fbpx

لبنان : “المشانق” أرعبت الحكام فاحتموا بقانون الطوارئ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مشهدية المشانق الرمزية ودعوات المحاسبة من أعلى هرم السلطة في لبنان وليس من أسفله تلك هي المشكلة التي أغضبت زعماء لبنان وجعلتهم ربما يتحسسون رقابهم فعلاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بماذا شعر زعماء لبنان عندما رأوا صورهم معلقة على مشانق رمزية نصبها متظاهرون غاضبون بعد يومين من جريمة انفجار المرفأ؟ 

بماذا شعروا وهم يسمعون صرخات ألم وغضب ولعنات تنصبّ عليهم جميعاً عبر الشاشات وفي ساحات التظاهر وعبر السوشيال ميديا؟

جواب أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله الأخير كان جلياً… الغاضبون المحتجون والمعترضون جلّهم من الخونة تحركهم سفارات ومؤامرات وإعلام لإسقاط الدولة، طبعاً هو يقصد دولته وعهده.

يبدو أن وقع المشانق الرمزية كان ثقيلاً عليه.

بعد نحو 10 أيام من أكبر جريمة عرفها لبنان في تاريخه ما زال أركان السلطة وفي مقدمهم “حزب الله”، يتصرفون ويتحدثون وكأن ما حصل كان “حادثاً” عابراً يمكن تجاوزه بأدوات وخطابات ما قبل 4 آب/ أغسطس ذاتها. 

 لم يُدرك هؤلاء الطغاة فداحة ما حصل وهوله. لم يشعروا بالعصف الذي فجر جدران منازل آلاف اللبنانيين وقتل جرح أحبائهم، ولم تصب منازلهم شظايا الزجاج وحطام الأحجار. 

لم يشعروا بأن أرواح آلاف اللبنانيين زلزلتها جريمة كامنة كان يتم التحضير لها منذ سنوات. لم يخطر ببال اللبنانيين أن مجزرة المرفأ كانت تترصدهم وهم يعيشون ويسهرون وينامون ويمشون قربها.

لم يبال طغاة لبنان بمئات القتلى ولا بآلاف الجرحى، فهؤلاء بالنسبة إليهم مجرد رقم سيتجاوزه فسادهم وطائفيتهم. 

كانوا يعلمون أن هناك كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في قلب العاصمة وهو ما اعترف أمنيون ومسؤولون به، بل واعترف رئيس الجمهورية ميشال عون شخصياً، بأنهم كانوا يعلمون به لكنهم لم يحركوا ساكناً وكأن تخزين شحنة موت هائلة في المرفأ وسط العاصمة وبين الناس هو شأن عادي يمكن حلّه بمراسلات روتينية على نحو ما برر الرئيس عون. 

حالة طوارئ ستمنح المحاكم العسكرية، التي من المعروف أنها تحت قبضة “حزب الله” والتيار العوني بشكل أساسي، سلطة أكبر لقمع الحريات وتقييد عمل الصحافيين ومحاكمة المدنيين

لم يستطع مسؤول واحد أو زعيم واحد في لبنان أن يكون على مستوى الجريمة. 

عون وفريقه اعتبرا أن الجريمة فرصة لفك الحصار الدولي عن عهده. 

“حزب الله” رأى في الغضب الذي أعقبها استهدافاً لدولته وسلاحه وعجز أمينه العام عن إبداء ولو كذباً حساسية بمستوى الألم كما فعل حين قتل صديقه ومرشده قاسم سليماني مثلاً. 

“تيار المستقبل” انكفأ إلى ضريح مؤسسه ولاذ به عاجزاً عن الاحاطة بما حدث… 

القوات اللبنانية تحدثت عن مصاب “الأشرفية” لا لبنان، والاشتراكي حاول لعب دور المعارض لا الشريك الدائم في دولة المغانم.

كل ما سبق يفترض أن يتعامل معه اللبنانيون بهدوء وتهذيب وسعة صدر، لكن مشهدية المشانق الرمزية ودعوات المحاسبة من أعلى هرم السلطة في لبنان وليس من أسفله تلك هي المشكلة التي أغضبت هؤلاء الزعماء بل وجعلتهم ربما يتحسسون رقابهم فعلاً. وليس مفاجئاً أن يتسلل مندسون فجر تظاهرات المشانق ليحرقوا الصور والحبال المعلقة الرمزية خصوصاً تلك التي حملت صورة أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله بصفته أبرز الزعماء الذين تستهدفهم الاتهامات بالمسؤولية عن الجريمة.

لماذا الطوارئ؟

الكارثة هي أن الحكومة التي استقالت بعد أقلّ من أسبوع من المجزرة ذهبت في اتجاهات لا تتناسب مع حجم الجريمة، ولا توحي أصلاً بأن أحداً أدرك ما حصل. فالفوضى الهائلة في عمليات الاغاثة وبطء رفع الانقاض وقصور البحث عن مفقودين وتتبع أحوال المنكوبين بدا نتيجة حتمية لسلطة عاجزة عن التفاعل مع جريمة بهذا الحجم خصوصاً حين تتحمل هي مسؤوليتها المباشرة. 

