fbpx

الأردن: حملة على”حيتان التهرب الضريبي” وشبهات حول رجال العهد الرابع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

باتت النخبة السياسية وأباطرة الأعمال الذين اعتقدوا لوهلة طويلة أنهم ونشاطاتهم بمنأى عن المساءلة، في حالة صدمة وقلق…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هذا القلق مرده الحملة المكثفة الأخيرة التي شنتها الحكومة الأردنية على الفساد والتهرّب الضريبي، بما فيها المداهمات المفاجئة لِمنازلهم ومكاتبهم.

وأدى تسريب صور المداهمات والتحقيقات وتفاصيلها إلى مواقع إلكترونية وتداولها على منصات التواصل الاجتماعي، إلى زيادة الأمر سوءاً. 

فقد تابع الأردنيون القضية المملوءة بالمفاجأت المثيرة الخاصة بشقيقي عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب الأردني لأربع دورات متتالية، وكأنهم يتابعون أحد المسلسلات التلفزيونية.

كانت شبكة “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج) العضو في “مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد  العابر للحدود” أو  OCCRP.ORG وموقع عمان.نت وراديو البلد قد كشفوا عام  2017 أن أفراداً في عائلة الطراونة، لطالما اعتبروا حلفاء أقوياء للأسرة الهاشمية الحاكمة في الأردن، يمتلكون إمبراطورية تجارية حصلت على عطاءات حكومية تُقدر بالملايين خلال فترة وجود شقيقهم بالبرلمان.

بيد أن نشر التحقيق الاستقصائي وقتها لم يفضِ إلى تحقيقات رسمية عاجلة، لكن ذلك تغيَّر الآن مع بدء الحملة الجديدة بداية العام الحالي بموجب قانون ضريبة الدخل والمبيعات الجديد الأخير الذي غلظ العقوبات.

في الأسبوع الأول من شهر حزيران/ يونيو، نشرت وكالات الأنباء صوراً وتقارير لمداهمة موظفين في مصلحة الضرائب ترافقهم قوات الشرطة إحدى الشركات التي يملكها شقيقا عاطف الطراونة، محمد وأحمد الطراونة، والأخير شغل سابقاً منصب نقيب المقاولين الأردنيين.

فقد اقتحم ضباط غالبيتهم ملثمون مباني الشركة الفخمة، وصادروا الحواسيب المحمولة والخوادم (السيرفرات) والملفات ثم غادروا المكان. 

وبعد أيامٍ قليلة، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي وثيقة استعلام عن الأرصدة المصرفية الخاصة بحسابات الطراونة وشقيقيه وزوجاتهم وأبنائهم وأصهارهم في البنوك العاملة في الأردن.

ثم جمدت “هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الأردنية ” JIACC أرصدة الشقيقين وثلاث شركات تملكها العائلة إلى حين الانتهاء من التحقيق في قضايا تتعلق باحتمال إساءة استخدام السلطة والفساد والتهرب الضريبي.

ومرة أخرى، انتشر الأمر القضائي بعد تسريبه إلى أحد المواقع الإلكترونية، وهو ما دعا أعضاء من عشيرة الطراونة إلى إصدار بيان  استهجنوا فيه الإجراءات الحكومية والتسريبات ووصفوها بأنها محاولات تشهير تهدف إلى “صرف الأنظار عمّن خانوا الوطن وسلبوا حقوق مواطنيه ليبقى ميدانهم خاليا من فرسان المواجهة”.

وعلى رغم أن مدعي عام هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ألغى قرار تجميد حسابات الشقيقين المصرفية حتى يتسنى لهما دفع رواتب موظفيهم (يقدر عددهم بـ5000) ومستحقات المتعاقدين معهم، فقد احتجز أحمد الطراونة بعد ذلك بأيام في سجن السلط لمدة 15 يوماً لاستجوابه حول جريمة هدر أموال عامة من عطاءات حكومية.

