fbpx

“قوات الأمن الإسرائيلية تواصل تجاهل الهجمات العنصرية على أطفال المدارس الفلسطينيين”  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أصبحت في هذه القرى الفلسطينية، التي تبحث عن حياة في منطقة الضفة الغربية، أساليب العنف والترويع التي ترتكز على دوافع عرقية تستهدف الأطفال، أمراً روتينياً..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 يعد السعي وراء التعليم عملاً شجاعاً خصوصاً في خضم عنف المستوطنين المتطرفين. فمثلاً يمثل الحصول على شهادة دراسية وسيلة للدفاع عن النفس لشابٍ يبلغ من العمر 22 عاماً من قرية طوبة في الضفة الغربية يُدعى علي. فمنذ عشر سنين مضت وحتى الآن أرهبه المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون وأرهبوا أطفالاً آخرين من جماعته وهم في طريقهم إلى المدرسة في قرية التواني. 

أصبحت في هذه القرى الفلسطينية التي تبحث عن حياة في منطقة الضفة الغربية، المعزولة والقاحلة، والمعروفة باسم تلال الخليل الجنوبية، أساليب العنف والترويع التي ترتكز على دوافع عرقية تستهدف الأطفال، أمراً روتينياً، لكنه يظلّ مرعباً. كما يرافق الناشطون الدوليون الأطفال الفلسطينيين إلى مدرستهم ويراقبون الهجمات التي يشنها المتطرفون الإسرائيليون الآتية من اتجاه المركز العسكري هافات ماعون- غير القانوني-. 

اعتاد علي وهو الآن طالب جامعي على التعرض للهجوم أثناء سيره إلى مدرسة التواني الابتدائية.
أصبحت الاعتداءات على الطلاب الفلسطينيين شائعة في المنطقة، لدرجة أن لجنة حماية الطفل بالكنيست ناقشت القضية. كما يعترف علي باضطراره إلى اختلاق الأعذار لتغيبه عن المدرسة بسبب جزعه، ويصف الأحداث المخيفة التي استخدم فيها المستوطنون أطفالهم في نصب كمين للأطفال الفلسطينيين وهم في طريقهم إلى المدرسة.

على رغم ذلك، غالباً ما تتجاهل قوات الأمن الإسرائيلية الهجمات على الفلسطينيين عموماً وعلى الطلاب في التوانى خصوصاً (كما هو موثق هنا)، وتمتد المشكلة إلى ما وراء الهجمات إلى الاستجابة الواهية أو المعدومة للسلطات الإسرائيلية. وعلى حد علمنا، لم تكثف قوات الأمن، جهودها للقبض على المسؤولين عن الهجمات، في حين لم يتم احتجاز أي مشتبه فيه، أو تقديمه للعدالة.

بدلاً من ذلك، تقدم قوات الأمن حلاً غير ملائم وغريب بشكل واضح: وهو سيارة جيب عسكرية لحراسة الأطفال من المدرسة وإليها يومياً. تأتي الحراسة متأخرة بصورة متكررة، هذا إن جاءت على الإطلاق. حل كهذا يجبر أطفال المدارس الفلسطينية على الاختيار بين سلامتهم وحقهم في التعليم. تغلب علي على مخاوفه، وأكمل دراسته الثانوية رافضاً السماح لهؤلاء المتطرفين بمنعه من تحقيق طموحه. وهو يتابع الآن درجة البكالوريوس ويرى تعليمه كتحدٍ مباشر لعنف المستوطنين المتطرفين والاضطهاد الذي ظل يواجهه تحت السطوة العسكرية الإسرائيلية.

وتعاونت “منظمة حاخامات من أجل حقوق الإنسان” (RHR)، وهي منظمة إسرائيلية صهيونية تعمل في مجال حقوق الحاخامات، مع ناشطة فريق “عملية الحمامة”” الإيطالي (بالارتباط مع الكنيسة الكاثوليكية) للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف ما يعتبرونه وصمة عار على الدولة اليهودية. لقد أطلقوا حملة لكتابة الرسائل لمطالبة اليهود الأميركيين بتوجيه قيمهم المتحررة ونفوذهم السياسي لدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى ضمان سلامة الأطفال الفلسطينيين الذين يسعون إلى التعليم وسط التهميش والفقر المدقع.

لا تعد قرى منطقة ﺍﻟتواني- بالمقارنة مع أجزاء أخرى من الضفة الغربية- جزءاً من هذا الصراع العنيف إلا في ما ندر. هذه المنطقة الريفية المنعزلة- حيث يعيش الناس فيها غالباً في كهوف بلا كهرباء أو مياه جارية أو بنية تحتية أخرى- بعيدة جغرافياً واقتصادياً وثقافياً من صلب المجتمع الفلسطيني. ومع ذلك يدفع سكانها ثمناً باهظاً فقط لكونهم عرباً.

كما تقر منظمة RHR بأن ” إسرائيل تواجه تهديدات أمنية تتحدى أحياناً قدرتها على الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، ولكن عندما نتحدث عن حماية أطفال المدارس الفلسطينية في المجتمع الريفي الهادئ في التواني- بعيداً من أي ساحة قتال- لا يمكن تصور أي مبرر معقول لهذا الفشل الأخلاقي الذريع الذي يتطلب غضبنا كيهود وإسرائيليين”.

 أسهل جريمة يمكن حلها، تبقى- بطريقة أو بأخرى- من دون حل.
تبقى الهجمات ضد طلاب التواني- بطبيعتها- أسهل الجرائم التي يمكن حلها: فهي تحدث على طريق قصير محدد حيث تقوم قوات الأمن بدوريات مكثفة، خلال أطر زمنية معروفة ومتغيرة (عند ذهاب الأطفال إلى المدرسة أو عند عودتهم إلى ديارهم) كما تقع بالأسلوب ذاته على مدى سنين. وعلاوة على ذلك، فإن المهاجمين يأتون في الغالب من مركز عسكري صغير في مكان قريب- هافات ماعون ذات عدد السكان القليل- وبالتالي لا يصعب تحديد المشتبه بهم (ومعظمهم من الشباب). كما يوجد- إضافة إلى ذلك- الكثر  من الوثائق الخاصة بالهجمات.

يتوقع المرء- في ضوء ذلك- أن تحقق العدالة وتُعتَقَل هذه العصابات العنصرية. على رغم ذلك- وبحسب علم مجتمع حقوق الإنسان- لم يتم القبض على أي شخص له علاقة بتلك الهجمات.

 لم يكن هذا الفشل نتيجة لعجز في قدرات قوات الأمن. لأنهم يتمتعون-بالفعل- بسمعة جيدة في القبض على الإرهابيين والمجرمين، لا سيما في الضفة الغربية. لكنه يرجع إلى اعتبار أمن الفلسطينيين- حتى الأطفال الصغار- أمراً ثانوياً.
هذه، إذاً، ليست مجرد تصرفات عنصرية من جانب مجموعة من الفتوّات، بل هي سياسة تقوم على تطبيق القانون بشكل تمييزي من قبل قوات الأمن الإسرائيلية والحكومة التي تشرف عليها.

 

المقال مترجم عن موقع صحيفة Haaretz ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي