الماء، وإن كنت تعيش في منطقة شحيحة المياه أصلاً، فربما سيزيد قلقك عمّا قريب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحمل مرض “كوفيد-19” في طياته أزمة إنسانية وصحية واقتصادية غير مسبوقة. وهناك تأثيرات كثيرة، بعضها لم نعرفه بعد. وفي العالم العربي خصوصاً، هناك قضية تتطلب مزيداً من الاهتمام: ألا وهي أزمة المياه الآخذة في التعاظم في منطقة مضطربة بالفعل. 

وفقاً لـ”منظمة الصحة العالمية”، فإن ثلاثة مليارات شخص حول العالم يفتقرون إلى مرافق غسل اليدين الأساسية.

يمثل هذا الأمر مشكلة في حد ذاته، خصوصاً أن منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن الوقاية من الإصابة بفايروس “كورونا” تبدأ أولاً على المستوى الفردي من خلال تطبيق التباعد الجسماني والالتزام بقواعد النظافة الصارمة.

ومع أن مهمة غسل اليدين تعد عادة أمراً بسيطاً، لكنها قد تزداد صعوبة مع اقتراب دخول فصل الصيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تضم 12 بلداً من أصل 17 بلداً هي الأكثر شحاً في المياه على مستوى العالم. 

تمنحنا حقيقة أن الإصابات بالفايروس لا تزال قليلة نسبياً حالياً في بلدان كثيرة بالعالم العربي، فرصة لوضع تدابير مستدامة من شأنها الحد من تفاقم الوضع مستقبلاً.

وفقاً لمؤشر السلام العالمي لعام 2019، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الأقل سلماً في العالم.

فقد عانت المنطقة على مدار العقود الماضية من الحروب وانعدام الاستقرار. وتواجه بلدان المنطقة تحديات بالفعل مع الزيادة الكبيرة في أعداد المشردين داخلياً واللاجئين نتيجة الحروب الدائرة في سوريا وليبيا واليمن، إضافةً إلى الوضع غير المستقر في العراق.

 اعتماد الأردن على مستودعات المياه الجوفية

لنأخذ الأردن مثالاً، إذ تتدنى معدلات تساقط الأمطار فيه إلى أقل من 50 ملم سنوياً، ويعتمد بشدة على مستودعات المياه الجوفية المحلية لإمداده بالمياه.

خلال الأيام القليلة الأولى من الإغلاق المفروض بسبب “كورونا”، شهدت السلطات الأردنية زيادة في عدد الشكاوى المتعلقة بالحصول على المياه بلغت نسبتها نحو 60 في المئة. 

وعلى رغم الإجراءات الصارمة المفروضة للسيطرة على الأزمة، يحتمل أن تتفاقم الأوضاع مع قرب دخول فصل الصيف. 

وفي سوريا، تنقل منظمة “يونييسف” المياه النظيفة إلى بعض أكثر المدن دماراً وكذلك مخيمات المشردين داخلياً من طريق شاحنات، لكن هذا ليس سوى حلاً موقتاً ويؤكد أيضاً الحاجة الملحة إلى تحسين إدارة المياه لمكافحة حالات تفشي الفايروسات مستقبلاً.

 لبنان: غني بالمياه نوعاً ما

تجاوز عدد الحالات المصابة بفايروس “كورونا” 800 حالة في لبنان. ومع أن الحكومة اللبنانية اتخذت بعض الإجراءات المبكرة للحد من انتشار العدوى، لا يزال الإمداد المنتظم للمياه يثير القلق، وهو قلق سيستمر حتى بعد انقضاء الوباء الحالي. مع ذلك، يُعد لبنان بلداً غنياً نوعاً ما بالمياه بالنسبة إلى البلدان الأخرى في منطقته التي تعاني من ندرة المياه، إذ يبلغ معدل سقوط الأمطار فيه نحو 800 ملم سنوياً. 

لكن البلد يعاني من مشكلة شائعة في العالم النامي: ألا وهي سوء الإدارة المتكاملة للموارد المائية.

حتى أن بعض أرقى الأحياء في بيروت تفتقر إلى وجود مصدر مياه منتظم وتضطر إلى الاعتماد على خزانات وصهاريج المياه. 

علاوة على ذلك، يعاني أكثر من ربع سكان لبنان من شح المياه، مع تزويد الكثير من الأحياء السكنية منخفضة الدخل بإمدادات متقطعة وغير منتظمة.

 وعلى رغم أن بلداناً في المنطقة تتمتع بنظام رعاية صحية متين ولديها أيضاً الموارد اللازمة لمواجهة الجائحة، لكن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل غير مجهّزة للتعامل مع هذا التحدي العالمي.

هل تغسل يديك 20 مرة يومياً؟

بلا شك سيؤدي تصاعد حدة الجائحة إلى فرض المزيد من الضغوط على أولئك الذين يعيشون في أماكن تعاني من ضعف أنظمة الرعاية الصحية. بيد أن أفضل خيار متاح لكثيرين في هذه الأماكن هو أن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم حرفياً، إذا جاز التعبير، وذلك من خلال غسلها بالماء والصابون.

