fbpx

دعم التعليم في لبنان واستثناء جامعة الفقراء!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

البلد ينهار الآن وتريدون دعم الجامعة مالياً من خارج صندوقها؟ من الدولة؟ جوابنا: نعم، هذا ما نريده بالتحديد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بات يمكن أن نقفز عن المقدّمة في هذا الموضوع، تلك الّتي نشرح فيها أنّ لبنان في أزمة، وأنّ هذه الأزمة تطاول بشكلٍ أساس القطاع التعليمي – بشقَّيه العام والخاص، وأنّ العام الدراسي المقبل مهدّد بشكلٍ جدّي، وأن تبعات الموضوع كارثية، أكان على الطلّاب أم على المدرّسين والموظّفين أم على القطاع التعليمي بشكلٍ واسع، وعلى مستوى التحصيل العلمي في لبنان.

في الفترة المنصرمة، تمكّنت بضع مؤسّسات تعليميّة خاصّة (مدارس وجامعات) من الحصول على دعمٍ ماليّ من رُعاتها في الخارج. على سبيل المثال لا الحصر، تلقّت الجامعة الأمريكية في بيروت  AUB دعماً مالياً من الحكومة الأميركية بقيمة 10 ملايين دولار. أمّا تلك التي لم تستطع إلى ذلك سبيلاً، أي، المؤسّسات التعليمية الخاصّة التي لا راعي أجنبيّاً لها، أو تلك التي تشبه دكاكين، وهدفها استثماريّ بحت، فهي تفاوض الدولة اليوم للحصول على الدعم المالي للعام الدراسي الجديد.

هذا التوجّه، تلمّسناه مثلاً عبر اقتراح قانون قدّمته كتلة تيّار المستقبل النيابية، وفيه، في المادة الأولى: تخصيص مبلغ 300 مليار ليرة لبنانية، توزّع بالشكل التالي، 200 مليار ليرة لدعم المدارس الخاصة لمواجهة التداعيات الناتجة عن “كورونا”، و100 مليار ليرة لتجهيز المدارس الرسمية وتأهيلها. وفي المادة الثانية: تساهم الحكومة عن كل تلميذ مسجل في المدارس الخاصة في العام الدراسي 2019 – 2020، وفي كلّ عام دراسي يليه، بمبلغ إجمالي قدره 200 مليار ليرة لبنانية.

بالمناسبة، لا غرابة في أنّ اقتراحاً كهذا قدّمته “كتلة المستقبل النيابية”، فهو يصب في عمق المنطق النيوليبرالي لإدارة الدولة والمؤسّسات. وفق هذا الاقتراح، تُرجّح التقديرات الاقتصاديّة الأوّليّة أن الدعم الذي ستقدّمه الدولة سيكون بحدود الـ400 ألف ليرة على كل طالب مسجّل في مدرسةٍ خاصّة. بالمناسبة، 400 ألف ليرة، هو متوسّط قيمة التسجيل في الجامعة اللبنانية. أي أن الدعم المطلوب لطالبٍ في مدرسةٍ خاصّة، يوازي كامل القسط السنوي لطالبٍ في الجامعة الرسميّة!

في السياق ذاته، لم نسمع عن أي مفاوضات تجريها رئاسة الجامعة اللبنانيّة لدعم طلّابها. طبعاً أتكلّم عن مفاوضات مع جهات خارج الجامعة، لأن ميزانية الجامعة نفسها مأزومة – مسألة شحّ الأوراق ليست مزحة بالمناسبة. المبادرة الوحيدة أتت في العام الماضي، وأتت ممسوخة، حيث أُنشئَ صندوق اعتبره الطلّاب “صندوق شحادة”. يقدّم هذا الصندوق منحاً تعليمية لعدد قليلٍ من الطلاب بعد إجراءاتٍ غير عادلة وغير عملية بطبيعة الحال، ولم يرقَ إلى المستوى المطلوب منه لمواجهة أزمة مالية يعاني منها معظم طلّاب الجامعة اللبنانية، وستشتد تلك الأزمة في العام الجامعي المقبل، الذي أصبح قريباً.

مردّ ذلك في المقام الأوّل هو توجّه السلطة الممنهج لتصفية الجامعة اللبنانية، وفي المقام الثاني الفشل الإداري القابض على عنق الجامعة. وقد يعترض أحدهم على حديثنا فيَقول: البلد ينهار الآن وتريدون دعم الجامعة مالياً من خارج صندوقها؟ من الدولة؟ جوابنا: نعم، هذا ما نريده بالتحديد. دعم التعليم أساسي بقدر دعم الطبابة، والمسكن، والضمان، ولو أردنا المبالغة لشملنا السلع الغذائية الأساسية أيضاً. 

