fbpx

“من قتل زرادشت؟”: لئلا ننسى ضحايا الصحافة الكرديّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتخذ نزار آغري من كردستان العراق نموذجاً، ويحاول فضح البطانة الفاسدة لما هو ظاهر للعيان، على أنه نهوضٌ اقتصادي، وأمنٌ مستتبّ، وحريّةُ صحافة وكل ما من شأنه أن يعطي مظهراً مضللاً للمشهد الكردي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
نزار آغري

قلَّة من القرّاء الكرد والعرب، يعرفون عن الكاتب الكردي السوري المقيم في النرويج نزار آغري، أنه روائي. في الغالب، يعرفونه كاتباً صحافيّاً، بنفس سياسي نقدي حازم. وأبناء الكار من صحافيين وكتّاب، مطلعون على قراءاته النقديّة الأدبيّة والثقافيّة. لكن، بعد إصداره عملين روائيين هما “أوراق الملا زعفران” و”شارع سالم”، نشر آغري روايته الثالثة “من قتل زرادشت” في 180 صفحة من القطع المتوسّط، دار “خطوط وظلال” في الأردن. 

الانطباع سالف الذكر عن آغري، ربّما له ما يبرره. وهو أنه من أوائل الكتّاب السوريين الذين كتبوا في الصحافة العربيّة، بعد سليم بركات. ومنذ مطلع التسعينات وحتّى يومنا هذا، دأب آغري على الكتابة في الثقافة والسياسة. كاتب هذه الأسطر من ذلك الجمهور الذي قرأَ لنزار آغري. واختلفَ معه، وساجله، وانتقده، على قاعدة الاختلاف السياسي والأيديولوجي. لكن، للأسف، لم أقرأ له أدباً. وآغري ليس مسؤولاً عن جهلي به روائيّاً. حتّى كانت رواية “من قتل زرادشت” هي المفاجأة التي أفضت إلى مفاجأة أخرى بالنسبة إلي، أن صاحبها له “أوراق الملا زعفران” و”شارع سالم” أيضاً. وعليه، نحن إزاء جهد سردي روائي لكاتب، وصاحب رؤية نقديّة ثقافيّة وسياسيّة مشهود لها، مهما بلغت درجة الاتفاق أو الاختلاف معه.

ضدّ الفساد

نزار آغري، لم أعرف عنه أنه انتمى لأيّ حزب كردي، داخل سوريا أو خارجها. لكن، كتاباته السياسيّة الناقدة، الطافحة بالمرارة والخيبة والانكسار والسخط على الواقع السياسي الكردي المزري، سياسيّاً وثقافيّاً واجتماعيّاً، توحي وكأنّه جرّب الأحزاب الكرديّة كلها، وخرج بتلك الحصيلة المخيّبة للآمال، الدافعة نحو كل ذلك الغضب والنقد الحانق. فيض النقد الحادّ الذي كنّا نراه في مقالاته السياسيّة، تجلّى في صورة أدبيّة سرديّة وأكثر تغلغلاً في دهاليز وزواريب وبيئات الفساد الضارب بجذوره العميقة في الأوساط السياسيّة والثقافيّة الكرديّة.

في رواية “من قتل زرادشت” يحاول آغري، إعادة إنتاج ما قاله مراراً في مقالاته، عن كابوس الفساد والاستبداد الكردي، وما خلّفه ويخلّفه ذلك الكابوس من دمار على الأصعدة. يتخذ نزار من كردستان العراق، نموذجاً، ويحاول فضح البطانة الفاسدة لما هو ظاهر للعيان، على أنه نهوضٌ اقتصادي، وأمنٌ مستتبّ، وحريّةُ صحافة… وكل ما من شأنه أن يعطي مظهراً مخادعاً ومضللاً للمتابعين للمشهد الكردي، من بعيد. وإذا كانت المقالات الصحافيّة التي كتبها آغري على مدى عقدين ونيّف، في نقد الفساد والاستبداد الكردي، سيطويها النسيان، فإن تحول الغضب والسخط المستمر على الفساد إلى سرد أدبي، سيجعل من المأساة الكرديّة أكثر توثيقاً وتأكيداً ورواجاً. هذه الخطوة، وبصرف النظر عن انتقادات آغري، ونسبة القسوة والحدّة أو المبالغة فيها، إلا أنها ستجرّ عليه، المزيد من ردود الأفعال الساخطة المضادة، ليس من منتسبي الأحزاب الكرديّة ومؤيديها وحسب، بل ومن المثقفين والكتبة الذين يعملون في خدمة تلك الأحزاب، أو الذين يزعمون الاستقلاليّة، ويربطهم حبل سرّي، لما ينقطع بعد، مع تلك الأحزاب، بشكل أو آخر. 

