fbpx

مصر : “البلطجيات”على رصيف السجن لن يخفن ليلى سويف ولا أولادها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“وهنكمل” الجملة التي ختمت بها سناء سيف وصف وقائع الاعتداء عليهن تستدعى محطات لا يمكن حصرها لهذه العائلة صاحبة الصوت العالي في الدفاع عن الحقوق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“سيدة قليلة الجسد، يتعبك تتبع خطاها، تهدم السور الفاصل بين الجامعة وعموم الناس، تظنها على مرتفعها الأكاديمي فتراها على أسفلت الميدان ذائبة في تدافع التحرير العظيم…”. بهذه الجملة وصف الشاعر مريد البرغوثي زوجته الكاتبة الراحلة رضوى عاشور، إلا أن جملته تحرض أيضاً على وصف سيدة أخرى ربما تنتمي إلى نفس جيل رضوى عاشور وتتماهى مع نفس الهموم، وهي الأستاذة الجامعية في الرياضيات والناشطة المصرية ليلى سويف، والدة علاء عبد الفتاح، السجين السياسي الأشهر في مصر .

صاحبت ليلى سويف أرصفة القاهرة، وهي تعلم أن انتزاع متر واحد من المجال العام قد يكون كافياً، كي تُحدث التأثير المطلوب، تعاند وتكابد أمام سلطة أمنية أغلقت كل المنافذ والثقوب داخلياً لكتم الأصوات المعارضة. ووسط كل الضجيج الحاصل والبروباغاندا الإعلامية لتبييض وجه نظام اعتقل 60 ألف مواطن، بحسب تقرير  هيومن رايتس ووتش، تُحدث ليلى التأثير الواجب لتجلب حقوقنا المستحقة، حتى ولو طال أمد استرادادها، أو كما تقول “دي حقوقنا ولازم نطالب بيها”.

تربعت ليلى سويف على متر  مربع أمام سجن طرة قبل شهر (أيار) مايو الماضي حيث يُحتجز  ابنها الناشط علاء عبد الفتاح والذي أضرب عن الطعام بشكل كلي  في 12 نيسان/أبريل-  قبل أن ينهيه في نهاية أيار/مايو ، احتجاجاً على استمرار حبسه غير القانوني ومنعه من التواصل مع أسرته، بالإضافة إلى ظروف حبسه غير الإنسانية داخل السجن والتي وصفتها عائلته بأنها: “الأسوأ على الإطلاق مقارنة باعتقالاته السابقة منذ عام 2006”.

 طالبت ليلى سويف على مدار أكثر من  شهر بحقها في إدخال مستلزمات الوقاية من فايروس كوفيد 19 لإبنها في ظل حالة الإهمال لوضع السجناء واحتمال إصابتهم بالفايروس. لا تهتف ولا ترفع لافتة احتجاجية، فقانون منع التظاهر قد يزجها داخل السجن. فقط تحتضن حقيبة يدها والتي تحتوي على المطهرات والكمامات اللازمة لوقاية ابنها من كورونا، تحتضنها وكأنها تحتضن ولدها وكل أبناء المصريين القابعين بالسجون، بدون إجراءات.

وبعد تعنت وتهديد بالاعتقال والاعتداء وبعد النوم في ظلام الليل على الرصيف نجحت ليلى سويف في إدخال بعض المستلزمات، لكن أخبار علاء عبد الفتاح وكل السجناء المصريين منقطعة بعد إلغاء الزيارات، فطالبت بجواب من ابنها كي  تطمئن على أوضاعه الصحية، لكنها تعرضت هي وابنتها سناء سيف ومنى سيف للسحل والضرب من بلطجية مأجورين لمنعهن من الوقوف أمام السجن مع لافتة “عايزة جواب”.

