fbpx

لماذا الاعتداء على واصف الحركة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الاعتداء على واصف الحركة أتى في لحظة يشهد فيها لبنان انقضاضاً أمنياً وقضائياً على حرية النقد والاعتراض لجهة ارتفاع نسبة الاعتقالات والاستدعاءات بسبب آراء أو منشورات..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“يسقط يسقط حكم الأزعر… واصف الحركة خط أحمر”، هتف ربيع الشمالي ومجموعة شباب تجمهروا أمام مستشفى “أوتيل ديو”، حيث كان المحامي والناشط واصف الحركة يتلقى العلاج. 

ربيع الذي هرع إلى المستشفى بعد سماعه نبأ اعتداء أربعة مجهولين على الحركة، كان موقوفاً قبل أيام في السجن هو ومجموعة شبان من المتظاهرين من الذين شملتهم اعتقالات الأسابيع الأخيرة، لكنه خرج بعد جهد كبير بذله الحركة وفريق من المحامين المتطوعين للدفاع عن المتظاهرين. 

“أنا أول واحد شفته بوجهي هو واصف… قبل ما شوف أمي وأخي”، يروي ربيع كيف كان الحركة ومحامون يهرعون إلى مراكز التوقيف للدفاع عن الموقوفين، ليعود ويكمل هتافه استنكاراً وغضباً لما حدث. 

“عم اهتف من قلبي لأن واصف خيي… اللي عمله معنا كثوار البقاع ما حدا عمله…”، يقول ربيع.

الحماسة التي يظهرها ربيع وشبان قدموا من البقاع ليست فردية، فمتظاهرون كثر تربطهم علاقة وطيدة بحركة وبمجموعة محامين متطوعين يجهدون لإثبات حق التظاهر والتعبير عن الرأي، ورفض سياسة الاعتقالات وكمّ الأفواه. 

بين الجموع تقف علا الحركة، زوجة واصف، تحاول طمأنة القادمين والقلقين، وتؤكد أن عزيمة زوجها لم تنكسر بعد الاعتداء. إلى أن خرج الحركة من المستشفى بعد تلقيه العلاج بلحظة حماسية تلاقى فيها مع متظاهرين وأصدقاء، وتوجّهوا إلى شارع الحمرا، حيث كانت وقفة تضامنية صامتة مع علي الهق، الرجل الذي غلبه الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل فأنهى حياته بطلقة في الرأس في نفس اليوم.

هناك في الحمرا، طمأن واصف الحركة رفاقه أن الاعتداء لن يدفعه للتراجع، “الرسالة وصلت… إذا كان الهدف منعنا من إنو نكفي، فهيدا قرار أخدينه ومستمرين للأخير”.

ماذا حصل؟

“مهما كان الثمن، حتى لو كان حياتنا، نحن مستعدون للمضي قدماً لأننا أصحاب قضية. قضية إنقاذ هذا البلد من مجرمي السلطة، إنهم مجرمين وسارقين، كلن يعني كلن، ولا أستثني أحداً…”. هذه العبارة التي قالها الحركة في مقابلة مع إذاعة صوت لبنان في بيروت، كانت الصرخة التي أطلقها قبل دقائق من تعرضه للاعتداء بالضرب بآلات حادة، في وضح النهار وفي شارع مزدحم، وعلى بُعد عشرات الأمتار من مركز أمني للجيش اللبناني، ومئات الأمتار من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. 

الاعتداء الذي نفذه أربعة اشخاص بالعصي، أتى كرسالة واضحة وسريعة من جهات نافذة قد تكون حزبية وقد تكون أمنية لكنها بالتأكيد جهات لها سطوة.

الاعتداء على واصف الحركة أتى في لحظة يشهد فيها لبنان انقضاضاً أمنياً وقضائياً على حرية النقد والاعتراض لجهة ارتفاع نسبة الاعتقالات والاستدعاءات بسبب آراء أو منشورات، علماً أن الحركة كان قد تلقى اتصالات وتهديدات، آخرها قبل يوم واحد من الاعتداء عليه. 

لماذا واصف؟

واصف الحركة (49 سنة)، من الوجوه التي باتت مألوفة في ساحات التظاهر اللبنانية في الأشهر الأخيرة، وقبلها في تظاهرات عام 2015، فهو ثابر على انتقاد السلطة وملاحقة انتهاكات قانونية وحقوقية. هو من أبرز وجوه المعارضة في السنوات الخمس الأخيرة. إنه ناشط ومحامٍ مجاز من جامعة بيروت العربية، وهو من مؤسسي حملة “بدنا نحاسب”، التي نشطت في احتجاجات لبنان 2015. 

ينتمي الحركة إلى مجموعة المرصد الشعبي لمحاربة الفساد، وتربطه علاقة تنسيق مع جمعيات كثيرة تُعنى بالسياسة والنشاط الاجتماعي والحقوقي، كما وترشّح عن المقعد الشيعي في دائرة جبل لبنان الثالثة ضمن لائحة “كلنا وطني” في انتخابات 2018. 

شارك الحركة في كشف ملفات فساد في لبنان، فتقدم مع مجموعة من المحامين بشكوى، مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي، إلى النائب العام التمييزي غسان عويدات سنة 2019، ضد الوزراء والموظفين ورؤساء البلديات ومراقبي الأشغال والمتعهدين والاستشاريين والمعتدين على الأملاك العامة، عن قصدٍ أو غير قصد، بإهمالهم وتقصيرهم ومخالفتهم للقوانين والأنظمة بحصول فيضانات في كافة الأراضي اللبنانية، والتي أدت إلى دخول مياه الأمطار إلى المنازل والمؤسسات وقطع الطرق الدولية والرئيسة والفرعية وعرّضت حياة مواطنين للخطر. 

ومن أبرز محطات الاشتباك مع السلطة، الشكوى التي تقدم بها عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور ضد الحركة بتهمة “القدح والذم وتلفيق الأخبار الكاذبة” على خلفية اتهام الحركة للأخير بإرسال أدوية السرطان إلى السويداء في سوريا، خلال توليه مهام وزارة الصحة، ما أدى الى انقطاعها عن المواطنين اللبنانيين. 

ما حصل مع واصف الحركة سبق وحصل مع الصحافي محمد زبيب في شارع الحمرا في شباط/ فبراير الماضي. إلا أن الاعتداء على زبيب كان في مرآب سيارات مخفي وفي وقت متأخّر بعيداً عن أعين الناس، على عكس حادثة الحركة، التي سجّلتها كاميرات المراقبة في النهار.

الأكيد أن الاعتداء على حركة يدشن مرحلةً جديدةً من المواجهة في هذا الظرف الدقيق الذي يعيشه لبنان.