fbpx

“الجميع تحت المراقبة”: النظام في مصر يستهدف وجوه ثورة 2011

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان هُناك وقت حينما كان يُستقبل المسافرون القادمون إلى مطار القاهرة بلافتات تمجيد كبيرة، كُتبَت عليها كلمات مقتبسة من إشادة زعماء العالم بالشباب المصريين الذين كانوا في طليعة ثورة البلاد عام 2011. منها منسوب لباراك أوباما، الذي قال: “ينبغي أن نعلّم أطفالنا لكي يصبحوا مثل الشباب المصريين”. أصبحت هذه اللافتات الآن مجرد ذكرى بعيدة، فيما بعض النشطاء العلمانيين أو المدنيين الشباب، الذين ثاروا من أجل الديموقراطية، يجدون أنفسهم الآن وراء القضبان بسبب خرق القوانين الصارمة التي تحد من التظاهرات. في حين فر آخرون إلى المنفى. وقد ألقت الحكومة المصرية القبض على ما لا يقل عن خمسة نشطاء، وتضم قائمة المقبوض عليهم مدونين ومُحامياً مختصاً في القضايا العمالية، وذلك في أحدث حملة قمعية لها خلال الأسابيع الماضية. اعتقل بعضهم بسبب التحريض على النظام من خلال منصات التواصل الاجتماعي، إذ تتشدد الدولة في موقفها تجاه المعارضة في الفترة الأخيرة. ولم تتضح بعد أسباب القبض على الآخرين. وأعرب محللون عن اندهاشهم من قسوة التهم الموجهة إلى بعض المعتقلين، والتي يصل بعضها إلى تهم بتعزيز الإرهاب. يقول دكتور هشام الزبير، وهو زميل غير مقيم في مؤسسة المجلس الأطلسي، إن “الشيء الوحيد المشترك بينهم هو أنهم جميعاً انتقدوا الدولة في وقت ما خلال السنوات الخمس الماضية، لكن كثراً منهم كانوا غير نشطين سياسياً منذ فترة طويلة”.…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان هُناك وقت حينما كان يُستقبل المسافرون القادمون إلى مطار القاهرة بلافتات تمجيد كبيرة، كُتبَت عليها كلمات مقتبسة من إشادة زعماء العالم بالشباب المصريين الذين كانوا في طليعة ثورة البلاد عام 2011. منها منسوب لباراك أوباما، الذي قال: “ينبغي أن نعلّم أطفالنا لكي يصبحوا مثل الشباب المصريين”.

أصبحت هذه اللافتات الآن مجرد ذكرى بعيدة، فيما بعض النشطاء العلمانيين أو المدنيين الشباب، الذين ثاروا من أجل الديموقراطية، يجدون أنفسهم الآن وراء القضبان بسبب خرق القوانين الصارمة التي تحد من التظاهرات. في حين فر آخرون إلى المنفى. وقد ألقت الحكومة المصرية القبض على ما لا يقل عن خمسة نشطاء، وتضم قائمة المقبوض عليهم مدونين ومُحامياً مختصاً في القضايا العمالية، وذلك في أحدث حملة قمعية لها خلال الأسابيع الماضية.

اعتقل بعضهم بسبب التحريض على النظام من خلال منصات التواصل الاجتماعي، إذ تتشدد الدولة في موقفها تجاه المعارضة في الفترة الأخيرة. ولم تتضح بعد أسباب القبض على الآخرين.

وأعرب محللون عن اندهاشهم من قسوة التهم الموجهة إلى بعض المعتقلين، والتي يصل بعضها إلى تهم بتعزيز الإرهاب.

يقول دكتور هشام الزبير، وهو زميل غير مقيم في مؤسسة المجلس الأطلسي، إن “الشيء الوحيد المشترك بينهم هو أنهم جميعاً انتقدوا الدولة في وقت ما خلال السنوات الخمس الماضية، لكن كثراً منهم كانوا غير نشطين سياسياً منذ فترة طويلة”.

أحدث المعتقلين المُدون المعارض وائل عباس، الذي يُعد أحد أشهر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، والذي اعتقلته الشرطة خلال عملية مداهمة مفاجئة. يعتبر عباس من أوائل المصريين الذين استخدموا الإنترنت لتسليط الضوء على قضايا التحرش الجنسي والتعذيب منذ أكثر من عشر سنوات. “أنا بيتقبض عليا”، هكذا كتب على صفحته على “فيسبوك” يوم اعتقاله.

