fbpx

المقاتلات الكرديات في سوريا والحرب مع أردوغان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صعود القيادة النسائية في رجباء، كجزء من “ثورة نسوية” محلية، هي إحدى الظواهر الجيدة الوحيدة التي ظهرت من الحرب الرهيبة في سوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منذ بدء العملية التركية في شمال شرق سوريا العام الماضي، أصبحت حياة مئات آلاف الأكراد كابوساً. الغارات الجوية ونيران المدفعية عمليات روتينية، وكذلك عمليات الخطف والاغتصاب والتعذيب وقتل النساء التي أدت إلى الثورة النسوية في المنطقة.

مر عام على وفاة السياسية الكردية هفرين خلف على أحد الطرق الرئيسية في شمال شرقي سوريا. خلف (34 سنة)، تم جرها من شعرها وتعرضت للضرب المبرح والقتل بالرصاص على أيدي مرتزقة. نُشرت صور جسدها في وقت لاحق على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال كثيرون إنها كانت رسالة واضحة من القوات المدعومة من تركيا في المنطقة: سيحصل ذلك للكرديات اللائي قاتلن من أجل تحرير الأكراد.

السياسية الكردية هفرين خلف

وقالت أفين سويد، المتحدثة باسم كونغرا ستار، وهي جمعية للمنظمات النسائية في القامشلي في المنطقة الكردية في شمال سوريا، لصحيفة “هآرتس” عن وفاة صديقتها: “كانت هذه أياماً صعبة للغاية، والوضع تدهور منذ ذلك الحين. يكاد لا يمر يوم من دون أن نسمع عن عمليات الخطف والاغتصاب والزواج القسري وقتل النساء”.

لجنة التحقيق في سوريا التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقول إنه في النصف الأول من عام 2020 كانت هناك زيادة كبيرة في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات في سوريا، وقال التقرير إنه في شهر شباط/ فبراير الماضي تعرضت 30 امرأة على الأقل في مدينة تل ابيض الكردية للاغتصاب.وأكد قاضٍ سابق أن مقاتلين من الجيش الوطني السوري اتهموا بالاغتصاب والعنف الجنسي في مداهمات لمنازل في المنطقة. وقال تقرير الأمم المتحدة “لم تتم إدانة أي منهم، بل على العكس، تم إطلاق سراحهم جميعاً بعد أيام قليلة”، وذكر التقرير أنه منذ عام 2019، اضطرت الكرديات في شمال سوريا إلى التعامل مع “عمليات ترهيب” من جنود سوريين، ما “أدى إلى انتشار الخوف وسجن النساء أنفسهنّ في المنازل”. وقالت ديلار ديريك، الناشطة الكردية والباحثة في جامعة أكسفورد، “أصبحت حياة النساء في الشأن العام لا تطاق”.

انتشر اختطاف النساء في شمال سوريا لدرجة أن “مشروع نساء عفرين” أنشأ موقعاً إلكترونياً بداية عام 2018 لمتابعة التقارير عن حالات الاختفاء في بلدة عفرين. تم توثيق 6000 عملية اختطاف في المنطقة منذ أيار/ مايو 2018، بما في ذلك عمليات اختطاف 1000 امرأة، وفقاً لتقرير صادر عن كونغرا ستار نُشر في آب/ أغسطس الماضي.

بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، أنه يعتزم سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، تسللت القوات المدعومة من تركيا إلى الجيب الكردي بهدف معلن يتمثل في إنشاء “منطقة أمنية” بعرض 30 كلم على طول الحدود مع تركيا”.

انتشر اختطاف النساء في شمال سوريا لدرجة أن “مشروع نساء عفرين”

أنشأ موقعاً إلكترونياً بداية عام 2018 لمتابعة التقارير عن حالات الاختفاء في بلدة عفرين.

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عازماً على “تطهير” المنطقة التي وصفها بأنها مرتع للإرهابيين المرتبطين بـ”حزب العمال الكردستاني” السري الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

بالنسبة إلى مئات آلاف الأكراد الذين يعيشون على بعد مئات أميال من رأس العين إلى تل عبيد، أصبحت الحياة كابوساً، فقد أصبحت أصوات الطائرات الصاخبة المصحوبة بسحب من الدخان من القصف الجوي والقصف المدفعي وتفجير السيارات أمراً روتينياً. تقوم منظمات حقوق الإنسان المحلية بالإبلاغ باستمرار عن عمليات الاختطاف والاغتصاب والتعذيب والقتل. وبحسب مصادر في المنطقة، فإن تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) الإرهابي السني يستغل الفراغ الحكومي ويرفع رأسه من جديد.