ثلاث سيدات من أبرز وجوه ثورة يناير يتم التنكيل بهن، فقد تعرضت منى سيف لتمزيق جزء من ملابسها، فيما تعرضت الابنة الصغرى سناء سيف للتنكيل الأعنف، فقد غطت جسمها كدمات حمراء وزرقاء ناجمة عن شدة الضرب بعصى غليظة “شوم”، تقول سناء سيف” بعتولنا ستات بلطجية ضربونا أمام باب السجن والعساكر والضباط كانوا واقفين بيتفرجوا”

ثلاث سيدات من أبرز وجوه ثورة يناير تم التنكيل بهن، فقد تعرضت منى سيف لتمزيق جزء من ملابسها، فيما تعرضت الابنة الصغرى سناء سيف للتنكيل الأعنف، فقد غطت جسمها كدمات حمراء وزرقاء ناجمة عن شدة الضرب بعصى غليظة “شوم”، تقول سناء سيف” بعتولنا ستات بلطجية ضربونا أمام باب السجن والعساكر والضباط كانوا واقفين بيتفرجوا. مخبر واحد بس منهم علق قالهم طلعوهم برة الحاجز متضربوهمش هنا، كلنا كويسين رجعنا البيت، بس موبيلي وموبايل ماما أتسرقوا محدش يكلمنا عليهم. هكشف بس عشان ضربوني على رأسي بعصيان كتير شوية وعينيا مزغللة وبعدين هنكمل”.

“وهنكمل” الجملة التي ختمت بها سناء سيف وصف وقائع الاعتداء عليهن تستدعى محطات لا يمكن حصرها لهذه العائلة صاحبة الصوت العالي في الدفاع عن الحقوق. ولاحقاً القى الامن القبض على سناء بينما كانت تعتزم تقديم شكوى بشأن الاعتداء الذي تعرضوا له.

ليلى سويف وزوجها أحمد سيف الإسلام

ليلي سويف “الأم ” وقفت في حياتها على أكثر من رصيف، أولها عندما كانت طالبة جامعية بكلية العلوم جامعة القاهرة، تعتصم أمام مكتب عميد الكلية متشبثة بحقوقها الطلابية، تفترش “البلاطة” المواجهة لمكتبه، وحولها كتبها، لا تبارح مكانها إلا بعد أن يتراجع عن تعنته، ويبدأ في تنفيذ مطالبها، وجاء زواجها من المحامي الحقوقي أحمد سيف الإسلام كشراكة في مساحة الدفاع عن الحقوق، من على سلالم  نقابة الصحفيين و جامعة القاهرة و دار القضاء العالي، وربما لم تتسع مساحة الرصيف كي تطالب من فوقه بأريحية مثلما اتسعت  في أثناء ثورة يناير حيث تحول الرصيف إلى ميدان شاسع مليء بالمتظاهرات والمتظاهرين  .

خلال ثورة يناير كان أبناؤها منى وسناء وعلاء من “الزنابق البيضاء” البارزة بالثورة المصرية، إبنتها منى سيف أسست مع أخريات وآخرين مجموعة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين” بعد فض اعتصام ميدان التحرير في 9 مارس 2011، وظلت هذه المجموعة تعمل لسنوات حتى وقت قريب لمناهضة محاكمة المدنيين بأحكام القضاء العسكري، ووقف جميع أشكال التعذيب في مصر لكل المحتجزين، والتحقيق في كل تجاوزات الجيش في فترة تسلمه للسلطة.  كانت هذه المجموعة شوكة في حلق المجلس العسكري وعدة رؤساء استلموا السلطة بعد الثورة وهم عدلي منصور ومحمد مرسي وعبد الفتاح السيسي. استطاعت هذه المجموعة انتشال ناشطين من قبضة القضاء العسكري. كانت لافتات لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين بألوانها الصفراء والسوداء تزين ظهر حواسيبنا، لكن اليوم هذه البوسترات كافية كي يتم القبض على صاحبها وحاسوبه، اليوم ننظر إلى هذه البوسترات بحنين، باعتبارها من مفردات حقبة كان صوتنا فيها  أعلى.

أما الإبنة الصغرى سناء سيف فقد سجنت عامين  بعدما تم اعتقالها عام  2014 بسبب الاحتجاج على قانون منع التظاهر، بعد تخفيف محكمة استئناف مصرية حكم السجن الصادر على 23 ناشطا من بينهم سناء سيف ويارا سلام من ثلاثة أعوام إلى عامين فيما عرف إعلامياً بمسيرة الاتحادية.

