fbpx

عن الخوف … و”إلا رسول الله”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في هذه الايام من التصعيد المتواصل بين أردوغان وماكرون، يتملكك الخوف من أن تقتل وقد هربتَ من هؤلاء آلاف الكيلومترات لتلتقي بهم هنا كخلايا نائمة، مستعدة لرفع السكاكين والسيوف لجز ّأي عنق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يرتكز الخوف من السيطرة على النفس على الجهل البشري بأمر ما. قديماً فسر الإنسان كل ما هو غامض وغير مفهوم من الأمور التي تخطّت حدود تفسيراته، بظواهر غير قابلة للنقاش، وهو الأمر الذي نتجت عنه الأساطير، الخوف من الغريب، الجديد والمبهم.

كانت أول تجربة لي مع هذا الخوف الذي بإمكانه ملامسة أعمق نقطة في نفسك وذاكرتك أثناء القبض عليّ في بلغاريا لاجتيازي الحدود بطريقة غير شرعية. كان المجهول هو الوحيد الذي يلوح في الأفق، وهو الأنس في تلك الوحدة.

بعد مرور عدة سنوات من إقامتي في القارة العجوز كلاجئ، استطعتُ التغلب على مشاعري هذه، أو لنقل أني بت اكثر تأقلماً مع هذا المجهول المدعو الخوف. عادت الحياة إلى ما يشبه الاعتياد، لكن الشعور بالخوف لم ينته بل هو فقط كامن داخلي و ينتظر أدنى فرصة ليستيقظ و يتملكني مجدداً

نعم انا خائف ليس فقط ممن يرفع شعار “إلا رسول الله”، هناك أيضاً خوف آخر من الطرف الثاني في هذه المعادلة المستحيلة الحل، ألا وهو اليمين المتطرف الاوروبي الرافع لشعار “شعبي في المقام الأول”

تابعتُ في الأيام الأخيرة الوتيرة المتسارعة لما يجري بين فرنسا ممثلة للعالم الغربي، وتركيا ممثلة للإخوان المسلمين ومن خلفهم الآلة الإعلامية المناصرة لخطابهم التكفيري، هنا أعني بالتحديد قناة “الجزيرة”.

انضم إلى جوقة المتغنين بالقتل وجزّ الرقاب رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد بتغريدة تقول “من حق المسلمين قتل الملايين من الفرنسيين انتقاماً لجرائم فرنسا في الماضي”.

كانت آخر هذه الجرائم، قتل ثلاثة فرنسيين في مدينة نيس وجزّ عنق إحدى الضحايا، لتعيدنا بالذاكرة إلى ذات المدينة، قبل ما يقارب الأربع سنوات، حيث ارتكب “ذئب منفرد” كما كان تنظيم داعش الإرهابي يطلق على منفذي الهجمات الإرهابية الفردية في أوروبا، جريمة هناك.

ترجعنا هذه الجريمة إلى دوامة هذه الذئاب مجدداً.

منذ مدة، كنت عائداً من هولندا الى بلجيكا بعد الإنتهاء من رحلة عمل فيها. وفي طريق العودة كان علي المرور عبر اربعة محطات لتغيير القطار. كانت وجوه غالبية المارة والمسافرين، أو لنقل عيونهم (فنحن في زمن جائحتين، كوفيد 19 و جائحة العنف التي تتصاعد) غير مريحة وتنظر بارتياب لكل من يملك ملامح أجنبية. كان الشعور يشبه تماماً اليوم التالي للانتخابات البرلمانية صيف 2019، عندما استطاع اليمين المتطرف في بلجيكا دخول البرلمان والاستحواذ على نسبة من المقاعد.حينها وبعد أسبوع كامل استطعت السير في الشارع وتحية الناس الذين لم يعودوا يردون على تحيتي غالباً. 

بت اشتاق الى ابتسامات الناس في الشارع و تحيتهم، وهو ما يحصل الآن.

إنه الخوف من الغد والمستقبل المبهم الذي ينتظرنا نحن المهاجرون، خاصة بعد موجة صعود اليمين المتطرف في الكثير من البلدان الأوروبية.

قبل عدة أيام دعا ممثل حزب الفلامانيين أولاً البلجيكي، إلى تعليق كاريكاتور النبي محمد على المباني الحكومية، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها من هذا الحزب، خاصة أننا نتحدث هنا عما يقارب 800 ألف مسلم مقيم في بلجيكا، شأن مثل هذه الحركة أن تحول بلجيكا إلى ساحة لهجمات انتقامية، وردود فعل لا تحمد عقباها على الطرفين.

لجأ هذا الحزب في بداية صعود نجمه بين البلجيكيين إلى الخوف من الغريب، بزرع فكرة محاولة القادمين الجدد تغيير مجتمعهم وسلبهم الهوية الفلامانية، والسيطرة على موارد الدولة، وهو خوف زُرع بين البلجيكيين ليحصد هذا الحزب ثمار هذا الخوف و هو مقاعده البرلمانية. هذا الحزب كغيره من الأحزاب المتطرفة سيستغل أي فعل يأتي به موتور إسلامي يشاء أن ينتقم بالقتل لكاريكاتور نشر في مجلة.

في هذه الايام من التصعيد المتواصل بين أردوغان و ماكرون، يتملكك الخوف من أن تقتل وقد هربتَ من هؤلاء آلاف الكيلومترات لتلتقي بهم هنا كخلايا نائمة، مستعدة لرفع السكاكين والسيوف لجز أي عنق، لأن السكين المتخبطة لن تفرق بين كونك أجنبي أو أوروبي (تكفيري).

 الجميع سواء أمام حد السكين المشذبة.

نعم انا خائف ليس فقط ممن يرفع شعار “إلا رسول الله”، هناك أيضاً خوف آخر من الطرف الثاني في هذه المعادلة المستحيلة الحل، ألا وهو اليمين المتطرف الاوروبي الرافع لشعار “شعبي في المقام الأول”، وهي العبارة التي لعب على أوتارها هتلر ليبدأ تحشيد الألمان لخوض الحرب العالمية الثانية. ولا تزال ألمانيا تحتفظ بتلك العبارة حيث  يقول نشيدها الوطني

“Deutschland, Deutschland über alles,

Über alles in der Welt”

ألمانيا فوق كل شيء و أي شيء في العالم.”

التعالي الذي يمارسه مسلمون  حول العالم في رفض هذه الرسوم و ما يعتبرونه إساءة إلى نبيهم، لن يجدي نفعاً مع تعنت الموجة الجديدة في الغرب الرافضة لهذا التزمت، خصوصاً أن فرنسا تحاول العودة إلى سابق عهدها في إدارة العالم مواجهة بذلك تركيا، التي تحاول السيطرة على العالم الإسلامي والتغلغل في الغرب عن طريق جاليتها و تبنيها لفكر الإسلام السياسي.

الخوف سيد الأسباب والوسائل للسيطرة والتحكم بالمجموعات البشرية، وسيعمد الجميع إلى بثّ الخوف أكثر بين مناصريهم وتجييشهم. 

الأيام القادمة ستظهر لنا إلى ما قد يؤدي إليه هذا الهلع وهذا الخوف من الآخر.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.