fbpx

الرسوم كافرة والإرهاب مؤمن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أعتقد أن القضية ليس أن الأزهر لا يريد تكفير الإرهابيين، بل المشكلة أنه لا يستطيع تكفيرهم!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعلن شيخ الأزهر عن نيته رفع قضية ضد الرسوم الفرنسية الساخرة من الرسول بحجة إساءتها للإسلام. موقف الأزهر يعيد إلى الأذهان واحداً من أشهر المواقف المتناقضة التي واجهها في تاريخه.

رفض الأزهر تكفير “داعش” على خلفية المذابح البشعة التي ارتكبها في حق اليزيديين والمسيحيين وفي حق المسلمين عموماً، في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا عام 2014.

وكانت حجة الأزهر أن “داعش” لم يرتكب شيئاً يخرجه من الإسلام، ولهذا لا يمكن تكفيره. أما “داعش” فهو من وجهة نظر الأزهر مجموعة فاسقين وفجار لكنهم ليسوا كفاراً.

تظاهرات اعتراضاً على الصور الكاريكاتورية التي طاولت النبي محمد.

برر الأزهر موقفه بالاعتدال وتحفظه في إطلاق لفظ التكفير على أيٍ من المسلمين. وهو موقف نبيل مبدئياً لو كان فعلاً متناغماً مع مواقف الأزهر الأخرى في قضايا خلافية. لكن الأزهر الذي أعلن تحفظه عن تكفير “داعش” بحجة عدم جواز تكفير المسلمين، كان السبّاق في حملات تكفير متسلسلة كانت ضحيتها نخبة من الأدباء والمفكرين العرب.

كان تسامح الأزهر تجاه قضية التكفير سيكون محموداً لو شمل جميع المسلمين. لكن الأزهر لم يكن متسامحاً مع المفكرين والأدباء. لقد تعرض الشيخ محمد عبده نفسه اتهمه الأزهر بالخروج من الإسلام، بسبب مساعيه إلى تجديد الخطاب الأزهري. كذلك كان الأزهر بالمرصاد لأي خطاب تجديدي وكانت تهمة التكفير جاهزة وسهلة جداً. فلم يتردد في تكفير طه حسين بسبب كتابه في الشعر الجاهلي، ولم يتردد أيضاً في إخراج علي عبد الرازق من الإسلام ومن زمره العلماء بسبب كتابه “الإسلام وأصول الحكم”، ولم يتردد أيضاً في تكفير محمد أحمد خلف الله بسبب رسالته للدكتوراه عن “الفن القصصي في القرآن الكريم” التي اعتبرها تقويضاً لقداسة القرآن.

وتبقى قضية الأزهر مع نجيب محفوظ من أشهر قضايا التكفير على خلفيات رواية “أولاد حارتنا”، وهو التكفير الذي لاحقه طوال حياته حتى تعرضه لمحاولة ذبح عام 1995. بل إن الأزهر المتسامح جداً مع “داعش” أيد حكم إعدام المفكر محمود محمد طه عام 1985 في السودان في عهد النميري بتهمة الردة. وقاد الأزهر عبر جبهة علمائه أوسع عملية تكفير ضد الثقافة والأدب في مصر عامي 1992 و2001 عندما تم حل الجبهة بعد صراعها على السلطة مع شيخ الأزهر نفسه.

كانت حجة الأزهر أن “داعش” لم يرتكب شيئاً يخرجه من الإسلام،

ولهذا لا يمكن تكفيره.

والغريب أن الأزهر قاد حملة واسعة ضد التكفير ليس بسبب قضايا التكفير التي عانى منها نصر أبو زيد وفرج فوده وسيد القمني وحسن حنفي، بل بسبب مطالبة الناس لهم بتكفير “داعش”. وكانت المطالبة إحراجاً فكرياً وفقهياً كبيراً، عجز الأزهر عن مواجهته من دون أن يظهر أمام الرأي العام كمتعاطف مع الإرهاب. لهذا اضطر الأزهر إلى امتشاق سيف رافض التكفير والمحذر من خطره على المجتمعات.

أعتقد أن القضية ليس أن الأزهر لا يريد تكفير الإرهابيين، بل المشكلة أنه لا يستطيع تكفيرهم! وهناك فرق كبير بين “لا يريد” و”لا يستطيع”. عجز الأزهر عن تكفير الإرهابيين يعود إلى نقطة مهمة جداً، وهي أنه وبقية الجماعات الإسلامية المعتدلة والمتطرفة، ينطلقون من الأسس الفكرية والأيديولوجية ذاتها.

