fbpx

شريف طلياني أو “الفحولة” إذ تُحاكِم سارة حجازي والمثليّات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“أي وحدة عايزة تبقى زي سارة حجازي لازم تتنفي برة مصر…” لم تكن فيديوهات ممثل الأفلام الجنسية المصري شريف طلياني التي هاجم فيها بشدة الناشطة الراحلة سارة حجازة سوى سقوط مدوي لمفاهيم الفحولة ومعاييرها

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أطلق ممثل البورنو المصري شريف طلياني حلقتين منفصلتين عبر الانترنت للحديث عن الناشطة المصرية سارة حجازي بعد رحيلها. كنتُ أظن في الثواني الأولى من الفيديو الذى صوره من لندن، أنه سيقدم مرثية لحجازي، بعدما تحدث عن تواصله معها مرتين أثناء حياتها قائلاً إنها كانت لطيفة معه. لكن ممثل البورنو بثّ خطاباً صادماً في مهاجمة حجازي بأبشع العبارات واصفاً إياها بــ”السحاقية” وطالب الدولة المصرية بقمع أي فتاة “سحاقية” تعلن عن ميولها الجنسية.

شريف طلياني

كان هذا الخطاب مفجعاً كي يخرج من ممثل بورنو يمارس حريته الجنسية من دون وصاية، بل ويتربح من ممارسة الجنس! وأردف الممثل بخطاب مدهش في تركيبته التى تجمع بين الديني والأخلاقي والذكوري أنه لا يعارض أن يصبح الرجل مثلياً، لكن المرأة لا يحق لها أن تكون “سحاقية”…” السحاقيات قبيحات يغوين النساء الجميلات ويهددن وضع الرجال ويهددن تكوين الأسرة”.

في الفيديو الصادم والذي تم تداوله والتعليق عليه بكثرة يقول طلياني:

“أنا بكره “السحاقيات” جداً ولازم الدولة تحارب “السحاقيات” جنسياً، يعني أي واحدة عايزة تبقى زي سارة حجازي لازم تتنفى برا مصر ويطلع تلاتة دين أمها، أنا عايز أقول أني مبسوط لأن سارة حجازي اتنفت برا مصر في حفل مشروع ليلى بنت المتناكة، هي مصر ناقصة؟ ميفكروش أنهم يفتحوا بؤهم في مصر، لما كل واحدة بنت قحبة سحاقية تخلى واحدة تانية تبقى سحاقية زيها، بكره السحاقيات بس مبكرهش الرجال “الشواذ” لأن “الشاذ” ممكن يكون متجوز وخاطب وعنده عيال، مبيأثرش على تكوين العائلة إنما السحاقية تؤثر على تكوين العائلة، متقرفوناش بقى بسارة حجازي ما تموت ولا تنتحر إحنا مالنا منقعدتش نشغل نفسنا بتفكيك المجتمع، “السحاقية” هي أصلا شكلها وحش وشبه الرجالة تغوي البنات الحلوة بتضيعوا البنات الحلوة ليه مننا، تغور سارة حجازي في ستين داهية”.

لو لم يكن هناك …

نحن نواجه يومياً بخطابات ذكورية عنيفة تنميطية ضد النساء ومجتمع الميم لكن، لا أدري لماذا تذكرت بعد هذا الخطاب المركب لشريف طلياني المثل الفرنسي القائل” كل شيء كان سيغدو على ما يرام لو لم يكن هناك قضيب”، فهذا الموروث الهائل من سطوة الرجل البدائي على الأنثى بقضيبه، ما زالت تلاحق الإنسان المعاصر، بل سلطة القضيب على الرجل نفسه تسمح له باستدعاء المظاهر المتخيلة البدائية عن سيطرته على العلاقة الجنسية ووضعه في تكوين العائلة وتكوين سلطة داخل عشيرة وقبيلة يتسيدها، فجاءت سارة حجازي بدون قصد لتهدم للرجل ولشريف طلياني موروث بدائي يؤكد له أنه كفء بالدرجة الكافية ما دام يمتلك قضيباً مثالياً، يسيطر به على الأنثى والعملية الإنجابية، وأي سيناريو آخر سيجعل الرجل يخشى ألا يكون بمستوى النموذج المتخيل فهو سيناريو مرفوض.

معركة شريف طلياني ضد سارة حجازي تفتح مناطق مهمة جديرة بالبحث الجاد والتساؤل عن وضع القضيب وهيمنته اجتماعياً وسياسياً وليس جنسياً وحسب

يؤكد شريف طلياني هذه النظرية في سلسة فيديوات يبثها على “يوتيوب” بعنوان، “منوعات مع شريف”، تركّز على توصية الرجل بكيفية الاعتناء بقضيبه وتطويله ومعالجة سرعة القذف وكيفية إغواء الأنثى والسيطرة على العملية الجنسية، ليحاصر الرجل عموماً بالفكرة الدعائية عن الفحولة القديمة قدم الإنسان الأول.

