fbpx

إنقاذ لبنان: اقتراحات أربعة خبراء لمخارج من الأزمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يواجه لبنان أزمة غير مسبوقة تجمع بين الانهيار المالي والاقتصادي الحاد، وانعدام الثقة السياسية، والجمود المؤسسي، والأزمة الصحية، والتدهور البيئي، والتوترات الأمنية وسواها من الأزمات… هنا اقتراحات خبراء لحلّ الأزمة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ينشر هذا النص بالتعاون مع “مبادرة الإصلاح العربي” 

الحكومة اللبنانية مطالبة، في مواجهة هذه التحديات، بتنفيذ خطة إصلاح تعالج مكامن الهدر والفساد الأساسية في محاولة لسدّ الثقوب في المركب الآيل للغرق. 

ولأن النخب السياسية اللبنانية المتنافسة على التمويل الدولي المقدّم عبر قنوات الإغاثة الإنسانية، كثيراً ما استفادت من عمليات إعادة إعمار لبنان المتعاقبة بعد الحروب التي مرّ بها لبنان، ينبّه اسماعيل الشيخ حسن، وهو ناشط متخصص في التنظيم المدني من استغلال أطراف دولية هذا الأمر لدعم عملائها السياسيين المحليين. ويرى الشيخ حسن، الذي طلبت إليه “مبادرة الإصلاح العربية” مع خبراء آخرين تصوّره لسبل الخروج من الأزمة اللبنانية الحالية، أن النظام اللبناني يجدِّد ويعيد تشكيل ذاته على حساب الأصوات اللبنانيّة المطالبة بالتغيير، بينما يظلّ محصَّناً في مواجهة أيّ شكل من أشكال المساءلة.

من هنا يرى الشيخ حسن أن على الحكومة اللبنانية الخروج عن هذا التقليد، وذلك من خلال الحرص على عدم استخدام أموال إعادة الإعمار -عقب انفجار بيروت- كخطّة إنقاذ اقتصاديّ للنخب الحاكمة التي ساهمت، بل تسبّبت بشكل مباشر، في التدهور الاقتصاديّ والماليّ الحاليّ. ويخشى أن يكون التمويل الدولي لإعادة الإعمار مرتبطاً بخصخصة الأملاك العامّة، لا سِيَّما أنّ حِزَم الإنقاذ الدوليّ السابقة كانت في الغالب تشترط الخصخصة. ولا يرى الشيخ حسن مخرجاً من الأزمة من دون سياسة حضرية ترتبط بتنظيم مدني متطور يأخذ في عين الإعتبار زيادة المساحات الخضراء والحيز العمومي، وحماية حقوق السكن لدى الفئات المهمّشة والضعيفة. من هنا لا بدّ أن ترتكز عمليّة إعادة الإعمار هذه المرّة على المساءلة. 

المساءلة كمفهوم، وكمصطلح، تضيء فكرة أساسية في رأس جيسيكا عبيد، مستشارة مستقلة في مجال سياسات الطاقة، اذ تعتبر ان بناء اقتصاد افضل، يتطلب حكماً إقامة مؤسّسات ذات صلاحيّات واضحة لتعزيز المساءلة وتأمين مصدر مستمرّ لإمدادات الطاقة بتكلفة مثاليّة. ولأن التحليل الماليّ والتخطيط الأقلّ تكلفةً غابا عن سياسات قطاع الطاقة في لبنان في الماضي، لا يمكن بحسب عبيد إقامة قاعدة راسخة لقطاع الطاقة في غياب خطّة ماليّة وطنيّة شاملة. لكن ماذا عن الحلول المقترحة للوضع الحالي خصوصاً مع أزمة المحروقات التي تعيشها البلاد؟ تجيب عبيد: “لا يمكن للدولة ولا المواطنين دفع فواتير قطاع الكهرباء أو المشاريع القادمة. لذلك، يجب أنْ يكون إشراك القطاع الخاصّ وتحسين المناخ الاستثماريّ هو المحور الأساسيّ لصنّاع السياسات؛ وبالتالي ستصبح إزالة جميع أشكال الاحتكار ضرورةً لخفض التكاليف”. ويجب أيضاً، وعلى الفور، “إصدار قانون توزيع الطاقة المتجدّدة وتشجيع نماذج الطاقة البديلة”.

ارتبط مطلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابي جديد بامكانية إحداث خرق جدي على مستوى تصحيح أداء السلطة وإعادة تشكيلها.