حملة ممنهجة ضد المرأة

سويد تشير إلى أن القوات التركية “تضايق النساء خصوصاً، وانعكس ذلك العام الماضي بعد اغتيال خلف ومقتلها بطريقة وحشية، إذ اشتدت الاعتداءات العنيفة على النساء، وأصبحت ما يسميه النشطاء الأكراد والمسؤولون الحكوميون حملة منظمة ومنهجية من الاعتداءات الجنسية والاغتيالات المتعمدة لنساء مشهورات”.

على سبيل المثال في حزيران/ يونيو الماضي، قُتلت ثلاث نساء في هجوم تركي بطائرة من دون طيار على قرية لينشا بالقرب من كوباني، إحداهن كانت زهرة بيركل، وهي ناشطة معروفة في مجال حقوق المرأة. وقالت داليا بيركل شقيقة زهرة بركيل في مقطع فيديو “في هجومها على السياسيات والرائدات تحاول تركيا تدمير آمالنا ورغباتنا”. وأضافت “لن نمنح العدو الرضا والسرور بالقول إنه قتل امرأة او سياسية كردية، وبالتالي تدمير الحركة النسائية برمتها”.

تقول الباحثة ديريك إن هجوم طائرات من دون طيار كان “يظهر بشكل رمزي للغاية لأن كوباني كانت المكان الذي سمع فيه معظم الناس للمرة الأولى عن مقاتلات كرديات يحملن السلاح ضد تنظيم الدولة الإسلامية داعش”. وأشارت في حديثها إلى وحدات حماية المرأة التي قاتلت إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردية في التنظيم التابع لـ”قوات سوريا الديموقراطية”. عمل التنظيم المتمرد السوري مع الولايات المتحدة في الحرب ضد “داعش” بين عامي 2015 و2019. 

قال مسؤولون حكوميون في كردستان سوريا (أو روجابا) في شمال سوريا لصحيفة “هآرتس” إن تركيا تهاجم بشكل ممنهج النشطاء والسياسيين الذين كانوا في طليعة النشاط السياسي في المنطقة، بحجة “تحييد الإرهابيين”. وتم تشويه جثث نساء مقتولات ونشر صورهن على وسائل التواصل الاجتماعي.

وترى ديريك أن “قتل شخص ما في حرب ما هو شيء مفهوم، لكنهم هنا يجردون جثة امرأة ميتة ثم يصورونها، بذلك هم يقولون: شاهدوا وانظروا كيف نذل هذه المرأة”.

مرتكبو هذه الأعمال ليسوا جنوداً أتراكاً، إنهم جهاديون أصبحوا مرتزقة يعملون لحساب تركيا، كما صرح البروفيسور درور زئيفي من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون لـ”هآرتس”. وأضاف في إشارة إلى استخدام العنف الجنسي، ونظراً لأهمية المرأة الكردية ليس كسياسية وحسب، ولكن أيضاً كمقاتلة، “يكره الجهاديون الدور الذي تؤديه النساء، وهذا شكل من أشكال الثأر أو الانتقام”، كما أن استخدام فصائل إسلامية، تغريها فرص الفوز بغنائم الحرب، يعفي تركيا أيضاً من المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم. ويقول ويل تودمان الباحث في قسم الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “جزء من الحافز لـ(المرتزقة) هو المال وجزء آخر غض الطرف عن الانتهاكات المرتكبة هناك”.

المناهج التركية والشريعة الإسلامية

غالباً ما وصفت وسائل الإعلام الدولية صعود القيادة النسائية في رجباء، كجزء من “ثورة نسوية” محلية، وأنها إحدى الظواهر الجيدة الوحيدة التي ظهرت من الحرب الرهيبة في سوريا. لكن هذه الثورة الآن تحت التهديد، المقاتلات الكرديات، كما تقول ديريك، كن يطمحن ليس إلى تحرير الكرديات وحسب، بل جميع النساء اللواتي يعشن في شمال شرقي سوريا. لقد خلقن إحساساً حياً وحيوياً بالأخوة لدى النساء، بعد صدمة حكم “داعش”، والآن يعانين مرة أخرى من أعمال العنف والإرهاب بسبب العملية العسكرية التركية.

في المدن التي كانت تعتبر في يوم من الأيام نموذجاً للمساواة في الحقوق والتعاون بين الأكراد والعرب والسريان والأرمن واليزيديين والتركمان والمسيحيين وغيرهم من الشعوب، ترفرف الآن الأعلام التركية فوق الكثير من المباني وتمكن رؤية صور أردوغان على جدران المنازل. ووفقاً لتقارير محلية فُرضت المناهج التركية على المدارس في شمال شرقي سوريا، ووحدات الكوماندوز المدعومة من تركيا تطبق الشريعة، وتجبر المواطنين على اعتناق الإسلام، وتجبر النساء على ارتداء الحجاب، وتفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة. 

بحسب نشطاء ميدانيين ومهجرين ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية، فإن “اللغتين السائدتين الآن في المنطقة هما التركية والعربية، وقد أزيلت جميع العلامات التي باللغة الكردية”. 