الحكاية

يبدأ آغري روايته بتقرير شرطة منطقة “كولان” في أربيل؛ عاصمة إقليم كردستان العراق الفيديرالي، المتعلّق بجريمة قتل صحافي شاب. وأنه وصلهم بلاغ يفيد بالعثور على جثّة طالب كليّة الآداب – قسم اللغة الانكليزيّة، اسمه زرادشت عثمان، مرميّاً في باحة الجامعة. بعد المتابعة والمعاينة، واستدعاء الطبيب الشرعي وكشفه على الجثّة والتأكّد من الوفاة، نقلت الجثّة إلى مستشفى آزادي في أربيل. وذكر التقرير ظهور آثار رضوض وكدمات، تشير إلى احتمال تعرّض عثمان لاعتداء. وتم التحقيق مع بعض الأشخاص الذين كانوا على صلة بالمغدور. ثم يتناوب أبطال الرواية على الحديث، في كل الفصول العشر، وهم؛ زرادشت بدران، نوري، أحمد، فريد، سيدرا، دلشين، سَقَز، ولوند. أثناء حديثهم عن أنفسهم وعن بعضهم بعضاً، تتكشَّف التفاصيل الشخصيّة والمشتركة للأبطال، وطبيعة العلاقات بينهم. وتنجلي تفاصيل الحيوات السياسيّة والثقافيّة الكرديّة. وكيف أن النفاق والانحطاط هما لسان حال الجميع. 

إذا كانت المقالات الصحافيّة التي كتبها آغري على مدى عقدين ونيّف، في نقد الفساد والاستبداد الكردي، سيطويها النسيان، فإن تحول الغضب والسخط المستمر على الفساد إلى سرد أدبي، سيجعل من المأساة الكرديّة أكثر توثيقاً وتأكيداً ورواجاً.

تقدّم الرواية مجموعة من الأشخاص؛ ساسة، صحافيين، مثقفين، باحثين عن المال والشهرة، جميعهم متمرّغون في الخيانات الزوجيّة والوطنيّة والمهنيّة. وكيف أن الخنوع والذلّ والطاعة العمياء للسلطة والأسرة الحاكمة هو مفتاح الأبواب المغلقة: “لا ترفع نظرك أبداً عن مؤخّرة الحاكم. يجب أن تعرف أين تقع بالضبط فتحة مؤخّرته: نبع الخير. (…) إن أتقنت الدور في أن تكون كلب الأمير، فستكون أميراً على الكلاب. وعلى المرشّحين أن يكونوا كلاباً، وما أكثرهم” (ص32). ويشير آغري إلى الفروق الطبقيّة بين الفقراء والأغنياء التي تزداد في المجتمع الكردي، أثناء الحديث عن الفنادق والعمارات العملاقة التي تنهض وسط بيوت قديمة متهالكة وفقيرة: “رأيت صفوفاً من البيوت البشعة البائسة الغارقة في التراب، (…) رأيت القلعة الترابية الضخمة مثل مقبرة هائلة، بشعة وحزينة (…) خليط من البيوت البشعة، من غير تناسق، ومن بينها تطلّ بنايات أسمنتيّة عالية، كان النظام بناها لمؤسساته الحكوميّة” (ص17). في هذه الفقرة فقط، يستخدم الكاتب كلمة بشعة ثلاث مرّات على لسان أحد أبطاله، ينظر إلى المدينة من نافذة غرفته في فندق “الشيراتون”.

