fbpx

“الوحدات” تُخوِّن العائدين إلى عفرين والنظام يبتزّهم والفصائل تهدّدهم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“علينا جميعاً أن نُفكِّر بالعودة، لنحميَ منازلنا من السرقة والنهب على يد من استباحوا أرضنا، بذلك نقف أمام التغيير الديموغرافيّ الذي يتحدث عنه الجميع، وأمام الغُرباء ونمنعهم من أن يستوطنوا منازِلنا”، يقول الحاج أحمد، أحد نازحي ناحية جنديرس في ريف مدينة عفرين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“علينا جميعاً أن نُفكِّر بالعودة، لنحميَ منازلنا من السرقة والنهب على يد من استباحوا أرضنا، بذلك نقف أمام التغيير الديموغرافيّ الذي يتحدث عنه الجميع، وأمام الغُرباء ونمنعهم من أن يستوطنوا منازِلنا”، يقول الحاج أحمد، أحد نازحي ناحية جنديرس في ريف مدينة عفرين.يعتبر الحاج أحمد، أنّ المقاومة للدفاع عن الكرامة، ليست خارج حدود عفرين الإداريّة، وأن المخيّمات ليست مكاناً للمقاومة كما يدعي البعض، مضيفاً أنّ المقاومة هي “حماية منازلنا وأرضنا وأشجار الزيتون لنعيش بسلام مع أهلنا هناك”.لم يتوقع الحاج أحمد، وأقرانه من أهالي عفرين النازحين، أنّهم سيُحتجزون في العراء وأن يعجزوا عن العودة، ولم يُراودهم أنّه يمكن أن يستوطن أحدٌ منازلهم؛ ظنّ كثر منهم أنّ نزوحهم موقت، وأنه هرب من الموت. لكن، ما حصل، أنّ كلّ الطرق المؤديّة إلى المدينة أُغلِقت أمامهم، وكلّ الطرق إلى حلب مُغلقة أيضاً، وقد تقاسم تلك الحصص جميع المشاركين في الحربِ هُناك.

مبالغ ماليّة مقابل العودة

يقصد نازحو عفرين طريق قرية “صوغانكه”، آخر الممرات الآمنة لدخول المدينة، ليعودوا إلى قراهم سيراً على الأقدام، وذلك عبر دفع مبالغ ماليّة ضخمة للنظام السوري والفصائل الإسلاميّة المواليّة لتُركيا.ولا تُصرّح الحكومة التُركية أو أيّ جهة عسكرية سورية في عفرين، عن الأسباب الّتي تقودهم إلى منع المدنيين من العودةِ إلى المدينة، حتى أنّهم لم يفتعلوا أيّ قصة حول ذلك، على رغم أنّ عشرات الحافلات الّتي تقلّ مهجّري الغوطة تدخل المدينة وريفها دورياً، وتستوطن منازل النازحين، وتستبيح أغراضهم.تقول أم سيروان، وهي نازحة كُرديّة، إنّ “المُسلحين الموالين لتُركيا بدأوا السماح لنا بالدخول إلى المدينة منذ فترة، لكن مُقابل مبالغ ماديّة، تُطلب على حاجزي كيمار وترنده”.وتوضح فريال عبد الرحمن، نازحة كُرديّة تحاوِلُ العودة، أنّ “عناصر النظام السوريّ منعوا المدنيين من العودة، وبعدها خيّرونا بين دفع مبلغ ماليّ والسماح لنا بالمرور مشياً على الأقدام إلى عفرين من دون أمتعتنا، أو البقاء في العراء”. وتُشير إلى وجود فرص ضئيلة للوصول إلى المدينة.

وحدات الحمايّة أيضاً تمنع المدنيين من العودة

يلفت مجو، وهو نازح كُرديّ يقطن مع عائلتِه في أماكن النزوح بمناطق الشهباء، إلى أنّ “وحدات حماية الشعب لم تكتفِ من منع المدنيين من العودة إلى عفرين، بل تجاوزوا ذلك لينادوا بمكبرات الصوت على النازحين، ويصفوا كلّ من يحاولُ العودة بالمُساند للاحتلال التُركيّ بحسب كلامهم”.وطلبت وحدات حماية الشعب الكردي، وهي الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي القريب من حزب العمال الكردستاني، من المدنيين عدم العودة إلى عفرين، لأنّ من هناك “أعداء” وفق وصفهم، وعليهم أن يقاطعوهم ويقاوموا، والبقاء خارج المدينة هو الأمان، وفق ما أفاد مجو. ويسأل مجو: “هل علينا كمدنيين البقاء وقوداً لكل هذه السياسات الّتي تُمارَس؟، نحنُ نودّ العودة، ولا يهم من يُسيطر. عدم العودة يعني الاستيطان والسرقة ودخول الغُرباء، ووحدات حماية الشعب لن تستطيع حمايتنا ولا حماية مستقبل أولادنا في هذه المخيمات التي تعج بميليشيات تابعة للنظام السوري”. تمنعُ وحداتُ حماية الشعب وقوات النظام، العائلات المهجّرة والنازحة من العودةِ إلى عفرين، بعد أن وضعت حواجز أمنيّة مكثفة في المنطقة. وتفترش العوائل الكُرديّة الأرض بالقُرب من قرية صوغناكه في ناحية شيراوا. ويُعاني النازحون الأكراد من ظروفٍ إنسانيّة صعبة؛ إذ تفتقر أماكن لجوئهم للخدمات الصحيّة والرعاية وأساسيات سُبل العيش البسيطة، ناهيك بالظروف الجويّة السيئة وتعامل قوات النظام معهم.

