fbpx

الأرجنتين… هل يفعلها ليونيل ميسي أخيراً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في غرفة الملابس، هناك في مكسيكو 1986، قبل لحظات من صفارة البداية، وجّه مدرب الأرجنتين كارلوس بيلاردو تحذيراً للاعبيه: “لا يكفي أن تقتلوا الألمان، عليكم أن تدفنوهم لتفوزوا بالمباراة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في غرفة الملابس، هناك في مكسيكو 1986، قبل لحظات من صفارة البداية، وجّه مدرب الأرجنتين كارلوس بيلاردو تحذيراً للاعبيه: “لا يكفي أن تقتلوا الألمان، عليكم أن تدفنوهم لتفوزوا بالمباراة”.

وبالفعل، وعلى رغم إحراز دييغو مارادونا ورفاقه هدفين، عاد الألمان من الموت، قبل ربع ساعة من النهاية، وسجلوا هدفي التعادل. لم تفز الأرجنتين ببطولة العالم حينها إلا مع تلك الحركة العبقرية والاستدارة المفاجئة لمارادونا، قبل انتهاء الشوط الإضافي بأربع دقائق، وتمريره الكرة لبوروتشغا الذي انفرد أمام المرمى وسجل الهدف الثالث. هذا ما أتاح لمارادونا أن يحمل الكأس الذهبية على المنصة نفسها التي وقف عليها بيليه عام 1970.

تحذير بيلاردو كان صائباً أيضاً في نهائي 1990 أمام “المانشافت”، وتكررت أصداؤه عام 2010 برباعية ألمانية مهينة لكل من المدرب مارادونا واللاعب ليونيل ميسي. وعندما أضاع على نحو شديد الغرابة كل من  غونزالو هغواين وليونيل وميسي فرصتين للتسجيل في نهائي 2014، اقتنص الألمان بقدم ماريو غوتزه في الشوط الإضافي هدف الفوز بالكأس.

هذه المرة أيضاً يأتي المنتخب الأرجنتيني (أو “البيسيلستي”) إلى روسيا بوصفه مرشحاً جدياً لنيل البطولة. ميسي ورفاقه الذين لم يبرعوا في التصفيات المؤهلة، وواجهوا خطر الإقصاء لولا التفوق على الأكوادور، يحملون على أكتافهم مسؤولية جدارة تمثيل بلد المواهب الكبيرة والتاريخ العريق في البطولات، وهم الذين تزيّن نجمتان ذهبيتان صدورهم. في تلك الليلة العصيبة في العاصمة الأكوادورية كيتو، ناشد المدرب لاعبيه عاطفياً. وقال ميسي بعد المباراة: “كان علينا التأهل بأي طريقة. لا يمكن أن تغيب الأرجنتين عن كأس العالم”.

ليست مبالغة أن يتطلع مشجعو التانغو ليكون عام 2018 هو “مونديال ميسي”، على غرار العمالقة الذين طبعوا ذاكرة العالم بأسمائهم: بيليه ومارادونا وبكنباور وزيدان ورونالدو وغيرهم، فهذا العبقري القصير القامة، “البرغوث”، الذي ما زال منذ 13 سنة تقريباً أفضل لاعب في العالم، بل هو واحد من ثلاثة عظماء في تاريخ اللعبة إلى جانب بيليه ومارادونا، استطاع حصد كل ما يحلم به أي لاعب من جوائز وكؤوس وألقاب، حطم كل ما يخطر على بالنا من أرقام قياسية. لم يبق لديه سوى نيل بطولة العالم، ليتربع على قمة المجد.

قدرات ميسي على المناورة، وابتداعه أساليب غير عادية، في التمريرات، في تسجيل الأهداف، في فن الإفلات من الخصم، في قدرته الفريدة على الاحتفاظ بالكرة، كما لو أننا في لعبة الـ”بلاي ستايشن”، جعلت المدير الفني لنادي أوساسونا الإسباني بيتر فاسيليفيتش يقول عبارته الشهيرة: “إن عملية إيقاف ميسي في أرض الملعب تحتاج إلى أصفاد ومسدس”. وكرر المدافع البرازيلي دياغو سيلفا القول: “إن الطريقة الوحيدة لإيقاف ليونيل ميسي هي أن يتم ضربه بالأسلحة… لا التعامل معه بأسلوب رياضي”.

