fbpx

3 أسباب تمنع الأسد من تصفية قريبه رامي مخلوف

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في النزاع الدائر حالياً بين الأسد وزوجته من جهة، ورامي مخلوف من جهةٍ أخرى، يُطرح سؤال عن مدى قدرة النظام على تصفية مخلوف …

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على مدار الأعوام الخمسين الفائتة، دأب النظام السوري على اعتماد سياسة التصفية الجسدية، سواء ضد خصومه أو ضد حلفائه من الشخصيات التي تسقط ورقتها الرابحة.

في زمن الأسد الأب وبعده الابن، شهدت سوريا عمليات تصفية استهدفت شخصيات قادت مناصب حسّاسة داخل سوريا وخارجها، معظمهم قتل في ظروفٍ غامضة.

غازي كنعان

ولعلَّ “انتحار” ضابط الاستخبارات السوري غازي كنعان الذي كان رجل النظام السوري الأوّل في لبنان، وذلك عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رئيس الحريري بسبعة أشهر، خير مثال على سياسة التصفية، إذ كانت الترجيحات تشير إلى امتلاك كنعان “أسراراً خطرة” حول الحقبة المعروفة بـ”الوصاية السورية على لبنان”، وربّما كان يملك أسراراً حول حادثة اغتيال الحريري ذاتها.

منذ 2011 وخلال سنوات الثورة السورية، تمت تصفية الشخصيات التي كانت ضليعة في التدخّل العسكري في لبنان، ومنهم ضابط الاستخبارات جامع جامع، والضابط رستم غزالة وغيرهم، فضلاً عن تصفية “خلية الأزمة”، خلال الانفجار الشهير الذي ضرب مقر الأمن القومي في دمشق في تموز/ يوليو 2012 والذي أطاح بالعماد الركن حسن تركمان، وزوج شقيقة الأسد آصف شوكت، إضافةً إلى وزير الدفاع داوود راجحة، ورئيس الأمن القومي السوري هشام بختيار، ووُجّهت حينها التهمة إلى “إرهابيين” فجّروا مقر اجتماع للأمن القومي، مع العلم أن المعارضة السورية أو حتّى “جبهة النصرة” حينها، لم تكن بذاك التنظيم الذي يتيح لها تدبير عملية كهذه.

في النزاع الدائر حالياً بين الأسد وزوجته من جهة، وقريبه رجل المال رامي مخلوف من جهةٍ أخرى، يُطرح سؤال عن مدى قدرة نظام الأسد على تصفية رامي مخلوف، بعد استخدامه كواجهة مالية على مدار السنوات العشرين الفائتة، إذ كان مخلوف أوّل من دخل القصر الرئاسي وبارك لبشار الأسد عام 2001 ليبدأ بقضم الاقتصاد السوري بمباركته.

 امتلاك مخلوف استثماراتٍ ضخمة خارج سوريا، بعضها معلن والآخر لا يعرف عنه أحد شيئاً، يجعل النظام السوري يتريّث بالتخلّص منه، كون الأخير قد يستفيد من هذه الأملاك والاستثمارات الضخمة في الخارج.

هنا، أبرز الأسباب التي تجعل اغتيال رامي مخلوف أمراً مستبعداً على أقل تقدير في الحقبة الحالية، وذلك بعد إجراء بحث معمّق في ارتباطات مخلوف داخل سوريا وخارجها، وتحليل خطاباته والرد الرسمي عليه.

الحاضنة الشعبية

عندما نشر رامي مخلوف أول مقطع فيديو له، كان زميل صحافي بجانبي يقول لي: “إنّه يسرقنا منذ 20 عاماً والآن جاء يستخدمنا لنكون جزءاً من حربه”. كان ردّ فعلي واضحاً، بأن الفيديو ليس موجّهاً إلينا، بل هو موجّه إلى شريحة محدّدة من السوريين، يعرفها رامي مخلوف جيّداً ويقصدها، ويظهر ذلك من آلاف التعليقات على فيديواته والتي تعلن وقوفها بجانبه ضد إجراءات الأسد وزوجته.

على مدار السنوات العشرين الماضية، بنى رامي مخلوف “امبراطورية خيرية” ممثّلةً بـ”جمعية البستان الخيرية” وشركة “راماك الإنسانية”، وهي جزء من “راماك القابضة” المملوكة لمخلوف.

كان دور هاتين الهيئتين، تقديم دعمٍ طبي وغذائي وإغاثي يستهدف بالدرجة الأولى المجتمع العلوي في سوريا، من خلال مشاريع مستمرّة متكرّرة تعزّز صورة مخلوف داخل هذه المجتمعات.

وفيما كان النظام السوري يتخلّى عن عناصر جيشه الذي يتعرّضون لإعاقات مستديمة، كانت جمعية البستان تستهدف هذه الفئة، تقدّم لها عمليات جراحية وأطراف صناعية وإعانات طبّية، وهو الأمر الذي عزّز حضور مخلوف بين أبناء هذه الطائفة، حتّى أن إحدى زميلاتي في جامعة دمشق كانت تحدّثني عنه عام 2012 وأشارت إليه باسم “أبي الفقراء”.

