fbpx

الإعدام في إيران بين الشرع والقانون وسيلة لترهيب المعارضين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد إعدام نافيد أفكاري لأنه شارك في تظاهرات مناهضة للحكومة الإيرانية، تستعرض هذه المادة القوانين التي تستدعي أحكام الإعدام في إيران بشكل مفصّل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أُعدم نافيد أفكاري لأنه شارك في تظاهرات مناهضة للحكومة الإيرانية، وعلى رغم المناشدات الدولية والمنظمات الحقوقية إلا أن قرار الإعدام نُفِّذ، وما زال يُنفَّذ بحق معارضين، إضافة إلى عقوبات شديدة كتلك الصادرة بحق الناشطة والمحامية نسرين ستوده، والتي وصلت إلى السجن 38 عاماً إضافة إلى 148 جلدة. ومع أنّ الإعدام يستهدف حالات أخرى عدا المعارضة السياسية والكفاح المسلّح، إلا أنّ معارضين ونشطاء يجدون في تمسّك إيران بعقوبة الإعدام ذريعة لترهيب المعارضين والتنكيل بهم.

في معظم دول العالم ألغيت عقوبة الإعدام، مع ذلك تعدّ إيران من بين بلدان لا تزال تعمل بهذه العقوبة، وتمتلك سجلّاً حافلاً، وأرقاماً قياسيّة من بين ثلاثة دول في العالم. ونتيجة لذلك، فإنّ عمليات الإعدام في إيران تلقى ردود فعل مختلفة من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والرأي العام مراراً، لكن منتقدين ومعارضين لا يرون في عقوبة الإعدام في إيران سوى أداة لقمع المعارضة وترهيبها.

وفي السنوات الأخيرة، اتخذت الاحتجاجات ضدّ إصدار أحكام الإعدام في إيران أبعاداً جديدة، ففي إحدى الحملات الإلكترونية ضد الإعدام، وعلى سبيل المثال، طالب الملايين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بإنهاء أحكام الإعدام بحق ثلاثة متظاهرين في كانون الأول/ ديسمبر 2017.

إلامَ تستند عقوبة الإعدام في القانون الإيراني؟

تأتي عقوبة الإعدام في القانون الإيراني من القرآن والسنة والتقاليد الإسلامية وحتماً من مصادر الفقه الشيعي، وتتعلّق بعض أحكام الإعدام بـ”الحدّ الشرعي” وأخرى بـ “التعزير”. بالنسبة إلى الحدّ الشرعي فإنّ الشرع الإسلامي هو المرجع، وليس للقضاء والقضاة الاختيار في هذه الأحكام، إلا أنّ “التعزير” هو على عكس “الحدّ الشرعي”، إذ يعود تحديده إلى الحكومة الإسلامية، وعلى سبيل المثال فإنّ المحكومين بالإعدام بقضايا الكفاح المسلّح يُحكمون بـ”الحدّ الشرعي” أما المحكومون بالإعدام بقضايا تهريب المخدرات فيُحكمون بـ”التعزير”.

ما الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام في إيران؟

هناك أربع أنواع رئيسة من الجرائم في إيران يُعاقب فاعلها بالإعدام وهي: القتل العمد مع سبق الإصرار، الجرائم الجنسية (مثل الاغتصاب وسِفاح القربى)، حكم الرِدّة، جرائم مثل الإفساد في الأرض (وهي تهمة فضفاضة وتحتمل التأويل) والمُحاربة (بمعنى الحرب المسلّحة ضدّ الحكومة الإسلامية)، والتي يعتبرها النظام الإسلامي تهديداً لبقائه.

عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار في إيران هي القِصاص أو الإعدام في حال لم يغفر ذوو المقتول/ وليُّ أمره عن المحكوم عليه ولم يعفوا عنه. وليس للحكومة الإسلامية أنْ تقرّر وتتدخّل بشأن القِصاص في القتل العمد، ويعود الأمر في ذلك فقط إلى ذوي الضحية/ وليّ أمره، أي أنّه ليس لها أن تقرّ بالإعدام أو الصفح، وفي الأنواع الثلاثة الأخرى لأحكام الإعدام، وهي الجرائم الجنسية والردّة وسبّ النبي (إهانة نبيّ الإسلام) والجرائم الأمنية، تقرّر المحكمة أشدّ عقوبة في قوانين جمهورية إيران الإسلامية، وهي عقوبة الإعدام. 

عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار في إيران هي القِصاص أو الإعدام في حال لم يغفر ذوو المقتول/ وليُّ أمره عن المحكوم عليه ولم يعفوا عنه.

كما أنّ هناك تُهمة أخرى في إيران تُدعى “الإفساد في الأرض” وبحسب تعريف القانون الإيراني لهذه الجريمة، فإنّها تعني “أيّ شخص يرتكب جريمة على نطاق واسع ضدّ الصحة والسلامة الجسديّة لأفراد المجتمع، أو أيّ جرائم ضدّ الأمن الداخليّ أو الخارجيّ للبلاد، أو نشر الأكاذيب، وإحداث خلل في اقتصاد البلاد وافتعال الحرائق أو التخريب، ونشر المواد السامة والخطرة والميكروبية والفتّاكة أو صنعها، أو إنشاء دور لنشر الفساد والفحشاء والدعارة أو التعاون فيها بما يؤدي إلى إخلال كبير في النظام العام أو انعدام الأمن أو إلحاق أضرار جسيمة بالسلامة الجسديّة للأشخاص أو الممتلكات العامة أو الخاصة، أو يتسبّب بنشر الفساد أو الفحشاء والدعارة على نطاق واسع، كلّ هذا سيُعتبر إفاسداً في الأرض وسيُحكم على فاعلها بالإعدام”.