تقول الكاتبة الهولندية منيكه شيبر في كتابها “المكشوف والمحجوب”، الذي ترجمه عبدالرحيم يوسف، إن “المتخصصين في نظرية التطور يؤمنون أنه بفضل سير البشر منتصبين، أصبح القضيب المرئي بشكل ملفت هو المعيار الحاسم، للاختيار الأنثوي بالنسبة إلى الخصوبة الذكرية وهذا الاهتمام الأنثوي بالقضيب هو الذي دفع نموه التطوري”.

يبدو شريف طلياني مهووساً في دروسه عن الفحولة بفكرة القضيب المستقيم والقضيب المعقوف، ويظهر راثياً لحاله لأنه لا يملك المعقوف الأكثر إثارة للأنثى كما يقول، بل وحاصر نفسه بالحديث عن العمليات الحديثة التي تساعد الرجل على اختيار القضيب الأمثل، وكأنه مروج أمين لإعلانات تجارية من قبيل “أداتك الذكرية بحاجة لتحسين، زد حجم رجولتك، كبر سلاح حبك، عش كملك بصولجانك العملاق، أبعاد بالغة الضخامة من أجلك، أطلب قضيبك ذا السبع بوصات من هنا”.

والتنافس القضيبي في العالم ظاهرة غير قابلة للاستئصال، فرجال كثر أصبحوا يربطون بين القضيب الطويل والمزيد من الفحولة والهيبة مشجعين بذلك التنافس.

لكن شريف طلياني بسقوطه في مفاهيم الفحولة ومعاييرها، يظهر مرعوباً أيضاً من فكرة الصلع والكرش لأنهما يؤثران في الجاذبية الجنسية، فهو عالق بشكل مؤسف داخل شبكة معقدة من المعايير البدائية، فأضرب كفاً على كف وأنا أتابع فيديواته وأتساءل، لماذا لا يزال الرجل عالقاً في هذه الشبكة التي تعتصره مع الوقت، ليبدو إنساناً محنطاً، لم تمر عليه السنون ولم تختله ولو مرة رغبة في الثورة على هذه المعايير، وأسأل كيف سيكمل شريف طلياني حياته كفحل بعد الخمسين، هل سيصبح مهزوماً إلى حد كبير؟

أتذكر سارة حجازي وهي تنشر في إحدى المرات على صفحتها الشخصية صورة سكرين شوت من محادثة بينها وبين إحدى الفتيات- مع إخفاء هويتها- وترثي سارة لحالها لأنها تتعب كي تجد شريكة جنسية مثقفة، فالجنس بالنسبة إليها تخطى المعيار البدائي الذي مازال شريف طلياني عالقاً فيه، فقد وقفت سارة حجازي عند ناصية متقدمة من الوعي، والحب عندها يبدأ من العقل والتفاهم، والشراكة في مستوى معين من التعاطي مع العالم باستنارة معرفية وإنسانية.

يقول شريف طلياني، “لو خلفت بنت وطلعت سحاقية مش عارف هعمل ايه هقتلها؟” سؤال مرعب يصدر من رجل يؤكد طوال الوقت حريته الجنسية. يقول في أحد فيديواته” معنديش عقد ومتخلص من العقد ومبدئي في الحياة افعل ما يحلو لك ولا تخجل منه دي حياتي بعمل سكس من غير جواز ودا عادي وأنا حر واللي عاجبه عاجبه واللي مش عاجبه مش مهم”.

يصدمنا طلياني المقيم منذ سنوات في أوروبا أنه ككثيرين يؤمن بالحرية الجنسية التي تحفظ للرجل سطوته على فعل الجنس، والمرأة في حياته هي شريك جنسي فقط، لذلك كانت معركته على سارة حجازي شرسة، وفاضحة للوجه القبيح عن مدى جزع ذكوريين إن تخلت المرأة عن ميراث متسلسل منذ بدء الخليقة.

وتركيزي هنا على نموذج متطرف كشريف طلياني يعود لأنه يكثف ويجاهر بأفكار تتردد في أذهان كثر من شبان وحتى شابات في مجتمعاتنا التقليدية التي تشارك طلياني كثيراً من أفكاره لكنها لا تقولها بالضرورة علناً كما عبر عنها هو.

