fbpx

ممرضات تونسيات: ليس “كورونا” وحده وجعنا!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عمل الممرضات كان فيه مجازفة، لا سيما لجهة استخدام أقنعة غير مطابقة للمواصفات خصوصاً في المراحل الاولى.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حمل ممرضون وممرضات شارة سوداء على ملابسهم كعلامة احتجاج على المنظومة الصحية الحكومية في تونس وانتشرت صورهم على السوشيل ميديا. إنها معاناة قديمة، فجّرتها جائحة “كورونا”، كاشفةً ثغرات كثيرة في المهنة، على رغم أن البلاد سجلت نسباً تعتبر من الأدنى عالمياً لجهة الإصابة بالوباء.

الاندفاع لمواجهة الوباء جعل الجميع يبذل أقصى ما لديه، إلا أن مشكلات مختلفة ظهرت ودفعت الطاقم التمريضي الى رفع الصوت احتجاجاً. هنا نروي حكاية ممرضة والتحديات التي واجهت طاقم التمريض في هذه الفترة الصعبة، خصوصاً النساء، اللواتي زادت الضغوط عليهنّ.

لبنى زيتون ممرضة شابة في قسم “كوفيد-19” في مستشفى شارل نيكول في العاصمة، وهي ترى الآن وبعد مرور أشهر على بدء انتشار الفايروس أنه على رغم مساوئه، “كورونا” شرارة لإعلاء صوت الممرضين في تونس، خصوصاً أن العاملين والعاملات واجهوا واقعاً وحالات لم يكونوا مستعدين لها.

تروي لبنى تجربتها تحديداً خلال بدايات انتشار الفايروس في شهر نيسان/ أبريل الماضي وكيف تشتتت مشاعرها بين الخوف من تلقي العدوى ومحاولة مجابهته طبياً وإنقاذ المصابين. وتلفت إلى أن دخول المريض الى المستشفى من دون أن يكون هناك دواء واضح محدد لعلاج “كورونا” أمر صعب على جميع المستويات، خصوصاً أن مبدأ الحجر يفرض أن يعزل المريض حتى عن أقرب الناس، فيمر في حالة نفسية صعبة جداً: “المريض يشعرك بأنه في سجن ومحكوم عليه بالإعدام، وبعضهم حتى شديد الهستيريا، لذلك علينا مساعدتهم على الحفاظ على هدوئهم كثر منهم يثيرون في نفسي الشفقة أشعر بمسؤولية مضاعفة تجاههم!”، تقول لبنى.

لكن ليس الضغط النفسي وصحة المرضى ما يثير القلق وحده، فقد تسبب احتكاك الطاقم الطبي بمرضى وعدم وجود دراية كافية بطبيعة الوباء تسبب بإصابة أشخاص من الطاقم الطبي بالفايروس.

تشير محدثتنا إلى أنه خلال الفترة الأولى من استلامها العمل في قسم “كورونا”، لم تكن إدارة المستشفى في بادئ الأمر تهتم بتوفير ظروف صحية ملائمة للطاقم الطبي عموماً ولطاقم التمريض خصوصاً. وبرز ذلك جلياً خلال عملية أخذ العينات، إلى أن أصيبت ممرضتان في القسم: “بصفة آلية ندخل في حجر صحي بعد فترة عمل تتواصل لأربعة أيام، عدت البيت بعدما أخبرتنا إدارة النزل الذي استأجرته وزارة الصحة للممرضين، أن كل نتائج طاقم التمريض سليمة. ثم فوجئت بمكالمة تخبرني بأن اثنين من طاقم التمريض أصيبا وتحاليلهما إيجابية. عشت أياماً صعبة بعدما اضطررت إلى حجر نفسي 10 أيام إضافية بعيداً من زوجي وابنتي ووالدتي”.

تؤكد لبنى أن العمل كانت فيه مجازفة لا سيما لجهة استخدام أقنعة غير مطابقة للمواصفات خصوصاً في المراحل الاولى، “لم يكن لدينا خيار سوى ارتداء المتوفّر من كمامات غير مطابقة المواصفات وأضفنا عليها أقنعة جراحية. في تلك اللحظات لن تكوني قادرة على التأخر عن المرضى مهما كانت الأسباب”.

ابنتي نفرت وزوجي لم يتحمل أعباء البيت!

فترة الحجر الصحي الإجباري التي عايشتها لبنى في بيت بعيد من زوجها وابنتها ووالدتها لم تكن سهلة، بخاصة على المستوى النفسي، خصوصاً ان زوجها كان يشكو من كثرة المسؤوليات في المنزل. “ابنتك لا تنام… ابنتك تبكي طول الوقت… لقد مللت أعباء البيت… في خضم عزلتي النفسية والصحية اضطررت إلى سماع زوجي يتذمر من أعباء البيت ومن ابنتي التي تبلغ من العمر سنتين ونصف السنة، لذلك كنت أكتم شكواي، حتى لا أحبط عزائمه أكثر!”.

تمسك لبنى بالهاتف حتى ترينا صورة ابنتها التي أصبحت ترفض رؤيتها حتى في الاتصال عبر الكاميرا، فمذ طالت فترة الحجر أصبحت تتجنب والدتها.

ابنتك لا تنام… ابنتك تبكي طول الوقت… لقد مللت أعباء البيت… في خضم عزلتي النفسية والصحية اضطررت إلى سماع زوجي يتذمر من أعباء البيت“.

“أشعر بألم شديد عندما لا أستطيع رؤيتها… اسودت الحياة في عيني عندما نفرت مني! كانت لا تفارقني”.

وكان على لبنى أن تضاعف حذرها سواء في العمل أو في المنزل لمحاولة حماية نفسها وأسرتها والمرضى.

مشكلات الممرضات وتشريعات غير منصفة

عبد الباسط غلقاوي المكلف باللجنة العلمية صلب النقابة الوطنية للمرضين التونسيين يؤكد لـ”درج”، تلقي النقابة عشرات الشكاوى من الممرضات خلال فترة “كورونا” وقبلها جراء تعرضهن لتعنيف لفظي ومادي.

هذه الشكاوى تعكس أزمة تعيشها الممرضات اللواتي يشكلن العدد الأكبر من الجسم التمريضي. 

وفي ظل غياب رقم رسمي من وزارة الصحة التونسية، تشير إحصاءات تقريبية للنقابة الوطنية للممرضين التونسيين وجود حوالى 30 ألف ممرض يعملون في المستشفيات العمومية، يفيد غلقاوي بأن أغلبهم نساء.

يعيب غلقاوي أن الممرضة التونسية دائماً ما توضع في  ظروف سيئة مشيراً إلى أنه من المخزي تحميلهن أعباء إضافية على واجباتهن الأصلية، إذ تلقت النقابة في وقت سابق شكوى بخصوص إجبار طبيب ممرضة على التنظيف غرفة التمريض وهو ليس من مهماتها أبداً.

ولعل من بين المشكلات الأكبر التي تجابه الممرضات  تحديداً، هو ترهيب إدارات المستشفيات ورؤسائهن في العمل، بخاصة أن بعض الإدارات يتناسى الطبيعة الشاقة لمهنة التمريض وحتى الجزء الإنساني فيها.