يواجه عباس اتهامات مثل “مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها”، ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

انتهت التجربة الديموقراطية القصيرة في مصر، التي أشعلتها الثورة التي أطاحت بحسني مبارك، عندما شن الجيش انقلاباً عسكرياً مدعوماً من الشعب عام 2013، للإطاحة برئيس إسلامي منتخب، لكنه كان سبباً للخلاف والشقاق.

وتأتي حملة القبض على النشطاء في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي لأداء اليمين الدستورية لفترة ثانية الشهر المقبل، بعدما فاز بأكثرية ساحقة في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل وكان خصمه الوحيد فيها سياسياً مغموراً، أعلن بنفسه أنه موالٍ للسيسي. أما باقي المنافسين المحتملين الآخرين؛ فقد ألقي القبض عليهم أو انسحبوا قبل بدء الانتخابات.

لم تعد الاحتجاجات الشعبية مسموحةً في عهد السيسي، القائد العسكري السابق الذي قاد انقلاب عام 2013، كما تم القضاء على أي توجه سياسي معارض. ويزعم مؤيدوه أنه جلب الاستقرار الذي كانت البلاد في أمس الحاجة إليه وأنقذها من حكم الإسلاميين. لكن يقول النقاد والمعارضون أنه يشرف على أكثر الفترات قمعاً في تاريخ البلاد منذ عقود.

وكان من بين المعتقلين هذا الشهر شادي الغزالي حرب، وهو جراح ومن أبرز الوجوه في الثورة، إذ كان المتحدث باسم “ائتلاف شباب الثوار”، وهي هيئة كانت تمثل النشطاء ولكن تم حلها ذاتياً بعد انتخابات الرئاسة عام 2012.

يواجه حرب وهو من أبرز منتقدي السيسي، اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة تجهد لمخالفة أحكام القانون والدستور وتعمل ضد الدولة. كما أنه متهم بإهانة الرئيس، وهذه تعتبر جريمة.

يقول عمه أسامة الغزالي حرب، وهو أحد الكتاب في جريدة “الأهرام” الحكومية: “شادي ليس عضواً في أي منظمات سياسية سرية أو غيرها، وبمعايير أي ديموقراطية حقيقية، لا يوجد شيء للإجابة عليه هنا، وكل ما يتردد كلام لا معنى له”.

يواجه آخرون اتهامات مماثلة لتهم حرب، بمن فيهم أمل فتحي، وهي زوجة أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان. واعتقلت أمل بعد نشرها على “فيسبوك” شريط فيديو تهاجم فيه المصريين والدولة والشرطة وأحد البنوك العامة. وقال زوجها محمد لطفي، إن هذا الفيديو الصاخب المليء بالسباب جاء بعد يوم محبط من التأخيرات البيروقراطية في البنك، كما حصلت حادثتي تحرش جنسي واحدة من قبل شرطي والأخرى من قبل سائق سيارة أجرة.

يقول لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهي وكالة غير حكومية، إن “الفيديو هو السبب المباشر لاعتقالها، لكنني لا أعتقد أن الأمر كان سيشكل أي أهمية لو أنها كانت شخصاً آخر، لا زوجتي… إنها وسيلة للضغط عليّ للتوقف عما أقوم به”.

ويصر لطفي على أن زوجته، وهي أم لطفل في الثالثة من العمر، ليست ناشطةً سياسيةً. ويقول إنه، إضافة إلى اتهامات بنشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام الإنترنت، فهي متهمة بتشجيع “الأفكار والمعتقدات الإرهابية”.

ومن بين المعتقلين الآخرين هيثم محمدين، وهو محامٍ، يواجه اتهامات تتعلق بالاحتجاجات التي قام بها ركاب مترو الأنفاق في القاهرة بسبب ارتفاع أسعار التذاكر في الآونة الأخيرة، ومن بينهم أيضاً شادي أبو زيد، وهو مدون ينشر مقاطع فيديو ساخرة، تم اتهامه بالانتماء إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة.

وتقول محاميته عزة سليمان: “أعتقد أنهم يضعون الجميع تحت الملاحظة ليحسنوا التصرف… القبض عليه جاء رداً على معارضته السابقة”.

هبة هلال

هذا المقال مترجم عن صحيفة financial times ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي