fbpx

من “واتساب” الى المحاكم الأميركية:
الجبري يواجه بن سلمان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعيش المعارض السعودي سعد الجبري في تورنتو في كندا في مكان لم يُكشف عنه، ويقال إنه قام بتسجيل مطول يُحتفظ به في مخبأ سري لكشفه في حال انتهى الحال به إلى ما آل إليه الصحافي جمال خاشقجي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وجهت المحكمة الاتحادية في العاصمة الأميركية واشنطن مذكرة استدعاء إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تطالبه بالرد في مدة أقصاها 21 يوماً، على الادعاءات ضده و12 متهماً غيره، بينهم سعود القحطاني وأحمد عسيري وبدر العساكر، في القضية التي رفعها المسؤول الأمني السابق د. سعد الجبري واتهامهم بمحاولة اغتياله.

ويبدو أن ملف الجبري أخذ أبعاداً أكبر مما كان متوقعاً، فبالوثائق والأدلة التي استخدمت، وحتى الرسائل الخاصة عبر تطبيق “الواتساب”، بين الجبري، مساعد وزير الداخلية السعودي السابق محمد بن نايف، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتهديدات الأخير له بتصفيته ما لم يعد إلى السعودية، رفع الجبري قضية في محكمة مقاطعة كولومبيا الفيدرالية في العاصمة الأميركية واشنطن، تتهم ولي العهد السعودي بإرسال فرقة تدعى “فرقة النمر” لتصفيته حيث كان يقيم عام 2017، في بوسطن الأميركية، ما اضطره للهروب إلى كندا. 

ووفقاً لتقارير إعلامية عالمية سربت تفاصيل الخلاف الحاد بين الرجلين، فإن بن سلمان أرسل الفرقة إلى كندا لتنفيذ عملية قتل خارج إطار القانون بعد أيام قليلة من قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018، لكن السلطات الكندية أحبطت المحاولة بعد شكوك حول مجموعة سعوديين ادعوا عدم معرفة بعضهم بعضاً، على رغم وجود صورة تجمعهم معاً. وحاولوا الدخول إلى أراضيها بتأشيرات سياحية حصلوا عليها في أيار/ مايو 2018، وكان بعضهم يحمل حقائب لأدوات الطب الشرعي، كما كان بينهم خبير يشبه اختصاصه اختصاص صلاح الطبيقي الذي تولى مهمة تقطيع جثة خاشقجي بعد القضاء عليه.

تطورات القصة

على ثلاث مراحل كبرت القصة وبلغت حد استدعاء محمد بن سلمان للمثول أمام محكمة واشنطن الفيدرالية والرد على الاتهامات. فالحكاية بدأت عند تناول وسائل إعلام غربية في أيار/ مايو من العام الحالي أخباراً تشير إلى اعتقال أبناء المسؤول الأمني السابق سعد الجبري واحتجازهم رهائن إلى حين عودة والدهم إلى السعودية، منذ شهر آذار/ مارس 2020. كما أشارت التسريبات حينها إلى ملاحقة السعودية الجبري واستدراجه للسفر إلى تركيا حيث يملك منزلاً، فيما تقول السلطات السعودية إن الجبري وأعوانه نهبوا نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة أثناء عملهم على صندوق مكافحة الإرهاب، وطالبت السعودية الانتربول رسمياً بتسليم الجبري، لكن الطلب رُفض على اعتبار أن وراءه دوافع سياسية.

وفقاً لتقارير إعلامية عالمية سربت تفاصيل الخلاف الحاد بين الرجلين، فإن بن سلمان أرسل الفرقة إلى كندا لتنفيذ عملية قتل خارج إطار القانون بعد أيام قليلة من قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018، لكن السلطات الكندية أحبطت المحاولة

وهكذا تطورت المسائل لترد السعودية عبر وسائل إعلامية ومواقع التواصل بحملة تروّج لاتهام الجبري بعلمه بفساد بن نايف وتعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين، ما دفع الجبري للرد على هذه الاتهامات بالوثائق وعبر المحاكم الاتحادية في الولايات المتحدة.

