fbpx

بشير الجميل … “أبطال” الأقليات أو ديكتاتوريوها؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ديكتاتورية بشير فُهمت مسيحياً، قوة وصمود وعنفوان، إذ لا وقت لدى الجماعة المهددة بالإبادة، أن تلحظ صفات التسلط لدى “مخلصها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يستعيد المسيحيون في لبنان كل عام، ذكرى بشير الجميل، ولا يكتفون بموعد رحيله أي 14 أيلول، بل يبدؤون الاستعادة من 23 آب موعد وصوله الى رئاسة الجمهورية. وبين الزمنين سردية متوهمة حول جمهورية خلت من العيوب وعادت فاضلة لا يشوبها فساد ولا ضعف، انتظمت إدارتها واكتسب مواطنوها شعوراً بالاستقرار. والمسيحيون صنعوا مثالهم حول جمهورية الـ”أقل من شهر”، بعد اغتيال بشير، أي بعد بناء مثال عن بشير نفسه. فالرئيس الراحل بات بعد موته، جزءا من وعي مسيحي، يخلط السياسة بالميثولوجيا والدين، فيستقبل “القائد المخلص” بذات الآليات المعرفية التي يستقبلُ بها القديسين صانعي العجائب. وقد تتبع باحث لبناني في علاقة المسيحيين ببشير، كيف قاربوا عمره حين اغتيل، بعمر المسيح، أي منتصف الثلاثينات، وكيف اكتسب توقيت موته في وعيهم دلالة دينية، إذ تمّ تفجير بيت الكتائب حيث كان، في يوم عيد الصليب، والأخير أداة المسيح لـ”فداء البشرية”، على ما يعلّم اللاهوت.

صورة الرجل “القديس” التي صُنعت لبشير عقب موته، سبقتها في حياته، صورة الرجل “الاستثنائي”، “المبدئي” الذي لا يساوم ولا يبيع ويشتري، ويصرّ على مواقفه، ويتشدد في آراءه، ولا يتنازل لخصومه، يحتقر الصفقات، ويخرج دائماً منتصراً في معاركه. والحال فإن الصورتين تكملان بعضهما البعض، لتنفصل الظاهرة البشيرية عن شروط صعودها وسقوطها، في السياسة و الاجتماع، ويتأرجح الرئيس الراحل، بين “البطل” الشعبي، قبل الموت، و”القديس” بعد الموت. والانفصال يستبدل مزايا المسيحيين من علاقة مع الكيان وقرب من الغرب وتمسك بالاقتصاد الحرّ، بأخرى تنحاز للعسكرة والواحدية وعبادة الزعيم. فالقائد لا يأتي ضمن سياق علاقة المسيحيين بكيانهم بل من ارتباك هذه العلاقة وتأزمها بفعل حرب أهلية وتوتر وعنف في العلاقات مع الجماعات الأخرى.

الديكتاتور لدى الأقليات لا يشبه ذلك، الذي عرفناه في النظم العربية، فهو، وإن مارس عنفاً جزئياً داخل الجماعة، وتخلص من منافسيه، فهذا مبرر للصعود للرئاسة وتخليص الجماعة كلها، وإن نفذ عمليات عسكرية وتصفيات ومجازر فذاك “توحيدا للبندقية”، وإن تبنى خطاباً عنصرياً فاشياً يقلل من شأن بقية البشر، فذاك خصوصية ثقافية و”حضارة” وجب الدفاع عنها

تضمحل السياسة إذا في علاقة المسيحيين ببشير، وتحضر الميثولوجيا والتأزم والبطولة، لتنتج ديكتاتوراً أقلوياً يعتاش على وعي الجماعة المأزوم ليحظى بشرعية ويصعد إلى أعلى المناصب. والديكتاتور لدى الأقليات لا يشبه ذلك، الذي عرفناه في النظم العربية، فهو، وإن مارس عنفاً جزئياً داخل الجماعة، وتخلص من منافسيه، فهذا مبرر للصعود للرئاسة وتخليص الجماعة كلها، وإن نفذ عمليات عسكرية وتصفيات ومجازر فذاك “توحيدا للبندقية”، وإن تبنى خطاباً عنصرياً فاشياً يقلل من شأن بقية البشر، فذاك خصوصية ثقافية و”حضارة” وجب الدفاع عنها. بهذا المعنى، ديكتاتور الأقليات يستمد وجوده من خوف الأخيرة وحاجتها للدفاع عن نفسها بوجه أخطار المصير، فهي تصنعه في الأزمات، عبر إخراج أسوأ ما فيها، لضمان الاستمرار والبقاء. وعليه، فهو ديكتاتور يحظى بشعبية واسعة، كونه يكثف خلاص الجماعة، وحكم الفرد الذي يتّبعه، بالعنف وغيره، يذوب في سردية الخلاص هذه، ويصبح دون أثر. ديكتاتورية بشير فُهمت مسيحياً، قوة وصمود وعنفوان، إذ لا وقت لدى الجماعة المهددة بالإبادة، أن تلحظ صفات التسلط لدى “مخلصها”.

ورغم أن ذلك، يرتب مفارقة فاضحة، لناحية أن جماعة تحارب لمنع تذويبها ضمن ديكتاتوريات المنطقة، وفي الوقت نفسه تنتج ديكتاتورها الخاص، لكنه أيضاً، يكشف قواعد الصراع في هذا المنطقة، بين الأكثرية والأقليات، بوصفها قواعد مغلقة على مسارح السياسة المنتجة، ومفتوحة على الحروب الأهلية والأزمات والكراهيات المتبادلة، بحيث تستعيد الأكثرية وهم الأمة والخلافة بأشكال مختلفة من الوعي السياسي الحديث، وتلغي الأقليات، في حين ترد الأخيرة بإنتاج “أبطالها” – في حلقة مفرغة لا تنتج سوى الخراب. 

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…