fbpx

لبنان والفيديوات المضللة: تصرّف عفوي أم فعل منظّم؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

انتشار فيديوات مضلّلة تتسبّب بتأجيج الكثير من الاحتقان الموجود أصلاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كاد لبنان ينزلق إلى صدام أهلي واسع النطاق في الفترة الأخيرة.

واحدة من شرارات هذا الانزلاق كانت فيديوات تم تداولها لشتائم أطلقها محتجون ضد رموز دينية. اللافت أن أحد مروجي تلك الفيديوات ناشط في التيار العوني، وقد نشر مقطعاً يظهر فيه وخلفه مجموعة من مناصري الثنائي الشيعي وهم يردّدون شتائم دينية. 

انتشار هذا الفيديو تحديداً تسبّب بتأجيج الكثير من الاحتقان الموجود أصلاً. المفارقة أن الشاب نفسه الذي نشر الفيديو، عاد ونشر تغريدات يحثّ اللبنانيين فيها على عدم نشر مواد فتنوية، “بخاصة في هذا الوضع الحساس” كما كتب.

وإن كان الفيديو هذا قد حصل فعلاً، لكن كان لافتاً ترويج فيديوات قديمة لاحتجاجات وهتافات طائفية أُعيد نشرها على نطاقٍ واسع. 

وعليه، فُتح النقاش حول عفوية نشر فيديوات قديمة من خارج سياق التأزم الأخير، أو حتى إعادة إحياء أخرى من أحداث سابقة للهدف ذاته، وهذا ما حصل مع قناة “أم تي في”، التي نشرت فيديو تظهر فيه مجموعة متظاهرين ينزعون صوراً لسعد الحريري ويهتفون “بيروت صارت شيعية” على أنه من أحداث بيروت الأخيرة، لتعود القناة وتحذفه عن موقعها، بعدما تبيّن أنه يعود لانتخابات عام 2018.

سلسلة أخبار مفبركة وفيديوات مضللة تتزامن مع تخبّط الشارع اللبناني في الشعارات والعناوين، وسط تدخلات مجموعات حزبية تبحث بدورها عن دور مذهبي لدخول المعادلة السياسية من الباب الطائفي الحصري، وأخرى تهدف إلى شيطنة الشارع وتحوير مطالبه الأساسية… كلها أسباب تدفع إلى طرح سؤال عمّا إذا كان هذا التصرف عفوياً أم منظّماً عبر جيوشاً إلكترونية. 

عفوي أم منظّم؟

يقول محمود غزيّل، الصحافي والمدرّب على التحقق من الأخبار، إن “هذه الممارسات قد تكون منظمة ومتعمّدة إذا حلّلناها من منظور سياسي، بخاصة أن الأجهزة الأمنية لم تتحرّك، على الأقل منذ بدء أزمة “كورونا”، في ما يتعلّق بنشر الأخبار المغلوطة. إلا أن الحقيقة لا تماثل ذلك، فالوقائع المعروضة لا تظهر اتهامات لأي أشخاص، كما أنها لا تشير إلى أفعال منظّمة، باستثناء هجومات تقودها جيوش إلكترونية على موقع “تويتر”، والتي تتمثّل بتغريدات وتغريدات مضادة”. 

إلا أن غزيّل يُعيد انتشار أخباراَ مضللة إلى سبيين. “الأول هو التقنيات الإعلامية، التي تحتّم على القناة التلفزيونية نشر المادة الإعلامية كما هي إذا كان البث مباشراً، فتعجز عن حذف مشاهد أو تعابير مخالفة للمصلحة العامة. وهذا ما حصل مع قناة “أم تي في”، إذ إنها فتحت الهواء مباشرةً لمتظاهرين، قبل أن تصدح هتافاتهم الطائفية. 

من المعروف أن باستطاعة قنوات البث التلفزيوني تأخير المادة المرئية تقنياً من البث على الهواء لثوانٍ معدودة لاستدراك ظهور عبارات تمييز أو كراهية أو تحريض وضبطها، إلا أن القنوات اللبنانية لا تعتمد ذلك عادةً في البث المباشر. 

سلسلة الأخبار المفبركة والفيديوات المضللة تتزامن مع تخبّط الشارع اللبناني في الشعارات والعناوين.

والسبب الثاني، هو غياب معايير مهنية وتسيّد المشهد عبر إعلاميين وأشخاص لديهم انحيازات سياسية”.

