fbpx

“خوفي على جنيني”… الحمل في زمن الوباء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فرص حصول النساء الحوامل على الرعاية الصحية الإنجابية قليلة، وتلد كثيرات أطفالهن في غرفٍ مُغلقة وليس في مستشفى، وفي حالات كثيرة بعيداً من أفراد العائلة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أكثر ما يخيفني هو فكرة الولادة بعيداً من أهلي…”، تقول ديانا، وهي أم عشرينية لطفلة، علمت مع بداية انتشار وباء “كورونا” بحملها بطفلةٍ ثانية، وهي في الإمارات بعيداً من أهلها في لبنان.   

تُفكّر ديانا، وهي في الشهر السادس من حملها، في ما إذا كانت طفلتها ستنجو وتصل إلى العالم بسلام، شارحةً أنها تتّبع الإجراءات الوقائية وتلتزم بالحجر المنزلي، حتى أنها خفّفت زياراتها إلى الطبيبة تجنباً للاختلاط والتنقّل. وتضيف، “في الأشهر الأولى كان خوفي مضاعفاً، ليس على نفسي، بل على ابنتي والجنين، إلا أنني تأقلمت مع الفكرة وأجبرت نفسي على الحدّ من التفكير المفرط في الأمر والبحث عن المعلومات التي قد تكون مغلوطة…”.

ديانا هي واحدة من نساء كثيرات حملن خلال فترة “كورونا”، ويعشن قلقاً يومياً على حياة أجنّتهن، علماً أن فرص حصول النساء الحوامل في أنحاء العالم على الرعاية الصحية الإنجابية قليلة، وتلد كثيرات أطفالهن في غرفٍ مُغلقة وليس في مستشفى، وفي حالات كثيرة بعيداً من أفراد العائلة.

حتى وقت قريب، كانت آثار “كورونا” على النساء الحوامل ونتائج الولادة لغزاً، ولم تكن هناك دراسات كافية حول الموضوع. إلا أن التكهنات كانت تشير إلى أن الحوامل قد يكنَّ أكثر عرضة للإصابة بالمرض، بسبب التغييرات التي يُحدثها الحمل في الجهاز المناعي والتنفسي.

وصدرت دراسة حديثة عن النساء الحوامل المصابات بـ”كورونا”، وفقاً لشبكة “إيه بي سي نيوز”، تناولت 325 ألف تقرير عن نساء تتراوح أعمارهن بين 15 و44 سنة، ممن ثبتت إصابتهن بالفايروس، ومن بينهن أكثر من 8200 سيدة حامل.

“في الأشهر الأولى كان خوفي مضاعفاً، ليس على نفسي، بل على ابنتي والجنين، إلا أنني تأقلمت مع الفكرة وأجبرت نفسي على الحدّ من التفكير المفرط في الأمر”.


وخلصت الدراسة إلى أن الحوامل أكثر عرضة للإصابة بأعراض شديدة للوباء، حتى أنهن قد يحتجن إلى رعاية صحية مشدّدة بمجرد إصابتهن بالعدوى. فكانت النساء الحوامل أكثر عرضة للدخول إلى المستشفى بمقدار 5.4 مرة من غيرهن، واحتمال احتياجهنّ إلى وحدة عناة مركّزة يزيد 1.5 مرّة، وهنّ 1.7 مرة أكثر عرضة للاستعانة بأجهزة التنفس الصناعي.

ومع ذلك، أوضحت الجهة الناشرة أن هذه النتائج يجب أن تفسّر بحذر، فمن المحتمل أن نساء من هؤلاء دخلن المستشفى بسبب مشكلات تتعلق بحملهن، وليس بالضرورة بسبب الإصابة بالفايروس.

وقالت إنه لم يكن هناك اختلاف في خطر الوفاة بين النساء الحوامل وغير الحوامل المصابات، إذ سُجلت وفيات في 0.2 في المئة من المجموعتين.

في سياقٍ موازٍ، تقول ديانا إنها ليست مهووسة بفكرة الحمل خلال انتشار الوباء، فهي لا تمضي وقتاً في تصفّح معلومات على محركات البحث حول الموضوع، كما تفعل أمهات أخريات، حفاظاً على صحتها النفسية، التي تنعكس بطبيعة الحال على الجنين، وهذا ما تطرقت إليه وردة بوضاهر، المتخصصة في علم النفس.

تقول وردة لـ”درج” إن “أثر الصحة النفسية للمرأة الحامل على الجنين بالغ، فالمزاج السيئ والحالة النفسية غير المستقرة قد تؤديان إلى خسارة الأم جنينها في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وقد تطرح صعوبات كالأرق وفقدان الشهية في الأشهر المتقدمة منه. وهو ما يؤثر حتماً في نمو الجنين وحالته النفسية وسلوكه في المستقبل”.

وتشرح وردة أن “الجنين الذي ينمو في رحم امرأة تميل إلى المزاج السيئ، هو عرضة لاضطرابات نفسية وصعوبات في التركيز، كما قد يميل إلى سلوك عدوانيّ. هذا عدا عن علاقته بأمه، التي قد تكون وثيقة لدرجة تتخطى المألوف، أو قد تتحوّل إلى علاقة بُعد ونفور”.

“الجنين الذي ينمو في رحم امرأة تميل إلى المزاج السيئ، هو عرضة لاضطرابات نفسية وصعوبات في التركيز”.

لا شكّ في أن خوف الحوامل في العالم العربي مضاعف، إذ يفتقد القطاع الصحي في معظم الدول العربية المعايير الصحية، كما أن فكرة الولادة في المنزل وفقاً للشروط والمعايير الصحية غير متوفرة. عدا عن أن صحة المرأة النفسية الحامل لا تؤخذ في الاعتبار.     

وعن سؤال حول كيفية اهتمام الحامل بصحتها النفسية، توضح وردة أن “ذلك لا يختلف كثيراً عن ممارسات أي شخص آخر. إذ يترتّب عليها الاهتمام بصحتها الجسدية، كالنوم لساعات كافية، وتناول وجبات طعام متنوعة ومغذيّة، كما أن ممارسة الرياضة بانتظام وخلق مساحة خاصة للهوايات أو سماع الموسيقى مثلاً قد تكون أموراً مثالية”.

إلا أن الابتعاد من الأخبار السلبية وتجنّب الاستماع إلى تجارب نساءٍ فشلن في وضع أطفالهن في ظلّ ظروف قاهرة هو أساسي وفقاً لوردة، بخاصة أن قدرة المستشفيات على توفير الرعاية الصحية اللازمة للحوامل، قبل الولادة وبعدها، مجهول في معظم الدول العربية.