كان نصر حامد أبو زيد لفت انتباهنا إلى أن الفارق بين الخطاب المتطرف والخطاب المعتدل عند الجماعات الإسلامية هو فارق في الدرجة، وليس في النوع. والدليل على ذلك أنهما يشتركان في المنطلقات الفكرية والايديولوجية ذاتها (الحاكمية والجاهلية وشمولية النص الديني وصلاحيته لكل زمان ومكان واليقين الذهني والحسم الفكري). لهذا السبب يجد الأزهر نفسه قريباً جداً أيديولوجياً من “داعش” و”القاعدة”، وبعيداً جداً من الناحية الفكرية والأيديولوجية من نجيب محفوظ وفرج فوده وطه حسين.

نستطيع فهم موقف الأزهر المتشدد من الرسوم الساخرة التي انتهكت حقوق الله،

وتسامحه ولينه تجاه جرائم الطعن والذبح في فرنسا التي انتهكت حقوق البشر.

وتحضر الآية القرآنية التي تقول “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك”، لتشكل الخلفية الأيديولوجية المشتركة للخطاب الإسلامي معتدلاً ومتطرفاً في موقفه من التكفير. إن التكفير بحسب وجهة النظر هذه لا يكون إلا لمن “أتى بقول يُفهم منه الشرك” أو “إنكار معلوم من الدين بالضرورة”. والمعلوم من الدين بالضرورة مفهوم واسع يبدأ من الحجاب واللحية ويصل حتى أسس العقيدة. أما من يرتكب أبشع الجرائم والمذابح باسم الإسلام فهو بحسب هذا الخطاب لم يصل إلى مرتبة الشرك وجرمه أقل خطراً من خطر الشرك، والتسامح واللين معه ممكنان.

في ظل هذه الذهنية تتجلى أبرز أزمات الخطاب الديني الذي يجعل الأولوية لـ”حقوق الله” ويتغاضى عن “حقوق البشر”.

وهذه الذهنية متعارضة بشكل واضح مع الدولة الحديثة التي تقوم على عقد اجتماعي يحمي حقوق البشر وحرياتهم ويعمل على سعادتهم ورفاهيتهم. بينما ترى العقلية الدينية أن غرض الاجتماع البشري تنفيذ الأوامر الإلهية والانتقام ممن يعصونها.

من هذا المنطلق، نستطيع فهم موقف الأزهر المتشدد من الرسوم الساخرة التي انتهكت حقوق الله، وتسامحه ولينه تجاه جرائم الطعن والذبح في فرنسا التي انتهكت حقوق البشر. وهي وجهة نظر خطيرة جداً لأنها تصطنع تعارضاً بين الله والبشر وتضعنا أمام اختيار صعب بين الحياة البشرية والحكم الديني.

إن الإرهابيين بالنسبة إلى الأزهر ليسوا كفاراً بل مجرمون فقط. أما الأدباء والمفكرون المجددون فهم كفار ومجرمون معاً، لأن الكفر حكم شرعي ترتبط به أحكام قانونيه أخرى، مثل التجريد من الجنسية ومصادرة أملاكه وتطليقه من زوجته. بحسب هذا المفهوم يظل الإرهابي مواطناً محتفظاً بكل حقوق المواطنة على رغم أنه مجرم (وهذا شيء طبيعي لأن الجريمة لا تلغي الحقوق الإنسانية)، لكن من يرى رجال الدين أنه كافر يفقد كل حقوق المواطنة، لأن المواطنة في الدولة الدينية قائمة على رابطة العقيدة ويفقد حقه حتى في رفض التهمة والدفاع عن نفسه، ولا حل له إلا الاستتابة أو  الموت.

يذكرني موقف الأزهر المتشدد تجاه حرية التعبير، واللين تجاه الإرهاب بموقف الكهنة والشيوخ من محاكمة المسيح وباراباس. كان باراباس لصاً وقاطع طريق وإرهابياً أزهق عشرات الأرواح، وكان المسيح مفكراً محتجاً، لكنه “كافر” ومهرطق بحسب موقف الكهنة وقتذاك. لهذا فضل الكهنة والشيوخ العفو عن الإرهابي وقتل المهرطق لأنه من وجهة نظرهم أخطر. باراباس عدو الناس والمسيح عدو الله. ووكلاء الله على الأرض لا بد أن ينتقموا له!

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.