fbpx

بيروت : منتحرون في الحمرا و”لويس فيتون” في الأسواق…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بدأ الانهيار يصلنا عبر قصص صغرى. انتحار شاب في شارع الحمراء في وسط النهار، والعثور على آخر شنق نفسه في منطقة وادي الزينة شمال صيدا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عائلة من طرابلس نقلت رضيعها المريض إلى شركة الكهرباء لكي تؤمن له كهرباء 24 ساعة، لأن جهاز التنفس يحتاج إلى الطاقة لكي يعمل. أخبار عن حوادث نشل يومية تشهدها شوارع بيروت، وكاميرا فيديو في صيدلية تسجل دخول شاب مسلح بمسدس إلى الصيدلية ويطلب من الصيدلي وهو يهدده بمسدس حفاظات أطفال، ويغادر بعدها من دون أن يسرق أي شيء آخر. 

إنها بيروت وعليك أن تكون حذراً خلال تجوالك في شوارعها. لا يقتصر الأمر على حوادث النشل والانتحار، فقد يشطب وجهك في المدينة مقهى قرر أن يقفل، أو طالب مساعدة كان يعمل بالأمس نادلاً. وحين يذهلك مشهد المتزاحمين أمام متجر “لويس فيتون” في الداون تاون، عليك أن تقترب من المصطفين أمامه وتسألهم عن سرّ هذا الاكتظاظ، فيجيبك أحدهم بأن “لويس فيتون” قرر أن يبيع بضاعته على دولار قيمته 3800 ليرة لبنانية. ويضيف: “نشتري حقائب لويس فيتون” بهذا السعر ونرسلها إلى أقاربنا في الخارج فيبيعونها بثلاثة أضعاف. عليك أن تلاحظ أيضاً أن الناس أمام هذا المتجر هم غير زبائنه التقليديين. سرعان ما التقط الجائعون فرصة مضاعفة ما يملكون من مال عبر تحويل أموالهم إلى جزادين. هكذا قالت السيدة أمام المتجر. سألت: “أنتم تشترون ذهباً أو دولارات بما تبقى لديكم من أموال، ونحن نشتري حقائب لويس فيتون، فما الفارق؟”.

الناس خائفون فعلاً، لكنه خوف من خامة أخرى، غير الخوف من الحروب أو من الأمراض. خوف لم يفهموه هم أنفسهم بعد. “الفقراء” يشترون “لويس فيتون” والأغنياء منكفئون في منازلهم، وفي الليل يهيم الأغنياء على وجوههم من دون حقائب اليد خوفاً من عمليات النشل. الأسعار متحركة على نحو غريب. الدولار صبيحة هذا اليوم كان بقيمة 8500 ليرة، ولكن بالأمس ليلاً كانت قيمته 9500 ليرة! ما الذي حصل حتى سقط هذه السقطة المدوية؟ يجيب الصيرفي: “لا شيء… انتظر الى بعد الظهر سيعود ليشد همته”. وكالة أنباء محلية تنشر خبراً عن ارتفاع الدولار في بعض المناطق اللبنانية. دولار العاصمة هو غير دولار المناطق! أيهما أغلى ثمناً؟ لا منطق يمكنه أن يفسر الفارق.

الإعلام بدوره هائم على وجهه، ومتنازع بين المصارف التي تموله وبين “حزب الله” الذي يهدده. المسافة بين الحزب والمصارف غير واضحة بدورها. فالحزب لا يريد لها أن تسقط لكنه يريدها أن تخضع، وهي بدورها تكره رئيس الحكومة حسان دياب الذي جاء به الحزب وما زال متمسكاً به. وفي هذه المساحة الغرائبية يتجول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بين محطة الـ”أم تي في” التي تحبه وجريدة “الأخبار” التي تكرهه، ويعلن في هذا الوقت رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن رياض سلامة خط أحمر وأنه سيخوض معركة حمايته.

إنها بيروت وعليك أن تكون حذراً خلال تجوالك في شوارعها. لا يقتصر الأمر على حوادث النشل والانتحار، فقد يشطب وجهك في المدينة مقهى قرر أن يقفل، أو طالب مساعدة كان يعمل بالأمس نادلاً.

المشهد، إضافة إلى مأساويته، هزلي أيضاً. تصريحات المسؤولين هذيانية. رئيس جمعية المصارف يقول إن أجواء السوشيل ميديا هي من يتسبب في ارتفاع الدولار، ووزير الداخلية يرفض طلب وزيرة الإعلام بأن تعتذر وزارته عن ضرب الصحافيين في مطار بيروت بحجة أن لـ”البدلة العسكرية هيبتها”! تخيلوا مثلاً أنه في هذا الوضع الغرائبي ما زالت للبدلة العسكرية هيبتها!

وفي الصباح عليك أن تستيقظ وأن تتوجه فوراً إلى المصرف لتحجز دوراً في صف المهانة، وأن تنتظر واقعة نهب صغرى. المصرف قرر أن يدفع لك جزءاً من حسابك بالدولار بالعملة اللبنانية بسعر 3800 ليرة. الدولار في السوق بعشرة آلاف ليرة. “هيركات” لنحو 70 في المئة من مدخراتك. مدير البنك يستقبلك بابتسامته المعهودة، فهو مَنّ عليك بسيولة تولى مصرفه سرقة 70 في المئة منها. وفي هذا الوقت أعلن رئيس الحكومة عن نيته فصل الاقتصاد اللبناني عن تقلبات سعر الدولار. هذه الخطوة التي عجز عنها اقتصاديو العالم سيخطوها رئيس حكومتنا في ليلة واحدة على ما وعد اللبنانيين. وفي اليوم نفسه استقبل الرئيس السفير الصيني في بيروت وقرر بعد اللقاء دعوة الصين للحلول محل أميركا في لبنان، وكلف وزير “حزب الله” في الحكومة عماد حب الله متابعة هذا الأمر.