fbpx

اختبار جديد للصحافة في تونس… هل تكسب المعركة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أسدل الستار على جلسة مثيرة للجدل كان عقدها البرلمان التونسي لمناقشة مبادرة كتلة “إئتلاف الكرامة”، التي تعد أحد واجهات حركة النهضة الاسلامية، لتنقيح المرسوم 116 المتعلق بتنظيم الإعلام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تم تأجيل الجلسة الى أجل غير محدد، وهو تأجيل يبدو أن الكتل الداعمة للمبادرة قد أجبرت على تأييده مدفوعة بالضغط الذي مارسه الصحافيون التونسيون الذين نظموا احتجاجات في بهو المجلس طيلة اليوم، فضلاً عن اصطفاف بعض الكتل النيابية الوازنة إلى جانب الصحافيين وإعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد أنه لن يوقّع على هذه المبادرة. 

التأجيل لم يحسم مصير المبادرة التي ينتظر أن يتحدد قريباً مآلهار ضمن عدد من القوانين المطروحة تحت قبة البرلمان والتي يرى كثيرون أنها تهدد مكتسبات تتعلق بحرية التعبير والصحافة. 

“الهايكا”

وتعيش تونس على وقع سجال كبير في الآونة الأخيرة وتحديداً منذ إعلان مجلس النواب عزمه على طرح مبادرة “ائتلاف الكرامة” بشأن تعديل المرسوم 116 للمصادقة، على رغم معارضة العاملين في القطاع الإعلامي، وتغاضيه عن مشروع القانون الأساسي المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري المتفق عليه من مختلف الهياكل المهنية، والذي أرسلته حكومة إلياس الفخفاخ إلى البرلمان قبل استقالتها.

وسعت “النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين” مدعومة بعدد من منظمات المجتمع المدني، لا سيما الجمعية العامة للإعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إلى الضغط من أجل عدم تمرير هذه المبادرة، والعدول عن تخصيص جلسة للمصادقة عليها والتقت عدداً من الكتل البرلمانية بما فيها المؤيدة للتعديلات، لإقناع أعضائها بخطورة الإقدام على هذه الخطوة. 

لكن الترويكا البرلمانية الجديدة (حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة) تمسكت بضرورة عرضها على النقاش داخل البرلمان من أجل المصادقة عليها في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، لتتأجل إلى الـ20 من الشهر ذاته، ثم تتأجل مرة أخرى بضغط من الصحافيين الذين كانوا ينشطون للمواجهة، ونظموا يوم غضب أعربوا فيه عن رفضهم تمرير أي مشاريع قوانين من شأنها أن تشرع للفوضى داخل قطاع الإعلام وتفتح المجال للمال الفاسد، ليعبث به، كما لوحوا بخطوات تصعيدية في حال تمريره، تصل إلى الإضراب العام.  

ويتخوف صحافيون في تونس من أن تؤدي مبادرة “ائتلاف الكرامة” إلى نسف الضمانات والقواعد التي تضمنها المرسوم 116 بهدف تطوير وسائل الإعلام السمعي البصري، وتحسين جودة المواد الإعلامية، وأن تضرب استقلالية الهيئة عن مراكز النفوذ السياسي والمالي. 

وعبرت عضوة المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أميرة محمد في تصريح لـ”درج”، عن رفض النقابة تمرير مشروع تنقيح المرسوم 116 الذي يحتوي فصولاً تهدد قطاع الإعلام برمته، نظراً إلى وجود مشروع كامل وتوافقي بين ممثلي قطاع الاعلام والحكومة للهيئة الدستورية للإعلام السمعي البصري وتم إيداعه في مكتب مجلس النواب منذ بداية شهر تموز/ يوليو الماضي تم تجاهله والهرولة نحو مبادرة “ائتلاف الكرامة”.

وقالت “نقابة صحافيين وكل الهياكل المهنية ترفض هذا المشروع لأن طرحه تراد به السيطرة على الإعلام في سياق محاصصة بين الكتل البرلمانية الداعمة له. كما أن طريقة تقديم المبادرة تؤكد مساعي الأطراف للسيطرة على تركيبة الهايكا فضلاً عن نيات تغييب أبناء المهنة عن إدارة هذه المؤسسة بإقحام عدد من القضاة والمحامين للإشراف والتسيير. لنكون بذلك إزاء مجلس قضاء إعلاني وليس هيئة معنية بالقطاع السمعي البصري وتحتاج أن تدار من أبناء المهنة حصراً”.

