fbpx

جسد المرأة والجريمة واللغط الذي لا ينتهي حول “الشرف”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في مجتمعاتنا التقليدية بالكاد ينتبه أحدهم لارتكابات الذكور، في حين لا تُغفر للمرأة اختياراتها مهما كانت محقة وشخصية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سنذكر العام 2020 طويلاً، بكل أحداثه ومآسيه وتحدياته، التي طغت عليها تداعيات وباء “كورونا” من حول العالم، وكيف غير حياتنا بشكل جذري.

لكن الوباء بدا وكأنه عنصر تواطؤ إضافي ضد النساء اللواتي يخضن معارك قاسية لحماية أنفسهن من العنف المجتمعي والقانوني ليأتي الوباء ويضاعف استهدافن، إذ تزايدت معدلات العنف ضدهن بشكل مقلق. من أبرز الظواهر التي عانت منها النساء وتزايدت خلال فترة الوباء جرائم قتل النساء، التي تسمّى في بعض المجتمعات والنصوص القانونية “جرائم الشرف”، وقد تناثرت تلك القصص المأساوية حول العالم، الذي قبع في البيوت في ظل حظر جزئي وشامل أحياناً.

ارتفعت معدلات قتل النساء حتى وهن داخل المنازل وواصلت مجتمعاتنا التقليدية تسمية هذه الفجائع “جرائم شرف”، بما يعزز قبضة المجتمع الذكوري على المرأة التي سعت جاهدة خلال عقود كثيرة لإثبات استقلاليتها واستحقاقها حريتها. للأسف ما زالت هناك مجتمعات لا تؤمن بحق المرأة في الزواج والطلاق والحضانة والعيش كما تريد هي.

في مجتمعاتنا التقليدية بالكاد ينتبه أحدهم لارتكابات الذكور، في حين لا تُغفر للمرأة اختياراتها مهما كانت محقة وشخصية، بل تحاكم من منظور العادات والتقاليد، التي هي مطاطية بكل المقاييس وتستند إلى تفسيرات دينية إشكالية. 

في الفترة الأخيرة، هزّت المجتمع المحلي في الكويت جريمة راحت ضحيتها فاطمة العجمي (35 سنة). كانت فاطمة حاملاً وقتها، وكانت ترقد في مستشفى حكومي بسبب عارض طبي. دخل عليها شقيقها وقتلها هي وجنينها.

لم يراعِ الشقيق اختيار أخته حياتها ولم يردعه أنها مريضة وتحمل جنيناً. قرر قتلها بقسوة لمجرد أنها اختارت أن تتزوج شخصاً من خارج قبيلتها. فاطمة تزوجت برضا والدها، لكن مع ذلك لم تسلم من القتل، وتمّ تجميل الجريمة باعتبارها “جريمة شرف”.

في جريمة أخرى، قتلت فتاة من القبيلة ذاتها تدعى هاجر العجمي، قبل نحو عام بسلاح صيد، على يد شقيقها الذي لم يعجبه زيها ومظهرها. هكذا ببساطة خسرت الشابة حياتها ومر موتها بشكل عابر.

في أيلول/ سبتمبر الماضي أصدرت الكويت قانوناً جديداً للحماية من العنف الأسري بعد إقراره في “مجلس الأمة” في 19 آب/ أغسطس.

أما القوانين المتعلقة بجرائم قتل النساء، فبعضها معيب، وتحديداً المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي الذي صدر منذ 6 عقود بلا تعديل:

“تنص المادة على عقوبة مخففة جداً بحق الرجل الذي يقتل زوجته أو إحدى محارمه في قضية تتعلق بالشرف إذا وجد رجلاً معها، يعاقب القاتل بثلاث سنوات سجناً وبغرامة لا تتجاوز 3 آلاف روبية ما يوازي 12 ديناراً كويتياً”.

وهي المادة التي سعت ناشطات كثيرات وجمعيات حقوقية للمطالبة بإلغائها منذ أكثر من 14 سنة، من دون أي جدوى.

صحيح أنه تم إقرار قانون حماية إنما تشوبه ثغرات خطيرة؛ فبينما يعاقِب من يخالف أوامر الحماية، لا يؤطّر العقوبات على أنها جرّاء العنف الأسري كجريمة بحد ذاته. لا يشمل أيضاً الشركاء السابقين أو من أقاموا علاقات خارج الزواج، مثل المخطوبين أو من هم في زيجات غير رسمية.

