fbpx

انفجار بيروت: أكثر من 1200 دعوى ضد الدولة المتخاذلة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هذه الدعاوى على رغم الشكوك في إمكان تغييرها مسار التحقيقات، إلا إنها حتماً تشكّل دافعاً متيناً للمتضررين مادياً وجسدياً للمطالبة بالمحاسبة، لا سيما لأولئك الذين فقدوا أحبّة في التفجير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لا أتوقع من السلطة التي تعتزم قتلنا أي إنصافٍ أو عدالة… لكنني ملتزم برفع صوتي والمطالبة بحق والدي الذي خسرته بسبب فسادٍ وإهمال مستمرين حتى الساعة…”، يتحدث علي بإصرار عن نيته مقاضاة السلطة اللبنانية التي يعتبرها مسؤولة عن مأساة عائلته. 

علي هو ابن حسن حيدر، الذي قضى ساعة الانفجار بجانب إهراءات القمح في مرفأ بيروت، حيث كان يعمل. 

علي هو أحد أهالي الضحايا الذين تواصلت معهم نقابة المحامين بهدف الدعم لتقديم دعاوى أمام مجلس شورى الدولة وقضاء العجلة ضد الدولة اللبنانية بعد انفجار المرفأ، فضمّته إلى مجموعة على تطبيق “واتساب”، بعنوان “أهالي الشهداء”، للتنسيق والتواصل. 

وهو كغيره من الأهالي، على رغم كل ما يحمله من غضب ويأسٍ من الدولة ومؤسساتها التي “لم تقدّم لنا أي دعمٍ مادي أو معنوي”، كما يقول لـ”درج”، إلا إنه يشعر بواجب تجاه أبيه الذي مرّ على رحيله نحو شهرين بلا أي بوادر محاسبة، ولا يبدو أن هناك مسار جدي للوصول إلى العدالة للضحايا، وعليه قرر المشاركة في حملة تواقيع وجمع معلومات عن عائلات المتضررين، التي أطلقتها نقابة المحامين قبل أسابيع، بهدف تقديم شكاوى قانونية ضد الدولة اللبنانية في ملف المرفأ. 

حافظ كرم (17 سنة)

انتحر حزناً على موت والده

أحدث المآسي المرتبطة بتداعيات الانفجار كان خبر انتحار الشاب السوري، حافظ كرم 

(17 سنة) شنقاً في بيته في قرية تلدرة التابعة لمحافظة حماة في سوريا. كرم الذي فُقد والده ولا يزال في انفجار المرفأ، يرجّح أصدقاؤه، وفق وسائل إعلامية سوريّة، إقدامه على إنهاء حياته بسبب الضياع الكبير الذي عاشه عقب اختفاء والده، إضافةً إلى عوامل اقتصادية ونفسية مأساوية تعيشها العائلة بعد فقدان معيلها الوحيد في ظل الوضع المعقّد في سوريا. 

1200 دعوى لضمان حق المتضررين

بدأت النقابة تلقي الطلبات إثر الانفجار من العائلات المتضررة عبر سبعة مراكز ميدانية أقامتها في الأحياء المنكوبة في بيروت، وتطوع فيها 400 محامٍ، كما يتولى 200 محامٍ تقديم المساعدة القانونية. 

حتى الآن، بلغ عدد الطلبات نحو 1200 طلب، وفقاً لسعد الدين الخطيب، أمين سرّ مجلس نقابة المحامين، منهم من أسر الضحايا ومنهم خسروا ممتلكاتهم ومنازلهم وأعمالهم، إضافة إلى جرحى ومتضررين جسدياً. وتتولى نقابة المحامين التدقيق في الملفات والتأكد من تضمّنها المستندات اللازمة قبل توكيل محامٍ لتقديم الشكوى إلى النيابة العامة التمييزية أو لدى المحقق العدلي القاضي فادي صوان الذي يتولى التحقيق في الانفجار. وتشير المحامية هالة حمزة، وهي إحدى المتطوعات في هذا البرنامج، إلى أن “هذه المبادرة مجانية وهدفها بشكل أساسي ضمانة حقّ الناس وإظهار حجم الضرر، والتأكد من أن التحقيق يتقدّم في مساره الصحيح والقانوني”.  

“لا أتوقع من السلطة التي تعتزم قتلنا أي إنصافٍ أو عدالة… لكنني ملتزم برفع صوتي والمطالبة بحق والدي الذي خسرته بسبب فسادٍ وإهمال مستمرين حتى الساعة…”.