وتتابع: “إنهم بهذا يريدون إيجاد مخرج للقنوات غير المنضبطة وغير الملتزمة لسنوات بالقانون، والتي من بينها قناة نسمة التي يملكها رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي الذي يدعم حزبه تمرير التعديلات، وخلق فراغ قانوني سيؤدي حتماً إلى تسرب الأموال من دون رقابة والدفع بنا إلى مرحلة لا نعرف فيها من المالك ومن الممول ومن أين تدخل مسالك التمويل. كما أن إلغاء الرخص سيفتح الباب لظهور قنوات بأفكار وتوجهات متطرفة وأخرى ناطقة بهذا الحزب أو ذاك أو هذه الأجندة أو تلك، وهو ما من شأنه أن يحدث فوضى كبيرة ويحول الإعلام إلى سلعة تباع وتشترى وهو ما لن نسمح بأن يحدث”.

وتتعلق مبادرة كتلة “ائتلاف الكرامة” التي تم تقديمها بتنقيح المرسوم عدد 116 المنظم لعمل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) بحيث تجرد الهيئة من أهم أدوارها. إذ تشمل التنقيحات سبل اختيار تركيبة الهيئة عبر الانتخاب من قبل البرلمان بأغلبية مطلقة (109 صوت) عوض الأغلبية المعززة الدستورية (145 صوتاً)، أما التعديل الثاني ولعله الأخطر فيتعلق بإلغاء نظام الإجازات الممنوحة لمنشآت الاتصال السمعي البصري الخاضعة لكراسات الشروط وتعويضه بنظام التصاريح. 

وتدعي الأحزاب الداعمة للمبادرة وبخاصة “ائتلاف الكرامة” أن هذه المبادرة ستدعم سوق الشغل وتوفر فرص عمل أكثر للصحافيين الذين يشكون من البطالة وبخاصة خريجو الإعلام وتحد من ظروف العمل الصعبة. وهو ما تنفيه محمد التي تعتبر أن على هؤلاء الاتعاظ من سيناريو السنوات الأولى التي تلت الثورة والتي شهدت ولادة قنوات أقفل أغلبها بعد سنوات قليلة، من دون أن يحصل الصحافيون على مستحقاتهم إلى اليوم.

وكانت تونس وفي سياق الخطوات الأولى التي أقدمت عليها من أجل تغيير القوانين والمسارات المتحكمة بالمشهد الإعلامي قبل 14 كانون الثاني/ يناير 2011 قامت بإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري “الهايكا” .

ويضمن المرسوم حرية ممارسة الهيئة مهماتها باستقلالية تامة من دون تدخل من أي جهة، على أن تتكفل بمراقبة مدى التزام الإذاعات والقنوات التلفزيونية بالقانون ويحق لها فرض عقوبات على كل من يتجاوز أخلاقيات المهنة، فضلاً عن كونها الجهة الوحيدة التي تستطيع تقديم تراخيص بث الإذاعات والتلفزيونات في البلاد وفق كراس الشروط. 

منذ إصدار هذا المرسوم وتشكيل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، عملت الأخيرة على مراقبة قانونية الإذاعات والقنوات التلفزيونية ومعاقبة كل من يتجاوز أخلاقيات المهنة.

وخاضت “الهايكا” معركة شرسة ضد قنوات وإذاعات خارجة عن القانون لكنها كانت تواجه صعوبات كثيرة لدى محاولتها تطبيق القانون ضدها، لتمتع هذه القنوات بسند سياسي يحميها ويحول دون تفعيل الإجراءات التي تتخذها ضدها. ومن بين هذه القنوات قناة “نسمة” المملوكة من رئيس حزب “قلب تونس” الحليف الاستراتيجي لـ”حركة النهضة” وذراعها “ائتلاف الكرامة” والتي تعمل من دون ترخيص منذ فترة وقد حاولت “الهايكا” وقف بثها لكنها لم تفلح بسبب السند السياسي القوي، على رغم الإخلالات الأخرى التي أقدمت عليها بخاصة في فترة الحملات الانتخابية التي رصدتها الهيئة. 