ويشير تودمان إلى أن مكاتب البريد التركية تعمل الآن في المنطقة، وفتحت حرماً جامعياً تركياً ولافتات وإشارات باللغة التركية، وتستخدم الليرة التركية كعملة محلية. يقول الباحث إن تركيا تستعد على ما يبدو لانتشار طويل الأمد في المنطقة. وهذا جزء من خطتها لتعميق موطئ قدمها، الأمر الذي سيخدمها، من بين أمور أخرى، كورقة مساومة في المفاوضات بشأن مستقبل سوريا.

يقول تودمان إن تركيا تعمل على تحقيق هدفين رئيسيين. الأول هو تعزيز نفوذها كقوة إقليمية، كما يتضح من تورطها في كردستان العراق وليبيا، وأخيراً في منطقة ناغورنو كاراباخ، والأخرى هي محاولة لقمع سلطة الأكراد، الذين لطالما اعتبرتهم أنقرة تهديداً أمنياً.

يقول لقمان أحمي، الناطق باسم الإدارة الذاتية لشمال تركيا وشرقها، إن “الاحتلال التركي يشبه احتلال تنظيم الدولة الإسلامية”، والقوات المدعومة من تركيا دمرت المستشفيات والمدارس ومحطات ضخ المياه والمعدات الزراعية واستولت على أراضي السكان. 

وبحسب تقارير محلية، في آب، تم تعليق إمدادات المياه من محطة ضخ علوك في مديرية الحسكة – المصدر الرئيسي لمياه الشرب لحوالى 460 ألف شخص – لمدة عشرة أيام، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا. وهذه هي المرة الثامنة التي يحدث فيها شيء من هذا القبيل منذ بداية الاحتلال التركي لشمال شرقي سوريا العام الماضي. وفي رأس العين، تُرك عشرات آلاف السكان بلا ماء وسط الحرارة الشديدة، فيما حطمت نسبة المصابين بفايروس “كورونا” الأرقام القياسية. قالت تركيا إن فصل إمدادات المياه ضروري لأعمال الصيانة.

الهدف من هذه التكتيكات، كما يقول نير بومز، الباحث في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب، هو إبعاد الأكراد من الحدود، ونظام أردوغان لا يسعى إلى “التتريك” وحسب، بل يسعى أيضاً إلى “صوتنة”(Sinification) المنطقة الحدودية مع سوريا، وإنشاء منطقة عازلة بين روجابا وتركيا.

القتال الدائر في المنطقة والاستيلاء على الأراضي الخاصة يتسببان بالفعل في تغيير ديموغرافي يصفه غولستان، الناشط الكردي الألماني، بـ”الأسلحة المستخدمة لتوطين العائلات الجهادية في المنطقة”.

تركيا تهاجم بشكل ممنهج النشطاء والسياسيين الذين كانوا

في طليعة النشاط السياسي في المنطقة، بحجة “تحييد الإرهابيين”.

نزح حوالى 20 ألفاً من سكان روجابا من منازلهم العام الماضي بسبب النشاط العسكري التركي. وأفادت منظمة “مركز معلومات روجبا” الكردية، عام 2018، بنزوح 300 ألف شخص جراء هجوم تركي على عفرين.

ويقول تشيبيكورلو وبومز وتودمان إن عائلات المرتزقة استقرت في منازل تركها الأكراد. ويقول الأكراد إن هناك سياسة تركية لتطهير المنطقة من أبنائها وتوطين المسلمين السنة هناك، لكن لا يمكن الآن الحصول على معلومات وبيانات دقيقة تشير إلى تغير ديموغرافي في المنطقة. ومع ذلك، وفقاً لمعلقين أكراد مثل شيبيكورلو، يشعر السكان المحليون بأن “تركيا تسعى إلى محو الهوية الكردية من على وجه الأرض”.

لن تلوح في الأفق نهاية العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، ويحاول الأكراد الذين خدموا في السلطات المحلية واللجان الحكومية التنظيم قدر الإمكان، إذ تتجمع يعض هيئات صنع القرار في معسكرات المشردين لاتخاذ قرارات بشأن مستقبلهم.

وعلى رغم العملية العسكرية الجارية، يعتقد تودمان أن “تجربة الحكم الذاتي شبه المستقل في شمال شرقي سوريا شجعت رغبة الأكراد في الاستمرار في تقرير مستقبلهم والحفاظ على حكمهم المستقل”. وبحسب الناشط الكردي غولستان، فإن هذه هي النقطة المضيئة الوحيدة في أيام الظلام، “لا يمكنهم قتل (أو قمع) السلطة السياسية للشعب واستعداده للقيام بكل ما هو مطلوب، حتى عندما يكون في وضع سيئ”. 

هذا الموضوع مترجم عن موقع Haartez.com  ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط هنا 

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.