وإلى الطاقة البديلة التي تشجّع عليها عبيد، تصبّ يارا نصار، الخبيرة في القانون الإنتخابي، اهتمامها على فهم آلية التغيير الممكنة عبر قانون انتخاب عصري ينبثق منه مجلس نواب يكتسب شرعية تمثيلية، ولا يكون كالبرلمان الحالي مشكوك في شرعيته، لأسباب كثيرة، منها الزبائنية وعدم المساواة بين المواطنين والمواطنات وما يعانيه من تدخلات خارجية، وعدم حياد إدارة الإنتخابات، التي شهدت محاولات رشاوى وضغط على الناخبين وسوء استخدام السلطة، واستغلال موارد الدولة من قبل مرشحين في الحكم لغايات انتخابية. من هنا، كانت مطالب حراك تشرين تتمحور في معظمها حول البرلمان: قانون استقلالية القضاء وقانون استعادة الأموال المنهوبة وقوانين مكافحة الفساد وغيرها… ومن هنا ارتبط مطلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابي جديد بامكانية إحداث خرق جدي على مستوى تصحيح أداء السلطة وإعادة تشكيلها. لكن نصار ترى أن إجراء انتخابات نيابية وفق القانون الحالي حتى لو أحدث تغييراً معيناً على مستوى التمثيل إلا أنه سيبقى غير ديمقراطي لأن القانون نفسه الذي يرعاه غير ديمقراطي واقصائي. لذا فان أي انتخابات ستجرى من دون تعديلات جوهرية تؤمن استقلالية ادارة الانتخابات، وتأمين سرية الاقتراع للحد من تأثير الترهيب والترغيب على خيارات الناخبين والحرص على صحة التمثيل عبر تعديل النظام الإنتخابي الحالي. من دون هذه التعديلات وغيرها، ستبقى الإنتخابات ناقصة لجهة صحة التمثيل مهما تغيرت نتائجها. وتبقى الآلية التي سيتم عبرها إقرار هذا القانون أهم من القانون نفسه، بحسب نصار. فعلى أي حكومة مقبلة أن تبدأ بآلية تشاركية لمناقشة سريعة وفعالة لقانون انتخابات يمثل الناس بدل مصالح القوى الحاكمة، وهذا يتم عبر تشكيل هيئة مستقلة تقوم بالمشاورات الواسعة لوضع اقتراح قانون انتخابات جديد وتبدأ بالتحضير لعملية انتخابية وجب اجراؤها اليوم قبل الغد.

يعاني لبنان من أزمة في القطاع الصحي

ومن السلطة التشريعية إلى السلطة القضائية، حيث احتلت قضية استقلال القضاء ونزاهته موقعا متقدما في خطاب الافراد والمجموعات الناشطة في 17 تشرين، وقد ساعد في ذلك انخراط عدد كبير من المحامين/ات في الحركة الاحتجاجية وفي حملة الدفاع عن الموقوفين/ات. كما ساعد انحياز نادي القضاة في لبنان من اليوم الأول للاحتجاجات ومن بعدها انتخابات نقابة المحامين في بيروت في تحويل هذه المسألة إلى قضية تعني جميع المواطنين والمواطنات ولا تقتصر فقط على الجسم الحقوقي. هذا الأمر يجعل القضاء طوق نجاة رئيسي للخروج من التخبط في موج الأزمة، بحسب علي مراد، الأستاذ المساعد في القانون العام في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربية، الذي يرى حاجة اليوم إلى إقرار تشريعات ضامنة لاستقلالية القضاء، واعادة تفعيل المؤسسات القضائية كافة، ومن بينها المجلس الدستوري الذي أظهر عدم فعاليته في التصدي لمهمة ضمان احترام أحكام الدستور بسبب تدخل السلطة السياسية والثغرات القانونية التي اعترت تنظيمه. لذلك، تظهر الحاجة الملحة لتعديل قانون المجلس الدستوري بهدف ضمان استقلاليته عن السلطة السياسية وزيادة فعاليته. والالحاح نفسه يطال الحاجة إلى الإسراع في تنظيم القضاء الإداري، عبر انشاء محاكم ادارية ابتدائية على مستوى المحافظات، وتنظيم مباريات سنوية لملء الشواغر في القضاء الإداري تدريجياً، وتطوير نظام قضاء العجلة أمام مجلس شورى الدولة لا سيما في قضايا وقف التنفيذ وقضايا الحريات وفي الصفقات العمومية.

للوصول إلى نظام قضائي عادل ومستقل، يجب الغاء المحاكم الإسثنائية وتحويل صلاحياتها إلى المحاكم العادية.

مراد يرى ان آلية اختيار اعضاء مجلس القضاء الأعلى يجب ان تتغير، ويجب ان يتم اختيارهم عبر الإنتخاب وليس عبر التعيين في مجلس الوزراء، الأمر الذي يخضع اعضاء هذا المجلس للتبعية السياسية ويدخلهم في نظام المحاصصة الطائفية. كما يجب انتخاب رئيس مجلس القضاء الأعلى من بين أعضاء المجلس وليس من خارجه. كما يؤكد مراد على ضرورة تكريس حق القضاة اللبنانيين في التعبير عن الرأي وتكوين الجمعيات والاجتماع.

والأهمّ، دائماً بحسب مراد، للوصول إلى نظام قضائي عادل ومستقل، يجب الغاء المحاكم الإسثنائية وتحويل صلاحياتها إلى المحاكم العادية، من المجلس العدلي إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فضلاً عن الغاء صلاحية المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، ووضعها تحت رقابة مجلس القضاء الأعلى وإشرافه.