fbpx

جبران باسيل أيقونة لـ”المقاومة”… محرّمٌ مسها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مأزق “حزب الله” صار كبيراً. فلكي يؤمن شبكة حماية لنفسه عليه أن يخوض معارك دفاع عن جبران باسيل، والأخير تحول إلى ضامن لا يمكن الاستغناء عنه لسلاح “حزب الله”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 التعرض لجبران باسيل بعد اليوم سيكون جزءاً من حملة على “سلاح المقاومة”. إشارة انطلاق هذه المعادلة أعطيت اليوم. صحيفة “الأخبار” رسمتها على نحو واضح، وبالأمس حملتها برامج الـ”نيو تي في” بوصفها تنويعة، ستتحول قريباً إلى ثابتة في نشرات أخبارها، إلى جانب ثوابت أخرى مثل حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ونديمه مدير بنك الموارد مروان خير الدين. أميركا هي من يحمي رياض سلامة وهي من ثبته في موقعه طوال ثلاثة عقود، لكنها هي نفسها مولت تحقيقاً عن ثروته كان ليطيحه لولا حماية أخيرة وصلته توّجها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعبارته الشهيرة: “نحن بحاجة لهذا الرجل”.

“التعرض لجبران باسيل هو تعرض لسلاح المقاومة”! لكن في النهاية تبقى هذه المعادلة صحيحة على رغم هولها. فسلاح المقاومة هو من جاء بجبران باسيل إلى رأس هرم السلطة، وبالتالي فإن ما يمثله الرجل من فساد وضيق ومذهبية واحتكار، هو بدوره امتداد لوظيفته في حماية السلاح. الجريمة الكبرى التي ارتكبت في بيروت عشية الرابع من آب/ أغسطس هي أيضاً امتداد لحال ارتهان مؤسسات الدولة إلى ماكينة الفساد التي تحمي سلاح المقاومة. واليوم تم إشهار هذه المعادلة على نحو واضح ومكشوف. علينا منذ الآن أن نتحسس رقابنا كلما حضر جبران باسيل إلى أذهاننا بصفته مسؤولاً عن كارثة حلت بنا.

جبران باسيل أيقونة “المقاومة” الجديدة. الاقتراب منه اقتراب من “المقدسات”. وفي كل مرة نقول لقد بلغ الابتذال أقصاه، نعود ونكتشف آفاقاً جديدة له.   

بالأمس نشرت الزميلة ديما صادق وثيقة تفيد بأن من جاء بباخرة الموت إلى مرفأ بيروت هي وزارة الطاقة في أيام ترؤس جبران باسيل لها. الوثيقة جزء من حملة على “المقاومة” بحسب صحيفة “الأخبار”، وهي بحسب ضيف الـ”نيو تي في” تنطوي على تجنٍ على باسيل، على رغم أنها صحيحة، بحسبه أيضاً. أما وسائل الإعلام التي نشرت تحقيقاً عن الباخرة، فهي “ممولة من الغرب” الذي يسعى لمحاصرة ألمقاومة! Occrp أي “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المالية” منظمة تستهدف المقاومة لأنها فعلت ذلك، بحسب هذا الاعلام، لكن في الأسبوع الذي سبق نشرها ونشرنا هذا التحقيق، كنا قد نشرنا تحقيقاً أكثر تفصيلاً عن ثروة رياض سلامة، الذي يفترض أنه “عدو المقاومة”، فكيف تستقيم هذه المعادلة في عرف أصحاب الوعي “المقاوم”!

لا بأس إذاً، وما علينا إلا أن نستجيب لنداء “المقاومة” وأن نحيد جبران باسيل عن شكوكنا، لكن على هذا الخطاب أن يضع لنا “غايد لاين” نمشي على هديه. فماذا علينا أن نفعل حيال إقدام جبران باسيل على إطلاق سراح آمر سجن الخيام عامر فاخوري استجابة لطلب أميركا؟ هل استهدافه هنا هو استهداف لسلاح “المقاومة”؟ هذه واقعة قد تتكرر، لا بل أنها ستتكرر، وفيها تكثفت حقيقة أن من يبيع ويشتري في قضية العلاقة مع أميركا ومع إسرائيل هم حلفاء “المقاومة”، لا بل هي المقاومة نفسها، ذاك أن باسيل ما كان ليجرؤ على هذه الفعلة من دون ضوءٍ أخضر وصله من “المقاومة”!

قد يُسمح لنا بأن نهاجم باسيل في ملف عامر فاخوري، أما أن تصل الشجاعة بنا أن نشكك بدوره في ملف الباخرة، أو بدور التيار العوني بالفساد في المرفأ، وما نجم عنه من جريمة أودت بأكثر من 200 لبناني ودمرت ثلث العاصمة، فهذا ما سيكون حكماً جزءاً من مؤامرة ممولة من الغرب الذي يتربص بالمقاومة!

مأزق “حزب الله” صار كبيراً. فلكي يؤمن شبكة حماية لنفسه عليه أن يخوض معارك دفاع عن جبران باسيل، والأخير تحول إلى ضامن لا يمكن الاستغناء عنه لسلاح “حزب الله”. الوظيفة الأهلية للسلاح مستمرة بقضم وظيفته الإقليمية. ثمة عودة رمزية لهذا السلاح من سوريا، وهذه العودة وإن لم تكن واقعية، إلا أنها مرتسمة على وجوه كامل الطبقة السياسية على شكل باخرة محملة بنيترات الأمونيوم. فوهج “المقاومة” مُركز اليوم في مرفأ بيروت وفي الفضيحة التي خلفها الانفجار. قبل سنوات قليلة كان هذا الوهج مشتعلاً على الجبهات السورية، واقتضى الخطاب في حينها استحضار المزارات الدينية وخطر تدفق “داعش” على دولة الأقليات. لم تكترث في حينها الممانعة لركاكة خطابها. استمرت به طوال سنوات الحرب هناك.

اليوم نحن حيال مزيد من الركاكة، وهذا على ما يبدو لن يفلت من عضد الخطاب. جبران باسيل أيقونة “المقاومة” الجديدة. الاقتراب منه اقتراب من “المقدسات”. وفي كل مرة نقول لقد بلغ الابتذال أقصاه، نعود ونكتشف آفاقاً جديدة له.