كان الحل من وجهة نظر السلطة إعلان حال الطوارئ، وهو ما بدا رداً دفاعياً عن زعماء المحاصصة السياسية لا دفاعاً عن اللبنانيين. 

هذا القرار أي إعلان حال الطوارئ، يؤدي عملياً إلى تسليم مقاليد السلطة إلى الجيش مع ما يعنيه ذلك من سلطة مباشرة للعسكر لضبط حريات التجمع والتظاهر وقمعها واتخاذ قرارات تعسفية. 

فالسلطة الحاكمة بطيفيها الأكبر أي “حزب الله” والتيار العوني، تدرك أن تجاهل مجزرة المرفأ وتجاوزها كجرائم كثيرة سابقة لن يحصل. 

السلطة الحاكمة بطيفيها الأكبر أي “حزب الله” والتيار العوني، تدرك أن تجاهل مجزرة المرفأ وتجاوزها كجرائم كثيرة سابقة لن يحصل.  بدا جلياً أن اعتماد هذين القطبين على الشارع الموالي وتنظيمه المسيرات المؤيدة لن يجدي. من هنا كان اللجوء إلى وضع الجيش في الواجهة وجعله يتصدر المشهد

بدا جلياً أن اعتماد هذين القطبين على الشارع الموالي وتنظيمه المسيرات المؤيدة لن يجدي. من هنا كان اللجوء إلى وضع الجيش في الواجهة وجعله يتصدر المشهد، وما كلام الأمين العام للحزب عن أنه طلب من جمهوره ضبط غضبه لا تهدئته، بانتظار استخدامه في مرحلة لاحقة، سوى تهديد مباشر ربما سيكون مرادفاً لاستخدام الجيش في المرحلة الدقيقة المقبلة.

وحالة الطوارئ في لبنان تفتح باب مواجهةٍ جديداً بين النظام السياسي والانتفاضة، وهي خطوة تسعى من خلالها منظومة الحكم إلى اكتساب قوة عسكرية نظامية لضرب الحراك ومطالب المحاسبة والعدالة نتيجة الجريمة.

حالة طوارئ ستمنح المحاكم العسكرية، التي من المعروف أنها تحت قبضة “حزب الله” والتيار العوني بشكل أساسي، سلطة أكبر لقمع الحريات وتقييد عمل الصحافيين ومحاكمة المدنيين. فقيادة الجيش والأجهزة الأمنية ليست مستقلة عن النظام السياسي الحاكم وهي عاجزة عن تسيير فترة الطوارئ بشكل حيادي، بل على العكس سهّلت أن يُستخدم الجيش كيد ضاربة لمواجهة الاعتراض.

هذا الحال يعني أن هناك كارثة تنتظر لبنان إذا نظرنا إلى احتمال استنساخ المشهد السوري أو المصري أو التونسي أو العراقي، فالثورة في سوريا بدأت ضد نظام سياسي، ولكن سريعاً تحولت إلى مواجهة بين الشعب والجيش بصفته حامياً للسلطة وضارباً بسوط معتقلاتها وأدوات تعذيبها. 

هل يمكن اعتبار أن جيش لبنان يتمايز كثيراً عن الجيش السوري خصوصاً بعد تكرار حوادث مقتل سجناء في التوقيف ومن حيث وجود قادة عسكريين موالين مباشرة للرئيس عون أو لـ”حزب الله”؟

واضح أن هناك اليوم ومن خلال حالة الطوارئ محاولة لزج الجيش في الساحة السياسية خدمةً للنظام القائم، الذي بات يعلم بأنه مرفوض شعبياً إقليمياً ودولياً، وأنه لم يعد يمتلك أي ورقة للاستمرار سوى في التستر خلف المؤسسة العسكرية. 

وفعلاً بدأت تظهر مؤشرات لما يراد للجيش أن يلعبه من أدوار سواء في ضبط أداء الإعلام أو في متابعة جهود التطوع والإغاثة.

لقد اكتشف اللبنانيون منذ مجزرة مرفأ بيروت، أنهم يواجهون مرة أخرى جريمة هائلة من دون أن تتوفر لديهم مؤسسات قضائية وأمنية محصنة وقادرة على التحقيق فيها وتحديد المسؤوليات بتجرّد وبصورة مستقلة وشفافة.

إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي تشكّل لجوءاً جديداً إلى محكمة تُجرى فيها المحاكمة وفق أصول استثنائية لا تراعي شروط المحاكمة العادلة. هذا تماماً ما ضاعف من المطالبات بمحاكم دولية. 

الأيام التي أعقبت مجزرة المرفأ كشفت حجم الارتكابات بحق اللبنانيين ودرجة انعدام الحساسية حيال مصابهم ورفض تحمل المسؤولية عنها. قرار حال الطوارئ يصعب فهمه سوى أنه مدخل لمغامرات قد تكون باهظة الثمن كان يمكن تفاديها.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!