fbpx

الصحافة ضد المثلية الجنسية في المغرب؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يحار المتضامن مع الصحافي المغربي سليمان الريسوني، كيف يصوغ تضامنه من دون أن يشوب هذا الموقف ظلماً لطرف ثان. فرئيس تحرير “أخبار اليوم”، المعروف بمقالاته الناقدة للسلطة في بلاده، اتهمه مثلي باغتصابه …

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

والطرفان المعنيان، هما ضحايا السلطة، بممارساتها وقوانينها، فالكتاب المعارضون هدف دائم للتشهير وتلبيس التهم، فيما المثليون خاضعون لمادة قانونية تجرم وجودهم. لكن فكرة الضحية هنا، لا تحيل إلى السياق ذاته، فالتضييق على الصحافة، سياسي يكتسب بفعل تكتيكات السلطة، أبعاداً اجتماعية – انتقامية، وهو يخضع للعبة شد الحبال بين الجهتين، فكلما صعدت الصحافة من لهجتها، لترفع سقفها قليلاً، تفتعل السلطة قضايا جنائية لتحد من حريتها. والصحافي في المجتمع المغربي، مهما كان موقفه السياسي، فهو موضع تقدير واعتبار وقيمة، فضلاً عن بدهية تأثيره في الرأي العام.
والرتبة الاجتماعية تلك، تكاد تنعدم مع المثلي، الذي يرتبط وجوده في الوعي المتحكم، بالعار والحرام، ما يستتبع إلغاء ومحواً، وأحياناً اضطهاداً. عدا عن أن علاقته بالسلطة ليست في مستوى التنازع، بل عدم اعتراف وتجريم.

الصحافي المغربي سليمان الريسوني

وعليه، فإن الطرفين، ليسا في موقعين متعادلين في صدامهما مع السلطة، واحد، مقر به يواجه علانية، وآخر منكر الوجود يعمل سراً وضمن هوامش مضبوطة.

واختلاف الموقعين يترتب عليه، انعدام الحساسية عند طرف تجاه الثاني، فالصحافة، مع كل هوامشها، لا تلحظ مسألة المثليين، والأمر هنا، قد يتعدى كونه كسلاً في مقاربة موضوع الحرية وتطويره ليصبح أكثر شمولاً، ويغدو مشاركة في حملة قمع وإلغاء، ذاك أن الكثير من الصحافيين الفاعلين لهم أفكار ومعتقدات تحرّم وجود المثليين، الذين اتجهوا نحو مواقع التواصل للتعبير عن حضورهم.

وقد ظهر تصادم الطرفين، بشكل شديد الوضوح في قضية الريسوني إذ تسابقت المؤسسات الصحافية لاستنكار ما اعتبرته “استهدافاً سياسياً” له، تبعاً لمواقفه المعارضة، من دون الانتباه إلى أن هناك ضحية أو على الأقل طرفاً ثانياً يدعي بذلك، والإغفال هذا، كان ظاهره معرفة مسبقة بفبركات السلطة وألاعيبها في تشويه سمعة خصومها، لكن باطنه، موقف سلبي من المثليين، يضاعف نفيهم مرات عدة. فهم، تبعاً للبعض من معشر الصحافيين المتضامنين، أداة السلطة لضرب الصحافة، وكذلك هم منبوذون اجتماعياً وموضع عار، ولا يجب وضعهم مقابل صحافي جريء، لتلويث سمعته.

الحدية في موقف الصحافيين وتضامنهم الأحادي مع زميلهم استدرج موقفاً مضاداً من جمعيات تدافع عن قضايا المثليين، تدين فيه استخدام حجة “الاستهداف السياسي” لتبرئة الريسوني، وتحسم ارتكابه للجرم.

الرتبة الاجتماعية تلك، تكاد تنعدم مع المثلي، الذي يرتبط وجوده في الوعي المتحكم، بالعار والحرام، ما يستتبع إلغاء ومحواً، وأحياناً اضطهاداً.

هكذا، تبدت المثلية مدافعة عن نفسها في مواجهة صحافة تحول مفهوم حريتها إلى أحادي، ينصر صحافي ويستبسل في تبرئته، بدل تطوير موقف إما يلحظ وجود ضحية أو يلحظ استخدام السلطة، إن صح، لهذه الضحية، في الحالتين، يدمج بين الدفاع عن الريسوني ومسألة المثليين الذين، إذا صدقت رواية الصحافيين عن الاستهداف، هم يدفعون الثمن مرتين، انعدام وجودهم واستخدامهم ضد حقوق الآخرين.

والحال، طالما أن المثليين غير معترف بوجودهم قانونياً ويعملون في الظل، فإن، مطالبتهم بتطوير خطابهم ليتضمن حريات أوسع، هو ترف، إذ كيف نريد من شخص غير موجود أن يدافع عن الآخرين؟ لكن هذه المعادلة لا تستوي مع الصحافيين الذي بإمكانهم أن يوسعوا رؤيتهم لحرية الصحافة لتنصر فئات أخرى، تجهد للحضور اجتماعياً، بحيث يترابط استهداف الريسوني سياسياً، باستهداف آدم وجودياً.