رحب الأردنيون عموماً بالحملة الجديدة. إذ لطالما ابتليت البلاد التي يتجاوز تعداد سكانها 10 ملايين نسمة بالفساد والتهرب الضريبي. وكما أخبر خبير اقتصادي مستقل صحيفة “جوردان تايمز“، تتكبد البلاد خسائر سنوية تتراوح بين 600 مليون دولار و800 مليون دولار بسبب التهرب الضريبي.  لكن ساسة يقدرون الرقم بضعفي المبلغ على الأقل.

وكشفت دراسة رسمية حديثة أن هناك على الأقل 132 ألف شركة تتهرب من دفع الضرائب على المبيعات، وهو ما يكلف الخزانة العامة خسائر إضافية تتراوح بين 100 مليون دولار و200 مليون دولار سنوياً.

وبعد تقاعس لسنوات، سن الأردن قانوناً جديداً يمنح الجهات التي تحقق في التهرب الضريبي سلطات واسعة، بما في ذلك الحق في إجراء عمليات تفتيشية منحها القانون تصل إلى حد المداهمة.

وقد سلحت هيئات مكافحة الفساد والتهرب الضريبي نفسها بسلطة قانونية واسعة وتقنيات متطورة تمكنها من اكتشاف الثغرات وملاحقة المتهربين من الضرائب. وبدأت تدريب موظفيها على اتباع أفضل الممارسات وإجراء المحاسبة القضائية وبذل العناية الواجبة في إعداد التقارير. 

يطمح الأردن إلى جمع أكثر من مليار دولار هذا العام على هيئة مبالغ تُدفع لمرة واحدة من القضايا التي تلاحقها سلطات الضرائب ومكافحة الفساد. من شأن هذا أن يضمن تغطية جزء كبير من العجز في الموازنة، الذي ضاعفته أزمة جائحة “كورونا” مقارنة بالعام الماضي.

وقد أخبر المتحدث باسم هيئة النزاهة ومكافحة الفساد صحافيي OCCRP.ORG، أن هناك 87 قضية فساد أُحيلت إلى المحكمة منذ كانون الثاني/ يناير للبت فيها.  لكن الإجراءات القانونية تستغرق وقتاً طويلاً.  لهذا ومن أجل تسريع عملية استرداد الأموال المكتسبة بشكل غير مشروع، صاغت الحكومة تعديلات من شأنها- بمجرد تصديق البرلمان عليها- تمكينها من عقد تسويات مالية بالاستعانة بقاضي من القضاء بدلا من انتظار صدور قرار المحكمة.

تمنح التعديلات أيضاً حصانة قانونية للمُبلغين عن الفساد.

ووفقاً لوكالة “رويترز“، فقد داهمت السلطات إلى الآن 650 شركة. 

ويتم الآن التدقيق في الإقرارات الضريبة الخاصة بـ70  شخصية من أغنى الشرائح الأردنية، حسبما أخبر محلل أعمال في صحيفة يومية محلية OCCRP.ORG شريطة عدم الكشف عن هويته.

وقال رئيس الوزراء عُمر الرزاز في مقابلة حديثة على قناة المملكة الأردنية، إنه وعلى أثر تشكيل لجان للتسوية، تقدم نحو 300 شخص لعمل تسويات ضريبية، لافتاً إلى إنجاز 139 تسوية من بعض قضايا التهرّب الضريبي، مؤكداً أن هناك المزيد من التسويات جار العمل عليها.

وأشار إلى أن القضايا المتبقية ستظل مفتوحة إلى حين التوصل إلى تسوية، وسيمثل المتهربون من الضرائب أمام المحكمة، وستُنشر أسماؤهم على الملأ.

وأكد الرزاز في خطابه المتلفز الثالث في تموز/ يوليو 2020 للشعب الأردني، “أن حماية المال العام ومكافحة الفساد مسؤولية وطنية”.

بيد أن البعض يتساءل عما إذا كانت هذه الحملة المكثفة تُستخدم للتخلص من المعارضين والمناكفين السياسيين، وكذلك عما إذا كانت ستشمل المشتبه بهم من أفراد الأسرة المالكة وأصدقائهم من رجال وسيدات الأعمال، الذين يشتبه في استغلال بعضهم نفوذهم السياسي لتحقيق أرباح هائلة من صفقات تجارة الأسلحة والنفط غير المشروعة إلى ليبيا وغيرها من مناطق الحروب في المنطقة.

