fbpx

ماكرون وجهاً لوجه مع “الفاسدين اللبنانيين”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

ماكرون لم يتردد بمفاتحة السكان بعدم ثقته بالسلطة. الرجل أفصح عن قناعته هذه في الشارع، وليس في أحد الصالونات الديبلوماسية. الأرجح أن الحدث غير مسبوق، وهو على رغم ذلك لم يخلّف بالرؤساء وبالمسؤولين خجلاً…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خاطب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اللبنانيين خلال تجوله في أحياء بيروت المنكوبة قائلاً: “المساعدات الفرنسية لن تنتهي بأيدي الفاسدين”. 

لا شيء أبلغ من هذه الجملة تعبيراً عن صورة الطبقة السياسية الحاكمة، بدءاً بمن استقبل ماكرون في المطار ووصولاً إلى ضيوف المائدة التي أعدها ميشال عون للضيف الفرنسي. وماكرون الذي اختار أن يمضي وقتاً مع سكان المناطق المنكوبة في بيروت سمع من اللبنانيين ما كان ينتظره منهم. قالوا له أنهم جميعاً فاسدون، وأن الفساد لا تقتصر نتائجه على إفقار الناس، بل أن الفساد اللبناني قاتل ومدمر، وأن بيروت اليوم مدينة مدمرة بفعل الفساد، لا بفعل حرب ولا بفعل مواجهة.

وكان ماكرون قال في المطار أن المساعدات الفرنسية سيتم توزيعها مباشرة للمحتاجين، وليس عبر أي وسيط، وما لم يقله على المطار أوضحه في شارع الجميزة، فالخوف على المساعدات من الفاسدين كشفه ماكرون من دون مواربة. لن تمر المساعدات عبر أجهزة السلطة خوفاً عليها من أن تُسرق.

الحدث سيؤسس لمستوى مختلف في العلاقة ليس بين فرنسا ولبنان، انما أيضاً بين اللبنانيين وسلطتهم. فخفض مستوى الاحترام الدولي بهذه السلطة إلى هذا الدرك سينزع ما تبقى من حصانات كانت السلطة ما زالت تحتمي بها.

زيارة الجميزة تعني الكثير. إنها المحطة الأهم في زيارة الرئيس الفرنسي. الجميزة ومار مخايل والحمرا هي خواصر بيروت الرخوة، تلك التي تولى سكانها المبادرة إلى اطلاق التظاهرة. إنها المناطق غير “الأهلية”، والتي يأوي إليها مضطهدو الجمهورية، ولكن أيضاً فنانوها وأقلياتها الشبابية والجندرية، الذين لا يشبهون أهل الأحزاب ومجتمعات الطوائف، وهم إلى هؤلاء سكان بيروت القدماء ممن يقيمون في تلك المباني الجميلة التي دمرها التفجير الهائل، وهي مبانٍ تمُت للذاكرة الفرنسية بصلة أكيدة.

الزيارة مثلت فضيحة سياسية للطبقة الحاكمة. ماكرون لم يتردد بمفاتحة السكان بعدم ثقته بالسلطة. الرجل أفصح عن قناعته هذه في الشارع، وليس في أحد الصالونات الديبلوماسية. الأرجح أن الحدث غير مسبوق، وهو على رغم ذلك لم يخلّف بالرؤساء وبالمسؤولين خجلاً، بل هم استمروا بانتظاره هناك في القصر.

محطة الجميزة في زيارة ماكرون ستكون عقدة الزيارة، وهي على الأرجح هدفها الأول. المعلومات تقول أن الرئيس الفرنسي رفض أن يرافقه فيها رئيس الحكومة اللبنانية، وهو لم يكترث لنصائح أمنية بتفاديها، وهذا ما يؤشر إلى أن الرئيس الفرنسي جاء ليسمع بنفسه ما سيقوله اللبنانيون عن الكارثة التي حلت بهم، وأنه لا يريد وسطاء بينه وبين المواطنين المنكوبين.

الحدث سيؤسس لمستوى مختلف في العلاقة ليس بين فرنسا ولبنان، انما أيضاً بين اللبنانيين وسلطتهم. فخفض مستوى الاحترام الدولي بهذه السلطة إلى هذا الدرك سينزع ما تبقى من حصانات كانت السلطة ما زالت تحتمي بها. وعدم الثقة يمتد طبعاً إلى التحقيق بالانفجار، ذاك أن فريق التحقيق الفرنسي وصل وسيشارك في التحقيق.

لن يكون مهماً ما دار في صالون القصر من محادثات، فالرسالة وصلت قبلها، ولن يضع أحد يده بيد هذه السلطة إذا لم يرحل كثيرون ويحاسب كثيرون. لن يرحلوا من تلقائهم، لكن ماكرون قال للبنانيين من الجميزة أن دولتكم فاسدة وعليكم أن تتحركوا. ولن يقوى حسان دياب هذه المرة أن يقول للرئيس الفرنسي ما قاله لوزير خارجيته.