صحيح أن آغري يركّز جلّ انتقاداته الغاضبة على القيادة الكرديّة الحاكمة، وتحديداً الأسرة البارزانيّة، إلاّ أنه يوجّه بعض الانتقادات لـ”ـحزب الاتحاد الوطني الكردستاني”، بقيادة زعيمه الراحل جلال طالباني، وبدرجة أكثر قليلاً، لـ”حزب العمال الكردستاني”، بزعامة عبدالله أوجلان. ويشير إلى بؤس الحال داخل العمال الكردستاني على لسان فتاة من عناصره تركت صفوفه، وصارت موالية للسلطة الحاكمة في إقليم كردستان، ومتمرّغة في الفساد، وتعمل في الجنس، بهدف الوصول إلى المال والشهرة: “أردت الهروب من الشرنقة الخانقة التي قيّدت نفسي فيها عن الآبوجيين، والمليئة بقرقعة الشعارات الغريبة، والعبارات المبهمة، والأقوال الساذجة، والممارسات القاسية، والعادات المقرفة” (ص36). 

هذه الشخصيّة المنشقّة عن العمال الكردستاني،كانت تترجم كتب الزعيم (أوجلان): “جلست في غرفتي لأواصل ترجمتي لأحد كتب الزعيم. قرأت ما ترجمته. وجدته أنه مجرّد كلام أجوف. جمل مرصوفة من دون رابط منطقي، تتحدّث عن كل شيء من دون أن تقول شيئاً. جمل تمتلئ بالخواء والحماقة. جمعتُ الكتب والدفاتر والأقلام… ورميتها في صندوق الزبالة” (ص36).

وطن للنهب

في معظم فصول الرواية، يسعى الكاتب إلى تأكيد ضلوع كل الطبقة الحاكمة وبطانتها وحاشيتها في نهب مقدّرات البلاد. وكيف أن ثوّار الأمس، بفعل السلطة، أضحوا لصوصاً وناهبين للوطن. يعرض آغري المشهد الكردي بطريقة سوداويّة منفّرة وساخطة، ومقززة أحياناً. نراه يصف مدينة أربيل، على لسان أحد شخوصه: “هذه المدينة تسود فيها تجارة الأجساد جنباً إلى جنب تجارة الشعارات والشهداء والدماء والسلاح… تعرض للعالم عربدة الشهوة الرخيصة والفجور الرخيص”. ويقول أيضاً: “هذه البلاد هي طاعون أبدي، وعليك أن تحمل ما تطاله يداك من خزائنها وخيراتها وتهرب، قبل أن يفتك بك” (ص145). كذلك في أماكن عدة من الرواية، يوجّه آغري انتقادات شديدة للإعلام الكردي في كردستان، ويتهمه بالفساد ومسايرة السلطة والأسر والقبائل الحاكمة. وأن هذه الدوّامة جذبت إليها إعلاميين كرد سوريين أيضاً، عبر سوق مثال شخصيّة أحمد؛ الشاب اليساري الماوي السابق، الذي كان يدرس في دمشق، وكيف تعرّف على فتاة ألمانيّة، تزوجّها، ساعدته على السفر إلى ألمانيا، وتوسّطت له لدى مؤسسة إعلاميّة ألمانيّة معروفة كي توظّفه. أحمد هذا أتى إلى الإقليم لإجراء مقابلة مع الزعيم، ولم يحالفه الحظّ، فانغمس هو أيضاً في العلاقات الفاسدة، أثناء فترة مكوثه في أربيل. ويقول آغري عنه على لسان الفتاة “سقز” إحدى شخصيّات الرواية: “… لست أكثر من بضاعة يتبادلها نوري وبدران في ما بينهما. انتقل من حضن فريد إلى حضن دلشين وبالعكس. وانضم إليهما هذا الصحافي القادم من ألمانيا. الكاذب الذي يتصنّع النقاء والنزاهة والكبرياء” (ص153-154). وتصل بالكاتب حالة الغضب إلى الذروة التي يقول فيها على لسان بطله فريد: “هذا المبغى الذي يسمونه كردستان. بل الشرط الجوهري، وربّما الوحيد للنجاح هنا هو أن تكون منحطّاً لأبعد درجة” (ص173). 

