fbpx

يوميات كهرباء لبنان المقطوعة: طعامنا فسد وأشغالنا توقفت!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أزمة الكهرباء رافقت اللبنانيين على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، وهي أحد أكبر ملفات الفساد والهدر إذ يقدر ما تم صرفه على هذا القطاع ما بين عامي 1993 و2018 ما يقارب الـ37 مليار دولار ومع ذلك وجد اللبنانيون أنفسهم مجدداً تحت رحمة العتمة والحرارة العالية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعيش ليلى (50 سنة) على جهاز تنفس اصطناعي منذ أكثر من 20 عاماً، بسبب وضع صحيّ دقيق. تسحب خلفها الشريط الكهربائي وتسير من الصالون إلى المطبخ لتنهي طبخة المجدرة لعائلتها، تحرّك الطبق، ثم تعود إلى كرسيها في الصالون. يقول زوجها: “قبل مدة قصيرة قررت أن أشتري مولداً كهربائياً من أجل الجهاز الذي تتنفس منه زوجتي. لم أعد قادراً على تحمّل الرعب كلما قطع التيار الكهربائي. دفعت كل ما أملكه لشرائه”.
يتابع: “في ظل العتمة شبه الشاملة التي تعيشها البلاد الآن أحمد الله لأنني اشتريت لزوجتي المولد وإلا ربما كنت سأخسرها. لا يمكنها أن تتنفس من دونه”. ثم يضيف: “لكننا الآن نعيش تحدياً آخر. فهناك صعوبة حقيقية في إيجاد مازوت للمولد. صاحب المحطة التي كنت أشتري منا المازوت يخبرني أنه لا يملك حتى ليتراً واحداً”.
ينهي حديثه ويهمّ بالخروج إلى عمله، هو ناطور في إحدى المؤسسات. يقول قبل أن يغادر: “انشالله ما يشحطوني”.
سامر شحادة طالب جامعيّ في فرنسا، لكنه زار لبنان قبل تفشي “كورونا” ولم يستطع العودة حتى الآن. يقول: “أتابع صفوفي أونلاين، حتى أنني أجريت امتحاناتي افتراضياً. لكنني الآن أعاني الأمرين مع الكهرباء التي لا تأتي. أخشى ألا أستطيع إتمام امتحاناتي المتبقية وأخسر عامي الجامعي”.
يضيف سامر: “قبل الآن كنت أشكر الله لأنني لم أكن في فرنسا في هذه الفترة، بسبب صعوبات تحويل الأموال. لكن اليوم أشعر بأن مستقبلي مهدد بسبب هذا التقنين الخانق”.

ويشكو أصحاب المؤسسات من التقنين الكهربائي الذي أدّى إلى تعطّل مصالحهم. يقول أحمد، (صاحب ميني ماركت، 35 سنة): “لا أعرف ماذا أفعل بالطعام في البرادات وكيف أبيع الناس وأكسب رزقي. الطعام والمشروبات تفسد في البرادات بسبب التقنين، ولا أستطيع شراء مولّد كهربائي. ماذا أفعل؟ هل أقفل محلّي وأجلس في البيت؟”.

لماذا التقنين؟

الانهيار المالي في لبنان، لم يقتصر على البطالة واحتجاز أموال المودعين في المصارف، إذ أدى أيضاً إلى نقص الوقود، ما فاقم انقطاع التيار الكهربائي في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية.

وأزمة الكهرباء رافقت اللبنانيين على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، وهي أحد أكبر ملفات الفساد والهدر إذ يقدر ما تم صرفه على هذا القطاع ما بين عامي 1993 و2018 ما يقارب الـ37 مليار دولار ومع ذلك وجد اللبنانيون أنفسهم مجدداً رحمة العتمة والحرارة العالية.
في تفاصيل الأزمة بشكلها الأخير، فقد نشب خلاف بين لبنان وشركة “سوناطراك” الجزائرية للبترول في نيسان/ أبريل 2020، على خلفية اكتشاف شحنة “غير مطابقة للمواصفات”، ما أثار بلبلة كبيرة، علماً أن الاتفاق بين الجانبين يعود إلى كانون الثاني/ يناير 2006. أما مشكلة الكهرباء في لبنان عموماً فتعود إلى سنوات طويلة من الصراعات السياسية، التي انتهت حتى الآن بالمزيد من الخطط، والمزيد من التقنين في المقابل.
وافقت “سوناطراك” على استعادة الشحنة المغشوشة، ومواصلة تزويد لبنان بالوقود حتى نهاية العقد في 31 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، في حين لا معلومات واضحة حول إمكان تجديد العقد، إلا أنه عُلم أن الشركة الجزائرية أبلغت وزارة الطاقة اللبنانية بعدم رغبتها في ذلك.

“قبل مدة قصيرة قررت أن أشتري مولداً كهربائياً من أجل الجهاز الذي تتنفس منه زوجتي. لم أعد قادراً على تحمّل الرعب كلما قطع التيار الكهربائي. دفعت كل ما أملكه لشرائه”.

نقص المازوت في الأسواق اللبنانية بسبب صعوبات استيراده وأزمة الدولار، أدى إلى ارتفاع أسعاره في السوق السوداء، فكان على أصحاب المولدات الكهربائية تقليص ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، فبدت ليالي بيروت ومختلف المناطق ونهاراتها، في عتمة شبه شاملة.
وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر كان وعد بأن “مشكلة التقنين بدأت تُحلّ تدريجاً، مع وصول شحنات الوقود تباعاً، إنما حتى الآن، لا تحسن في التغذية، لا بل تزيد ساعات التقنين في ظل حرارة تناهز الـ40 درجة. يجلس اللبنانيون في بيوتهم بلا مكيفات أو أجهزة تبريد، يفسد الطعام في ثلاجاتهم ويحترقون تحت الأشعة.
تقول لينا (ربة منزل، 48 سنة): “ألا يكفي أن سعر كيلو لحمة البقر يتجاوز الـ50 ألف ليرة؟ الآن تفسد اللحمة في الثلاجة وكذلك الخضر والألبان والأجبان ولا أحد يأبه لحالنا”.

أزمة مستشفيات


ومع تخطي إصابات “كورونا” اليومية الـ150 حالة يومياً، تعيش المستشفيات إضافة إلى أزمة تعثّر استيراد الأدوية والمعدات الطبية، أزمة أخرى مع التقنين الكهربائي.
واضطر مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت، إلى قطع الكهرباء عن أقسامه الإدارية، بغية الانتفاع بها لوقت أطول في الأقسام الطبية.
وقال وزير الصحة اللبناني حمد حسن، إنه تم الاتفاق على ربط المستشفى بأكبر خط للتيار الكهربائي، وعلى تأمين مادة المازوت بالسعر الرسمي لكل المستشفيات الحكومية والخاصة.