fbpx

“كذب” نتنياهو و”صدق” نصر الله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يحيل الكذب والصدق، إلى نتائج متشابهة، في حال كان الصراع بين يمين شعبوي في إسرائيل، متمثل ببنيامين نتنياهو، وحركة إسلامية راديكالية في لبنان متمثلة بحسن نصر الله.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فالأول يستخدم الكذب في ألاعيب السياسة ليحقق مكاسب لأطول فترة، والثاني يستخدم الصدق في دعاية أيديولوجية، ليقنع جمهوره والرأي العام الموالي له بصحة تقديراته وعدم تعريضه للخطر. والحال، فإن الكذب والصدق يختلطان، ويصبحان بلا دلالة، ورهناً للتوظيف السياسي والعقائدي.

هذا الاختلاط، بين القيمتين المتنافيتين، تبدى بشكل واضح خلال الجولة الإعلامية التي نظمها “حزب الله”، على “معمل حديد” بعد إعلان نتنياهو أن الموقع هو مصنع صواريخ. والجولة تحولت، لدى إعلام الممانعة، إلى احتفاء متواصل، بـ”صدق” “حزب الله” وقدرته على “تكذيب” نتنياهو وإحراجه سياسياً، في إغفال لانفجار وقع قبل أيام، بين منازل سكان قرية جنوبية، جرى التكتم على حقيقته، وسط ترجيحات في كون الموقع مخزن سلاح للحزب. كما أن الاحتفاء ركز على حادثة راهنة، وتجاهل سياقاً زمنياً مديداً في توريط الحزب لحاضنته، كونه يتمسك بسلاحه، دون ضمانات لحماية المدنيين.

سواء كان ما كشفه نتنياهو مصنع أسلحة، كما قال، أو مصنع حديد، كما قال “حزب الله”، فإن النتيجة واحدة، قوى يمينية وأخرى راديكالية إسلامية، يختلط في كلامهما “الصدق” و”الكذب”، ويتحول من قيمة إلى أداة دعائية بالضد من معناه ومضمونه، وفي ظل هذا التحول يسقط الكثير من الضحايا الفلسطينيين، بغطاء من “الكذب”، والكثير من الضحايا اللبنانيين والسوريين بغطاء من “الصدق”.

 وعليه، فإن “المقاومة” تصنع “صدقها” عبر ما هو وقتي وسريع وراهن، وعبر الاجتزاء وألاعيب الإعلام، مستندة على قدرة نصر الله على الإقناع وما يملك من رصيد رمزي لدى جمهوره، كونه يقدم خطاباً يمتزج فيه السياسي بالعقائدي، ما يجعل تكذيبه، كفراً وخروجاً عن الملة. 

“صدق” نصر الله يجري استقباله من قبل الجمهور، بآليات دينية غير عقلانية، حتى لو كان الكلام في السياسة، وهذا “الصدق”، هو مسار من التبريرات التي يقدمها الأمين العام مع كل خطوة جديدة للحزب. فحين اغتيل رئيس حكومة لبنان، رفيق الحريري، ظهر “الصدق” كمعادل لنفي اتهام “المقاومة”، وحين شاركت الأخيرة في قتل وتهجير السوريين، ظهر “الصدق” كذلك، كمعادلة لرواية التكفيريين. ما يعني أن “الصدق” أمر مركزي في خطاب “حزب الله”، فيه بعض من التكتيك المتعلق بالإعلام والتوقيت، والكثير من الميتافيزيقا المتعلقة بالتسليم بالغيبي، وإسقاطه في تفاصيل السياسة.

وإذا كان من أهداف “صدق” نصر الله، إقناع الجمهور برواية الحزب وجعله مستفراً بشكل دائم لمشاريعه، فإن “كذب” نتنياهو، هدفه تصريف مشاكل الداخل وأزماته، وربما التمهيد لحرب جديدة تنقذه من مظاهرات متواصلة ضده، وتبقيه في منصبه لأطول فترة ممكنة. والأخير، أي نتنياهو، يصنع “كذبه” مثل كل اليمنيين، عبر آليات شعبوية، تجتزأ وتفبرك وتضخم وتشكك في مصداقية الإعلام، بحيث يستثمر دعاية ما في السياسة، ويجيرها لصالحه، هكذا، تم التغطية على الاحتلال والاستيطان والعنف ضد الفلسطينيين.

وسواء كان ما كشفه نتنياهو مصنع أسلحة، كما قال، أو مصنع حديد، كما قال “حزب الله”، فإن النتيجة واحدة، قوى يمينية وأخرى راديكالية إسلامية، يختلط في كلامهما “الصدق” و”الكذب”، ويتحول من قيمة إلى أداة دعائية بالضد من معناه ومضمونه، وفي ظل هذا التحول يسقط الكثير من الضحايا الفلسطينيين، بغطاء من “الكذب”، والكثير من الضحايا اللبنانيين والسوريين بغطاء من “الصدق”.