علاء عبدالفتاح

أما علاء عبد الفتاح فيصعب رصد عدد مرات اعتقاله، فهذا الشاب الذي اقترب من عقده الرابع اختبر السجون منذ كان شاباً في عقده الثاني، ولن أنسى اعتقاله في عام 2014 هذه السنة التي كانت مأساوية على الأسرة وعلى الوسط الحقوقي ووسط النشطاء والمعارضين، فخلالها كان علاء معتقلا وكذلك شقيقته الصغرى سناء. حينها توفي والدهما واثنان من أبناءه في السجن. أتذكر مشهد الجنازة في المقابر وجثمانه في انتظار وصول أبناءه من السجن تحت الحراسة المشددة لوداعه. كان مشهداً حزيناً حقاً، وكان العرق والدموع يتصببان من المشيعين، والأبناء يوارون فجيعتهم. أذكر عبارات أحمد سيف الإسلام التي قالها قبل رحيله بستة أشهر “عذرا يا ابني وعذرا لهذا الجيل، كنا نحلم ونطمح أن نورثكم مجتمع ديموقراطي يحافظ على كرامة الإنسان، للأسف أورثناكم زنازين”.

اُعتقل علاء مؤخرا في 27 سبتمبر 2019 وتعرض للعنف والتهديد والسرقة في سجن طرة شديد الحراسة، مباشرة بعد ستة أشهر فقط من إطلاق سراحه وذلك بعد إتمامه حكما بخمس سنوات بالسجن بتهمة تنظيم تظاهرة سنة 2013. حيث اعتقل من خارج مركز الشرطة الذي كان مجبراً فيه على النوم كل ليلة، وتم تحويله لنيابة أمن الدولة حيث تعرض للعنف والترهيب. وذلك ضمن حملة شاملة شنتها الحكومة المصرية ضد المشاركين في احتجاجات 20 سبتمبر من العام الماضي التي خرجت ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واُعتقل في حينها أكثر من 4000 شخص، بمن فيهم نشطاء بارزون وصحفيون وأساتذة جامعات ومحامون.

 علاء  عبد الفتاح ما يزال محبوساً في السجن دون أي محاكمة، وبدلاً من اتخاذ إجراءات فورية لحماية المساجين وإطلاق سراح المعتقلين على ذمة التحقيق والسجناء السياسيين في ظل أزمة كورونا، اتخذت  السلطات المصرية  إجراءات تهدف الى عزل السجناء عن العالم الخارجي، إذ ألغت زيارات السجون واتصالات العائلات والمحامين بالسجناء وعلقت جميع الإجراءات القانونية.

لم تتمكن أسرة علاء من زيارته أو التواصل معه على الرغم من الطلبات المستمرة وساعات الانتظار الطويلة خارج سجن طرة، حيث يحتجز علاء في زنزانته على ذمة التحقيق دون إمكانية الخروج الى الهواء النقي أو ممارسة أي تمارين جسدية أو الحصول على الكتب والجرائد منذ تاريخ اعتقاله في 27 ايلول/سبتمبر 2019. 

ذكرَ علاء عبد الفتاح في محضر إضرابه عن الطعام أن  “الوضع الأسري يستدعي أن أكون بجانب والدتي المسنة وابني أثناء هذه الظروف الصعبة المرتبطة بمرض الكورونا، بدلا من أن أكون هنا في السجن بناء على تحقيقات غير وافية وتحريات ملفقة في قضية يعلم الجميع أنها لن تحال أصلا. بالتالي أطالب باطلاق سراحي فوراً نظرا لسقوط أمر الحبس ولضرورة وجودي بجانب أسرتي. أطالب بإتاحة تواصل منتظم مع الأسرة لأتمكن من الاطمئنان عليهم، وفريق الدفاع لأتمكن من مشاورتهم . وأيضاً بتوفير معلومات بخصوص وباء الكورونا من مصادرها الرسمية في الجرايد القومية والراديو”.

لم يجب أحد رسمي على رسالة علاء، لكن البلطجية وصلوا الى والدته على الرصيف المقابل لسجنه.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!