غالباً ما يردد الصحافيون والمعلقون الرياضيون عبارة “نحن محظوظون لأننا نعيش في زمن ميسي”. هم محقون بذلك، فهناك عشرات ملايين المتفرجين لديهم الرغبة ذاتها التي عبّر عنها مدرب منتخب فرنسا السابق إيميه جاكيه: “أنا آتي إلى الملعب لا لأشاهد المباراة، بل لأتمتع بالفرجة على لعب ميسي”. هو بحسب العناوين الرئيسية في الصحف الرياضية: لاعب من كوكب آخر. وبالنسبة إلي هو شاعر في لعبة يحترفها مسرحيون. وهذا سبب ندرة أشباهه في كرة القدم.

يدرك المدرب خورخي سامباولي أن ميسي، على رغم كل هذا، يحتاج إلى فريق لتحقيق الإنجاز الصعب. في المونديال السابق، كان وحده الذي أوصل “البيسيلستي” إلى النهائي. جهد ميسي وعبقريته وأهدافه الحاسمة منحت الأرجنتين مركز الوصيف. لا سيرجيو كون أغويرو، ولا غونزالو هغواين كانا على قدر مهمتهما الهجومية، ولا أنخيل دي ماريا استطاع صنع الفارق.

من المؤكد أن ميسي بات قائداً ناضجاً في الملعب. هو اليوم أكثر من أي وقت مضى قادر على تحمل عبء مسؤولية توجيه اللاعبين وتحفيزهم. موسمه الحالي في برشلونة أظهره بصفة “المنقذ” الدائم. ومن يتذكر المنتخبات الفائزة طوال 80 عاماً، يعرف أنها كانت باستمرار تتمتع بوجود قائد استثنائي، يملك الدهاء والبصيرة، ولديه من الجرأة إلى حدود الانتحار من أجل جملة كروية لا تخطر على بال. جملة تُحفر إلى الأبد في ذاكرة اللعبة.

إذا كان من درس تعلمته الأرجنتين طوال ثلاثة عقود ماضية، فهو أن الأسماء الرنانة لا تكفي لتكوين منتخب بطل. كانت المشكلة الأرجنتينية التي دوّخت الجميع أن لديها ترسانة من النجوم لا يملكها أي بلد آخر، ومع ذلك عجزت عن تأليف منتخب يحقق الألقاب. وهذا بالضبط ما كان يضاعف الشعور بالخيبة.

في الطريق إلى روسيا، شهد فريق “التانغو” تبديل ثلاثة مدربين مع النتائج الصادمة والضعيفة. أخيراً، عندما أتى سامباولي حدثت الاستفاقة المنشودة. مدرب عصبي وشديد الحماسة. كان لديه وقت قليل ليفرض رؤيته واستراتيجيته. خلال عامين حدثت تغييرات عدة على مستوى الجهاز الفني، ومن الصعب دائماً التأقلم كل مرة مع فلسفة جديدة. لعب 42 لاعباً تحت إمرة كل من خيراردو مارتينو وإدغاردو باوزا وخورخي سامباولي. ولم تكرّر الأرجنتين أي مرة تشكيلتها الأساسية. هذا الاضطراب يعيدنا إلى مأساتها الدائمة: تخمة من أفضل اللاعبين لكن من دون منتخب متجانس.

حين أعلن سامباولي تشكيلته أخيراً، كانت واضحة “بصمة” ميسي في الاختيار. ففي نهاية المطاف، تجب هندسة فريق بما يتواءم مع متطلباته ورؤيته كقائد يطمح ليكون حقاً “خليفة” دييغو مارادونا. ربما هذا ما يفسر استبعاد ماورو إيكاردي، المهاجم الموهوب (حالياً في أنتر ميلان) وهداف الدوري الإيطالي لهذا الموسم. عدم استدعائه شكل مفاجأة غير متوقعة.