هذه الصورة السوداويّة القاتمة التي رسمها نزار آغري لكردستان العراق في “من قتل زرادشت” تنفرج قليلاً في الفصول الثلاث الأخيرة. بحيث نرى ما يشبه صحوة ضمير تنتاب بعض أبطاله، وشعورهم بالندم والذنب على سلوكهم وتورّطهم في الفساد. على سبيل الذكر لا الحصر، شخصيّات “لوند، سقز، أحمد…”. إلى درجة أن الصحافي، الكردي السوري؛ أحمد، يغادر كردستان، من دون إخبار أحد، وكأنّه يهرب من مكان جريمة. حال وصوله إلى ألمانيا، يكتب رسالة نقديّة موجّهة إلى رئاسة الإقليم، يعلن فيها تضامنه مع الضحّية؛ زرادشت عثمان، ويتحدّث عنه بمرارة وحزن عميق وأسف، ويتهم السلطة الحاكمة بقتل ذلك الصحافي (ص159). وقال أحمد: “زرادشت قُتِل بالنيابة عنّا. لعلّ الرصاصة كانت تبحث عنّا جميعاً، فوجدته وحيداً، حيث كان ينبغي أن يكون معه الجميع. مات زرادشت لأنه رفض الرقص في السيرك كالقرود الكثيرة التي امتلأ بها هذا الوطن (…) مضى إلى حتفه مرفوع الرأس. أما أنتم، لديّ يقين يشبه يقين زرادشت، من أن التاريخ سيلفظكم عاجلاً أم آجلاً” (ص161).

في معظم فصول الرواية، يسعى الكاتب إلى تأكيد ضلوع كل الطبقة الحاكمة وبطانتها وحاشيتها في نهب مقدّرات البلاد. وكيف أن ثوّار الأمس، بفعل السلطة، أضحوا لصوصاً وناهبين للوطن. يعرض آغري المشهد الكردي بطريقة سوداويّة منفّرة وساخطة

تنتهي الرواية بتقرير الشرطة، ويتضمّن نتائج التحقيق في جريمتي خطف زرادشت عثمان وقتله، وأفاد بأنه لا علاقة لمقتله “بنشاطاته الصحافيّة” وأنه “اغتيل من قبل مجموعة أنصار الإسلام المتطرّفة، بسبب رفضه بمهمّة كلّفوه بها” (ص180). ورفض عائلة المغدور نتائج التحقيق.

العنوان والبناء

عنوان الرواية، يفصح للقارئ أنه إزاء رواية بوليسيّة. وحين يفتتح الكاتب روايته ببداية التحقيق، يتعزز ذلك. لكن تتمة المتن، حتّى نهايته، تبدد الانطباع الأولي. ما يعني أن العنوان كان موفّقاً في تحقيق مستوى من الجذب والمغايرة مع النص. وفي مقام آخر، أتى غامزاً من عنوان كتاب الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه “هكذا تكلّم زرادشت”. والروائي نفسه يشير إلى ذلك في نهاية الرواية، على لسان لوند: “أقرأ الآن ما كتبه نيتشه. هو كتب ما كتب، من أجلك يا زرادشت” (ص179). وعلى لسان فريد أيضاً: “هكذا تكلّم زرادشت. وهكذا قتل” (ص178). زد على هذا وذاك، فإن العنوان يوحي أيضاً للقارئ، أنه إزاء نصّ روائي تاريخي، ربّما يعطي قراءة مختلفة عن حياة النبي أو المصلح أو الفيلسوف زرادشت، صاحب كتاب “الأفيستا”. وكما أشرنا سابقاً، المتن بفصوله العشرة، كان له كلام آخر مختلف عما أوحى به العنوان. وهذه نقطة تسجّل لمهارة الكاتب وحرفيته في انتقاء العنوان. 

قسّم آغري روايته إلى عشرة فصول. الفصول التسعة كلّها عنوانها واحد “زرادشت. (في برّاد مستشفى آزادي، أربيل)، والفصل الأخير، عنوانه “زرادشت”. في كلّ فصل، يتناوب الأبطال التسعة على الحديث بشكل متسلسل وموحّد، وهم: زرادشت، بدران، نوري، أحمد، فريد، سيدرا، دلشين، سَقَز، ولوند. أي أن كلّ فصل، يفتتحه زرادشت ويختتمه لوند، وبقية الشخوص – الأبطال بينهما. باستثناء الفصل الثاني، الذي يخلو من دلشين. ما يعني أننا إزاء تسعة رواة، كل واحد منهم، ينظر إلى المشهد – الحدث من زاويته. صحيح أن تعدد الرواة، أكسب الرواية حركيّة واختلافاً، إلا هذا التسلسل المنتظم للأبطال الرواة، في كل الفصول: زرادشت، ثم بدران، ثم نوري…، انتهاءً بلوند، خلق ما يشبه الإيقاع الرتيب!

هفوات

كأيّ عمل إبداعي، لا مناص من وجود بعض الهفوات البسيطة. منها ما يتعلّق بالتحرير. ومنها ما يتعلّق بالمعلومة. تكرر الفعل “صار/ صارت” 12 مرّة في الصفحة 37. وتكرر الفعل كان/ كانت/ كنت 14 مرّة في الصفحة10، و15 مرّة في الصفحة 79، و12 مرّة في الصفحة 99، و15 مرّة في الصفحة 119.

وكنماذج على الحشو اللغوي الذي لا طائل منه، سوى إحداث رخاوة في انسيابية السرد، ورد في الصفحة 59 عبارة: “إنني أنا أحبُّ قراءة الروايات”. كان بالإمكان اختيار ضمير المتكلّم “أنا”، أو أحذف “إنني”. ويمكن اختصار العبارة إلى “أحبُّ قراءة الروايات” أيضاً. ورد في الصفحة 116 عبارة “هبّة هواء تهبُّ، تلفح وجهي”. لا لزوم للفعل “تهبُّ. 

ورد في الرواية على لسان زرادشت، في الصفحة 69، أنه سأل وزير الثقافة سامي شورش “لماذا ترك حزبه؟”. ثم تكرر الاسم على لسان أحمد في الصفحة 115، باللقب ذاته “وزير الثقافة”. ومعلوم أن الكاتب والسياسي الكردي سامي شورش (1950-2010) كان وزير الثقافة في حكومة الإقليم بين عامي 2004 و2006. فقبل عملية اختطاف الصحافي زرادشت عثمان واغتياله (6/5/2010)، وقتذاك، كان شورش عضواً في البرلمان العراقي، لا وزير الثقافة! 

نزار آغري؛ الصحافي والناقد والروائي، ترجم من الإيطاليّة رواية “ثلاثة جياد” و”جبل الربّ”، “باسم الأم” و”وزن الفراشة” لآري دي لوكا. ورواية “حرير” لألكساندرو باركو، أيضاً من الإيطاليّة. وترجم “أين نرسو” لبرونو لاتور، من الفرنسيّة، بالتعاون مع داليا السجيني. روايته “من قتل زرادشت” أقل ما يقال فيها إنها محاولة نصب محاكمة روائيّة أدبيّة لقتلة الصحافي الكردي الشاب زرادشت عثمان. محاكمة ستبقى مفتوحة، ما بقيت هذه الرواية قيد التداول والقراءة. وعليه، لم يكتفِ آغري بفتح هذا الملفّ المفخخ والخطير صحافيّاً وروائيّاً وحسب، بل فتح النار على القتلة والفاسدين، لئلا ننسى ضحايا الفساد والاستبداد، بخاصّة ضحايا الصحافة الكرديّة. فعل آغري ذلك، وفي ظنّي أنه يعلم تماماً بأن المحازبين الكرد، سيتهمونه بالتخوين، ويعتبرون روايته “من قتل زرادشت” تشويهاً لكردستان، وفي خدمة الأعداء، إلى آخر هذه الأسطوانة. لكنه، فعلها، ما يعني أنه لن يكترث بما يقال، وانتهى الأمر. ذلك أن الانحياز للضحايا، أهمّ من أي اعتبار شخصي، حزبي، أيديولوجي، قومي أو وطني، لئلا يزداد الفساد والفاسدون أكثر، ويزداد معهم ضحاياهم.