نور هشام سليم (يمين) وسارة حجازي (يسار)

وفي مقابل نموذج طلياني يبرز نور سليم، نجل الممثل هشام سليم والذي أعلن دعمه لإبنه العابر والذي جاهر بدعمه له مؤخراً. فنور ومنذ رحيل سارة حجازي وهو يدون على قصص الانستغرام أنه لم يعد على ما يرام بعدما رأى تنمراً مجتمعياً شرساً على فتاة ميتة، وأن المجتمع قد يصل بتنمره ضدهم إلى مستوى بالغ القسوة، ألم يطالب طلياني ومثله كثيرون الدولة المصرية بنفيهم وقمعهم لأنهم خطر على قيم المجتمع والأسرة؟ اليوم يواجه نور هشام سليم بلاغاً قدمه أيمن محفوظ المحامي، للنائب العام ضد نور هشام صالح سليم، بعد ظهوره في فيديو “روج فيه المثلية الجنسية”، بحسب محفوظ.

يقول شريف طلياني، “لو خلفت بنت وطلعت سحاقية مش عارف هعمل ايه هقتلها؟” سؤال مرعب يصدر من رجل يؤكد طوال الوقت حريته الجنسية.

وقال المحامي، في بلاغه، “ما زالت الحرب على ثقافتنا وأخلاقنا مستمرة، وظهور الكثير من أبناء المشاهير للدعوة إلى نشر الرذيلة والفسق بين شبابنا وفتياتنا، هي الحرب الفعلية التي تواجه مصر”.

في تدوينه على “فايسبوك”، كتبت إحدى الفتيات أن نموذج نور هشام سليم بشكل جنسي “سيكسي جداً كرجل، في بنات كتير هايبقوا مبسوطين في علاقة معاه حتى لو ماكنش عنده بتاع “العضو الذكري”، فالموضوع حقيقي مش البتاع خالص، الإنسانية والشجاعة والإحساس بالآخر طلعوا من الأمور الجذابة جنسيا أكتر بكتير من البتاع”.

هذه الفتاة وغيرها يصدمن طلياني ومن على شاكلته، ممن يحددون للمرأة شروط انجذابها جنسياً ليجدوها قد قفزت فوق هذه المعايير وتركتهم وحلقت في مساحات لن يجرؤا على دخولها.

يحرضنا شريف طلياني من دون قصد على هذه المفارقة بتقبله المثليين جنسياً من الرجال دون المثليات من النساء، أظن أن المسألة تتخطى مسألة تكوين أسرة، إذ تشيع في مجتمعاتنا ظاهرة إقدام رجل مثلي على الزواج بأنثى وتأسيس أسرة، فيما تبقى ميوله الجنسية مكبوتة، لكن المرأة المثلية يعني وضعها رفض الرجل كشريك جنسي، وهنا مكمن الرعب عند شريف طلياني وميراثه الثقيل.

معركة شريف طلياني ضد سارة حجازي تفتح مناطق مهمة جديرة بالبحث الجاد والتساؤل عن وضع القضيب وهيمنته اجتماعياً وسياسياً وليس جنسياً وحسب، تقول مينيكه شيبر “القضيب وهو كمنطقة من الجسد يمكن الزعم بأنها ذات أهمية جنسية عالمية، بكلمات أخرى فإن القاسم المشترك هو القضيب/ الحشفة الذي يمكن الزعم بارتباطه بأفكار الفحولة، (وكل الرموز والمشترك التي يمكن أن تتماشى مع هذا التصور) وفي الوقت نفسه يرتبط بمنطقة من النشاط الإنساني تسمح فقط بإبداع محدود “.

خطاب شريف طلياني كان ثقيلاً وقمعياً وأمنياً، وكان همي لأيام كيف أتخلص من ثقل هذا الخطاب على أفكاري، كان انحيازي أنثوياً لكتابات أنثى عن أنثى أخرى بلا ميراث سلطوي أو قمعي فذهبت لرواية “أنا أروى يا مريم” للكاتبة المصرية أريج جمال، هناك رأيت سارة حجازي واطمأن قلبي.

هي أروى، نحيفة، بيضاء، تسير في أبهة كريشة في محبرة، ترتدي أحياناً تنورة قصيرة يطيرها الهواء كيف يشاء فتؤكد الصورة دون وعي، صبي صغير في جسد امرأة، شاب لم يخلق الله بمثل جماله يتخفى في جسد أروى، تترك فراغاً كبيراً بين رجليها إذا تحركت، تثير ساقاها لوعة من لا يستطيع أن ينام بينهما… هي التي عاشت في ألمانيا مالت على الأرض، تعزف على الأوبوا الناعمة في وداعة… سأعيش على صورتها وهي في عنفوان بياضها مائلة تنسكب وتنسكب، تبكي وهي تلتقط الأوبوا كأنها تقول للعالم كله لا لي فحسب: “كفاية”.