تقنياً، يشرح الخطيب لـ”درج” أنه لا يمكن، وفق القوانين اللبنانية، تقديم شكوى جماعية باسم المتضررين، لذا سيتم رفع كل دعوى بشكل منفصل. ويضيف، “أمام هول هذه الجريمة لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي، هذه حقوق الناس ونحن نساعدهم على المطالبة بها”، مؤكداً أن تلك الدعاوى تشكل تحدّياً كبيراً للقضاء اللبناني لإجلاء الحقيقة. 

إذاً، فإن الدولة اللبنانية ستكون أمام أكثر من 1200 دعوى شخصية مقدّمة من الأهالي لملاحقة ملف انفجار المرفأ. وعائلة حيدر هي واحدة من العائلات التي كلّفت حتى الآن نقابة المحامين في بيروت تقديم شكاوى قانونية. ويتبين أنّ حوالى 82 في المئة منها مقدّمة من أشخاص تضرروا مادياً، فيما تليها دعاوى ممن لحقت بهم أضراراً مادية وجسدية.

هذه الدعاوى على رغم الشكوك في إمكان تغييرها مسار التحقيقات، إلا إنها حتماً تشكّل دافعاً متيناً للمتضررين مادياً وجسدياً للمطالبة بالمحاسبة، لا سيما لأولئك الذين فقدوا أحبّة في التفجير. فهذه الشكاوى تمنح حقوقاً للمتضرّر أمام المجلس العدلي، وتساويه بالحقوق أمام خصمه، أي المدّعى عليه. إذ تمنحه حق طلب الاطلاع على ملف التحقيقات أو استحصال مستندات مثلاً، أو حتى تعيين خبراء ومختصّين في عملية التحقيق.  

إلى أين توصّل التحقيق؟ 

مرّت أيام طويلة منذ 4 آب/ أغسطس، ومرّت ليالٍ صعبة على بيروت والبلاد التي شهدت  وقوع الانفجار الأكبر في تاريخ لبنان، والذي ما زال حتى الآن مبهماً غامضاً، لا شيء محسوماً حول كيف حصل ومن الجهات التي تتحمّل مسؤولية ما حصل. فإفادات الموقوفين تتناقض في مسائل كثيرة، والمسؤولون عن إدارة المرفأ يتقاذفون المسؤولية. إلا أن الثابت بعد مرور الوقت، هو أن الجرح ما زال مفتوحاً، لدى اللبنانيين عموماً وأهالي الضحايا الـ192 الذين قضوا في الانفجار حتى الآن، آخرهم المواطن انطوان سليم زعرور قبل أيام. أما أهالي المفقودين فيبلغ عددهم حوالى 9، في ظل تضارب في بيانات الجيش، إذ سبق أن أُعلن يوم 29 آب/ أغسطس الماضي عن وجود 7 مفقودين، ليعود الجيش ويصرّح في بيانٍ آخر بعد 20 يوماً بوجود 9 مفقودين. حتى أنّ جنسيّات هؤلاء تغيّرت، من “3 لبنانيين و3 سوريين ومصري”، إلى “7 لبنانيين وسوريين اثنين”.

بالعودة إلى مسار التحقيق، المرجّح حتى الآن هو ما ورد في تقرير فوج الهندسة – سَرية خبراء الذخائر والمتفجرات، في الجيش، لجهة “أنّ حادثاً ما أدى إلى اشتعال مواد داخل العنبر. وهذا الاشتعال أحرق المفرقعات النارية فتصاعد منها الدخان الأبيض ومن ثم حصل حريق فانفجار براميل الميثانول، تصاعدت بعدها ألسنة النيران التي ولّدت انفجاراً نجمت عنه غازات، أدّت إلى انفجار أطنان من نيترات الأمونيوم التي أنتجت موجات من العصف الهائل أدت إلى دمار شامل في المرفأ وأطراف مدينة بيروت”… إلا أن لا معلومات عن كيفية اشتعال الحريق، ولا نعرف حتى الآن من وافق على وضع مواد متفجرّة توازي قنبلة نووية داخل العنبر، واكتفت التحقيقات بتوقيف بعد المسؤولين الصغار في المرفأ، أما القائمون على هذه الدولة والذين اعترفوا بصراحة أنهم كانوا على علم بوجود نيترات الأمونيوم، فلم يسألهم أحد سؤالاً واحداً حتى الآن.

من يتابع المسار القانوني الهزيل في قضية كبيرة كانفجار بيروت، يكاد يظنّ أن جريمة انفجار المرفأ هي جريمة بلا مرتكبين… ليس في هذه الدولة سوى أبرياء!

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!