fbpx

سيول تجرف بيوت صنعاء القديمة والدولة غائبة …

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المنطقة معتادة على الفيضانات والأضرار الفادحة، إلا أنها عرفت في الأشهر الأخيرة، سيولاً ربما تكون الأكثر قسوة، في ظل تدهور حاد في البنى التحتية والأوضاع الإنسانية والمعيشية الصعبة التي أضعفت قدرة السكان والمساكن على التحمل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بينما كان سكان أبنية كثيرة في مدينة صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي، يغادرون مساكنهم المعرضة للانهيار أو تلك التي انهارت كلياً أو جزئياً، نتيجة موجة الأمطار والفيضانات التي ضربتها في الفترة الأخيرة، بدا واضحاً عجز مؤسسات الدولة المعنية وغيابها، كما هو الحال في معظم مناطق اليمن المتضررة. إلا أن ذلك كان دافعاً في المقابل، لانطلاق مبادرات شبابية ومجتمعية تحاول التخفيف على الأسر المتضررة بما لا يرقى إلى القدرة على التعويض.

علي السنيدار مصور وناشط، أطلق مع آخرين، مبادرة #فيك_الخير لتقديم مساعدات إسعافية في أحياء صنعاء القديمة المتضررة. يوضح لـ”درج” أن المبادرة بدأت باجتماع سكان الحي وتوصلهم إلى أن “أفضل الحلول الحالية تغطية الأسطح بالطرابيل حتى لا تتخلخل البيوت بالأمطار وتتهدّم”.

كانت الخطوة الأولى في “مبادرة الطرابيل” لحماية البنايات الطينية التاريخية، شراء السيندار طربالاً لمنزل شقيقته التي نزحت مع زوجها، عقب انهيار سقف منزلها. ويضيف السنيدار أنه “من تلك اللحظة شهدت الطرابيل ارتفاعا في الأسعار” بطريقة لا يقدر على توفيرها المواطن البسيط، بما دفع شباب “المبادرة”، إلى التحرك بطرح أفكار على التجار والشركات الكبيرة في صنعاء، لتوفير هذه الطرابيل للمتضررين، مع الحرص على أن تكون من نوعية جيدة تتحمل غزارة الأمطار، كتلك المستخدمة في إعلانات الشوارع.

تضمنت المبادرة حافزاً للتجار لتقديم الدعم، بوضع “العلامة التجارية” للشركات التابعة لهم، على الطرابيل، وتمكنت من انتزاع دعم، شمل توفير 200 طربال من بنك اليمن والكويت.

وفي أعقاب جملة من المناشدات، بشأن الأضرار التي لحقت بالمدينة التاريخية القديمة، أعلنت اليونيسكو في 11 آب/ أغسطس 2020، إطلاق حملة لحشد التمويل الدولي لـ”حماية التراث اليمني”. وقالت المنظمة إن الأضرار “الناجمة عن ذلك تعرض حياة سكان هذه المراكز التاريخية للخطر، تاركةً البعض بلا مأوى ملائم، مع تفاقم الوضع المتردي بالفعل بالنسبة إلى آخرين”. 

تخفيف لا تعويض

على مدى الأشهر الماضية، شهدت مناطق متفرقة في اليمن، بما في ذلك مدينة عدن، التي ظهر شبابها بمشاهد بطولية ينقذون أشخاصاً جرفتهم السيول، كان أن معظم المناطق لا تصلها المبادرات المجتمعية، تجاه الأسر المتضررة، التي تهدمت منازلها أو تضررت بشكل كبير، لكنها تبقى في حدود المساعدات الاجتماعية تخفف من الكارثة، لكنها لا تقدم ما يرقى إلى تعويضات.