الأكيد أنّ الجامعة اللبنانيّة، أي الجامعة الرسمية للبلد، يُفترَض أن تكون في أولويّات عملية التوزيع هذه، في بلدٍ طبيعي. أمّا استثناؤها من المعادلة، وبشكلٍ ممنهج، لا بل بموازاة دعم مؤسّساتٍ تعليمية خاصة، فهذا من جهة يؤكّد طبيعة النموذج الاقتصادي والسياسي القائم ومساوئه

ماكينة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لطباعة الليرة تعمل بنشاط، فليغدق بالقليل منها على الجامعة اللبنانية، عوضاً عن استعمالها لمساعدة القطاع المصرفي على إطفاء خسائره. وفق ما نشره البنك المركزي، طُبع في 7 أشهر من عام 2020 فقط نحو 10 آلاف مليار ليرة لبنانية! للمقارنة: ميزانية الجامعة، “قشّة لفّة”، 380 مليار ليرة لبنانية (تقريباً)، سنويّاً. لكن لا، فقط في بلدٍ ذي اقتصادٍ رَيعيّ تكون خسائر القطاع المصرفي أعزّ على قلب الحكّام من خسائر القطاع التعليمي (والتي ليست، بالمناسبة، خسائر ماديّة فحسب).

بالمناسبة، لماذا ابتعدنا هذا الحدّ في البحث من مصدرٍ لتمويل الجامعة؟ فالبروفسور فؤاد أيّوب منح نفسه 3 درجات إضافية في تاريخ 18 آب/ أغسطس 2020، مرتكباً إشكالاتٍ قانونيّة عدّة. وتُمَوَّل هذه الدرجات عبر موازنة الجامعة والخزينة العامة، وتُقدّر كلفتها تقريباً بـ8 ملايين ليرة سنوياً (إضافةً إلى راتبه الأساس). في حين أن أيوب نفسه صرّح سابقاً بأنّه لا يحق له بزيادة أكثر من درجة ونصف الدرجة. فهل يُعقَل أن يناقض نفسه، والقانون، ويفعلها في هذه الظروف تحديداً؟ لا بل، أن يشمل معه محظوظين اختارهم “على الطبليّة”؟ إذاً…؟ الخلاصة أن المال الموجود. فلتُؤَمَّم درجات أيّوب ولتوزّع على الطلّاب.

قد تبدو المعلومات المذكورة هنا متشعّبة، وقد يبدو أن بعضها متعلّق بالمال من صناديق الجامعات، أو من الدولة، أو من المصرف، أو من الخارج. إلّا أنّه في سياق كل ما ذُكر، ليس مهماً مصدر الحصول على الثروة (طالما أنّه لا يمسّ بجيوب الفئات المُتَضرّرة)، بقدر أهمية ميدان توزيع هذه الثروة. والأكيد أنّ الجامعة اللبنانيّة، أي الجامعة الرسمية للبلد، يُفترَض أن تكون في أولويّات عملية التوزيع هذه، في بلدٍ طبيعي. أمّا استثناؤها من المعادلة، وبشكلٍ ممنهج، لا بل بموازاة دعم مؤسّساتٍ تعليمية خاصة، فهذا من جهة يؤكّد طبيعة النموذج الاقتصادي والسياسي القائم ومساوئه، ويحمّل من الجهة الأخرى مسؤوليّات تاريخيّة للقَيّمين على الجامعة اللبنانيّة: بدءاً من رأسها، فؤاد أيّوب (ومن يقف خلفه)، إلى الحكومة كونها الهيئة الّتي سَطَت على قرارَي الجامعة المالي والإداري، وصولاً إلى مجالس الطلّاب غير الشرعيّة المنحازة بشكلٍ كامل للإدارة والمضادّة للطلّاب ومصالحهم.

هذه الهيئات كلها، مجتمعةً، تعرقل عن سابق تصوّر وتصميم أي عمليّة تغيير تقدّمي في المجتمع، عبر عرقلة نواة هذه العملية في حرم الجامعة اللبنانية بدايةً. تلك الجامعة عَينها الموكَلة مهمّة تجديد البنية الاجتماعية اللبنانية، نسأل، أليست أولى بالدعم؟

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".