fbpx

العمل في “وثائق الجرائم المالية” على وقع المغسلة اللبنانية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

هذه الوثائق، إضافة إلى أنها تكشف الأدوار الرهيبة لمصارف عالمية في تمويل الإرهاب والمخدرات والفساد والأنظمة الاستبدادية، تساعدنا أيضاً على فهم وظيفة المصرف في النظام المالي العالمي والمحلي أيضاً، وفهم مصادر الجشع الذي اختبرناه في لبنان…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عندما تواصل معنا زملاء في الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ، وأبلغونا بمشروعهم الجديد والمتمثل في أن يكون “درج” جزءاً من فريق من الصحافيين الدوليين الذين يعملون على تسريب جديد وصل إلى “باز فيد نيوز” في أميركا، وشاركه الأخير مع ICIJ، ويضم معلومات هائلة عن عمليات غسل للأموال القذرة، تتولاها مصارف كبرى تعمل بين الولايات المتحدة الأميركية ومعظم دول العالم، كانت المصارف اللبنانية بدورها قد باشرت بمهمة قذرة موازية تتمثل بالإطباق على ودائع الناس عبر عملية “غسل” لفساد طبقة سياسية مرتهنة ومذهبية.

في حينها أغرتنا الفكرة انطلاقاً من تجربتنا مع الوظائف القذرة للمصارف في بلادنا. ثورة تشرين أربكتنا قليلاً، فانشغالنا بالحدث اليومي طغى على همومنا المهنية، لكن بقيت نافذة تفكير وطموح مفتوحة، ذاك أن المصارف اللبنانية كانت في صلب مطالب المتظاهرين، وهذه المصارف تورطت بممارسات مافياوية عززت قناعاتنا بضرورة فضحها. أقدم مرافقو صاحب أحد المصارف على الاعتداء العلني على الصحافي محمد زبيب، ولاحقوا الناشط ربيع الأمين، وقبل ذلك أقدمت المصارف على تهريب ودائع تبلغ مليارات إلى الخارج، بعدما أطبقت على مدخرات صغار المودعين.

وما أن عدنا من الشارع إلى الوثائق، وكان تم الاتفاق على تسمية المشروع “FinCen Files”، أو وثائق شبكة مكافحة الجرائم المالية، حتى صفع انفجار بيروت وجوهنا، وانتقلنا من البحث في الملفات المسربة إلى “باز فيد نيوز” إلى البحث عن الباخرة التي نقلت إلينا الـ2700 طن من الأمونيوم، التي دمرت مدينتنا. وهنا أيضاً لاح ظل لمصرف وراء باخرة الشؤم هذه. ثمة مصرف قبرصي يملكه لبناني ينشط في أفريقيا وتعرض لعقوبات بسبب تحويلات عليها شبهة إرهاب، هو من تولى إقراض صاحب الباخرة ومشغلها. إذاً ثمة مصرف في مشهد الجريمة والكارثة، تماماً مثلما ثمة مصارف في مشاهد البؤس التي تلف ضواحي الفقراء في مدن العالم.

نباشر نشر تحقيقات “FinCen” على وقع انفجار بيروت وعلى وقع النتائج الكارثية للهندسات المالية اللبنانية، وعلى وقع الانهيارات المالية في دول المنطقة، فلهذا دلالات ودروس تضعنا أمام حقيقة الشبه إلى حد التطابق بين أوليغارشيينا وأوليغارشييهم. 

اليوم حان استحقاق النشر، وبين أيدينا تحقيقات ووثائق مذهلة عن فيدرالية المصارف العالمية، وهذه الوثائق، إضافة إلى أنها تكشف الأدوار الرهيبة لمصارف عالمية في تمويل الإرهاب والمخدرات والفساد والأنظمة الاستبدادية، تساعدنا أيضاً على فهم وظيفة المصرف في النظام المالي العالمي والمحلي أيضاً، وفهم مصادر الجشع الذي اختبرناه في لبنان، لكن أيضاً في بلاد مثل سوريا والعراق، وصولاً إلى إمارات الخليج التي تحولت إلى فروع لمصارف ولفنادق أكثر من كونها بلاداً ذات اقتصادات تتولى مد مجتمعاتها بأسباب التقدم والرفاه.