وكما أظهرت جريمة مقتل فاطمة العجمي، فإن تشديد إجراءات الحماية التي طال انتظارها ضروري، إضافة إلى الحاجة إلى إلغاء القوانين التمييزية التي تترك النساء عرضة للعنف القاتل.

مرتكبو هذه الجرائم يتذرعون دوماً بأنها جرائم للدفاع عن “الشرف” أو غسل العار،

لأن ذلك يمنحهم عقوبات مخففة في عالمنا الذي لا ينصف المرأة.

لا يقتصر الأمر على الكويت بل يمتد إلى دول أخرى كثيرة من حولنا. في فلسطين وفي السنوات الخمس الأخيرة رصدت مراكز الإحصاء أكثر من 118 حالة وفاة متنوعة بدعوى القتل بـ”جرائم شرف”، ولعل أشهرها مقتل إسراء غريب الذي شكل فاجعة هزت الرأي العام العربي بسبب كم العنف المتلاحق الذي نالته لأنها صورت يوم لقائها مع خطيبها بحضور محرم من عائلتها. فضُربت ضرباً مبرحاً، نقلت على إثره إلى المستشفى، وانتهى الأمر بقتلها.

ارتفعت نسبة العنف على المرأة في فلسطين إلى 40 في المئة خلال فترة انتشار جائحة “كورونا”، الأمر الذي ساهم في إطلاق حملة “فضا، فلسطينيات ضد العنف”.

في الأردن، تتكرر جرائم قتل النساء في مجتمع تقليدي عشائري قائم على سلطة أبوية تميز ضد النساء. وسجلت منذ بداية العام الحالي أكثر من 7 جرائم قتل أسرية، لعل أبشعها قيام أب بقتل ابنته العاملة في مدرسة خاصة، بعدما طعنها بسكين في رقبتها داخل المنزل، ثم لحق بها إلى الشارع وضربها بحجر على رأسها، ما أدى إلى وفاتها، وأخذ القاتل يشرب الشاي بجانب جثتها… وكل ذلك لأنه أراد أخذ راتبها منها.

مرتكبو هذه الجرائم يتذرعون دوماً بأنها جرائم للدفاع عن “الشرف” أو غسل العار، لأن ذلك يمنحهم عقوبات مخففة في عالمنا الذي لا ينصف المرأة.

الأمر لا يختلف كثيراً في العراق حيث ارتفعت وتيرة جرائم قتل النساء، ففي محافظة ذي قار جنوب العراق، بعيداً من مدينة أور الأثرية بـ10 كلم، تلال أصبحت بمرور الزمن مدافن سرية لضحايا جرائم قتل النساء. تعرف هذه التلال بـ”تلال المخطئات”.

في كل بلد عربي هناك قصة مشابهة، وأسباب متشابهة، يقوم معظمها  على عقلية تمييزية تقليدية. وحين ينحدر التعليم والوضع المعيشي تزداد معدلات تلك الجرائم فكيف يكون الحال في دول تعاني حروباً منذ سنوات مثل سوريا واليمن… يمكن تخيل أن تلك البلدان تشكل بيئة حاضنة لجرائم قتل النساء، التي يسهل طمسها بسبب ظروف الحرب والفوضى، فينجو القتلة من أفعالهم فيما تُنسى قصص الضحايا وغالباً تُروى مشوّهةً، أو لا تُروى أبداً.

بموازاة جرائم قتل النساء التي تتزايد في غياب القوانين الرادعة، تواجة كثيرات يوميات قاسية مع العنف المنزلي، ويفضّلن عدم التبليغ أو اللجوء إلى السلطات بسبب مجتمعاتهن المحافظة، التي تدعم قوانينها سطوة الرجل لجهة قوانين “الولاية”، أو اعتبار من تخرج من بيت زوجها “ناشزاً”. وهي قوانين تجعل تعنيف المرأة حقاً طبيعياً للأب أو الأخ أو أي فرد من ذكور العائلة. ولا يبقى للنساء والضحايا أي صوت، سوى جمعيات حقوقية أو ناشطات ونشطاء شجعان، وهؤلاء وحدهم لن يستطيعوا إنقاذ النساء من المصائر الظالمة في بلادهم العربية المغمورة. فكم عاماً علينا أن ننتظر حتى يتوقف القتلة عن اعتبار جرائمهم “شرفاً”؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.