وكان موقع “ليبانون ديبايت” نشر فيديو يظهر مجموعة أشخاص تحت اسم “لواء السيدة عائشة” يتوعّدون “حزب الله”. وانتشر الفيديو كالنار في الهشيم وأحدث بلبلة بعدما أعادت نشره مواقع عدة في غضون دقائق. يؤكّد غزيّل أن هذا الفيديو يعود إلى عام 2013. والمفارقة أن الموقع الذي نشره حذفه من دون اعتذار أو توضيح، إلا أن مواقع أخرى ما زالت تتداوله.

هذا عدا عن أخبار كاذبة أخرى انتشرت أخيراً في لبنان، كإشكال وقتلى في منطقة السعديات، واستخدام سكاكين في إشكال في بيروت، تبين أنها جميعها كاذبة… يحيلنا هذا كلّه إلى سرعة انتشار الأخبار المفبركة، مقابل التعديلات التي تنتشر ببطء وخجل. وهنا يشير غزّيل إلى ضرورة تفعيل معايير شفافة للجم الأخبار المضلّلة في قانون الإعلام الجديد.  

في سياق موازٍ، يقول محمد نجم، المدير التنفيذي لمنظمة “سمكس” للحريات والحقوق الرقمية، إن “المفارقة اللافتة هي محاولة حد حرية التعبير عبر استدعاءات عشوائية تصاعدت بعد انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر، إضافة إلى تفعيل دور الأجهزة الأمنية والعسكرية في قضايا الحريات للضغط على الناشطين. أما المحرّضون على العنف وممارسوه، سواء كان في أيام الاحتجاجات الأولى، أو في ليلة السبت 6 حزيران/ يونيو، فلا يخضعون للمحاسبة أو القصاص”. 

هذه الاستنسابية في تطبيق القانون وممارسة الرقابة على الأفراد، تعيدنا مجدداً إلى الدائرة نفسها، وهي مواءمة بعض هذه الأعمال العنفية وانتشار مواد تحريضية مع مصالح الدولة ربما.

ماذا عن الجيوش الإلكترونية في لبنان؟

في السياق اللبناني، لا أبحاث أو دراسات منشورة عن الجيوش الإلكترونية. لكن بنظرة معمّقة على حسابات “فايسبوك” و”تويتر” تحديداً، يُلاحظ أن معظم الأحزاب اللبنانية وشخصياتها البارزة يعتمدون أسلوب الجيوش الإلكترونية.

تشرح عبير غطاس، مسؤولة الأمان الرقمي في منظمة “هيومن رايتس وتش”، أن “عمل الجيش الإلكتروني ينقسم إلى جزءين، الأول هو تحوير الفكرة الأساس ونقل النقاش إلى مكانٍ آخر، من خلال وسم مشابه للوسم المنتشر مثلاً. وهذا ما حصل عندما انتشر وسم #لبنان_ينتفض، فلوحظ انتشار وسوم أخرى منها “لبنان ينتقض” و”لبنان ينتفص” لتضييع الوجهة الحقيقية. والثاني هو خلق وسم معارض لنشر وجهة نظر أخرى. وهذا ما حدث مثلاً عندما استغلّ التيار الوطني الحر جيشه الإلكتروني لشنّ حملة دفاع عن رئيسه النائب جبران باسيل بعد مقابلته مع المذيعة هادلي غامبل على هامش مؤتمر دافوس. وفي الحالتين، تقوم بالعمل روبوتات أو أشخاص حقيقيون. وتوضح غطاس أن ما حدث أخيراً في بيروت، كان نتيجة غياب تحقق وسائل إعلامية من صحّة الأخبار، ما يعتبر نافذة سهلة للجيوش الإلكترونية لاختراقها”.    

“حزب الله”… من أقوى الجيوش الإلكترونية عربياً

يسهل تمييز الحسابات التابعة لجيش إلكتروني إذ لاحظنا مجموعة نقاط. أولها عدد المتابعين القليل، مقابل عدد التغريدات المرتفع على “تويتر” مثلاً. ثانيها، الوقت الزمني القصير بين تغريدة وأخرى. وتتشابه الكلمات المستخدمة سواء في التغريدات أو في التعليقات والردود، وذلك نظراً لأن الروبوتات مُلقّنة بمعجم محدد.

في المقابل، تستطيع الجيوش الإلكترونية أن تكون تابعة لدول، كتلك التابعة لروسيا وإيران وإسرائيل، وهي الأقوى عالمياً، أو تابعة لأشخاص كرؤساء ونوّاب، وهذا ما تعتمده الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.

أما عربياً، فيعتبر جيش “حزب الله” الإلكتروني من الأقوى، إذ إنه يستخدم تقنيات إيرانية تعتبر من الأقوى عالمياً.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!