fbpx

لبنان : “قضاء” على الناشطين لا الفاسدين…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من المؤسف أن نتابع كيف أضاعت النيابات العامة بوصلة “المصلحة العامة”، بحيث وأضحت هذه المصلحة مرتبطة مباشرة بمصلحة السياسيين والنافذين

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
جينو رعيدي

يكاد يصبح مشهد استدعاء ناشطين وصحافيين للتحقيق بسبب آرائهم أو مواقفهم السياسية من يوميات اللبنانيين، بل هو أصبح فعلاً كذلك. فبرغم الوباء وبرغم كل التدهور الحاصل مالياً واجتماعياً وسياسياً، لم تتوقف جهات نافذة بالسلطة عن استثمار علاقاتها لتصفية حسابات عبر القضاء.

آخر فصول هذه المهزلة، استدعاء الناشطين جينو رعيدي وتيمور جريصاتي للتحقيق معهما في حادثة التظاهر والاحتجاج ضد الوزير السابق فادي جريصاتي والنائب ادي معلوف قبل أشهر، خلال ذروة احتجاجات انتفاضة 17 تشرين الأول.

حينها صوّر رعيدي مواجهة ناشطين مع الوزير جريصاتي والنائب معلوف، في أحد المطاعم، خلال فترة ملاحقة الناشطين للشخصيات السياسية، لطردهم من الأماكن العامة. ويبدو أن القضاء استجاب للوزير جريصاتي التابع للتيار الوطني الحر، وفعلاً تم التحقيق مع رعيدي وجريصاتي في بيروت بإشارة من النيابة العامة التمييزية بجرم يفترض أنه ضمن نطاق بيروت ليفاجأ بعدها الشابين بمذكرة صادرة عن القاضية في جبل لبنان غادة بإدعاء شخصي من الوزير جريصاتي بنفس الجرم. وفعلا ذهبا إلى القاضية عون التي استمعت اليهما واخلت سبيلهما بضمان الإقامة.

هنا، لا يمكن سوى التوقف عند حقيقة صارخة وهي أن القاضية غادة عون المدافعة علناً والمحسوبة سياسياً على  حزب سياسي (التيار الوطني الحر) تُستدعي مواطناً شتم او شهّر بسياسي من الحزب نفسه الذي تنتمي اليه عون. 

بحسب تعريف الـ”المصلحة العامة” مثلا لهذه النيابة العامة التي جلبت الناشطين الى الشرطة، يتم استدعاء مواطنين للتحقيق معهم في قضية تسجيل فيديو يتواجه فيه مواطنون مع وزير سابق، مقارنة بعدم تحرك النيابة العامة نفسها عند إطلاق النار في الأحياء منذ بضعة أيام وترهيب المواطنين ونشر العنف

في الحقيقة، لم نشهد في السابق تدخلاً وتوغلاً سياسياً بالقضاء بالحجم الذي نشهده حالياً، ويتبين لنا أكثر فاكثر ان هذا التيار الذي يواظب على الترويج لنفسه بأنه “الحل” لكل أزمات ومشاكل هذا البلد ما هو في الحقيقة إلا خراب ومشكلة وشريك في الفساد على جميع الأصعدة.

من المؤسف أن نتابع كيف أضاعت النيابات العامة بوصلة “المصلحة العامة”، بحيث وأضحت هذه المصلحة مرتبطة مباشرة بمصلحة السياسيين والنافذين وأحزابهم وحلقة المستفيدين والزبائن في هذا النظام.

بحسب تعريف الـ”المصلحة العامة” مثلا لهذه النيابة العامة التي جلبت الناشطين الى الشرطة، يتم استدعاء مواطنين للتحقيق معهم في قضية تسجيل فيديو يتواجه فيه مواطنون مع وزير سابق، مقارنة بعدم تحرك النيابة العامة نفسها عند إطلاق النار في الأحياء منذ بضعة أيام وترهيب المواطنين ونشر العنف والتحريض على العنف والكراهية بين أطياف المجتمع. 

وفي العودة الى الإطار الأكبر، كل هذا يحصل في بلد مفلس مالياً واقتصادياً وخسر مواطنوه مدخراتهم ووظائفهم وحجزت المصارف على أموالهم ولم نر اي متهم يُحاكم بتهم فساد. 

فأي قاض عاقل يوافق بأن يحاكم مواطناً بقضية حرية تعبير ضد سياسي، فيما السياسي نفسه مسؤول هو وحزبه عن إفلاس البلد بطريقة مباشرة او غير مباشرة؟