بالطبع، حراسة المرمى أوكلت إلى سرجيو روميرو (مانشستر يونايتد)، والرديفان هما ناويل غوزمان (تايغرز الأرجنتيني) وجيرونيمو رولي (ريال سوسيداد).

في الدفاع لدى فريق التانغو نيكولاس أوتامندي، المصارع المخيف الذي أمّن دفاعات “مانشستر سيتي” بجدارة. ماركوس روخو الذي تعشقه جماهير “مانشستر يونايتد”، لما فيه من خصال المدافع الشرس واندفاعه إلى الالتحامات البدنية، وتفوقه بالكرات الهوائية. فريدريكو فازيو الذي انضم إلى روما، كان له دور واضح في تفوق ناديه على برشلونة بمسابقة دوري أبطال أوروبا. إنه صخرة دفاعية، إلى جانب الظهير الأيسر نيكولاس تاجليافيكو (أجاكس أمستردام) وماركوس أكونا (سبورتينغ لشبونة البرتغالي) غابرييل ميرسادو (إشبيلية)، كريستيان أنسالدي (تورينو).

لدى “البيسيلستي” خط وسط يتكون من المخضرم الذي لا غنى عنه خافيير ماسكيرانو (هيبي شينا)، ولاعب الجناح إدواردو سالفيو (بنفيكا البرتغالي)، لوكاس بيليا (أنتر ميلان) المتعافي من الإصابة، أنخيل دي ماريا الدينامو، والذي على رغم تراجع مكانته في نادي “باري سان جرمان” يظل أحد مفاتيح اللعب الأرجنتينية لقدراته على المبادرة والتحضير للهجوم، جيوفاني لو سيلسو (باري سان جيرمان) الشاب الموهوب الذي يجاور نيمار كثنائي مبدع للنادي الفرنسي، إيفر بانيجا (انتقل من أشبيلية إلى أنتر ميلان) قائد محنك وخبير ويلعب بعناد وصبر ويتحمل الضغوط، يتميز بندرة أخطائه. مانويل لانزيني (ويست هام يونايتد) هو بحق جوهرة أرجنتينية ويشكل إضافة نوعية، شاب تتنافس الأندية الإنكليزية على شرائه. ماكسيميليانو ميزا (إندبندينتي) لاعب متعدد المهمات في وسط الملعب، كريستيان بافون (بوكا جونيورز الأرجنتيني).

الأهم هو خط الهجوم بوجود ميسي، وبجواره باولو ديبالا (جوفنتوس) الذي دوّخ ميسي شخصياً وكل فريق برشلونة قبل موسمين، وزميله في النادي ذاته غونزالو هغواين، معشوق جماهير جوفنتوس حالياً كما كان الحال في نابولي قبل ثلاثة مواسم عند تتويجه هدافاً للدوري الإيطالي (2015- 2016)، إضافة إلى القناص سيرجيو أغويرو المتوج مع “مانشستر سيتي” ببطولة الدوري الإنكليزي. ومنذ حيازته جائزة أفضل لاعب شاب عام 2007، ظل كُون أغويرو المتعطش الدائم لتسجيل الأهداف. بعمر 15 سنة كان أصغر لاعب يشارك في الدوري الأرجنتيني.

استخلاص الدروس من تجربة الهزيمة الثقيلة في المباراة الودية أمام اسبانيا (6-1) في مارس\ آذار الماضي التي كشفت حينها أن المنتخب لم يهتد بعد إلى أسلوب اللعب المناسب، ربما هو ما منح المدرب سامباولي الجرأة على التغييرات الجوهرية التي أجراها في اختياراته. وما على “البيسيلستي” الآن سوى إدهاش العالم برقصة تانغو أخيرة في موسكو.     

 

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.