ما الحالات التي لا يُنَفّذ فيها حكم الإعدام؟

يتم تعليق عقوبة الإعدام للأطفال دون سن 18 والنساء الحوامل موقتاً، ولكن من دون إلغاء الحكم وفقاً لقوانين جمهورية إيران الإسلامية، وهذا يعني أنّه في حال ارتكب طفل جريمة يُعاقب عليها بالإعدام، يتم تأجيل تنفيذ العقوبة حتى يبلغ السنّ القانونية. وبعد ذلك يتم إعدام الشخص المُدان بالقِصاص إذا لم يعفُ عنه ذوو الضحيّة/ وليّ أمره، وفي حالة المرأة الحامل يعلّق الحكم إلى ما بعد الوَضْع ولمدة سنتين على الأكثر بعد ذلك (بشرط أن يكون الطفل بحاجة إلى الرضاعة بتقدير الطبيب)، ولكن بعد ذلك لا مانع قانوناً لتنفيذ الحكم.

ما الجرائم التي ألغيت فيها عقوبة الإعدام؟

كما ذكرنا سابقاً، فإنّ إيران تسجّل أعلى معدّلات الإعدام في العالم وتتم إدانتها على ذلك باستمرار من قبل منظمة حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرتبط عدد كبير من أحكام الإعدام في إيران بمعاقبة المتهمين في قضايا تهريب المخدرات، والتي ليس لها أساس قانوني.

عام 2017، قرّر القضاء في جمهورية إيران الإسلامية، وبهدف الحدّ من الضغط الدولي وبسبب تنفيذ عدد كبير من أحكام الإعدام، إلغاء عقوبة الإعدام للمُدانين في قضايا المخدرات، وبعد ذلك، عدّل مجلس الشورى الإسلامي قانون مكافحة المخدرات لإلغاء إعدام المتورطين بقضايا المهربين باستثناء زعيم العصابة المتورّط بالإتجار بالمخدرات باستخدام السلاح في عمليات التهريب والإتجار.

ما هو الإعدام التعسفي؟

إنّ قرار الإعدام الذي تتخذه الحكومة يكون ضدّ أشخاص متهمين بقتل أفراد آخرين عمداً، إذ لا يجوز تنفيذ الإعدام إلا بأمر من المحكمة وتتم مراعاة الإجراءات القضائية ورعاية حقوق المُتهم أثناء سير العملية حتى لحظة الإعدام، ويُستخدم الإعدام “التعسفي” أو الإعدام “خارج نطاق القضاء” في الحالات التي تُصدر فيها الحكومة أو تنفِّذ حكماً بالإعدام من دون أمر من المحكمة ومراعاة القواعد والإجراءات التي تقوم بها المحكمة ورفض احترام حقوق المُتهم، بما في ذلك الحق في الدفاع. والفرق بين الإعدام التعسفي والقتل العمد هو أنّ الحكومة في الحالة الأولى، تقوم بإعدام هؤلاء أمام الملأ لفرض هيمنتها وسلطتها، بينما في الحالة الثانية يُنَفّذ الإعدام في السرّ والخفاء.

ما إجراءات تنفيذ عقوبة الإعدام؟

إذا كانت المحكمة الابتدائية فرضت عقوبة الإعدام على الشخص المُدان، فيمكن استئناف الأمر أمام محكمة أخرى وإذا أيدت محكمة الاستئناف أيضاً حكم المحكمة الابتدائية، فتتم إحالة القضية إلى المحكمة العليا للمراجعة الرسمية؛ لإبداء وجهة نظرها في تنفيذ الإجراء. فإذا كانت القضية تتعلّق بالقصاص، تجب إحالة الأمر إلى المرشد الأعلى؛ أي الوليّ الفقيه في الجمهورية الإيرانية وهو آية الله علي خامنئي، وفق القانون من أجل تنفيذ حكم الإعدام، للحصول على “إذن” منه، وبعد الحصول على الإذن بتنفيذ الحكم، تتطلّب القضية الموافقة النهائية من رئيس السلطة القضائية باعتباره المنفّذ الرسمي للعقوبة في إيران، وفي حال الموافقة النهائية، يدخل الحكم حيّز التنفيذ.

إذا كانت القضية تتعلّق بالقصاص، يكون قرار تنفيذ العقوبة أو العفو بحسب تقدير ذوي الضحية/ وليِّ أمره، أما إذا كان حكم الإعدام متعلّقاً بـ”الحدّ الشرعيّ” أو “التعزير”، فيمكن المُدان أن يطلب العفو، فإذا قبلت هيئة العفو هذا التلمّس، يتم إيقاف تنفيذ العقوبة، ولكن بخلاف ذلك يكون الحكم قد وصل إلى المرحلة النهائية بتنفيذ أحكام القضاء.

 يلتزم القضاء بإبلاغ محامي المُدان قبل 48 ساعة على الأقلّ من تنفيذ الحكم وإبلاغ أسرة الضحية ومحامي المُتهم في قضايا القصاص، وفي جميع المراحل المذكورة، بإمكان المرشد الأعلى، أو رئيس القضاء، في الحالات التي يحدّدها القانون، وكبار المسؤولين القضائيين استئناف الحكم واستئناف المحاكمة، وسيتم تعليق التنفيذ حتى استئناف المحاكمة.