المصارف كيانات قانونية غير أخلاقية. الأرباح والريوع تتقدم في حساباتها على أي اعتبارٍ آخر، أما ضبط جموحها نحو الربح بقوانين وتشريعات، فيبقى محكوماً بقدراتها الكبيرة على الالتفاف على هذه الضوابط. بنك “أتش أس بي سي” وهو من أكبر المصارف في العالم، ضُبط أكثر من مرة يغسل أموالاً قذرة، واعترف بفعلته ودفع غرامات تبلغ مليارات الدولارات جراء ارتكاباته، لكنه أعاد الكرة، ذاك أنه أدرك أن الغرامات مهما بلغت لن تكون بحجم عائدات غسل الأموال القذرة. نجم عن هذه المعادلة الجهنمية موت أكثر من 30 ألف شاب وشابة عام 2018، جراء تعاطيهم مخدرات رخيصة مُولت من آلة غسل الأموال. أما المصرف فلا علاقة مباشرة بينه وبين تجار المخدرات، وهو التزم بالقانون ودفع غرامات تبلغ مليارات لخزينة الدولة الأميركية.

شبهات المال القذر وصلت إلى مستويات لا يتخيلها المرء. “دويتشه بنك” واصل تحويلاته من أميركا إلى مصارف عراقية تملك فروعاً في مدينة الموصل خلال فترة حكم “داعش” لها، أي بين عامي 2014 و2015! مئات ملايين الدولارات حُولت في تلك الفترة. حصل ذلك بينما كان “داعش” يتاجر بالنفط مع زبائن في تركيا وسوريا لديهم أرصدة في مصارف يتعامل “دويتشه بنك” معها.

حدث هذا في بلد تحكمه قوانين ولديه هيئات رقابية، وربما وُجد في هذه الهيئات من شعر بضعف قدرتها على ضبط جشع المصارف فأقدم على تسريب الملفات وطرحها أمام الرأي العام، في عملية فضح تاريخية لما يحصل خلف جدران المصارف من جرائم. أما نحن، فمصيبتنا مضاعفة، ذاك أن مصارفنا لا تقيم أي حساب للقانون، فهي مارست الـ”كابيتال كونترول” متحدية النظام المالي وقوانينه على نحو علني، وبدل أن تدفع غرامات مخالفتها القوانين، فرضت على المودعين غرامات عبر تحويل ودائعهم بالعملة الصعبة إلى العملة المحلية بأقل من نصف السعر. ومصارفنا، إضافة إلى أنها جزء من النظام المصرفي العالمي، ومن حركة تبييض الأموال الإقليمية، فقد تحولت أيضاً إلى ملجأ لعائدات الفساد في الإقليم. فمن من هذه المصارف يسأل سياسياً عراقياً جاء ليودع فيها مبلغاً: “من أين لك هذا؟”، ومن من هذه المصارف يملك حساسية المال الملوث بدماء السوريين حين تتحول مصارفنا إلى خزنة للنظام في سوريا. لا نملك، كما في أميركا، شبكة رسمية لمكافحة الجرائم المالية لنجد من يسرب لنا ما حصل في الأسبوعين اللذين أقفلت خلالهما المصارف أبوابها وحولت مليارات كبار المودعين إلى الخارج. لدينا هنا هيئة الرقابة على المصارف، وهي تمثل فضيحة موازية، ذاك أن أعضاءها يتوزعهم السياسيون الفاسدون مع أصحاب المصارف.

لكن أن نباشر نشر تحقيقات “FinCen” على وقع انفجار بيروت وعلى وقع النتائج الكارثية للهندسات المالية اللبنانية، وعلى وقع الانهيارات المالية في دول المنطقة، فلهذا دلالات ودروس تضعنا أمام حقيقة الشبه إلى حد التطابق بين أوليغارشيينا وأوليغارشييهم.    

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.