fbpx

الحديدة: طريق التحالف إلى صنعاء أم طريق الإمارات الى البحر؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

معركة الحديدة مهمة لأسباب أكبر من ما يعلنه التحالف العربي، فالانتصار في جبهة الحديدة يطرح أسئلة كثيرة عن المعارك المقبلة في الصراع القائم، فالتقدم العسكري في الحديدة لقوات التحالف غيّر وما زال موازين القوى بين أطراف الصراع، خصوصاً في ظل تغييب الحل السياسي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع الأخذ في الاعتبار ندرة وسائل الإعلام اليمنية المستقلة، هناك وفرة أخبار من الإعلام الموالي للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإعلام الموالي للحوثيين، عن معركة الحديدة منذ ما يقارب الأسبوع. بالنسبة إلى التحالف العربي، فإن قوات الشرعية اليمنية بدعم عسكري من التحالف أصبحت على أعتاب “نصر قريب”، مع تقدمها نحو مدينة الحديدة والاستيلاء على ميناء المدينة الذي يعتبر من أهم المنافذ البحرية لليمن والملاحة العالمية. وبالنسبة الى الحوثيين، فقد اعترف منذ أسبوع قائد الجماعة، عبدالملك الحوثي، خلال خطاب متلفز له، بتراجع سيطرة قواته على المدينة، مشيراً إلى “أن أي تراجع في الحديدة هو لأسباب موضوعية ولا يعني نهاية المعركة”.

لكن ماذا يعني الحوثي بقوله “أسباب موضوعية”؟

سبّب هذا التبرير غير المقنع موجة سخرية من قبل شرائح من الرأي العام اليمني شعرت أن الحوثي يسعى من خلال تصريحاته إلى حفظ ماء الوجه حيال هذه الخسارة. وكانت جماعة الحوثي قد سيطرت على الحديدة ومينائها منذ ما يقارب ثلاثة أعوام بدعم من قوات الرئيس السابق الراحل علي عبدالله صالح. ولهذا فإن فقدان السيطرة على هذه المدينة ليس بالأمر السهل بالنسبة لها.

أما قوات التحالف فإن الهدف من المعركة في الحديدة كما سبق وأعلنت هو، “عزل جماعة الحوثي عن الحديدة، وقطع شرايينها مع إيران، فالحديدة تعد، بفضل مينائها ومطارها، آخر منفذ بحري للحوثيين لتلقي الأسلحة المهربة من إيران، إضافة إلى التحكم بالمساعدات الإنسانية، ومحاولة تهديد الملاحة في البحر الأحمر، ما يؤكد أن تحريرها سيشكل ضربة قاصمة للحوثيين”.

أهمية الحديدة تاريخياً

لعبت مدينة الحديدة دوراً سياسياً وعسكرياً مهماً في تاريخ اليمن المعاصر. ففي نهاية حكم المملكة المتوكلية اليمنية (1918 – 1962) أصبحت الحديدة قاعدة عسكرية بعد أن ساعد الاتحاد السوفياتي بإنشاء ميناء الحديدة، وظلت لسنوات كثيرة محط أنظار الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي لتكون قاعدة عسكرية مطلة على البحر الأحمر وقاعدة حيوية على مستوى منطقة الشرق الأوسط. منذ 2012 أعربت دولة الإمارات عن رغبتها في الاستثمار في موانئ اليمن وبدأت عقد صفقات تحت هذا العنوان، فهل نستقي من ذلك أن الاستثمار في ميناء الحديدة سيكون ضمن خطط الإمارات الاقتصادية في اليمن؟

معركة الحديدة مهمة لأسباب أكبر من ما يعلنه التحالف العربي، فالانتصار في جبهة الحديدة يطرح أسئلة كثيرة عن المعارك المقبلة في الصراع القائم، فالتقدم العسكري في الحديدة لقوات التحالف غيّر وما زال موازين القوى بين أطراف الصراع، خصوصاً في ظل تغييب الحل السياسي.

أغلب التقديرات ترجح أن جبهة الحديدة تفتح الطريق إلى صنعاء، مع الأخذ بالاعتبار أن الخصائص الجغرافية في الانتقال من الساحل إلى جبال اليمن المحيطة بصنعاء وضواحيها سيكون تحدياً كبيراً أمام قوات التحالف والشرعية. ومتى ما بدأت معركة صنعاء ستكون الكلفة الإنسانية باهظة جداً، ولربما تتحول إلى حرب استنزاف أكثر بشاعة مما رأيناه في معركة حلب أو معركة الموصل.

توقيت معركة الحديدة خطير ومرتبط بتطورات اقليمية. فالداعم الرئيسي لجماعة الحوثي أي ايران تريد أن تستخدم اليمن كورقة ضغط في مفاوضاتها مع عدد من الدول الأوروبية في البحث في سبل إنعاش إتفاقية الأسلحة النووية بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها. قد تجد صنعاء نفسها في قلب صفقة مساومة بين إيران والسعودية ومن يدري فقد يتوصل أطراف النزاع الى حل سياسي على ضوء رغبة إيران في استرجاع الاتفاقية وتخفيف التوتر في المنطقة.