يقول مدير مركز تراث عدن، وديع أمان لـ”درج”، إن منطقة المرسابة التي يسكن فيها في حي القطيع في مديرية كريتر، وسط عدن، غرقت فيها المنازل بالكامل، مرتين، خلال أقل من شهر، في نيسان/ أبريل المنصرم. ويضيف: “خسائرنا كاملة مكملة من عفش وأثاث وأجهزة كهربائية، حتى سيارتنا”.

سجلت 70 وفاة وتهدم 462 منزلاً جراء الأمطار والسيول في الكثير من المحافظات الخاضعة لسيطرة “أنصار الله” (الحوثيين).

وبينما يشير أمان إلى تعويضات مقدمة من الحكومة قدرها 400 ألف ريال، يقول “أيش بتجي الـ400 وانت راحت عليك سيارتك وغسالة وثلاجة وتلفزيونات وفرش وغرف نوم الله يستر”.

الناشطة الحقوقية أندى حسين تلفت إلى مساهمة المبادرات المجتمعية من أهالي المناطق المتضررة أو ما يعرف بـ”فاعلي الخير”، من خلال توفير أشياء بسيطة من مأكل ومأوى وأدوات تساهم في التخفيف عن العالقين والنازحين بسبب السيول.

تضيف حسين لـ”درج”، “مشكلة السيول والأمطار كارثة كبيرة تحتاج إلى قيام الحكومة بواجبها وكذا دور المنظمات المتخصصة”، مشددة على أهمية “جبر ضرر المواطنين بأسرع وقت لأنهم في حالة سيئة جداً، والبعض يعيش في العراء”.

التغيرات المناخية والبنية التحتية

المنطقة معتادة على الفيضانات والأضرار الفادحة، إلا أنها عرفت في الأشهر الأخيرة، سيولاً ربما تكون الأكثر قسوة، في ظل تدهور حاد في البنى التحتية والأوضاع الإنسانية والمعيشية الصعبة التي أضعفت قدرة السكان والمساكن على التحمل.

الخبير البيئي طارق حسان وهو ممثل المجموعات الرئيسية وأصحاب المصلحة لدى الأمم المتحدة لدول غرب آسيا، يوضح أن “الأنشطة البشرية مثل التلوث البيئي والتدمير والاستهلاك العشوائي لموارد الأنظمة الطبيعية ساهمت بشكل كبير في تفاقم أزمة التغيرات المناخية في العالم أجمع، ولكن اليمن يعتبر أكثر الدول عرضة لهذه التغيرات، ومنها ارتفاع معدلات درجات الحرارة وتذبذب كميات سقوط الأمطار، ما أدى إلى وقوع كوارث”.

ويرى حسان أن عدم اكتراث الدولة لظاهرة التغير المناخي، انعكست على التغيرات التي نتجت عنها الفيضانات وألحقت الضرر في نحو 12 محافظة وأبرزها أبين، صنعاء، مأرب، عدن، تهامة، حجة. ويشدد على أنه “على المواطنين أخذ الحيطة والحذر والابتعاد من أماكن تدفق الفيضانات”، كما  أن على الدولة تشكيل لجنة لمواجهة كوارث التغيرات المناخية والعمل على إصلاح البنية التحتية.

70 وفاة والنازحون الأكثر تضرراً

الجدير بالذكر، أنه ووفقاً للحصيلة التي أعلنتها مصلحة الدفاع المدني في صنعاء، فقد سجلت 70 وفاة وتهدم 462 منزلاً جراء الأمطار والسيول في الكثير من المحافظات الخاضعة لسيطرة “أنصار الله” (الحوثيين).

وكان النازحون داخلياً والذين يقدر عددهم بأكثر من مليوني نازح في البلاد، على رأس قائمة المتضررين، إذ تعرضت مخيمات النازحين والمساكن الموقتة للجرف ولأضرار متفاوتة، منها أضرار لنحو 9 آلاف أسرة نازحة في محافظتي الحديدة وحجة فقط، وفقاً لبيان سابق، لمفوضية شؤون اللاجئين في اليمن.