فقد وجد عالم البيئة والباحث الهندي الشهير رانجان باندا أن الشخص العادي يغسل يديه من 18 إلى 20 مرة يومياً، وليس من الصعب تصور ذلك إذا ما احتسبنا جميع الأنشطة التي نقوم بها خلال اليوم، بل ونستخدم نحو 40 ليتراً من الماء لفعل ذلك. 

وتزداد الحاجة إلى ذلك بصفة خاصة خلال هذه الأوقات التي تتطلب أخذ المزيد من الاحتياطات. وإذا كان المرء رشيداً، فقد يستخدم نصف هذه الكمية من المياه. 

وحتى في هذه الحالة، لا يزال يفرض هذا الأمر ضغوطاً كبيرة على الحكومات المركزية والإقليمية لتأمين المياه للمراكز الحضرية والمناطق الريفية المكتظة بالسكان.

 تحديات دول مجلس التعاون الخليجي

من الواضح أنه يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتصدى للأزمات المائية. إذ نجد أن الإمارات العربية المتحدة، وهي دولة قاحلة بطبيعتها، من بين دول خليجية عدة تعتمد على جمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها (أكثر من 80 في المئة)، لاستكمال الحد الأدنى المطلوب من المياه العذبة المتاحة. غير أن أقل من 50 في المئة من المياه المعالجة يُعاد استخدامها، ما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه إدارة النظام.

في حين أن التغيرات المتقلبة في المناخ تزيد الأمور سوءاً. ففي مطلع شهر آذار/ مارس، تعرضت بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعواصف شديدة. وأدت الأمطار الغزيرة والفيضانات واسعة النطاق إلى ترك الكثير من المناطق الحضرية الفقيرة في القاهرة وغيرها من المدن بلا مياه صالحة للشرب خلال معظم الشهر. 

وعلى رغم أن الأعباء الإضافية جراء ذلك لم تدم طويلاً، فإن هذه التجربة كانت بمثابة تذكرة للحكومات بضرورة الاستعداد لمواجهة الأحداث الجوية القاسية في المستقبل، التي تتسبب في حدوث تغيرات مناخية، فضلاً عن التغييرات البيئية أو انعدام الأمن الزراعي والغذائي.

ونظراً إلى التحديات التي تُمثلها الجائحة الحالية، فإن العلاقة بين المياه والأمن الصحي، والمخاطر المشتركة بينهما، لا بد أن تؤخذ في الاعتبار على نحو شامل وليس بمعزل عن بعضها بعضاً.

يتعين على بلدان المنطقة أن تسعى إلى تعزيز استراتيجيتها الإقليمية وتوقع الأحداث المستقبلية، مثل الأوبئة، التي تتطلب منا استخدام كميات ضخمة من المياه.

 لا يزال العلماء يناقشون ما إذا كنا سنشهد انخفاضاً في حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 مع ارتفاع درجات الحرارة بحلول فصل الصيف. ولكن حتى لو اتضح أن هذا الأمر صحيح، فلا ينبغي أن يكون سبباً للحكومات وصناع السياسات للتخلي عن الحذر والإهمال في صوغ استراتيجية مستدامة لإدارة موارد المياه.

ما يشهده العالم الآن من انتشار “كورونا” يدق ناقوس الخطر ويوجّه انتباهنا إلى ضرورة اتخاذ تدابير فورية لضمان حصول المواطنين على إمدادات ثابتة وكافية من المياه. 

وخلصت دراسة حديثة أجراها معهد الموارد العالمية إلى أن العالم يمكنه أن يوفر الأمن المائي للجميع بحلول عام 2030 من خلال إنفاق ما يزيد قليلاً على 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى العقد المقبل.

في حين تستطيع المؤسسات العالمية دعم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالخبرات والدروس المستفادة من التجارب الأخرى والتقنيات المتطورة والمساعدات، فمن الضروري أن توجه الحكومات في العالم العربي الجهود الرامية إلى التخطيط السياسي والموارد كي تتمتع بالقدرة على تجاوز أزمات إدارة المياه.

 توضح الاستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة (2010-2030) أهمية الموارد المائية البديلة، بما في ذلك تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، فضلاً عن ضرورة الاتحاد للتصدي إلى تغير المناخ.

بيد أن أي استراتيجية لسياسات الإدارة المتكاملة للمياه، يجب ألا تقتصر على تأمين الإمدادات فحسب. بل يجب أن تتناول أيضاً إدارة وتنظيم الطلب.

على المستوى الفردي، يمكننا أن نلعب دوراً صغيراً ولكنه بالغ الأهمية في المشهد العام. فقد أوصت أحدث نصيحة صحية للحفاظ على النظافة خلال أزمة “كورونا”، بفرك اليدين بالصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية قبل شطفهما جيداً بالماء. 

من خلال غلق الصنبور طيلة الـ20 ثانية هذه، يستطيع كل شخص توفير ليتر أو اثنين من الماء في كل مرة يغسل فيها يديه. وإذا ما انتشر هذا الفعل عبر البشرية جمعاء، بينما نواصل مكافحة هذه الجائحة معاً، يُمكن أن يصبح هذا الليتر أو الليترين مليارات الليترات من المياه.

هذا المقال مترجم عن thenational.ae ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط هنا

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!