قال سياسي طلب عدم الكشف عن هويته لـOCCRP.ORG: “ثمة شك كبير في مسألة تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء وإن كانت الممارسات ستكون نزيهة وستتسم بالإنصاف، نظراً إلى طبيعة ثقافتنا… أعتقد أن قِلة قليلة هم من يعتقدون أن هناك حكومة قادرة فعلياً على النجاح في ذلك، ومحاسبة المحصنين الفعليين”.

في حين يرى كثيرون أن تلك التسريبات الإعلامية المنهجية وسيلة لإذلال وإحراج المعارضين السياسيين.

ففي نهاية حزيران الماضي نشر أحد المواقع الإخبارية قصة قال فيها إن السلطات داهمت منزل رئيس الوزراء الأردني السابق عبد الله النسور، مع منعه من السفر والحجز على أمواله.

النسور أنكر على “فايسبوك” هذه الادعاءات، وقال إنه مُعتاد على التعرض لمثل هذه الإشاعات.

وقال: “أنا، وغيري ممن خدم في أصعبِ الظروفِ واحلكها وأطولها معتادون على هذا وأكثر”.

وقد أشعلت تلك التسريبات حملة تشهير شرسة على شبكة الإنترنت، وفقاً لما قاله مسؤول أردني لـOCCRP.ORG،  طالباً عدم الكشف عن هويته.

وقال المسؤول: “إن هذا يقدح بشدة في سمعتهم، فقد أصبحوا محتالين بالفعل في نظر الرأي العام”.

وعلق وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة، على ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، وقال في تغريدة عبر حسابه الرسمي في “تويتر”، إن “التفتيش الضريبي لا يعني الإدانة”، مضيفاً أن “فايسبوك ليس ساحة لتوزيع الاتهامات والأحكام، القضاء العادل هو الفيصل”.

وقال أحد المشرعين القانونيين تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن الحملة اتخذت منعطفاً جديداً  قبل أيام.

وأضاف في مقابلة مع OCCRP.ORG: “لقد بدأت الحملة لملاحقة المتهربين من الضرائب ولكن بات الأمر واضحاً الآن، فهي تستهدف عائلة الطراونة في حين تم التعامل مع الأفراد ذوي الثروات الكبيرة من النخبة ذاتها بلطف، إذ تلقوا رعاية واهتماماً خاص”.

وأكد أن “هذه المعركة تحولت إلى معركة بين السيستم (النظام الرسمي للدولة) وعائلة الطراونة”.

لكن المسؤولين عن الحملة يقولون إن كل شيء يحصل بطريقة رسمية وفقاً للإجراءات القانونية.

وقال وزير المالية محمد العسعس، إن الحملة الحالية تأتي في إطار إصلاحات هيكلية حقيقية تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتحسين النظام الضريبي في الأردن، وجعل اقتصاد البلاد أكثر قوةً وأقل اعتماداً على المساعدات.

بينما صرح وزير العدل بسام التلهوني للصحافيين أن ملاحقة الحكومة الفساد قضائياً تتسم “بالنزاهة والشفافية”، مضيفاً أنه في حال حدوث أخطاء، يُمكن أي شخص أن يُقدم دعوى أمام القضاء.

في هذه الأثناء، يتوق الأردنيون بمن فيهم أحد الوزراء السابقين، إلى رؤية ما ستؤول إليه الأمور في نهاية المطاف.

وقال الوزير السابق، “نحن جميعاً نريد أن ينتهي الفساد، ونريد جميعاً أن تُدفع الضرائب على النحو اللائق وبأمانة، ولكن ما نطمح جميعاً إلى تحقيقه هو المساءلة والعدالة والإنصاف”.

وأضاف، “نأمل بألا يجعلوا من بعض المسؤولين الصغار ورجال الأعمال الأثرياء كبش فداء، بينما يغضون الطرف عن كبار المسؤولين وأعضاء النخبة المتورطين في صفقات الفساد الفعلية”.

أنجز هذا التقرير المعمق مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد  العابر للحدود OCCRP.ORG–  وينشر بالتزامن مع موقع “درج”

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.