ورفعت القضية في محاكم العاصمة الأميركية، على رغم إقامة الجبري حالياً في كندا برفقة ابنه، بحجة ارتكاب المخالفات على الأراضي الأميركية فضلاً عن وجود أملاك خاصة للجبري في الولايات المتحدة، إذ تقبل المحكمة الفيدرالية النظر في القضايا التي تكون الولايات المتحدة طرفاً فيها، وتلك التي تنطوي على انتهاكات للدستور أو القانون الفيدرالي، وقضايا الإفلاس، والقضايا المتعلقة بقانون الولاية والتي تشمل أطرافاً من ولايات مختلفة، والجرائم على الأراضي الفيدرالية. وهذه الأخيرة يبدو أنها ستكون مربط الفرس، فعلى رغم أن القضية مدنية وقد تنتهي بتعويضات مالية في حال جاء الحكم لمصلحة الجبري، إلا أن القضية يمكن أن تأخذ منحى جنائياً، بناء على تعاطي المدعي العام في القضية. وهذا أمر وارد وسط ردود فعل الأوساط السياسية الأميركية، بخاصة في الكونغرس الأميركي ووزارة الخارجية التي أثنت في رسالتها للكونغرس على دور الجبري في صد الإرهاب واصفة إياه بالشريك القيم، وقالت إن الخارجية تعهدت العمل مع البيت الأبيض. 

ويبدو أن الجبري اكتفى بهذه الخطوة التي ترد مادياً على اتهامات بن سلمان له بالفساد والسرقة من المال العام مع الأمير محمد بن نايف، وبدلاً من أن يسلمه الانتربول إلى السعودية كفاسد ومختلس، فقد يحصل على مزيد من الأموال، لتكون خطوة قد تخلص أبناءه من الاعتقال التعسفي وسط مقايضات، وإلا ربما نسمع المزيد من المعلومات السرية وما قد تؤول إليه المحاكمة من جرائم جنائية ارتكبها ولي العهد السعودي بما في ذلك توثيق محاولته اغتيال خاشقجي.  

من هو سعد الجبري؟

والجبري (61 سنة) اليد اليمنى لولي العهد السابق ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ال سعود، أنهى دراسة البكالوريوس والماجستير في السعودية وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ادنبره ودرس فيها هندسة الكمبيوتر، وتخصص في الذكاء صناعي، وعمل مع وزارة الداخلية السعودية لأكثر من عقدين. وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإن الجبري علم بإقالته من منصبه “وزير الدولة والعضو في مجلس الشؤون السياسية والأمنية”، أواخر عام 2015 من خلال الإعلان الرسمي على شاشة التلفزيون السعودي الرسمي، إثر لقائه بمدير الاستخبارات المركزية الأميركية آنذاك جون برينان في واشنطن من دون علم محمد بن سلمان. وقد قرأها كثر آنذاك بأنها بداية النهاية لبن نايف الذي عُزل من منصبه كولي للعهد ووزير الداخلية بعد نحو سنة ونصف السنة من إقالة مساعده الأول، ووضع في إقامة جبرية، فضلاً عن إغراق منصات التواصل الاجتماعي بمنشورات مباشرة وغير مباشرة تتهمه بإدمانه على المخدرات، حتى خرجت الأخبار أخيراً مؤكدة اعتقاله في آذار الماضي وفي ظروف لا إنسانية تشكك بسلامة صحته.

ويعرف عن الجبري أنه لعب دوراً محورياً في مكافحة السعودية وحربها ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة، فضلاً عن التنسيق الأمني مع أجهزة الاستخبارات الدولية، وفي الوقت نفسه يتهمه نشطاء ومعارضون بخاصة من الأقلية الشيعية السعودية بأنه كان المخطط لاعتقالاتهم وفتح النيران في وجه تظاهراتهم التي تـأججت تزامناً مع الربيع العربي.

الجبري الذي غادر بلاده في أيار 2017، للعلاج كما قال حينها، قبيل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السعودية، سافر باتجاه تركيا وأميركا بعد الإطاحة بمحمد بن نايف في حزيران/ يونيو 2017، أي بعد شهر من خروجه، ووسط خوف وحراسة أمنية مشددة تحت حماية ضباط الخيالة الملكية الكندية المدججين بالسلاح. يعيش اليوم في تورنتو في كندا في مكان لم يُكشف عنه، كما ذكرت الأنباء أنه قام بتسجيل مطول يُحتفظ به في مخبأ سري لكشفه في حال انتهى الحال به إلى ما آل إليه الصحافي السعودي جمال خاشقجي.