fbpx

فلتحيا فرنسا… ولكن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سيدي الرئيس، “تبقى ميّل، تبقى سئال”، ولكن فلتأخذ من تريده رئيسًا لحكومة لبنان المقبلة ولتجعل منه رئيسًا على حكومتكم في باريس فهنا لا عودة إلى ما قبل 17 تشرين 2019.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان . يعود وفي جعبته سلسلة أنشطة “شعبوية”، أبرزها زيارة أيقونة الصباح فيروز، فضلًا عن المشاركة في مئوية “لبنان الكبير” أو بالأحرى لبنان الفقير، أو لبنان الخطير أو الأسير.

هو الذي حلّ ضيفًا على بيروت المنكوبة بعد أقل من يومين  من وقوع جريمة المرفأ التي هزّت أعماق اللّبنانيين. الجريمة التي دمرت العاصمة، واوقعت ما يناهز ال200 قتيل، وجرحت أكثر من ستة آلاف، وشرّدت أكثر من 300 ألف عائلة، وزادت من حدة اليأس الذي راح يتفشى في النفوس منذ سنوات. 

وقف الرئيس الفرنسي الشاب على حطام عاصمتنا، وعانق سكّانها المفجوعين، وتفقّد دمارها، وجال حزينًا في أروقتها. حلّ عليها بهيئة رئيس تفتقده دولتنا المتصدعة، الفاسدة التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الفاجعة التي حلّت بنا بغض النظر عن اساطير وابداعات التحقيقات الجارية. 

بين الأوّل من أيلول/سبتمبر عام 1920، والأوّل من أيلول/سبتمبر عام 2020 تعود فرنسا، الأم الحنون، إلى لبنان وفي جعبتها “ميثاق جديد” وربما تعلن من قصر الصنوبر مرة أخرى ولادة لبنان كبير آخر، وقد لا تفلح في ذلك نظرًا لتمسّك سلاطين لبنان بالسلطة. 

تحاول فرنسا اليوم لعب دور الملاك الحارس، فتضع زعمائنا الذين يفقهون فن تقاذف المسؤوليات أمام خيارات محدّدة. بلهجة قاسية ونوع من التأنيب.

 تحدّث وزير الخارجية الفرنسي، جان-إيف لورديان عن الأزمتين السياسية والانسانية وذلك عبر إذاعة RTL الفرنسية وقال نازعًا عنه الرداء الديبلوماسي اللطيف: “الخطر اليوم هو اختفاء لبنان بسبب تقاعس النّخبة السياسية التي يتعين عليها تشكيل حكومة جديدة سريعًا لتنفيذ اصلاحات ضرورية.” 

وفيما ينظر البعض الى خطوات الدولة الفرنسية والرئيس الفرنسي على أنها خطوات انقاذية، يراها البعض الآخر على أنها مجرد ألاعيب لبسط السيطرة الفرنسية على لبنان. وبين الرأي والرأي المضاد “ضاع الشنكاش”.

تكثر سيناريوهات تشكيل الحكومة ودور الرئيس ماكرون في هذا الإطار. يبقى السؤال الأهم، هل باستطاعة ماكرون الذي فشل في وضع السياسات المتعلقة بالوضع الاقتصادي في فرنسا والذي فشل في التعاطي مع المطالب الاجتماعية للسترات الصفراء واحتجاجاتهم التي استمرت لأكثر من عام كامل أن يأتي بالحلول السحرية لنكبة لبنان؟ 

كيف لرئيس لم يستطع أن يلبي مطالب شعبه بأن يلبي مطالب اللبنانيين؟ كيف لنا أن نثق برئيس لم ينزل لمقابلة شعبه المحتج لا بل جابهه أحيانًا بالعصي والقنابل المسيلة للدموع حيث شهدت المظاهرات في فرنسا، في الكثير من الأحيان صدامًا بين قوات الشرطة والمحتجين؟ هكذا نحن، نحب التزلّف ونعشق الشعبوية ولا يغرّنا البحث في تفاصيل الأمور وخفاياها. 

في ظلّ تفشي فيروس كورونا المستجد، تتراجع المؤشرات الاقتصادية الفرنسية بشكل فادح. بحسب وزير الدولة لشؤون السياحة، جان بابتيست ليموين، تقدّر خسائر قطاع السياحة بنحو 40 مليار يورو، كما انخفضت الصادرات الخارجية لفرنسا بشكل ملحوظ. من جهته، توقع برونو لومير، وزير الاقتصاد الفرنسي، أن يزداد الكساد الاقتصادي حدة في 2020، مع انخفاض تاريخي للناتج المحلي الخام بنسبة 11 بالمئة. في ظلّ أزمة اقتصادية عالمية، والعجز الاقتصادي الفرنسي، قد تصب أفعال الرئيس الفرنسي اليافع في مصلحته السياسية الشخصية فقط. يبدو أن ماكرون يريد بسط سيطرته في منطقة تسيطر فيها روسيا والولايات المتحدة، مقابل تعاظم للنفوذ التركي. 

بين الأوّل من أيلول/سبتمبر عام 1920، والأوّل من أيلول/سبتمبر عام 2020 تعود فرنسا، الأم الحنون، إلى لبنان وفي جعبتها “ميثاق جديد” وربما تعلن من قصر الصنوبر مرة أخرى ولادة لبنان كبير آخر، وقد لا تفلح في ذلك نظرًا لتمسّك سلاطين لبنان بالسلطة. 

ولكنّ هل في نية الرئيس الفرنسي إحداث تغيير فعلي على الساحة اللبنانية؟ كيف ذلك وقد لاحت فرضية تسمية رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لترأس حكومة انقاذ جديدة؟ تفصلنا أيام قليلة لا بل ساعات عن ما يخبئه لنا الرئيس الفرنسي. 

سيدي الرئيس، “تبقى ميّل، تبقى سئال”، ولكن فلتأخذ من تريده رئيسًا لحكومة لبنان المقبلة ولتجعل منه رئيسًا على حكومتكم في باريس فهنا لا عودة إلى ما قبل 17 تشرين 2019. إذًا، زيارة ماكرون كانت في الأساس رمزية، معنوية، استعراضية، شعبوية،  أتت حتمًا ببعض المساعدات، لكنها لم تضع النقاط على الحروف في الشأن اللبناني.