fbpx

قضاء لبنان: اقبضوا على الشعب!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنها بلاد المقامات التي لا تُمَس، المقامات التي لا تُنتقد، تتقدّس وحسب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كنا ننتظر أن يصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أوامره لملاحقة كل الذين أساءوا إلى مقام الشعب اللبناني، والذين سرقوه والذين استخدموا السلطة لتدمير الدولة والاقتصاد والمجتمع، بدل بناء بلد يحترم شعبه. كنا نتمنّى أن يقرر عويدات مع أصدقائه القضاة محاكمة المسؤولين عن نهب الدولة والشعب، والذين تطاولوا علينا لا بمنشورات على “فايسبوك” و”تويتر”، بل عبر استغلال مراكزهم لتحقيق مصالحهم الخاصة، على حساب بلد بات فيه الدولار يرقص على أرواحنا. وكنا نودّ أن تُجرى تحقيقات معمّقة وشفافة حول من أوصل البلد إلى الإفلاس أو شبه الإفلاس، ومن جعل مليون مواطن على أبواب البطالة، وفق دراسة أجرتها “المؤسسة الدولية للمعلومات”.

لكنّ القاضي عويدات غاضب جداً منّا على ما يبدو، فأشار إلى قسم المباحث الجنائية المركزية لمباشرة التحقيقات، لمعرفة هوية الأشخاص الذين عمدوا إلى نشر تدوينات وصور تطاول مقام رئاسة الجمهورية، وملاحقة أصحاب هذه الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بجرم القدح والذم والتحقير.

القاضي غسان عويدات

قرار عويدات، كانت الدولة البوليسية التي نحن فيها، بدأت تطبيقه جدياً منذ أشهر، فهناك أطفال قصّر قُبض عليهم بسبب حرقهم صورة الرئيس ميشال عون في تظاهرات 17 تشرين الأول/ أكتوبر. الآن يأتي قرار عويدات تتويجاً لسلسلة من الاعتقالات والقمع، ودفعاً إلى الأمام في مجال معاقبة مواطنين سُرق منهم كل شيء، بقي صوتهم، الذي يُراد الآن سحقه تماماً.

بدل أن يعمد القضاء إلى ملاحقة القتلة والسارقين ومرتكبي الصفقات والمتسلّقين على ظهورنا والذين سلّموا بلادنا إلى رغبات بلاد أخرى، سيُلقى القبض على مدوّنين كتبوا ما يحصل ووثّقوه أو عبّروا عن غضبهم ويأسهم. لكن يبدو أنّ الغضب بات ممنوعاً في جمهورية “الليرة بخير” و”العيش المشترك” و”جيش شعب مقاومة”.

كنّا نودّ مثلاً أن يدقق القاضي عويدات في هويات ضاربي المتظاهرين على الرينغ، وهويات الذين يعطون أوامر اعتباطية، ساعة بتدخّل عناصر القوى الأمنية وساعات أخرى ببقائهم على الحياد. لكنّ القاضي عويدات غاضبٌ جداً منّا لأننا ننتقد رئيس الجمهورية ونجرؤ على مقامه. 

إنها بلاد المقامات التي لا تُمَس، المقامات التي لا تُنتقد، تتقدّس وحسب.

كنّا نودّ مثلاً أن يدقق القاضي عويدات في هويات ضاربي المتظاهرين على الرينغ.

كنتُ أودّ أن أقول للقاضي عويدات الغاضب فكرةً تدور في رأسي. كما تقول الأغنية، كن منصفاً يا سيدي القاضي، الرئيس ميشال عون قبل أن يصبح رئيساً فعل أشياء كثيرة، ما زلنا حتى الآن نودّ أن نسائله عنها، فعون ليس رئيساً سقط علينا بالـ”باراشوت” ولم نكن نعرفه أو نسمع عنه قبلها. بلى نحن نعرفه ونعرف تاريخه ونعرف أنه الذي وقّع تفاهم مار مخايل وهو الذي رسم من أجلنا حلم الإصلاح والتغيير، الذي تحطّم بعد حين. نحن نملك الحق بانتقاده ومساءلته وإن كان الأمر لا يعجبك يا حضرة القاضي، ليس لأنه رئيسنا وحسب، بل لأنه الجنرال أولاً، ولأنه صانع تيار “العونيين” ثانياً، وهو الحزب الذي يحكمنا برئاسة صهر الرئيس الغني عن التعريف النائب جبران باسيل. ثم أخيراً لأنه رئيس هذه الجمهورية المنهارة المتساقطة، التي اضطر أصدقاؤنا وإخوتنا إلى هجرانها بحثاً عن الحياة في بلد غير بوليسيّ على الأقل. هو رئيس “العهد”، وقد تمّ تعريفه بـ”أل” وكأنّ لا عهد قبله ولا بعده. وهذا العهد هو المنظومة التي يرأسها عون وقد أوصلت البلاد إلى الحضيض. علبة التونا بـ10 آلاف ليرة! كيلو الحامض (يضم 4 حامضات) بـ4000 ليرة! حليب الأطفال بـ70 ألف ليرة! عن أي مقام تحدّثنا؟ هل هذه مزحة؟ 

وأخيراً يا حضرة القاضي، لا مقام يعلو على مقام الشعب!