fbpx

المغرب: الحجر الصحي عبء جديد على النساء العاملات؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المجتمع المغربي، مثل أي مجتمع أبوي، يتميز بتقسيم جنساني قوي للعمل: حيث للرجال العمل المأجور ذو القيمة وللنساء عمل منزلي غير مأجور ولا مرئي ولا مُثَمَّن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أبرز الحجر الصحي في المغرب، الذي بدأ في 20 آذار/ مارس ويستمر حتى اليوم، مشكلة عبء العمل الإضافي الواقع على عاتق النساء: التعليم عن بعد ورعاية الأطفال والأعمال المنزلية والطبخ والعمل عن بعد بالنسبة إلى النساء العاملات.

لقد فرض هذا الوضع غير المسبوق وقتاً متعادلاً لوجود الرجال والنساء في المنزل حيث يتعين إنجاز عدد من المهمات، بما فيها تلك التي كانت مفروضة قبل الحجر الصحي على العاملات المنزليات أو المدارس والحضانات والمقاصف المدرسية والأندية… التي اضطرت للإغلاق في سياق التدابير الاحترازية للحماية من جائحة كوفيد 19. غير أن المستجد في هذا السياق، هو أنه للمرة الأولى، سيدرك الرجال وبشكل ملموس حجم المهمات المنزلية والعائلية المطلوب إنجازها والتي كانت غالباً في الظروف العادية غير مرئية وموزعة بشكل غير متساو بين الجنسين.

وبناء على ما يروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي من فيديوات لرجال يطبخون أو يتابعون دراسة أبنائهم أو ينجزون مهمات منزلية، فإن هذا الوضع غير المسبوق قد يدعو إلى الاعتقاد بأن الحجر الصحي من شأنه أن يؤسس لعلاقات متساوية بين النساء والرجال، من حيث تحمل المسؤوليات العائلية والمنزلية، إلا أنه بالنظر إلى عمق الفوارق الاجتماعية القائمة بين الجنسين في المجتمع والتمثلات الثقافية التي تربط تربية الأطفال والأعباء المنزلية بالأدوار الاجتماعية للنساء، فالراجح هو أن يعمق الحجر الصحي الفوارق بين الجنسين ويزيد من ثقل الأعباء المنزلية والأسرية على النساء. 

وربما لهذا الاعتبار وبهدف تحفيز الرجال على اقتسام الأعباء المنزلية وتلك الخاصة بتربية الأطفال مع النساء، أطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب في 18 نيسان/ أبريل 2020، حملة توعوية تحت شعار “حِيتْ أَنا راجلْ”، والتي هي عبارة عن 10 كبسولات فيديو، تضم دعوات للرجال لتحمل نصيبهم من عبء الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال وتربيتهم في هذه الفترة العصيبة من انتشار وباء كوفيد 19. تم بث هذه الكبسولات عبر القناة الوطنية الثانية، كما عرفت انتشاراً كبيراً عبر قنوات التواصل الاجتماعي.

https://maghreb.unwomen.org/-/media/field%20office%20maghreb/images/actualites/2020/mash%20up%20picture%20-%20hit%20ana%20rajel.jpg?la=fr&vs=4537

وتتجلى أهمية هذه الحملة التوعوية في كونها تعالج ظاهرة اجتماعية استفحلت بسبب الحجر الصحي، والمتعلقة بالعمل المنزلي غير المأجور والذي تتفرد النساء في إنجازه. فالمجتمع المغربي، مثل أي مجتمع أبوي، يتميز بتقسيم جنساني قوي للعمل: حيث للرجال العمل المأجور ذو القيمة وللنساء عمل منزلي غير مأجور ولا مرئي ولا مُثَمَّن. كما يتميز الوقت الذي يمضيه أفراد الأسرة من الجنسين في العمل المهني والمنزلي بالتخصص الدقيق لأدوار الجنسين في أداء المهمات المنزلية، إضافة إلى كونه أمراً مقبولاً اجتماعياً، ويعتبر أنه يدخل في إطار النظام الطبيعي للأشياء.

لقد أبرز البحث الوطني حول استعمال الوقت في المغرب، والذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط سنتي 2011 و2012، أن الوقت الذي يكرسه الرجال للعمل المهني يتضاعف بأربع مرات عن الوقت الذي تنجزه النساء على هذا العمل. وتمضي النساء لإنجاز الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية المقدمة لأفراد الأسرة وقتاً مضاعفاً بسبع مرات عن الوقت الذي يقمضيه الرجال في هذا العمل. 

إضافة إلى هذا التقاطب القوي، فإننا نجد بحسب معطيات البحث ذاته، أن النساء ينجزن الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية بشكل متكافئ من دون أي مفاضلة بينها، في حين يفضل الرجال إنجاز مهمات دون أخرى، ويخصصون ما يقرب من 60 في المئة من وقتهم لشراء السلع وإنجاز بعض الخدمات خارج البيت. أما في ما يخص رعاية الأطفال، فإذا كانت النساء يتخصصن في الأعمال التي تدخل في سياق ما هو عاطفي وعملي، فالرجال يتخصصون في الألعاب مع الأطفال ومتابعة دراستهم. كما يشكل عبء العمل المنزلي نوعاً من الجزاء للنساء المتزوجات في ما يخص حياتهن المهنية، إذ يخصصن له 353 دقيقة في اليوم، مقابل 70 دقيقة في اليوم الذي يستغرقنه في العمل المهني، في حين أن الرجل المتزوج يخصص له 378 دقيقة في اليوم.

تستخلص المندوبية السامية للتخطيط من هذا البحث، أن التقسيم الجنساني للعمل في المغرب يأتي في سياق التقسيم الكلاسيكي والنمطي للأدوار الاجتماعية للنساء والرجال: الرجل المعيل والمرأة ربة البيت. نموذج للأدوار ما زال له ثقل وفعل كبير في العلاقات الاجتماعية ويعيد إنتاج العلاقات التمييزية السائدة بين الجنسين في المجتمعات التقليدية. ويبرز ذلك جلياً في نتائج استقصاء هذه المندوبية السالف الذكر، حيث سجل أن الفتيات بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عاماً، يمضين وقتاً في العمل المنزلي مضاعفاً بـ3.4 مرة من الوقت الذي يمضيه الفتيان في هذا العمل. كما أن العمل المنزلي ورعاية أفراد الأسرة، ما زالا يصنّفان اجتماعياً في دائرة “اللاعمل”. على رغم أن حجم الوقت الذي يستهلكه يزيد عن 23 مليار ساعة في عام 2012 وتُنجز 91 في المئة منه نساء، ما يجعل من مساهمة المرأة في الثروة الوطنية إذا تم تقديرها بالحد الأدنى للأجور (12.24درهم/ ساعة في2012)  تصل إلى 39.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الموسع للخدمات المنزلية.

فما التغيير الذي حمله الحجر الصحي في ما يخص هذا الوضع؟ وهل ما فرضه من تعادل الوقت الذي يمضيه الرجل والمرأة في البيت من شأنه، أن يدفع بمراجعة التقسيم التمييزي بين الجنسين في ما يخص العمل المنزلي ورعاية أفراد الأسرة أم أنه قد يزيد من الأعباء على أكتاف النساء؟ هل يحمل الحجر الصحي فرصة لمراجعة الأدوار الاجتماعية بما يحقق تقسيماً متكافئاً بين الرجل والمرأة في تحمل الأعباء المنزلية والرعاية الأسرية أم من شأنه أن يعيد إنتاج التقسيم الجنساني القائم للعمل؟ أسئلة تستحق استقصاء خاصاً لإيجاد أجوبة لها.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.