fbpx

دمار مرفأ بيروت… أزمة غذائية تلوح في الأفق؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يمكن أن تقوم دولة من نكبة بحجم تفجير 4 آب/ أغسطس، بفضل المساعدات الغذائية والإنسانية وحدها، يحتاج الأمر بدايةً إلى إدارة شفافة تتسم بالمساءلة والجدية والعمل من أجل المصلحة العامة، لا مصالح الأطراف السياسيين وأزلامهم…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إلى جانب الكارثة الإنسانية التي يواجهها لبنان بعد انفجار المستودع رقم 12 في مرفأ بيروت والنكبة التي أصابت المدينة والبلاد، تلوح في الأفق أزمة جديدة تضاف إلى الأزمات المفتوحة الكثيرة، وهي أزمة استيراد ومن خلفها أزمة غذاء.

فمرفأ بيروت المدمّر، هو أكبر نقطة شحن وتخليص بحرية في لبنان، وتمر من خلاله قرابة 70 في المئة من حركة التجارة الصادرة والواردة من البلاد وإليها. 

ويبدأ الحديث الآن وفق توصية المجلس الأعلى للدفاع، عن توجيه حركة الاستيراد والتصدير إلى مرفأ طرابلس بعد دمار مرفأ بيروت، حيث حطّم الانفجار المستودعات وإهراءات القمح الذي كان من شأنها تلبية الحاجة المحلية على مدى 6 أشهر.

يحتاج الأمر بدايةً إلى إدارة شفافة تتسم بالمساءلة والجدية والعمل من أجل المصلحة العامة، لا مصالح الأطراف السياسيين وأزلامهم، الذين كانوا على علم بوجود مستودع خطر في مرفأ بيروت، بين بيوت الناس ومكاتبهم ومدارسهم، وبقوا صامتين، حتى حصل ما حصل.

لكن مرفأ طرابلس الذي يحتاج إلى توسعة وإلى دعم ورعاية، وقد صمّت الدولة أذنيها لاستغاثاته منذ وقت طويل، ربما لن يستطيع استيعاب حجم الحركة التجارية التي كان يتولاها مرفأ بيروت.

فمرفأ طرابلس يستقبل سنوياً نحو 450 باخرة سنوياً، فيما مرفأ بيروت يستقبل نحو 2000 باخرة سنوياً. وفي مرفأ طرابلس حوض واحد، فيما هناك 4 أحواض في مرفأ بيروت.

أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية في لبنان ناصر ياسين يوضح لـ”درج” أن “الأزمة ستكون كبيرة في بلد يستورد 80 في المئة من السلة الغذائية ومعظم عمليات الاستيراد هذه تُجرى عبر مرفأ بيروت الذي تحطّم الآن وأصبح خارج الخدمة. مع العلم أن مرفأ بيروت كان يلعب دوراً مهماً في عمليات الترانزيت أيضاً، لا سيما مع اندلاع الصراع السوري، وحاجة سوريا إلى استيراد عبر بيروت”.

ويشير إلى أن “عملية إعادة بناء المرفأ المدمّر قد تتطلّب سنوات، ونحن لا نثق بهذه الدولة وبأي شيء تقوم به، فمشاريع كثيرة كان يفترض أن تنتهي في سنة، لكنها احتاجت إلى سنوات ولم تنفّذ”. ويتابع: “هناك أسئلة كثيرة نريد طرحها عن المرفأ الذي تديره لجنة موقتة وعن الجمارك وعن الحوكمة في إدارة المرافق العامة الحيوية، وهي أسئلة نحتاج إلى إجابات عليها لنفهم كيف حصل ما حصل ولنقي البلاد كارثة أخرى”.

ويسأل ياسين: “كيف يمكن أن نثق بأنهم سيبنون مرفأ آخر في غياب الادارة والمساءلة؟”.

ويلفت إلى موضوع المساعدات التي بدأت تصل لمساعدة لبنان المنكوب، مشيراً إلى أنها مرحلية ولا يمكن البناء عليها لفترة طويلة، لا سيما أننا قد نكون أمام أزمات متنوّعة، إضافة إلى أننا نشكّ في أنّ هناك شفافية في توزيع هذه المساعدات على المحتاجين أو استثمارها في المكان المناسب. فنحن نعلم أن زعماءنا يبحثون دائماً عن مصالحهم واستفادتهم من أي شيء، حتى حين يتعلّق الأمر بمساعدات إنسانية”.

هل يطير الدولار؟

وفي ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، والتي أضيفت إليها النكبة الإنسانية والاجتماعية، يدور سؤال حول الدولار وإمكان أن يشهد المزيد من الارتفاع، لا سيما أن الدولة اللبنانية كانت أعلنت أنها ستقدّم تعويضات للمتضررين. وهذه التعويضات بالليرة اللبنانية تعني أننا متجهون إلى طبع المزيد من الليرات، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى المزيد من التضخّم وارتفاع سعر الدولار أكثر وأكثر مقابل الليرة اللبنانية المتهاوية أصلاً. 

المرفأ الذي كان…

يقع مرفأ بيروت في منطقة استراتيجية تربط بين الأسواق التجارية لكل من آسيا وأوروبا وأفريقيا، لذلك كان المرفأ، الذي افتتح عام 1894، يستخدم لاستيراد المواد الأساسية من دول العالم وتصديرها عبر الداخل اللبناني إلى دول الشرق الأوسط. ما جعل مرفأ بيروت الأهم في لبنان ومن أهم الموانئ في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.

ولدى المرفأ ارتباط مباشر مع 56 ميناء في القارات الثلاث، ويستقبل البضائع ويصدّرها بالتعاون مع 300 مرفأ حول العالم.

ويتألف من 4 أحواض يصل عمقها إلى 24 متراً، إضافة إلى حوض خامس كان قيد الإنشاء. ويضم 16 رصيفاً، والكثير من المستودعات وصوامع تخزين القمح.

وخلال سنتي 2005 و2018، نمت حمولة البضائع عبر المرفأ بمتوسط سنوي 4.6 في المئة، من 4.48 ملايين طن سنوياً عام 2005 إلى متوسط 8 ملايين طن عام 2018.

ومع انهيار المرفأ وتوقف حركته، تبدو البلاد أمام أزمة مفتوحة، وإن كان البعض يستبعد حصول أزمة طحين أو قمح، بفضل المساعدات التي تصل إلى البلاد من دول عدّة. لكن في الواقع لا يمكن أن تقوم دولة من نكبة بحجم تفجير 4 آب/ أغسطس، بفضل المساعدات الغذائية والإنسانية وحدها، يحتاج الأمر بدايةً إلى إدارة شفافة تتسم بالمساءلة والجدية والعمل من أجل المصلحة العامة، لا مصالح الأطراف السياسيين وأزلامهم، الذين كانوا على علم بوجود مستودع خطر في مرفأ بيروت، بين بيوت الناس ومكاتبهم ومدارسهم، وبقوا صامتين، حتى حصل ما حصل.