وهناك قناة “الزيتونة” المملوكة، من القيادات السابقة في “حركة النهضة” من دون ترخيص من “الهايكا”، بل إن أحد العاملين فيها تجرأ سابقاً على تمزيق قرارات الهيئة العقابية ضدها على الهواء مباشرة، في تحدٍّ واضح لها واستخفاف بسلطتها قياساً بحجم الدعم السياسي الذي تتمتع به قناته ويجعلها فوق القانون. أما إذاعة “القرآن الكريم” المملوكة من رئيس “حزب الرحمة” سعيد الجزيري المقرب من “النهضة” و”ائتلاف الكرامة”، فهي الأخرى تنشط بطريقة غير قانونية غير عابئة لقرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي بلغت حد تغريمها بآلاف الدينارات في أكثر من مناسبة. علماً أن الإذاعة فضلاً عن بثها من دون ترخيص فهي متهمة بحسب تقارير الهيئة بتمرير خطابات تتضمن تكفيراً وإثارة للنعرات الجهوية.

وقد أحالت الهيئة في شباط/ فبراير الماضي ملفات هذه القنوات غير الحاصلة على إجازة والتي تبث بطريقة غير قانونية على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ولكن من دون يغير ذلك واقع الحال.

وفي ظل تمسك الهيئة بضرورة تطبيق القانون على هذه القنوات شأنها في ذلك شأن بقية المحطات، سارعت كتلة “ائتلاف الكرامة” إلى تقديم مبادرة لتعديل مرسوم 116 المنظم للهايكا بدعم كبير من “قلب تونس” و”حركة النهضة” حصراً. في خطوة قالت الكتل إنها تهدف لإصلاح القطاع السمعي البصري والحال أنها حركة انتقامية من الهيئة ترمي إلى تجريدها من أدوارها الرئيسية وتشرع لقنوات وإذاعات يملكها أصدقاء، وهي تخالف القانون. 

ووصف هشام السنوسي عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري مبادرة “ائتلاف الكرامة” بالخطيرة لا سيما على مستوى إلغاء الإجازات وفتح المجال للتصاريح، وهي مسألة غير معمول بها في معظم بلدان العالم.

وقال السنوسي: “هذه المبادرة تسمح بتأجير الترددات لجهات أجنبية وهو إجراء مرفوض من معظم الدول الديموقراطية لأنها تعتبره ملكاً عاماً وذا بعد سياسي. وأصحاب هذه المبادرة يسعون للاستقواء بالأجنبي وذلك عبر إدخال مؤسسات إعلامية تابعة لدول داعمة لحركة النهضة الى تونس، نحن اليوم بصدد مواجهة أجهزة مسيطرة على الدولة ابتداء من مكتب مجلس الشعب”.

وعلى رغم الدور الذي قامت به الهيئة إلا أن السجال حولها ظل مستمراً، الأمر الذي دفع حكومة الياس الفخفاخ إلى المصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري ويهدف إلى تنظيم القطاع وصلاحيات الهيئة الدستورية المستقلة في 7 تموز/ يوليو وعرضه على البرلمان.

رئيس الحكومة هشام المشيشي وفي سياق رد الجميل إلى الأحزاب التي صوتت لتمرير حكومته أقدم على سحب مشروع القانون قبل يوم من انعقاد الجلسة العامة المقررة للنظر في المبادرة التشريعية الخاصة بتنقيح المرسوم عدد 116، ما أثار جدلاً كبيراً في صفوف الصحافيين الذين شنوا حملة واسعة ضده واتهموه بالاصطفاف خلف الأحزاب لضرب الإعلام. وكرد على هذه الخطوة رفضت نقابة الصحافيين لقاء رئيس الحكومة بعد اتصال الأخير وطلب الاجتماع معهم.  

لكن في خضم ذلك تبعث مواقف الرئيس قيس سعيد بارقة أمل لا سيما بعد إعلانه أنه لن يوقّع التعديل المقترح، محذّراً من خطورة خرق أي مبادرة تشريعية أحكام الدستور أو خضوع بعض المبادرات لحسابات الأحزاب أو اللوبيات السياسية والإعلامية في مخالفة واضحة لنص الدستور. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.