مُجندون في مخيمات اللجوء

منذ اليوم الأوّل لعمليات النزوح والتهجير القسريّ للمدنيين الأكراد من عفرين، بدأت قوات النظام السوريّ اعتقال الشُبان المطلوبين للتجنيد الإجباري، وسحبهم إلى مقار عسكريّة ومُعسكراتٍ للتدريب في حلب وريفها.معظم الشُبان الذين نزحوا من مدينة عفرين، والذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والأربعين، مطلوبون للتجنيد الإجباري، بخاصة بعد أن كانوا يقطنون طيلة خمس سنوات في مدينة خالية من النظام وحواجزه الأمنيّة، وكانت تُعتبر ملاذاً آمناً بالنسبة إليهم.عن ذلك، يقول جكرخوين، وهو شاب من مدينة عفرين، نزح مع عائلته إلى مناطق الشهباء: “خدمتُ لدى الإدارة الذاتية للتجنيد الإجباري مرّتين، مرة عن نفسي والثانيّة عن أخي مُعيل العائلة الوحيد. الآن، نحن أمام خيارات خجولة، فإما أن نُجنَّد إجباراً لدى وحدات حماية الشعب، أو أن تتركنا لمصيرنا مع النظام السوري، بخاصة أنّ شُباناً كثيرين اعتقلوا، قسم منهم اُفرج عنه بمناشداتٍ شعبيّة”. يقرّ جكرخوين بأفضليّة العودة على هذه الخيارات، على الأقل “لن نكون أصحاب مصير مجهول”.

الطُرق الوعِرة.. رحلةٌ من جبل ليلون إلى عفرين

عمدت وحدات حماية الشعب إلى إطلاق الرصاص الحيّ في الهواء، وعلى عجلات السيارات، منذ شهر، لمنع المدنيين من العودة إلى عفرين. إلا أنّ عوائل تمكنت من العودة، واجتازت جبالاً وودياناً للوصول إلى قراها. وصلَ دلدار مُحمد، وهو من مركز مدينة عفرين، حديثاً إلى منزله، فيقول: “كانت عودتنا ومئات مدنيين إلى منازلنا عبر جبل (ليلون، شيراوا)، حيث كانت الطرق الوعرة والمخاطرة في اجتياز العبوات الطرقيّة الناسفة التي زرعت على أطراف المدينة من قبل الوحدات قبل انسحابها، الخيار الأخير لإنقاذ أرواحنا وأرواح أطفالنا”. ويُضيف: “بقيت شهراً كاملاً على الطرقات أنا وأطفالي لاجتياز الحواجز، لكن بعد إطلاق العيارات الناريّة في الهواء علينا، قررت أن أخاطر وعائلتي ونسلك درب الجبل الوعر للوصول إلى الطرف الآخر، حيث تم تفتيشنا والتحقيق معنا لساعات، ومن ثم تمّ التأكد من عدم انتمائنا إلى أي أطراف أخرى، ووصلنا إلى منزلنا الذي نهب بالكامل في عفرين المدينة”.

نازحو عفرين: إجبار على البقاء من دون مساعدات

يشير آزاد (اسم مستعار) إلى أنّ “الظروف المعيشيّة والصحيّة والخدميّة السيئة هُنا، دفعت المدنيين بغالبيتهم إلى الإسراع بالعودة نحو المدينة؛ فمن يُريد أن يبقي الناس هُنا، ويُفكِر بمعاناتهم عليه أن يُقدم لهم كل سُبل العيش، أو أدناها”.ينام آزاد مع عائلته في العراء، إذ لم يتمّ تأمين مأوى لهم. ينتظرُ كلّ صباح قدوم فرق الإغاثة من الهلال الأحمر لتقديم وجبة الطعام والشراب اليوميّ. يُضيف: “وعلاوة على ذلك نتحمل سطوة المهربين وأهالي المنطقة، إضافة إلى الظروف المعيشية والصحية السيئة جداً. ولا نستطيع ترك منازلنا وأراضينا والسكن في العراء وسط إهانات وحدات الحماية وعناصر النظام السوري، حيث تعرضنا منذ شهر تقريباً في تلك المناطق لحملة قوية بسحب الشباب إلى الجيش وأحياناً استغلال أولادنا للتطوع مع الميليشيات المسيطرة على المنطقة هنا، لذا العودة وسط المخاطر إلى منزل يأوينا، أشرف من البقاء في هذا الفراغ المزنّر بالميليشيات”.