بالتأكيد، لا مصلحة لنظام الأسد حالياً بخلق توتّر داخل الطائفة يمكن أن تكون عواقبه وخيمة.

عدم إغضاب إيران

يبدو أن التسابق على النفوذ بين روسيا وإيران، لم يكن عسكرياً عبر التسابق على قضم المناطق السورية، أو اقتصادياً من خلال الحصول على أكبر قدر ممكن من الاستثمارات والامتيازات الاقتصادية.

بل امتد هذا الصراع، إلى تبنّي كل جهة مجموعة من رجال الأعمال السوريين الموالين لها، ليكونوا أداةً بين الروس والإيرانيين في أي عملية إعادة إعمار مقبلة.

لشرح هذا التسابق، فإن رجال الأعمال في سوريا حالياً ينقسمون إلى فئتين، الأولى تمثّل “الطبقة البرجوازية القديمة” والبعض يسمّيها “الحرس الاقتصادي القديم” وتمثّل هذه الفئة رجال الأعمال الذين كانوا يمتلكون نفوذاً اقتصادياً قبل الثورة السورية، وعلى رأسهم رامي مخلوف، وهؤلاء منهم من فرَّ بأمواله خارج سوريا، فيما بقي آخرون وأصبحوا محسوبين على الحلف الإيراني، بحكم العلاقات التجارية القديمة مع إيران.

أما الفئة الثانية، فتمثّل “رجال أعمال الحرب”، هؤلاء لم يكن يسمع السوريون باسمهم قبل الثورة، ولكنّهم خلال سنوات الثورة ظهروا فجأةً بلا سابق إنذار وبيدهم مليارات الدولارات، يشترون كل ما يجدون أمامهم من مصانع وشركات وعقارات واستثمارات وغيرها، وعلى رأس هؤلاء، رجل الأعمال سامر الفوز، الذي ارتكب جريمة قتل في تركيا وخرج منها في ظروفٍ غامضة، إضافةً إلى عضو مجلس الشعب الحالي ورجل الأعمال النافذ حسام قاطرجي، وهو الآخر كان عرّاب صفقات النفط بين النظام السوري و”داعش” خلال سيطرة الأخير على حقول النفط في دير الزور.

يبدو أن تصفية مخلوف حالياً ستزيد من غضب إيران الغاضبة أصلاً بسبب استحواذ الروس على جميع الاستثمارات السيادية، في حين خرجت إيران خالية الوفاض ولم تحصل إلّا على استثمارات قوامها “تركة” الأتراك والخليجيين في سوريا من بعض الفنادق والقطاعات السياحية والصناعية.

لوحة إعلانية لشركة “سيرياتيل”

“سيريتل” ولا شيء غيرها

يحمل الصراع بين مخلوف والأسد اليوم، بُعداً اقتصادياً بحتاً، يتمثّل في شركة “سيريتيل موبايل تيليكوم” للمشغّل الخليوي في سوريا، وهذا ما قاله مخلوف بمنتهى الصراحة في آخر منشوراته على فايسبوك “الشباب بدن الشركة ومو شايفين غير السيطرة عليها وتاركين كلشي”.

وبعدما كان مخلوف، قادراً على التحكّم في أكثر أجهزة الدولة السورية حساسيةً، يجد نفسه اليوم عاجزاً عن فعل أي شيء أمام مؤسّسة حكومية صغيرة لم يكن معظم السوريين يعرفون اسمها حتّى وتُدعى “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد”، والتي يبدو أنّها حصلت على صلاحيات مطلقة من أسماء الأسد لفعل ما تراه مناسباً مع مخلوف.

بالنظر إلى الطريقة التي يتعامل بها النظام السوري مع مخلوف حالياً، فإنّه من الواضح جدّاً أنّه يريد شركة “سيريتل” فقط ولا شيء غيرها، فجميع الوثائق التي نشرها رامي مخلوف تؤكّد أن الأخير وافق على دفع مبلغ 233 مليار ليرة سورية، التي فُرضت فجأةً عليه، من دون أي أساس ضريبي، ولكنه أشار إلى أن ذلك لم ينجّه من ذلك، إذ طُلب منه دفع 120 في المئة من قيمة أرباح الشركة بعدما كانت الضريبة 50 في المئة من الأرباح، إضافةً إلى إلزامه بالتعاقد مع شركة خاصة لتمد “سيريتل” بالمعدّات التشغيلية مهما كان سعر هذه المعدّات.

ولكن عدم تنازل مخلوف عن الشركة حتّى الآن، يرجع إلى مكانتها الاقتصادية والمعنوية، إذ إنّها الشركة الوحيدة السورية لمشغّل خطوط الخليوي، كما أنّها تحمل رمزية كبيرة في سوريا، فضلاً عن امتلاكها 11 مليون مشترك، ما يجعلها قادرة على تحقيق أرباح هائلة.

إضافةً إلى ذلك، فإن امتلاك مخلوف استثماراتٍ ضخمة خارج سوريا، بعضها معلن والآخر لا يعرف عنه أحد شيئاً، يجعل النظام السوري يتريّث بالتخلّص منه، كون الأخير قد يستفيد من هذه الأملاك والاستثمارات الضخمة في الخارج.